• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسريد. محمود بن أحمد الدوسري شعار موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسري
شبكة الألوكة / موقع د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات


علامة باركود

وإنك لعلى خلق عظيم

وإنك لعلى خلق عظيم
د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 19/6/2019 ميلادي - 15/10/1440 هجري

الزيارات: 27230

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وإنك لعلى خُلق عظيم

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

أثنى الله تعالى على نبيِّه الكريم صلى الله عليه وسلم وزكَّاه وعَدَّله؛ فزكَّى عقلَه، فقال: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 2-4]؛ وزكَّى قلبَه، فقال: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11]؛ وزكَّى بصرَه، فقال: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 17،18]؛ ثم زكَّاه كلَّه وجمع له الفضلَ والثناءَ الحسن، فوصفه في الكتاب العزيز بقوله: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾[القلم: 4]. أي: (لعلى أدبٍ عظيم، وذلك أدبُ القرآن الذي أدَّبه الله به، وهو الإسلام وشرائعه)[1].

 

(وتفصيل ذلك: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جَمَع كلَّ فضيلة، وحاز كلَّ خصلة جميلة، فمن ذلك: شرف النسب، ووفور العقل، وصحة الفهم، وكثرة العلم، وشدة الحياء، وكثرة العبادة، والسخاء، والصدق، والشجاعة، والصبر، والشكر، والمروءة، والتودد، والاقتصاد، والزهد، والتواضع، والشفقة، والعدل، والعفو، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، وحسن المعاشرة، وحسن التدبير، وفصاحة اللسان، وقوة الحواس، وحسن الصورة، وغير ذلك حسبما ورد في أخباره، وسِيَرِه صلى الله عليه وسلم)[2].

 

قال ابن عاشور - رحمه الله: (واعلم أنَّ جماع الخُلُق العظيم - الذي هو أعلى الخُلق الحسن - هو التدين، ومعرفة الحقائق، وحلم النفس، والعدل، والصبر على المتاعب، والاعتراف للمحسن، والتواضع، والزهد، والعفةُ، والعفو، والجود، والحياء، والشجاعة، وحسن الصمت، والتؤدة، والوقار، والرحمة، وحسنُ المعاملة والمعاشرة.

 

والأخلاق كامنةٌ في النفس، ومظاهِرُها تصرُّفات صاحبِها في كلامِه، وطلاقةِ وجهه، وثباتِه، وحُكمِه، وحركتِه وسكونِه، وطعامِه وشرابِه، وتأديبِ أهلِه ومَن لنظره، وما يترتب على ذلك من حرمته عند الناس، وحسن الثناء عليه والسُّمعة.

 

وأمَّا مظاهرها في رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي ذلك كلِّه، وفي سياسته أُمَّتِه، وفيما خُصَّ به من فصاحةِ كلامِه، وجوامعِ كَلِمِه)[3].

 

سبب وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالخُلُقِ العظيم:

والسبب في وصف الله تعالى خلق النبي صلى الله عليه وسلم بالعظيم عدة أمور:

منها: أنه لم تكن له هِمَّةٌ سوى الله تعالى.

ومنها: أنَّ الذي علَّمه هو الله سبحانه؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113]، وهذا شرف لا يدانيه شرف، وفضل لا يقاربه فضل، فإذا كان لكلِّ إنسانٍ معلِّمٌ من أبٍ أو شيخٍ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فَقَدَ الأبَ جنيناً في بطن أُمِّه، وليس له معلِّمٌ أو شيخ من البشر، ولكنه صلى الله عليه وسلم نال التعليمَ من ربِّ العالمين، فهو مُعلِّمه؛ لذا حُقَّ له أنْ يفتخر ويقول: (إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا)[4]. فكيف بمَنْ علَّمه ربُّه تبارك وتعالى؟! لا بدَّ أنه أعظم الخلق أدباً، وأتقاهم لربِّه، وأرفعهم خُلقاً، فاستحقَّ أنْ يُوصف بهذا الخلق العظيم.

 

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعت فيه مكارِمُ الأخلاق وصالِحُها، ويدل عليه ما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ)[5]. وفي رواية: (صَالِحَ الأَخْلاَقِ)[6]، بل لم يُذكر خُلُقٌ محمودٌ إلاَّ وكان للنبي صلى الله عليه وسلم منه الحظ الأوفر[7].

 

ومنها: أنه امتثل تأديبَ الله إياه بقوله تعالى: ﴿ خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199].

 

ومنها: أنه تأدَّب بآداب الإسلام وشرائعه، ويدل عليه: ما جاء أن قتادةَ سأل أُمَّ المؤمنين عائشةَ - رضي الله عنها - فقال لها: (يا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عن خُلُقِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قالت: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قلتُ: بَلَى. قالتْ: فإنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان الْقُرْآنَ)[8].

 

والمعنى: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمتثل أوامر القرآن ونواهيه، ويعمل به، ويقف عند حدوده، ويتأدب بآدابه، ويعتبر بأمثاله وقصصه، ويتدبره حق التدبر[9].

 

أخلاقه صلى الله عليه وسلم خير الأخلاق، وشمائله أكرم الشمائل:

ومن عظيم أخلاقه صلى الله عليه وسلم ما ذكره ابن القيم - رحمه الله - بقوله: (ومما يُحمد عليه صلى الله عليه وسلم ما جبلَه الله عليه من مكارم الأخلاق وكرائم الشِّيَم؛ فإنَّ مَنْ نظَرَ في أخلاقه وشيمه صلى الله عليه وسلم علِمَ أنها خير أخلاق الخلق، وأكرم شمائل الخلق، فإنه صلى الله عليه وسلم كان أعلم الخلق، وأعظمهم أمانة، وأصدقهم حديثاً، وأحلمهم، وأجودهم وأسخاهم، وأشدهم احتمالاً، وأعظمهم عفواً ومغفرة، وكان لا يزيده شدة الجهل عليه إلاَّ حلماً، كما روى البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أنه قال - في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم - في التوراة: (واللهِ إنه لَمَوْصُوفٌ في التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ في الْقُرْآنِ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45]، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ أنتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، ليس بِفَظٍّ، ولا غَلِيظٍ، ولا سَخَّابٍ في الأَسْوَاقِ، ولا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللهُ حتى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَيَفْتَحُ بها أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا)[10]، وأرحم الخلق وأرأفهم بهم، وأعظم الخلق نفعاً لهم في دينهم ودنياهم، وأفصح خَلْق اللهِ وأحسنهم تعبيراً عن المعاني الكثيرة بالألفاظ الوجيزة الدالة على المراد، وأصبرهم في مواطن الصبر، وأصدقهم في مواطن اللقاء، وأوفاهم بالعهد والذِّمَّة، وأعظمهم مكافأة على الجميل بأضعافه، وأشدهم تواضعاً، وأعظمهم إيثاراً على نفسه، وأشد الخلق ذبًّا عن أصحابه، وحمايةً لهم، ودفاعاً عنهم، وأقوم الخلق بما يأمر به، وأتركهم لما ينهى عنه، وأوصل الخلق لِرَحِمِه، فهو أحق بقول القائل:

بَرْدٌ على الأدنى ومَرْحَمَةٌ *** وعلى الأعادي مارنٌ جَلْدُ)[11].

♦♦♦♦

صَلُّوا على ماجِدٍ جلَّت مآثِرُه
وأكثَر الخَلْقِ إفْضَالاً وإحْسَانا
أتى العبادَ وقد ضلَّتْ مَسَالِكُهم
فأوضَحَ الحقَّ تِبياناً وبُرهانا
وبيَّنَ الدِّين بالتَّذكير مُجتَهِداً
وأظْهََر الشَّرعَ أحكاماً وقُرآنا
وأنقذَ الخَلْقَ من نارِ السَّمومِ لَظَى
وأوْرَدَ الناسَ جناتٍ ورِضوانا
لا تَبْغِ طِيباً إذا ما كُنْتَ ذاكِرَهُ
ولا تُرِدْ بعدَه رَوحاً وريحانا
فيه الجِنانُ، وفِيه الحُسْنُ مُجتمِعٌ
والنُّبْلُ والظَّرفُ أشكالاً وألوانا
فالحمدُ لله إذْ كُنَّا له تَبَعاً
لقد تَفَضَّلَ بالخيراتِ مَولانا[12]

 



[1] تفسير الطبري، (29/ 18).

[2] التسهيل لعلوم التنزيل، للكلبي (4/ 137).

[3] التحرير والتنوير، (29/ 64-65). انظر في (المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حسن الخلق): موسوعة نظرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (5/ 1580-1583).

[4] رواه البخاري، (1/ 16)، (ح20).

[5] رواه البزار في (مسنده)، (2/ 476)، (ح8949)؛ والشهاب في (مسنده)، (2/ 192)، (ح736)؛ والبيهقي في (الكبرى)، (10/ 191)، (ح20571). وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة)، (1/ 112)، (ح45).

[6] رواه أحمد في (المسند)، (2/ 381)، (ح8939)؛ والبخاري في (التاريخ الكبير)، (7/ 188)، (ح835)؛ و(الأدب المفرد)، (ص104)، (ح273)؛ والحاكم في (المستدرك)، (2/ 670)، (ح4221) وقال: (صحيح على شرط مسلم) ووافقه الذهبي؛ وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد)، (8/ 188): (رجاله رجال الصحيح)، وصححه الألباني في (صحيح الأدب المفرد)، (ص118)، (ح207).

[7] انظر: تفسير القرطبي، (18/ 227).

[8] رواه مسلم، (1/ 513)، (ح746).

[9] انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، (6/ 26).

[10] رواه البخاري، (2/ 747)، (ح2018).

[11] جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمدٍ خيرِ الأنام، لابن القيم (ص 182، 183).

[12] بستان الواعظين ورياض السامعين، (ص288).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • خطب
  • مقالات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة