• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامةد. محمد السقا عيد شعار موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / موقع د. محمد السقا عيد / مقالات


علامة باركود

من وحي الإلهام صفحات من الدهشة والإثارة في عالم النبات والحيوان

د. محمد السقا عيد


تاريخ الإضافة: 19/4/2018 ميلادي - 3/8/1439 هجري

الزيارات: 16286

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من وحي الإلهام

صفحات من الدهشة والإثارة في عالم النبات والحيوان


لو قلبنا نظرنا بين السماء والأرض، لرأينا من عجيب صنع الله في فضاء الكون من خلال السيارات التي تسبح فيه، وفي الأرض من خلال تكوينها والتوازن المدهش في نظامها وفي نباتاتها، ما لا يدلنا على وجود الله فقط، بل يفرض علينا الإيمان به، لاستحالة وجود ذلك عن طريق الصدفة العمياء. وان من ينظر في عالم الحيوان، من خلال حياته وغرائزه وإلهاماته، ليرى بديع صنع الله، وبالغ قدرته في هذا العالم الواسع العجيب، مما لا يمكن أن يتحقق إلا عن طريق قدرة قاصدة إلى هذه النتائج التي سنذكرها، بما توحيه لهذه الحيوانات من إلهامات تتجلى فيها هذه القدرة. فالإنسان يملك التعقل وهو عملية حسابية مدروسة، فيها المقدمات والنتائج وهي مناط التكليف والحساب والمساءلة. ويملك الغريزة التي تجعل طفلاً وليدًا يلقم الثدي، ويبكي ويخاف ويفرح ويتألم.

 

ولأن الحيوان بدون عقل، فهو يعتمد على الإلهام فحسب؛ في طعامه وشرابه وتزاوجه، وفي معرفة العدو والصديق، وفي تقدير المخاطر، وتدبير كيفية تجاوزها، ولذا سماه الله تعالى وحيًا: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾ النحل:68.

 

الإلهام هو أبلغ دليل على وجود الملهم، وإن كافة الكائنات الحية، لتأتي بأعمال لا إرادة لها فيها، إنما تقوم بما نسميه إلهاماً فلابد من وجود الملهم إذن... وفيما يلي بعض عجائب الإلهام في الأحياء ولنبدأها بعالم الحيوان.

 

بعض مظاهر الإلهام في عالم الحيوان

هناك بعض الأنواع من العناكب المائية تعمل ما يحار فيه العقل الإنساني رغم ما أوتيه من طاقة، إن هذا النوع من العنكبوت إذا أراد أن يلد صنع لنفسه عشا على شكل بالون من خيوط بيت العنكبوت، وتعلقه بشيء ما تحت الماء. ثم تمسك ببراعة فقاعة هواء في شعر تحت جسمها، وتحملها إلى الماء ثم تطلقها تحت العش ثم تكرر هذه العملية حتى ينتفخ العش، وعندئذ تلد صغارها وتربيها، آمنة عليها من هبوب الهواء. وهذا النوع من العنكبوت يتقن عدة فنون من النسيج القابل للتماسك وسط الماء، والدقة الهندسية والتركيب، والملاحة الجوية.  العلم يدعو للإيمان أ. كريسي مورسون- ص / 119.

 

ومن أروع الأمثلة على الإلهام، ما نراه في حيوان الاكسيلوكوب الذي يعيش منفرداً في فصل الربيع، ومتى باض مات، فالأمهات لا ترى صغارها ولا تعيش لتساعدها في غذائها لمدة سنة كاملة، لذلك نرى الأم تعمد إلى قطعة من الخشب فتحفر فيها حفرة مستطيلة ثم تجلب طلع الأزهار وبعض الأوراق السكرية، وتحشو بها ذلك السرداب، فمتى فقست البيضة وخرجت الدودة كفاها الطعام المدخر سنة. فانظر إلى ذلك التدبير الحكيم، وتلك الرحمة من حيوان على ولده الذي سيرى العالم بعد... والسؤال الذي يطرح نفسه هو: من أودع فيه تلك الرحمة.. ومن ألهمه ذلك الحنان!

 

ومن المذهل في هذا الباب أن الزنبور يصيد الجندب النطاط، وينخزه بإبرته في مكان مناسب بحيث يفقده وعيه مع بقائه حيا كنوع من اللحم المحفوظ، فلا يكثر السم فيه بحيث تميته، أو يسمم لحم الأولاد إذا أكلوا منه، ولا يقلله بحيث يبقى محتفظا بوعيه فيفر، وبعد ذلك يحفر له حفرة في الأرض، ثم تأتي أنثى الزنبور وتضع بيضا في المكان المناسب بالضبط، ثم تغطي هذه الحفرة وترحل فرحة، ثم تموت بعد أن أمنت وسيلة الحياة لأولادها. وهم صغار لا يستطيعون الحركة. فمن الذي علمها ذلك؟ وما هي الفائدة المادية والمعنوية التي سوف تعود على أم من صغار لن تراهم لكي تقوم بكل هذه التضحيات... لو بحثنا عن إجابة فلن نجد إلا إجابة واحدة أنها مفطورة على ذلك وكذلك البشر مفطورون على توحيد الله وتنزيهه وقبول كل حسن ورفض كل قبيح.

 

أما الجراد البالغ من العمر سبعة عشر عاما في ولاية نيوانكلاند. يغادر شقوقه تحت الأرض حيث عاش في ظلام مع تغير طفيف في درجة الحرارة، ويظهر بالملايين في 24 مايو من السنة السابعة عشرة تماما. بحيث يضبط مواعيده للظهور في اليوم تقريبا بهداية يعجز عنها الإنسان لولا أنه يستعمل التقويم.

 

ولعل من أعجب ما اكتشفه العلم، أن كل إناث الطير من أي نوع كانت تضع من البيض عادة نفس العدد الذي تضعه في كل بطن، فبعضها يضع من ثلاث بيضات إلى خمس، وبعضها من خمس إلى ست وهكذا. غير أنه قد لوحظ أنه إذا رفع من تحتها بعض بيضها وضعت بدلاً منه لتساويه في العدد وهذه القدرة على إنتاج البيض تكاد تكون عجيبة لا يصدقها العقل.

 

ذكرت مجلة "ذي اوك" أن بعض علماء الطير عمدوا إلى طائر النقار، فأخذوا من وكره بيضه ما عدا واحدة، وظلوا يكرروا أخذ البيض ليروا إلى متى يظل يضع من البيض بدل ما سرق، فوضع الطائر الذي حيره الأمر 71 بيضة في 73 يوماً.

والجهد الذي يعانيه الطير في جلب الطعام لصغاره وتغذيتهم لأمرٌ يعلمه كل من رأى الطير وصغارها.

 

يقول الدكتور "أرثر ألن" من جامعة "كورنل" أنه تحرى الدقة في عدد رحلات أنثى عصفور العصو، تطلب الطعام لتغذية صغارها، فوجد أنها أطعمتها 1217 مرة، ما بين الفجر ومغرب الشمس. أما كيف تميز أم أفراخ الطير أياً من صغارها ينبغي أن يتغذى، فهو من دلائل ما أودعه الله من أسرار وإلهام. فإن النظام الدقيق الذي ركب في حلق كل فرخ يقضي بأنه إذا امتلأ أبطأ في ابتلاع ما يزق به، فما على الأم إلا أن تزق الذي يفتح لها منقارها، ثم تراقب العاقبة بدقة، فإذا رأت الطعام لا ينزلق في الحلقوم، امتصته ثانية وزقت به الذي يليه. أي أن الذي يبتلع الطعام من فوره، هو أفرغها من الطعام جوفاً.

 

تقليب البيض للتفريخ

خطر لعالم أمريكي، أن يستفرخ البيض دون حضانة الدجاج، بأن يضع البيض في نفس الحرارة التي ينالها البيض من الدجاجة الحاضنة له، فلما جمع البيض ووضع في جهاز التفريخ نصحه فلاح أن يقلب البيض إذ أنه رأى الدجاجة تفعل ذلك فسخر منه العالم، وأفهمه أن الدجاجة إنما تقلب البيض لتعطي الجزء الأسفل منه، حرارة جسمها الذي حرمته، أما هو فقد أحاط البيض بجهاز يشع حرارة ثابتة لكل أجزاء البيضة... واستمر العالم في عمله حتى جاء دور الفقس وفات ميعاده و لم تفقس بيضة واحدة!

وأعاد التجربة وقد استمع إلى نصيحة الفلاح، أو بالأحرى إلى تقليد الدجاجة، فصار يقلب البيض حتى إذا أتى ميعاد الفقس خرجت الفراريج.

 

والتعليل العلمي لتقليب البيض هو ترسب المواد الغذائية في الجزء الأسفل من جسمه، إذا بقي بدون تحريك، فتتمزق أوعيته.. ولذلك فإن الدجاجة لا تقلب البيض في اليوم الأول والأخير. أليس في هذا ما يدل على أن الدجاجة تقلب البيض عند الحضانة بإلهام عجز عن معرفته الإنسان بالمحاكاة بالرغم من كثرة ما يعلمه.. وأننا إذا سألناها كيف أنها فعلت ذلك لتقول: علمني الخبير العليم.

 

حماية بيض الحشرات من غوائل الجو

من قديم الزمان تصنع الحشرات لبيضها ما يشبه الزجاجة المفرغة، التي تحفظ فيها السوائل على درجتها من الحرارة، وتنتفع بها في حماية بيضها من عوادي الجو المتقلب، فهي تحيط البيض بكتلة هشة خفيفة من الفقاعات، وما تحوي هذه الفقاعات من هواء يقوم مقام الطبقة المفرغة حول الزجاج، فيقل تسرب الحرارة والبرودة إلى داخلها.. فمهما اشتدت حرارة الجو أو قرص البرد، نرى البيض داخل هذه الغلالة على درجة ثابتة وبمنجاة من تقلب الجو.

 

حفظ اللحم حيا

تستطيع طوائف من العناكب والزنابير أن تحفظ اللحم أسابيع فلا يفسد، دون الاستعانة بما تفتق به حيل الإنسان من تبريد أو ثلج. بل فهي لما كانت تحتاج إلى اللحم طرياً في طعامها ولا تضمن الظفر به كل يوم، لذلك تحفظ صيدها، من الحشرات التي تزيد على حاجتها، بطريقة لم يستطع الإنسان أن يصل إليها فيه تفرز في أبدانها مادة تخدرها دون أن تميتها، فيبقى غذاؤها دائما طرياً طازجاً بل حياً لحين استهلاكه ولم يتمكن العلم حتى الآن من تخدير ذبيحة الإنسان، والإبقاء عليها بحيـاة كاملة دون موت لحين استهلاكهـا.

 

تكييف حرارة وهواء خلية النحل

لما كان يلزم ليرقات نحل العسل حفظ الهواء على درجة ثابتة من الحرارة و التهوية التامة، لتظفر بأسباب الحياة و النمو في الخلية فإن هناك طائفة من النحل، لا عمل لها في الخلية إلا إجهاد عضلاتها لتولد حرارة في أبدانها، لتشع في أرجاء الخلية، بينما هناك طائفة أخرى تجثم على الأرض و تحرك أجنحتها بسرعة معينة محكمة لتوليد تياراً من الهواء يكفي الخلية فتكون بذلك مكيفة الجو هواء وحرارة!.

 

زراعات النمل.

يقول العلامة "رويال ديكنسون" أحد علماء التاريخ الطبيعي، في كتابه شخصية الحشرات، لقد ظللت أدرس مدينة النمل حوالي عشرين عاماً في بقاع مختلفة من العالم فوجدت أن كل شيء يحدث في هذه المدينة بدقة بالغة، وتعاون عجيب، و نظام لا يمكن أن نراه في مدن البشر، علاوة على الهدوء و السكون.

ويقول العالم المذكور أن النمل زرع مساحة بلغت خمسة عشرة متراً من الأرض وأنه وجد جماعة من النمل تقوم بحرثها على أحسن ما يقضي به علم الزراعة، فبعضها زرع الأرز وجماعة أزالت الأعشاب، وغيرها قامت لحراسة الزراعة من الديدان.

 

ولما بلغت عيدان الأرز تمام نموها ن كان يرى صفا من شغالة النمل لا ينقطع، يتجه إلى العيدان، فيتسلقها إلى حب الأرز، فتنزع كل شغالة من النمل حبة، وتنزل بها سريعة إلى مخازن تحت الأرض.. وقد طلى العالم أفراد النمل بالألوان فوجد أن الفريق الواحد من النمل يذهب دائما إلى العود الواحد، حتى يفرغ ما عليه من الأرز.

ولما فرغ من الحصاد، هطل المطر أياماً وما أن انقطع حتى أسرع إلى مزرعة النمل ليتعرف أحواله فوجد البيوت تحت الأرض مزدحمة بالعمل والعمال والأعمال ووجد النمل تخرج من بيتها للشمس، وتضع حبتها لتجف من ماء المطر. وما أن ولى الظهر حتى جف الأرز وعاد الشغالة به إلى مخازن تحت الأرض.

 

الإلهام في عالم النبات

أول من اكتشف أن الحشرات تنقل حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى، هو القس (كرستيان شبرنجل) في عام 1793 بألمانيا. وقد اعترف أن هذا العمل من معجزات الله وقضى كثيراً من الوقت يدرس الزهر والحشرات حتى أشغله ذلك عن كنيسته التي يتولى الوعظ فيها فانصرفت عنه رعيته.

 

وجاء "داروين" بعده بستين سنة يعلن أن النباتات لها وسائل معقدة، بعضها تمنع التزاوج بين أعضاء تذكير وتأنيث نفس الزهرة، وإذا لقحت صناعياً لا تنتج بذوراً. ففي بعض الأزهار نرى عضو التذكير يبلغ نضجه قبل عضو التأنيث، فلا يتم التلقيح إلا إذا جِيء بحبوب اللقاح من نبتة أخرى قد تم نضج أعضاء التذكير فيها، في موعد يوافق تلقيح عضو التأنيث في تلك. وبعضها تلقح نفسها بنفسها، دون معونة لنقل حبوب اللقاح بالهواء أو الحشرات. وهذه قد توافقت تراكيبها كما في الذرة والقمح وغيرها، فأعضاء التذكير التي تحمل اللقاح، تميل إلى مواضع فتحات أعضاء التأنيث بتقدير وضبط لا يمكن استناده إلى شيء فتنعقد بذلك الحبوب.. فهل هذه مصادفة؟.

 

أما أصناف النوع الأول فنرى أن للأزهار حِيلاً عجيبة، فبعضها ما إن يحس بالحشرة تطأ أعضائها، حتى يهوي عليها وعاء اللقاح، فيضربها ضرباً رقيقا ليغمرها باللقاح، وبعضها يقوم بما يدل على قوة الإلهام في وضوح ودون لبس، فزهرة القطرب لا يتم تلقيحها إلا بفراش الليل، فلذلك تذبل بالنهار، فإذا غابت الشمس تفتحت أكمامها، وانتشرت رائحتها الجذابة، وبرزت أعضاؤها الداخلية بما عليها من حبوب اللقاح استعداداً لتلقي فراش الليل، فإذا ما أقبل الفجر عادت الزهرات إلى حالتها الأولى... فإذا كان هذا هو الشأن في الإنسان والحيوان والنبات، فسبحـان من لا يشغله شـأن عن شأن.

 

تكوين ثمرة البلح

تمتص جذور النخلة العناصر الغذائية من التربة بالشعيرات الجذرية، وتصعد العصارة بالضغط الأسموزي إلى أعلى، ويتغذى جذع النخلة بما امتص من هذه العصارة، أما العصارة فتصعد إلى حيث تغذي الأجزاء العلوية، ويأخذ كل جزء غذاءه، وترتفع العصارة الدقيقة، لتكون الثمرة، فقمع البلحة هو مصفاتها، التي تسمح بمرور المواد الغذائية الذائبة تماماً إلى الداخل فقط. وهي التي تكون الحلو من البلحة وغير الحلو من النواة... والتي منها ينشأ جسم البلحة الطري وهيكل النواة الصلب، وبين الحلو والمر والصلب والطري غلاف رقيق شفاف لا يكاد يرى! ولم يحدث إطلاقا أن أخطأت نخلة فكونت نواة البلحة في الخارج والبلحة من الداخل. أو كونت البلحة الصلبة، والنواة طرية، ولا يمكن أن يعزى ذلك الى ميكانيكية النخلة، أو طبيعتها... فهذا شيء لا يمكن إلا أن يقال إنه إلهام.

 

صفوة القول

تستطيع الحيوانات أن تباشر عملية التوليد بالغريزة، فهي تعرف كيف تقطع الحبل السري، وأين ومتى تقطعه عن الجنين. كما تستطيع الدجاجة أن تميز البيضة الفاسدة بين البيضات التي ترقد عليها فتنبذها وتلقى بها بعيدا، وتستطيع كذلك أن تميز البيضة الغير ملقحة من البيضة الملقحة.. وهي تقوم بتقليب البيض الذى ترقد عليه كل عدد معلوم من الساعات بإلهام غزيري... و لولا هذا التقليب لماتت الأجنة بسبب التصاقها بالقشرة.

والفرخ الوليد يعرف أين أضعف مكان في البيضة لينقره بمنقاره ويخرج بإلهام غريزي أيضا.

 

ويعرف النحل كيف يبنى بيوته السداسية بدون مسطرة وبدون برجل.. وتقوم النحلات الشغالة العائدة من الحقل بعمل خريطة طبوغرافية دقيقة بمكان الزهور، وذلك عن طريق الرقص وعمل إشارات بحركات بطنها تدل باقي الشغالة على جغرافية المكان بدقة لا تخيب.

وأعجب من ذلك كله هو من ذلك الطب الغريزي الذى يمارسه حيوان "الوارا" حينما يلدغة ثعبان، فإنه يلجأ إلى نوع من العشب الصحراوي يسميه البدو " الرامرام " و يحك فيه جرحه. وقد لوحظ أن هذا الحيوان لا يدخل في معركة مع الثعبان إلا إذا كان على مقربة من هذا العشب، فإذا لم يجد هذا العشب فإنه لا يدخل في مواجهة مع الثعبان ويبادر بالهرب.. وقد أثبتت التجارب أن هذا العشب يشفى بالفعل من لدغة الثعبان، والاسم العلمي لهذا العشب هو Htliotropium ramosismum ومفعوله العلاجي راجع إلى تأثيره على الجهاز المناعي في الكبد. وهذه حقائق علمية لم تعرف إلا أخيرا.. فكيف أدرك حيوان "الوارا" هذه الحقائق، ومن أين علم بها... ذلك هو الإلهام المباشر والطب الإلهي بلا شك.

 

وهو مما أوحى به الله للحيوان (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون).

 

إن الإنسان ليعجب كل العجب عندما يرى هذه المشاهدات الناطقة، لأن ما يجري لا يمكن أن يكون عن طريق الصدفة، وإنما هو عن طريق الإلهام الذي تتجلى به القدرة الإلهية في أدق مظاهرها... وإلا، فمن الذي علم هذه الحيوانات هذه الطرق المتباينة من أجل تربية أولادها، وكل منها يعمل في نطاق ما يصلح الصغار لا الكبار، وفي نطاق ما يضمن لهم الدوام والاستمرار، رغم أنه قد لا يكون ممن أدرك والديه أو أحدهما؟ إنها آيات الله التي تتجلى لنا في كل شيء.

 

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ البقرة26.

وصدق الشاعر:

لله في الآفاق آيات لعـــل         *   أقلهـــا هو ما إليه هداكا

ولعل ما في النفس من آياته   *   عجبٌ عجابٌ لو ترى عيناكا

والكون مشحون بأسرار إذا   *     حاولت تفسيراً لهــا أعياكا

 

خاتمة

لا يفوتنك يا صاح أن ترى الإبداع ولا تعرف المبدع، أو تلمس الإحسان وتنسى المحسن، أو تعشق الجمال ولا يمتلئ قلبك بحب خالق الجمال. إن العقل إذا ما التفت ودرس الوجود كله بعمق يري فيه هداية كاملة، من أصغر ذراته إلى أكبر أجرامه، ومن أبسط أشكاله إلى أعقد مظاهره، فكيف نعلل هذه الهداية؟ كيف وجدت؟ كيف استمرت؟ كيف ثبتت؟ إن هناك جواباً واحدا يقدمه العقل على ذلك، هو وجود ذات هداية.

 

يرى العقل هذه الظاهرة في كل شيء، فهي ظاهرة تنتظم شؤون الكون كله من الإلكترونات في الذرة، إلى الذرة، إلى العناصر، إلى الأرض، إلى الشموس، إلى المجرات بكل حوادثها إلى كل خلية من خلايا الحيوان، إلى كل جهاز من أجهزته، إلى كل حيوان من وحيد الخلية، إلى النحلة، إلى الإنسان. قال تعالى: "قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى" طه050 تلك كلمة القرآن وهي كذلك كلمة العقل، وهي كذلك كلمة العلم، إن هداية بلا هاد غير مقبولة لا عقلا ولا علما. فالله تعالي قد ظهر باسمه الهادي في كل شيء، ومع ذلك ضل الكافرون عن الله، وأضلوا قلوبهم، وساروا في طريق الزيغ والضلال.

 

مصادر يمكن الرجوع إليها:

- كتاب "الله والعلم الحديث" بقلم عبد الرزاق نوفل ط: دار الناشر العربي- الطبعة الثالثة.

- كتاب العلم يدعو للإيمان أ. كريسي مورسون.

-دائرة معارف القرن العشرين لمحمد فريد وجدي 8 / 513.

- كتاب "القرآن كائن حي" للدكتور مصطفي محمود.

- كتاب "الدين والعلم" أ. د. محمد حسن هيتو.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • عروض تقديمية
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة