• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسريد. محمود بن أحمد الدوسري شعار موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسري
شبكة الألوكة / موقع د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات


علامة باركود

اللباس في الشريعة الإسلامية

اللباس في الشريعة الإسلامية
د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 12/12/2020 ميلادي - 26/4/1442 هجري

الزيارات: 20086

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اللِّباس في الشَّريعة الإسلاميَّة

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعده:اللِّباس زينةٌ وستر، قال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ ﴾ [الأعراف: 31-32]، وقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ﴾ [الأعراف: 26]، والرِّيش: هو الجمال؛ أي: ما تتجمَّلون به من الثِّياب[1]. قال القرطبي رحمه الله: «ليس كُلُّ ما تهواه النَّفس يُذَمُّ، وليس كلُّ ما يُتَزَيَّن به للنَّاس يُكره، وإنَّما يُنهى عن ذلك إذا كان الشَّرع قد نَهَى عنه، أو على وجه الرِّياء في باب الدِّين، فإنَّ الإنسان يُحِبُّ أن يُرى جميلًا، وذلك حظٌّ للنَّفس لا يُلام فيه، ولهذا يُسَرِّح شعرَه، وينظر في المرآة، ويُسَوِّي عمامته، ويلبس بطانةَ الثَّوبِ الخشنةَ إلى الدَّاخل، وظاهرته الحسنة إلى الخارج»[2].

 

وإذا كانت الشَّريعة الغرَّاء قد أباحت لكلٍّ من الرَّجل والمرأة التَّزُّين ولا سيَّما في اللِّباس، فإنَّها قد راعت في ذلك ألاَّ تكون الإباحة على إطلاقها، وإنَّما قيَّدتها بقيود، منها: تحريم بعض أنواع اللِّباس على كلٍّ من الرَّجل والمرأة تعبُّدًا لله تعالى؛ فالله تعالى يتعبَّد عباده بما يشاء، وإنَّ المتأمِّل حكمة التَّشريع الإسلامي يجد أنَّ الله تعالى تعبَّد عبادَه في كلِّ مناحي الحياة بالتَّحريم أو بالإباحة أو بالاستحباب أو بالوجوب، وهذا الأمر فيه فائدة عظيمة لعباده، حيث يضمن لهم الثَّواب العظيم من الله تعالى على امتثال أوامره واجتناب مناهيه في أمورٍ من السَّهل أن يفعلها بغير مشقَّة أو كلفة؛ فهو رحمةٌ بهم من قبلُ ومن بعدُ. كما راعت الشَّريعة الإسلاميَّة جوانب الاختلاف بين الرَّجل والمرأة فجاء التَّكليف بما يتناسب مع كلٍّ منهما كما سيمرُّ بنا.

 

وراعت الشَّريعة - أيضًا - التَّفاوت بين النَّاس، فحفظت قلوب الضُّعفاء والفقراء من الانكسار بسبب التَّفاوت بينهم وبين غيرهم من الأغنياء، وهذه كلُّها مقاصد سامية عملت الشَّريعة على تحقيقها من خلال اختلاف أحكام اللِّباس بين الرَّجل والمرأة.

 

ولباس المرأة فيه الزِّينة الخفيَّة، بمعنى: أنَّها إذا تزيَّنت تُخفي زينتها عن الرِّجال الأجانب. بعكس لباس الرَّجل ففيه الزِّينة الظَّاهرة، ولذا أوجد الإسلام فرقًا بين لباس الرَّجل ولباس المرأة، سواء كان فيما يتَّصل بالمادَّة المنسوجة التي يجوز لبسها، أو لا يجوز، أو كان الفرق متَّصلًا بمواصفات الملبوس تبعًا لجنس اللاَّبس، وسيكون الحديث عن المادَّة المنسوجة التي يصحُّ لبسها، أو لا يصحُّ، لكلا الجنسين، وفي هذا البحث أربع مسائل:

المسألة الأولى: لبس الحرير للرَّجل.

المسألة الثانية: لبس الحرير للمرأة.

المسألة الثالثة: الإسبال.

المسألة الرابعة: لبس الخاتم.

 

المسألة الأولى: لبس الحرير[3] للرَّجل:

أولًا: حكم ليس الحرير للرجل: الحرير من أهمِّ ما يلبس للزِّينة، وهو شعار النُّعومة واللِّين، والمبالغةُ في الزِّينة والتَّنعُّم ليس من صفات الرَّجل، إنَّما هو من صفات المرأة، وقد نهى الشَّرع عن تشبُّه الرَّجل بالمرأة.

 

والرَّجل مُطالب بزينةٍ معتدلة لا مبالغة فيها؛ حتَّى يكون أهلًا لتحمُّل المشاقِّ، إضافةً أنَّ لبسه فيه تشبُّه بالكفَّار، فهو من لباسهم في الدُّنيا، علاوة على ذلك، فإنَّ الأحاديث صرَّحت بنهي الرَّجل عن لبسه. لذا ذهب الأئمَّة الأربعة وأتباعهم إلى تحريم الحرير الخالص على الرَّجل [4]، بل حكى النَّووي وابنُ قدامة وغيرُهما الإجماعَ على ذلك [5].

 

الأدلَّة:

1- ما جاء عن أبي موسى رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنَّ اللهَ عزّ وجل أحَلَّ لإِنَاثِ أُمَّتِي الحَرِيرَ وَالذَّهَبَ، وَحَرَّمَهُ عَلَى ذُكُورِهَا»[6].

 

2- ما جاء عن عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قال: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم حريرًا بشماله، وذهبًا بيمينه، ثمَّ رَفَعَ بهما يديه، فقال: «إنَّ هَذَينِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لإِنَاثِهِمْ»[7].

 

3- ما جاء عن البراءِ بنِ عازبٍ رضي الله عنهما، قال: «نَهَانَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ سَبْعٍ - وَذَكَرَ منها: الحرير»[8].

 

4- ما جاء عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ، وَالحَرِيرُ والدِّيبَاجُ، هِي لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ»[9].

 

5- ما جاء عن عُمَرَ رضي الله عنه قال: قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ»[10].

 

6- وفي لفظٍ آخر عن عُمَرَ رضي الله عنه مرفوعًا: «إِنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ»[11]. وجه الدَّلالة من هذه الأحاديث: أنَّ الحرير - بأنواعه - محرَّم على الرَّجل، وجائز للمرأة، وهذا الوعيد الشَّديد لا يكون إلاَّ في محرَّمٍ شديدِ الحرمة.

 

ثانيًا: حكم لبس الحرير للمرض والحاجة: جوَّز الأئمَّة الثَّلاثة، والإمام مالك - في رواية ابن حبيبٍ - لُبْسَ ما فيه أعلام، لا تزيد على أربع أصابع فما دونهم؛ للحاجة [12]. وبناءً على ذلك يجوز للرَّجل استعمال الحرير في حالين:

الحال الأولى: إذا كان قليلًا بشرط: ألاَّ يزيد عرضُه عن أربع أصابع، كرقعة في الثَّوب، أو تطريز، أو في أطراف الثَّوب، ونحو ذلك.

 

♦ عن سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ؛ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه خَطَبَ بالجَابِيَةِ فَقَالَ: «نَهَى نَبِيُّ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، إلاَّ مَوْضِعَ إِصْبَعَيْنِ، أَوْ ثَلاَثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ»[13].

 

♦ عن عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ، وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بن فَرْقَدٍ بِأَذْرَبِيجَانَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم نَهَى عَنِ الحَرِيرِ إلاَّ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتيْنِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَ، قَالَ: فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي الأَعْلامَ»[14].

 

الحال الثانية: لعارِضِ المرض؛ كالأمراض الجلديَّة ونحوها.

♦ عن أنسٍ رضي الله عنه قال: «رَخَّصَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي لُبْسِ الحرِيرِ، لحِكَّةٍ بِهِمَا»[15]. قال ابن حجر رحمه الله: «قال الطَّبري: فيه دلالةٌ على أنَّ النَّهي عن لبس الحرير، لا يدخل فيه مَنْ كانت به علَّة، يُخفِّفها لبس الحرير»[16]. وجاء في «المغني، والشَّرح الكبير»: «ولا نعلم في تحريم لُبس ذلك على الرِّجال اختلافًا إلاَّ لعارض مرض. قال ابن عبد البرِّ: هذا إجماع»[17].

 

ثالثًا: حكم افتراش الرَّجل الحرير: اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين، الرَّاجح منهما: أنَّه لا يجوز افتراش الرَّجل الحرير، وهو مذهب الجمهور، منهم: المالكيَّة والشَّافعية والحنابلة، وقال به أبو يوسف ومحمد من الحنفيَّة [18].

 

الأدلَّة: استدلَّ أهل العلم على تحريم افتراش الحرير للرَّجل، بما جاء عنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قال: «نَهَانَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَأَنْ نَأكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ»[19]. قال ابن حجر رحمه الله: «وهي حُجَّة قويَّة لمن قال بمنع الجلوس على الحرير، وهو قول الجمهور، خلافًا لابن الماجشون، والكوفيِّين، وبعض الشَّافعية [20]»[21].

 

الاستدلال بالمعقول: يقال أيضًا: إنَّ سبب تحريم اللُّبس موجودٌ في الافتراش [22]؛ لأنَّه إنْ عُلِّل تحريم اللُّبس بالسَّرَف، فهو في الافتراش أولى. وإنْ عُلِّلَ بالخُيَلاء، فهو في الافتراش أشدُّ، وإنْ كان في اللُّبس تشبُّهًا بالنِّساء، فكذلك الافتراش، وقد حَرَّم الشَّرع على الرَّجل لبس ما زاد على أربع أصابع من الحرير، فكيف يُجيز الافتراش الذي يصل إلى عدَّة أمتار؟!

 

رابعًا: حكم إلباس الصَّبي الحرير: اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال، الرَّاجح منها: أنَّه لا يجوز إلباس الصَّبي ما زاد على أربع أصابع من الحرير، والإثمُ على مَنْ يُلبسه لا عليه؛ لأنَّه ليس من أهل التَّحريم، وهو قول الحنفيَّة، وَوَجْهٌ للشَّافعية، وأصحُّ الرِّوايتين عند الحنابلة [23].

 

الأدلَّة:

1- ما تقدَّم من قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم - في الحرير والذَّهب: «إِنَّ هَذَينِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لإِنَاثِهِمْ»[24]. وجه الدَّلالة: أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أدار الحكم على الذّكورة [25]. فالتَّحريم جاء عامًا بلفظ الذُّكورة، والصِّبيانُ داخلون فيه لا يخرجون إلاَّ بدليل، ولا دليلََ على ذلك.

 

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أَخَذَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «كِخْ كِخْ [26]، ارْمِ بِهَا، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لاَ نَأكُلُ الصَّدَقَةَ؟»[27].وجه الدَّلالة: أنَّ الزَّكاة لمَّا حُرِّمت على أهل البيت شمل التَّحريم الصَّغير والكبير، فكذا الحرير هنا يحرم على ذكور الأُمَّة، سواء كانوا صغارًا أم كبارًا، إلاَّ ما استُثني منه، وقد مضى ذِكره.

 

3- ما جاء عن جابرٍ رضي الله عنه، قال: «كُنَّا نَنْزِعُهُ [28] عَنِ الغِلْمَانِ، وَنَتْرُكُهُ عَلَى الجَوَارِي»[29]. وعن حِكمة تحريم الحرير على الصَّبي، يقول ابن القِّيم رحمه الله: «يحرم على الوليِّ أن يُلْبِسَه الصَّبيَّ؛ لما ينشأ عليه من صفات أهل التَّأنيث»[30]، وفيه تعويدٌ له على طاعة الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب مناهيه، فينشأ على ذلك.

 

خامسًا: الحكمة من تحريم الحرير على الذُّكور: لو قال قائل: إنَّ لِباس الحرير من أعدلِ اللِّباس وأوفَقه للبدن، فلماذا حَرَّمته الشَّريعةُ الكاملة على الرِّجال، وقد أباحت الطَّيِّبات، وحرَّمت الخبائث، والحريرُ - قَطْعًا - ليس خبيثًا؟ ذَكَرَ أهلُ العلم عِدَّةَ حِكَمٍ في سبب هذا التَّحريم، منها:

1- أنَّ الشَّريعة حرَّمته؛ لتصبرَ النُّفوسُ عنه، وتتركَه لله تعالى، ولا سيَّما ولها عوَضٌ عنه بغيره، فهو داخلٌ في عموم الابتلاء والامتحان، ومَنْ تركه في الدُّنيا من الرِّجال كان له زينة في الجنَّة جزاءً وفاقًا.

 

2- أنَّ الحرير خُلِقَ - في الأصل - للنِّساء، كالحِلية بالذَّهب، فَحَرُم على الرِّجال؛ لما فيه من مفسدة تشبُّه الرِّجال بالنِّساء.

 

3- حَرُمَ؛ لما يورثه من الفَخْر والخُيَلاء والعُجْب.

 

4- حَرُمَ؛ لما يورثه بملامسته للبدن من الأنوثة والتَّخَنُّث، وضِدُّ الشَّهامة والرُّجولة؛ فإنَّ لُبْسَه يُكسب القلبَ صفةً من صفات الإناث، ولهذا لا تكاد تجدُ مَنْ يَلْبَسُه - في الأعمِّ الأغلب - إلاَّ وعلى شمائله من التَّخَنُّث والتَّأنُّث، والرَّخاوة ما لا يخفى [31].

 

5- أنَّ اللهَ - تبارك وتعالى - عَلِمَ قِلَّة صبر النِّساء عن التَّزيُّن، فلطف بِهِنَّ في إباحته؛ ولأنَّ تزيُّنَهُنَّ - غالبًا - إنَّما هو للأزواج [32].

 

فإنْ صحَّتْ فهي حِكَمٌ معقولة، وإلاَّ فالحكمة كلُّ الحكمة في اتَّباع شرع الله تعالى، والانقياد له بالطَّاعة، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلًالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

المسألة الثانية: لبس الحرير للمرأة:

أولًا: حُكم لبس الحرير للمرأة: يجوز للمرأة لبس الحرير بأنواعه [33]، وقد وقع الإجماع على ذلك، وصرَّح به عدد من أهل العلم، منهم: النَّووي، وابن قدامة، وغيرهما [34].

 

الأدلَّة:

1- ما تقدَّم من قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم - في الحرير والذَّهب: «إنَّ هَذَينِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لإِنَاثِهِمْ»[35].

 

2- عن عليٍّ رضي الله عنه؛ أنَّ أُكَيْدِرَ دُوْمَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم ثَوْبَ حَرِيرٍ، فَأَعْطَاهُ عَلِيًّا، فَقَالَ: «شَقِّقْهُ خُمُرًا [36] بَيْنَ الفَوَاطِمِ [37]»[38].

 

3- وما جاء عن عليٍّ رضي الله عنه قال: أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم حُلَّةُ سِيَرَاءَ [39] فَبَعَثَ بِهَا إِلَيَّ، فَلَبِسْتُهَا، فَعَرَفْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ. فَقَالَ: «إنِّي لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتُشَقِّقَهَا خُمُرًا بَيْنَ النِّسَاءِ»[40]. قال النووي رحمه الله: «فيه دليلٌ لجواز لبس النِّساء الحرير، وهو مُجْمَعٌ عليه اليوم»[41].

 

4- وما جاء عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنهما قال: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ... وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ، أَوْ عَنْ تَخَتُّمٍ بالذَّهَبِ، وَعَنْ شُرْبٍ بالفِضَّةِ، وَعَنِ المَيَاثِرِ [42]، وَعَنِ القَسِّيِّ [43]، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، وَالإِسْتَبْرَقِ [44]، وَالدَّيْبَاجِ [45]»[46]. وجه الدَّلالة: جواز لبس الحرير بأنواعه للنِّساء، وتحريمه على الرِّجال، ولذا قال النووي رحمه الله: «وأمَّا لُبس الحرير والإستبرق والدِّيباج والقَسِّيِّ - وهو نوعٌ من الحرير - فكلُّه حرام على الرِّجال... وأمَّا النِّساء فيباح لهنَّ لبس الحرير، وجميع أنواعه»[47].

 

ثانيًا:حكم افتراش الحرير للمرأة: لأهل العلم في هذه المسألة قولان، الرَّاجح منهما: أنَّ افتراش الحرير جائز للنِّساء، وهو مذهب الجمهور، منهم: الحنفيَّة والمالكيَّة، وأكثر الشَّافعية والحنابلة [48].

 

الدَّليل: ما تقدَّم من قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم - في الحرير والذَّهب: «إِنَّ هَذَينِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لإِنَاثِهِمْ»[49]. وجه الدَّلالة: فيه تصريح بِحلِّ الحرير للنِّساء مطلقًا، من دون تفريقٍ بين اللُّبس والافتراش، ولم يأت دليل يُحرِّم افتراش الحرير على النِّساء، والأصل في ذلك الإباحة، حتَّى يرد دليل مانع، ولا يوجد البتَّة.

 

المسألة الثالثة: الإسبال:

أولًا: حكم إسبال الرَّجل: طول ثوب الرجل أو إزاره، له خمس حالات:

الحال الأولى: نصف السَّاقين، وحكمها: الاستحباب؛ لأنَّه الموافق للسُّنَّة.

ودليلها:

1- ما جاء عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «إِزْرَةُ المُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ...» الحديث [50].

 

2- وفي لفظٍ آخَرَ من حديث أبي سعيدٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «إِزْرَةُ المُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ...» الحديث [51].

 

3- ما جاء عن حُذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مَوْضِعُ الإِزَارِ إِلَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ وَالعَضَلَةِ...» الحديث [52].

 

الحال الثَّانية: ما دون نصف السَّاق إلى الكعبين [53]، وحكمها: الجواز.

ودليلها:

1- ما تقدَّم من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه مرفوعًا: «إزْرَةُ المُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، ولاَ حَرَجَ - أوْ لاَ جُنَاحَ - فِيما بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ...» الحديث [54].

 

2- وفي لفظ آخَرَ من حديث أبي سعيدٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «إِزْرةُ المُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ مَا بيْنهُ وَبَيْنَ الكَعْبَيْنِ...» الحديث [55].

 

3- ما تقدَّم من حديث حُذَيفَةَ رضي الله عنه مرفوعًا: «مَوْضِعُ الإِزَارِ إِلَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ وَالعَضَلَةِ، فَإِنْ أَبَيْتَ؛ فَأسْفَلَ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَمِنْ وَرَاءِ السَّاقِ...» الحديث [56].

 

الحال الثَّالثة: وَضْعُ الإزارِ على الكعبين، وحُكمها: التَّحريم.

ودليلها: عن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه؛ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بِعَضَلَةِ سَاقِي - أَوْ سَاقِهِ - فقال: «هَذَا مَوْضِعُ الإِزَارِ؛ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ، فَإِنْ أَبَيْتَ؛ فَلاَ حَقَّ لِلإِزَارِ في الكَعْبَيْنِ»[57].

 

الحال الرَّابعة: ما أسفل من الكعبين، وحكمها: أنَّه أشدُّ حرمة من الكعبين، وفيه وعيد شديد.

ودليلها:

1- ما جاء عن أبي هُريرة رضي الله عنه؛ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ»[58]. قال ابن حجر رحمه الله في شرحه للحديث: «أي: ما دون الكعبين، من قَدَمِ صاحب الإزار المُسبل، فهو في النَّار، عقوبةً له على فعله»[59].

 

2- ما جاء عن المُغيرَة بن شُعْبَةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «يَا سُفْيَانَ بْنِ سَهْلِ! لاَ تُسْبِلْ؛ فَإِنَّ اللهُ لاَ يُحِبُّ المُسْبِلينَ»[60].

 

3- ما جاء عن أبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أَوْصَاهُ بِقوله: «... إِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ[61]؛ فَإِنَّهَا مِنَ المَخِيلةِ[62]، وَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ...» الحديث [63].

 

الحال الخامسة: أن يجُرَّه خيلاء، وحُكمها: أنَّه الأشدُّ تحريمًا، وفيه الوعيد الأعظم.

ودليلها:

1- ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لاَ يَنْظُرُ اللهُ [64] يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا [65]»[66].

 

2- ما جاء عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لاَ يَنْظُرُ اللهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ [67]»[68].

 

3- وفي حديثٍ آخَرَ عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما مرفوعًا: «بَيْنَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ، إِذْ خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ [69] إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»[70].

 

الخلاصة: وخلاصة ما دلَّت عليه هذه الأحاديث ما يلي:

1- يُستحبُّ للرَّجل أن يكون إزاره إلى نصف السَّاق، وهو الموافق للسُّنَّة.

2- ما دون نصف السَّاق إلى الكعبين، جائز بلا كراهة.

3- ما كان على الكعبين، فهو مُحرَّم.

4- ما كان أسفل من الكعبين، فهو شديد الحرمة، وفيه وعيد شديد.

5- إذا جُرَّ الإزارُ خُيلاءَ، فهو التَّحريم الأشدُّ، وفيه الوعيدُ الأعظم.

 

ثانيًا: حُكم إسبالِ المرأة: يجوز للمرأة الإسبالُ بعكس الرَّجل؛ لأنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أَذِنَ لهنَّ في إرخاء أثوابهن ذراعًا؛ من أجل تغطية القدمين، وهي بذلك تُخالف الرَّجل.

 

الدَّليل: عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ؛ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّساءُ بِذُيُولِهِنَّ؟[71] قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا»[72]، فَقَالتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ؟ قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا [73]؛ لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ»[74]. وجه الدَّلالة: فيه جواز الإسبال للنِّساء، وفيه استثناءٌ لهنَّ من الوعيد الوارد في حقِّ المُسبل. قال ابن حجر رحمه الله: «والحاصل أنَّ للرِّجال حالين: حال استحباب، وهو أن يقتصر بالإزار على نصف السَّاق، وحال جواز، وهو إلى الكعبين. وكذلك للنِّساء حالان: حال استحباب، وهو ما يزيد على ما هو جائز للرِّجال بقدر الشِّبر، وحال جواز، بقدر ذراع»[75].

 

دليل الإجماع: ذكر غير واحدٍ من أهل العلم الإجماعَ على جواز الإسبال للنِّساء. منهم النَّووي رحمه الله قائلًا: «وأجمع العلماءُ: على جواز الإسبال للنِّساء، وقد صحَّ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم الإذنُ لهنَّ، في إرخاء ذيولهنَّ ذراعًا»[76]. ونَقَل ابن حجر رحمه الله عن القاضي عياض رحمه الله الإجماعَ: على منع الرِّجال من الإسبال دون النِّساء [77]. ونقل الشَّوكاني رحمه الله عن ابن رسلان رحمه الله إجماعَ المسلمين: على جواز الإسبال للنِّساء [78]. والإسبال في حقِّ المرأة فيه صيانة لها من أن تنكشف أقدامُها، وفيه مبالغة في السَّتر الذي أراده الله تعالى لها.

 

المسألة الرابعة: لبس الخاتم:

أولًا: موضع الخاتم للرَّجل: تقدَّم الحديث عن جواز اتِّخاذ الرَّجل خاتمًا من فضَّة، ويحرم عليه اتِّخاذُ خاتمٍ من ذهب. لكن في أيِّ موضعٍ من أصابع اليد يوضع الخاتم؟ فيقال: إنَّ وضع الخاتم في الأصابع له حالان:

الحال الأولى: استحباب وضعه في الخِنْصِرِ من اليد اليمنى أو اليسرى، وفيه عدَّة أحاديث، منها:

1- عن أنسٍ رضي الله عنه قال: «كَانَ خَاتِمُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فِي هَذِهِ، وَأَشَارَ إِلَى الخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ اليُسْرَى»[79].

 

وعن الحكمة من وضعه في الخِنْصِرِ، يقول النَّووي رحمه الله: «والحكمة في كونه في الخِنْصِرِ: أنَّه أبعدُ من الامتهان فيما يُتعاطى باليد؛ لكونه طرفًا؛ ولأنَّه لا يشغل اليد عمَّا تتناوله من أشغالها، بخلاف غير الخِنْصِر»[80].

 

2- عن ثابت أنَّهم سألوا أَنَسًا رضي الله عنه عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ [81] مِنْ فِضَّةٍ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ اليُسْرَى بِالخِنْصِرِ»[82].

 

3- عن عليٍّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ [83]»[84].

 

والمتأمِّل في مجموع هذه الأحاديث يُلاحظ: أنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وَضَعَ الخاتم في اليمنى أحيانًا، وأحيانًا وَضَعَه في اليسرى. ولذا اختلف أهل العلم في طريق الجمع بينهما، ولعلَّ أقرب المسالك: جواز وضع الخاتم في اليد اليمنى أو اليسرى. وهو ما قرَّره ابن عبد البرِّ رحمه الله بقوله: «وأمَّا التَّختُّم في اليمين وفي اليسار: فاخْتَلَفتْ في ذلك الآثار عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وعن أصحابِه بعده، وذلك محمولٌ عند أهل العلم على الإباحة»[85].

 

قال النَّووي رحمه الله: «أجمعوا: على جواز التَّختُّم في اليمين. وعلى جوازه في اليسار، ولا كراهةَ في واحدٍ منهما. واختلفوا: أيَّتُهما أفضل، فتختَّم كثيرون من السَّلف في اليمين، وكثيرون في اليسار، واستحب مالكٌ اليسار، وكَرِه اليمين، وفي مذهبنا وجْهان لأصحابنا: الصَّحيحُ أنَّ اليمين أفضلُ؛ لأنَّه زينةٌ، واليمين أشرف، وأحقُّ بالزِّينة، والإكرام»[86].

 

وقال ابن حجر رحمه الله: «ويظهر لي أنَّ ذلك يختلف باختلاف القصد، فإنْ كان اللُّبس للتَّزيُّن به فاليمين أفضل، وإنْ كان للتَّختُّم به فاليسار أولى؛ لأنَّه كالمُودَع فيها، ويحصل تناوله منها باليمين، وكذا وضعه فيها، ويترجَّح التَّختُّم في اليمين مطلقًا؛ لأنَّ اليسار آلةُ الاستنجاء، فَيُصان الخاتم إذا كان في اليمين، عن أن تُصيبه النَّجاسة، ويترجَّح التَّختُّم في اليسار بما أشرت إليه من التَّناول.

 

وجَنَحَتْ طائفةٌ إلى استواء الأمرين، وجمعوا بذلك بين مختلف الأحاديث، وإلى ذلك أشار أبو داود حيث ترجم «باب: التَّختُّم في اليمين واليسار» ثمَّ أوْرَدَ الأحاديث مع اختلافها في ذلك بغير ترجيح، ونقل النوويُّ وغيرهُ الإجماعَ على الجواز، ثمَّ قال: ولا كراهةَ فيه - يعني عند الشَّافعية - وإنَّما الاختلاف في الأفضل»[87].

 

الحال الثَّانية: النَّهي عن وضع الخاتم في المُوَحِّدة (السَّبَّابة) والوسطى، وفيه عدَّة أحاديث، منها:

1- عن عليٍّ رضي الله عنه، قال: «نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي إِصْبَعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ. قَالَ: فَأَوْمَأَ إِلَى الوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا»[88]. قال النَّووي رحمه الله: «ويُكره للرَّجل جعله في الوسطى والتي تليها لهذا الحديث، وهي كراهة تنزيه»[89].

 

2- وجاء التَّصريح بذكر الوسطى والسَّبابة: عن عليٍّ رضي الله عنه قال: «نَهَانِي (أي: رَسُول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم) أَنْ أَضَعَ الخَاتَمَ فِي هَذِهِ، أَوْ فِي هَذِهِ لِلسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى»[90].

 

الخلاصة: وخلاصة ما دَّلت عليه هذه الأحاديث، في (لبس الخاتم للرَّجل) ما يلي:

1- استحباب وضعه في الخِنْصِر من اليد اليمنى أو اليسرى.

2- النَّهي عن وضعه في المُوَحِّدة (السَّبَّابة) والوسطى.

3- أمَّا البُنْصُر فَمَسكوتٌ عنه، فيبقى على أصل الإباحة، والله أعلم.

 

ثانيًا: موضع الخاتم للمرأة: المرأةُ يُباح لها التَّختُّم في كلِّ إصبعٍ، والنَّهي الوارد في السَّبَّابة والوسطى خاصٌّ بالرَّجل دون المرأة، وهو محلُّ إجماع. وقد حكى النَّووي رحمه الله الإجماعَ بقوله: «أجمع المسلمون: على أنَّ السُّنَّة جَعْلُ خاتَمِ الرَّجلِ في الخِنْصِر، وأمَّا المرأةُ فإنَّها تتَّخِذُ خواتيمَ في أصابع»[91].



[1] انظر: تفسير البغوي (2/ 155).

[2] الجامع لأحكام القرآن (7/ 197).

[3] الحرير: هو ثياب من إبريسَمْ - أعجميٌّ معرَّب - هو: ثياب تُصنع من القزِّ، وسُمِّي حريرًا؛ لخلوصه. يُقال لكلِّ خالصٍ: مُحرَّر، وحرَّرت الشَّيء: خلَّصته من الاختلاط بغيره. انظر: لسان العرب، مادة: (حرر) (4/ 117)، ومادة: (برسم) (12/ 46)، ومادة: (قزز) (5/ 394).

[4] انظر: شرح معاني الآثار (4/ 250)؛ الهداية شرح البداية (10/ 17)؛ حاشية ابن عابدين (6/ 351)؛ بدائع الصنائع (5/ 131)؛ عارضة الأحوذي (7/ 222)؛ حاشية العدوي (2/ 412)؛ مغني المحتاج (1/ 306)؛ الفروع (1/ 348)؛ الإنصاف (1/ 475)؛ الأحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل (ص83)؛ الإحكام يما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام (1/ 292)؛ الفوارق بين المرأة والرجل في أحكام الصلاة والمناسك (ص119).

[5] انظر: المهذب (4/ 435)؛ المجموع (4/ 438)؛ المغني (1/ 588).

[6] رواه النسائي (8/ 190)، (ح5265)، وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن النسائي» (3/ 400)، (ح5280).

[7] رواه ابن ماجه، (2/ 1189)، (ح3595). وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (3/ 197)، (ح2912).

[8] رواه البخاري، (4/ 1867)، (ح5863).

[9] رواه البخاري، (4/ 1859)، (ح5831).

[10] رواه البخاري، (4/ 1860)، (ح5834).

[11] رواه البخاري، (4/ 1860)، (ح5835).

[12] انظر: المصادر المتقدِّمة،. هامش رقم (4).

[13] رواه مسلم، (3/ 1643)، (ح2069).

[14] رواه البخاري، (4/ 1859)، (ح5828).

[15] رواه البخاري، (4/ 1861)، (ح5839).

[16] فتح الباري (10/ 29).

[17] المغني والشرح الكبير (1/ 626).

[18] انظر: الفتاوى الهندية (5/ 331)؛ البحر الرائق (8/ 189)؛ الخرشي على خليل (1/ 252)؛ مواهب الجليل (11/ 505)؛ مغني المحتاج (1/ 306)؛ نهاية المحتاج (2/ 373)؛ الفروع (1/ 348)؛ الإنصاف (1/ 475)؛ الإحكام فيما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام (1/ 295)؛ الفوارق بين المرأة والرجل في أحكام الصلاة والمناسك (ص124).

[19] رواه البخاري، (4/ 1861)، (ح5837).

[20] مذهب الإمام أبي حنيفة، وابن الماجشون من المالكيَّة، قالوا: بجواز افتراش الرَّجل الحرير، وهو قول مرجوح.

[21] فتح الباري (10/ 292).

[22] انظر: المجموع (4/ 435).

[23] انظر: بدائع الصنائع (5/ 131)؛ الفتاوى الهندية (5/ 331)؛ مغني المحتاج (1/ 306)؛ نهاية المحتاج (1/ 376)؛ المغني (1/ 591)؛ الإنصاف (1/ 480)؛ الإحكام فيما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام (1/ 319).

[24] سبق تخريجه، هامش رقم (7).

[25] انظر: بدائع الصنائع (5/ 131)؛ المجموع (4/ 435)؛ المغني (1/ 591).

[26] (كِخْ كِخْ): كلمة يُزجر بها الصِّبيان عن المستقذرات، فيقال له: كخ؛ أي: اتركه وارمِ به. قال الدَّاودي: «هي عجميَّة مُعرَّبة، بمعنى: بئس». انظر: فتح الباري (3/ 355)؛ صحيح مسلم بشرح النووي (7/ 175).

[27] رواه البخاري، (2/ 943)، (ح3070)؛ ومسلم، واللَّفظ له، (2/ 751)، (1069).

[28] قال ابن عبد البر رحمه الله: «يعني: الحرير». انظر: التمهيد (14/ 259).

[29] رواه أبو داود، (4/ 50)، (ح4059)؛ وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2/ 510)، (ح4059).

[30] زاد المعاد (4/ 80).

[31] انظر: المصدر نفسه (4/ 79-80).

[32] انظر: فتح الباري (10/ 296)؛ فيض القدير (3/ 572).

[33] انظر: شرح معاني الآثار (4/ 249)؛ الهداية شرح البداية (10/ 17)؛ بدائع الصنائع (5/ 130)؛ مواهب الجليل (1/ 504)؛ القوانين الفقهية (ص377)؛ المهذب (4/ 440)؛ مغني المحتاج (1/ 306)؛ الفروع (1/ 348)؛ الإنصاف (1/ 475)؛ الأحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل (ص83)؛ الإحكام فيما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام (1/ 323)؛ الفوارق بين المرأة والرجل في أحكام الصلاة والمناسك (ص119).

[34] المجموع (4/ 442)؛ صحيح مسلم بشرح النووي (6/ 32)؛ المغني (1/ 588).

[35] سبق تخريجه، هامش رقم (7).

[36] (خُمُرًا): جمع خمار، وهو ما يوضع على رأس المرأة. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 41).

[37] (الفَوَاطِم): قال الهرويُّ والأزهريُّ، والجمهورُ: إنَّهن ثلاثٌ. فاطمةُ بنتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وفاطمةُ بنتُ أسدٍ - وهي أمُّ عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، وهي أوَّل هاشميَّةٍ وُلدت لهاشميٍّ، وفاطمةُ بنتُ حمزةَ بن عبد المطلب رضي الله عنه. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 50-51).

[38] رواه مسلم، (3/ 1645)، (ح2071).

[39] (حُلَّةُ سِيرَاءَ): ضُبِطَت الحُلَّةُ هنا بغير تنوين على الإضافة، وبالتَّنوين على أنَّ سِيرَاءَ صفةٌ، وهما وجهان مشهوران، والمحقِّقون ومتقنو العربيَّة يختارون الإضافة. قال سيبويه: «لم تأت فِعَلاء صفةً، وأكثر المحدِّثين يُنوِّنون». وهي برودٌ يُخالطها حرير، وهي مضَلَّعة بالحرير، قالوا: كأنَّما شُبِّهت خطوطها بالسُّتور. قال أهل اللُّغة: الحُلَّة لا تكون إلاَّ ثوبين، وتكن غالبًا إزارًا ورداءً. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 37-38).

[40] رواه مسلم، (3/ 1644)، (ح2071).

[41] انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 41).

[42] (المَيَاثِر): جَمْعُ مِئْثَرة، وهو وِطاءٌ كانت النِّساء يَضَعْنَه لأزواجهنَّ على السُّروج، وكان من مراكب العجم، وقيل: هي شيء كالفراش الصَّغير تُتَّخذ من حرير، تُحشى بقطن أو صوف، يجعلها الرَّاكب على البعير تحته فوق الرَّحل. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 33).

[43] (القَسِّي): بفتح القاف وكسر السِّين المهملة المشدَّدة، وهي ثيابٌ مُضَلَّعة بالحرير تُعمل بالقَس - بفتح القاف - وهو موضع من بلاد مصر، وهو قرية على ساحل البحر، قريبة من تنيس. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 34).

[44] (الإسْتَبْرَق): هو غليظ الدِّيباج.

[45] (الدَّيْبَاج): بفتح الدَّال وكسرها، جمعه ديابيج، وهو عَجميٌّ مُعرَّب، وهي الثِّياب المتَّخذة من الإبريسم. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 34).

[46] رواه البخاري، (4/ 1089)، (ح5649)؛ ومسلم، واللفظ له، (3/ 1635)، (ح2066).

[47] انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 32).

[48] انظر: الهداية شرح البداية (10/ 18)؛ عارضة الأحوذي (7/ 223)؛ مواهب الجليل (1/ 504)؛ المجموع (4/ 442)؛ مغني المحتاج (1/ 306)؛ نهاية المحتاج (2/ 377)؛ الفروع (1/ 348)؛ الإحكام فيما يختلف فيه الرجال والنساء من الأحكام (1/ 325).

[49] سبق تخريجه، هامش رقم (7).

[50] رواه أبو داود (4/ 59)، (ح4093). وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2/ 518)، (ح4093).

[51] رواه ابن ماجه (2/ 1183)، (ح3573). وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (3/ 191)، (ح2891).

[52] رواه النسائي (8/ 206)، (ح5329). وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن النسائي» (3/ 417)، (ح5344).

[53] الكعب: هو العظم النَّاتئ عند ملتقى السَّاق والقَدَم. انظر: لسان العرب، مادة: (كعب) (1/ 718).

[54] رواه أبو داود (4/ 59)، (ح4093). وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2/ 518)، (ح4093).

[55] رواه ابن ماجه (2/ 1183)، (ح3573). وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (3/ 191)، (ح2891).

[56] سبق تخريجه، هامش رقم (52).

[57] رواه الترمذي (4/ 247)، (ح1783). وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (2/ 290)، (ح1783).

[58] رواه البخاري، (4/ 1848)، (ح5787).

[59] فتح الباري (10/ 257).

[60] رواه ابن ماجه (2/ 1183)، (ح3574). وحسَّنه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه»، (3/ 192)، (ح2892).

[61] أي: احذر إسبالَ الإزار، وإرخاءَه من الكعبين. انظر: عون المعبود (11/ 94).

[62] (مِنَ المَخِيلَةِ) على وزن: عظيمة؛ أي: من الخيلاء والتَّكبُّر.

[63] رواه أبو داود (4/ 56)، (ح4084). وصحَّحه النووي في «رياض الصالحين» (ص166)، (ح796)؛ والألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2/ 516)، (4804).

[64] (لاَ يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِ)؛ أي: لا يرحمه، ولا ينظر إليه نَظَرَ رحمةٍ. انظر: فتح الباري (10/ 258)؛ صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 61).

[65] (جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا)؛ أي: جَرَّه تكبُّرًا وطغيانًا، وأصل البطر: الطُّغيان عند النِّعمة. انظر: فتح الباري (10/ 258).

[66] رواه البخاري، (4/ 1848)، (ح5788).

[67] (خُيَلاَءَ): الخيلاء والمَخيلة والبَطَر والكِبْر والزَّهو والتَّبختر، كلُّها بمعنى واحد، وهو حرام، يقال: خال الرَّجَلُ خالًا، واختال اختيالًا: إذا تكبَّر، وهو رجل خالٌ؛ أي: مُتكبِّر، وصاحِبُ خالٍ؛ أي: صاحبُ كِبْرٍ. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 60-61).

[68] رواه مسلم، (3/ 1651)، (ح2085).

[69] (يَتَجَلْجَلُ)؛ أي: يغوص في الأرض حتَّى يُخْسَفَ به، وقيل: يسيخ في الأرض مع اضطرابٍ شديد، وتدافعٍ من شقٍّ إلى شِقٍّ. والجَلْجَلَةُ: حركةٌ مع صوت. انظر: فتح الباري (10/ 261)؛ تحفة الأحوذي (7/ 162)؛ عمدة القاري (16/ 64).

[70] رواه البخاري، (4/ 1848)، (ح5790).

[71] قال ابن حجر رحمه الله: «سَأَلَتْ (أمُّ سلمة رضي الله عنها) عن حُكْمِ النِّساء في ذلك؛ لاحتياجهنَّ إلى الإسبال من أجل ستر العورة؛ لأنَّ جميع قدمها عورة، فبيَّن لها أنَّ حُكْمَهنَّ في ذلك خارجٌ عن حُكم الرَّجال». فتح الباري (10/ 259).

[72] يُقاس الشِّبر من منتصف السَّاقين، ولهذا قالت أُمُّ سلمة رضي الله عنها: «إذًا تنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ»، فرخَّص النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لهنَّ بالذِّراع. انظر: عون المعبود (11/ 174)؛ تحفة الأحوذي (5/ 332).

[73] يُقاس الذِّراع أيضًا من منتصف السَّاقين، ومقداره: شبران. انظر: عمدة القاري (21/ 297).

[74] رواه الترمذي (4/ 223)، (ح1831). وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (2/ 271)، (ح1731).

[75] فتح الباري (10/ 259).

[76] صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 62).

[77] انظر: فتح الباري (10/ 259).

[78] انظر: نيل الأوطار (2/ 112).

[79] رواه مسلم، (3/ 1659)، (ح2095).

[80] صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 71).

[81] (وَبِيصِ خَاتَمهِ)؛ أي: بريقه ولمعانه.

[82] رواه مسلم، (1/ 443)، (ح640).

[83] أي: يلبس الخاتم في خنصر يده اليمنى. انظر: تحفة الأحوذي (5/ 344).

[84] رواه أبو داود، (4/ 91)، (4/ 4226). وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2/ 551)، (ح4221).

[85] التمهيد (17/ 109).

[86] صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 72-73).

[87] فتح الباري (10/ 327).

[88] رواه مسلم، (3/ 1659)، (ح2078).

[89] صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 71).

[90] رواه أبو داود (4/ 90)، (ح4225)؛ وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2/ 551)، (ح4225).

[91] المصدر السابق، والصفحة نفسها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • خطب
  • مقالات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة