• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسريد. محمود بن أحمد الدوسري شعار موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسري
شبكة الألوكة / موقع د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات


علامة باركود

المساواة بين الرجل والمرأة في حق الحياة

 المساواة بين الرجل والمرأة في حق الحياة
د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 5/2/2019 ميلادي - 29/5/1440 هجري

الزيارات: 14019

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المساواة بين الرجل والمرأة في حق الحياة


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

الحياة هبة من الله سبحانه وتعالى، يمنحها لمَنْ شاء في أيِّ وقتٍ شاء، ويستردُّها ممَّنْ شاء في أيِّ وقتٍ شاء، وليس لأحد كائناً مَنْ كان أن يسلب الحياة عن أيِّ إنسانٍ دون سببٍ معتبر شرعاً، ومَنْ أقدم على ذلك، فهو معرِّض نفسَه لعقاب الله تعالى في الدُّنيا والآخرة.

 

ولا فرق بين الرَّجل والمرأة في حقِّ الحياة، فقد ضَمِنَ الله تعالى لها ما ضَمنَه للرَّجل من حُرمةِ نفسِها وحمايتها والحفاظ عليها، بل والعقاب الواقع على مَنْ تسَوِّل له نفسُه الاعتداء عليها.

 

ومن الآيات التي حرَّمت الاعتداء على حقِّ الحياة، قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ﴾ [الإسراء: 33]، ولفظ: ﴿ النَّفْس ﴾ هنا يشمل الذَّكر والأنثى [1].

 

وقد جعل الله تعالى الجزاءَ من جنس العمل في مسألة القتل العمد، فجعل القصاصَ عقاباً رادعاً لمَنْ أقدم على هذه الجريمة الشَّنعاء، فقال تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179]، والآية لم تُفرِّق بين المرأة والرَّجل في القصاص ممَّا يدلُّ على المساواة العادلة بين الرَّجل والمرأة في حقِّ الحياة.

 

كما اعتبر القرآن العظيم قَتْلَ النَّفس البشريَّة على اختلاف جنسها وعمرها جريمةً كبرى تُعادل قتل النَّاس جميعاً، وإحياءَها إحياءً للنَّاس جميعاً [2]، وذلك في قوله تعالى: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].

 

و«المقصود من تشبيه قتل النَّفس الواحدة بقتل النُّفوس: المبالغة في تعظيم أَمْرِ القَتْل العمد العدوان وتفخيم شأنه؛ يعني: كما أنَّ قَتْلَ كُلِّ الخَلْقِ أَمْرٌ مُستعظم عند كلِّ أحد، فكذلك يجب أن يكون قتلُ الإنسان الواحد مستعظماً مهيباً، فالمقصود مشاركتهما في الاستعظام، لا بيان مشاركتهما في مقدار الاستعظام، وكيف لا يكون مستعظماً، وقد قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]»[3].

 

ولقد كان بعضُ النَّاس في الجاهلية يفَرِّقون بين الرَّجل والمرأة، فيظهر على وجه أحدهم الامتعاض لولادة الأنثى، بل يتشاءمون لولادتها؛ لأجل ذلك حرَّم الإسلامُ وَأْد البنات الذي كان منتشراً في الجاهليَّة، فقال سبحانه واصفاً هذا الفعل الشَّنيع: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58-59].

 

«قال المفسِّرون: كان الرَّجل في الجاهلية إذا ظهر آثار الطَّلْق بامرأته توارى واختفى عن القوم إلى أن يعلم ما يولد له، فإنْ كان ذكراً ابتهجَ به، وإنْ كان أنثى حزن ولم يَظْهَر للنَّاس أياماً، يدبِّر فيها أنَّه ماذا يصنع بها؟»[4].

 

«وإذ قد فشا فيهم كراهية ولادة الأنثى، فقد نما في نفوسهم بُغْضها، فتحرَّكت فيها الخواطر الإجراميَّة، فالرَّجل يكره أن تولد له أنثى لذلك، وامرأته تكره أن تولد لها أنثى خشيةً من فراق زوجها إيَّاها، وقد يهجر الرَّجل امرأته إذا ولدت أنثى»[5].

 

«وهذا من جاهليَّتهم الجهلاء وظلمهم، إذْ يُعاملون المرأة معاملة مَنْ لو كانت ولادة الذُّكور باختيارها، ولماذا لا يحنق على نفسِه إذ يلقح امرأته بأنثى؟»[6].

 

وبسبب كراهيتهم ولادة البنات يقتلونها وهي حيَّة، ويوم القيامة تُسأل هذه الموءودة تبكيتاً وتقريعاً لقاتليها: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8-9].

 

«وفي توجيه السُّؤال إلى الموءودة: ﴿ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾؟ في ذلك الحَشْر، إدخالُ الرَّوع على مَنْ وَأَدَها، وَجَعْلُ سؤالِها عن تعيين ذنبٍ أوْجَب قتلَها؛ للتَّعريض بالتَّوبيخ والتَّخطئة للذي وَأَدَها، وليكون جوابُها شهادةً على مَنْ وَأَدَها، فيكون استحقاقه العقاب أشدَّ وأظهر»[7].

 

وقد وَصَفَ الله تعالى مَنْ قَتَل أولادَه - ذكوراً وإناثاً، أو قَتَل الإناثَ دون الذُّكور - وصفهم بالخسران المحقَّق في الدُّنيا والآخرة، وسمَّى فِعْلَهم سفهاً - وهو خفَّة العقل واضطرابه - ومع ذلك فهم ضالُّون غيرُ مهتدين؛ فقال تعالى: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمْ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 140].

 

«وَصَفَ فِعْلَهم بالخُسران؛ لأنَّ حقيقة الخسران نقصانُ مالِ التَّاجر، والتَّاجر قاصِدُ الرِّبح وهو الزِّيادة، فإذا خسر فقد باء بعكس ما عَمِل لأجلِه؛ ذلك أنَّ هؤلاء الذين قتلوا أولادهم قد طلبوا نَفْعَ أنفسهم بالتَّخلُّص من أضرارٍ في الدُّنيا مُحْتَمَل لحَاقُها بهم من جرَّاءِ بَناتِهم، فوقعوا في أضرارٍ مُحقَّقة في الدُّنيا وفي الآخرة، فإنَّ النَّسل نعمةٌ من الله على الوالدين يأنسون به، ويجدونه لكفاية مهمَّاتهم، ونعمةٌ على القبيلة تكثر وتعتزُّ، وعلى العالَم كلِّه بكثرة مَنْ يعمره، وبما ينتفع به النَّاس من مواهب النَّسل وصنائعه، ونعمةٌ على النَّسل نَفْسِه بما يناله من نعيم الحياة وملذَّاتها.

 

ولتلك الفوائد اقتضت حِكْمة الله إيجاد نظام التَّناسل، حفظاً للنَّوع، وتعميراً للعالَم، وإظهاراً لما في الإنسان من مواهبَ تنفعه وتنفع قومَه، على ما في عملهم من اعتداءٍ على حقِّ البنت الذي جعله الله لها، وهو حقُّ الحياة إلى انقضاء الأجل المقدَّر لها، وهو حقٌّ فطريٌّ لا يملكه الأب.

 

فلمَّا قَتَل بعضُ العرب بناتِهم بالوَأْد كانوا قد عطَّلوا مصالحَ عظيمةً محقَّقة، وارتكبوا به أضراراً حاصلة، من حيث أرادوا التَّخلُّص من أضرارٍ طفيفةٍ غير محقَّقة الوقوع، فلا جَرَمَ أنْ كانوا في فعلهم كالتَّاجر الذي أراد الرِّبح فباء بضياع أصل ماله، ولأجل ذلك سمَّى الله فعلَهم: سَفَهاً؛ لأن السَّفَه هو خِفَّة العقل واضطرابه، وفِعْلُهم ذلك سَفَهٌ مَحْض، وأيُّ سَفَهٍ أعظم من إضاعة مصالحَ جمَّة، وارتكاب أضرارٍ عظيمة، وجنايةٍ شنيعة، لأجل التَّخلُّص من أضرارٍ طفيفة، قد تَحْصُل وقد لا تَحْصُل؟»[8].

 

كما شدَّد القرآن العظيم النَّهي عن قتل الأولاد - ذكوراً وإناثاً - خشيةَ الفقر، فقال تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾ [الأنعام: 151]، وقال تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 31].

 

قال الرازي - رحمه الله - في معنى قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ ﴾: «وهذا لفظٌ عامٌّ للذُّكور والإناث، والمعنى: أنَّ الموجب للرَّحمة والشَّفقة هو كونه ولداً، وهذا المعنى وصف مشترك بين الذُّكور وبين الإناث، وأمَّا ما يُخاف من الفقر من البنت فقد يُخاف مِثْلُه في الذُّكور في حال الصِّغَر، وقد يُخاف أيضاً في العاجزين من البنين»[9].

 

«ومع كون الفقر لا يصلح أن يكون داعياً لقتل النَّفس، فقد بيَّن الله أنَّه لمَّا خَلَق الأولاد فقد قدَّر رزقهم، فمن الحماقة أنْ يَظُنَّ الأبُ أنَّ عَجْزَه عن رزقهم يخوِّله قتلَهم، وكان الأجدر به أن يَكْتَسِبَ لهم»[10].

 

وهكذا ساوى القرآن العظيم بين الذَّكر والأنثى في حقِّ الحياة مساواةً عادلة، وحرَّم التَّعدِّي على هذا الحقِّ، وجَعَلَه من أكبر الذُّنوب التي تُضادُّ تكريمَ الله تعالى للإنسان، على حين كان قانون (حمورابي) يُقرِّر: أنَّ مَنْ قَتَل بنتاً لرجلٍ كان عليه أن يُسلم ابنته إليه؛ ليقتلَها أو يمتلكَها، فجاء الإسلام ليقرِّر المساواة العادلة في الكرامة الإنسانيَّة بين المرأة والرَّجل، فحرَّم وَأْدَ البنات خوفَ العار، كما حرَّم قتل الصَّبي خشيةَ الفقر، وقرَّر الفقهاء: أنَّ الرَّجل يُقتل بقتل المرأة عمداً دون شُبهةٍ، كما يُقتل بقتل الرَّجل على مثلِ ذلك [11].



[1] انظر: المرأة بين الفقه والقانون (ص13-14).

[2] انظر: التحرير والتنوير (5/ 89).

[3] التفسير الكبير (11/ 168).

[4] المصدر نفسه (20/ 45).

[5] التحرير والتنوير (30/ 129).

[6] المصدر نفسه (13/ 148).

[7] المصدر نفسه (30/ 129).

[8] المصدر نفسه (7/ 85).

[9] التفسير الكبير (20/ 157).

[10] التحرير والتنوير (7/ 118).

[11] انظر: المرأة بين الفقه والقانون (ص17)؛ موقف القرآن الكريم من الدعوات المعاصرة لتحرير المرأة (ص39)؛ المرأة المسلمة (ص34).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • خطب
  • مقالات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة