• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسريد. محمود بن أحمد الدوسري شعار موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسري
شبكة الألوكة / موقع د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات


علامة باركود

جهود السلف في حفظ السنة النبوية

جهود السلف في حفظ السنة النبوية
د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 24/12/2018 ميلادي - 15/4/1440 هجري

الزيارات: 27391

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جهود السلف في حفظ السنة النبوية

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

من فضل الله تعالى على هذه الأمَّة أن هيَّأ لهذا الدِّين أئمة أعلاماً يُهتدى بهم في الليلة الظلماء، فرغم تتابع القرون، وتعاقب الأجيال، وكثرة الزنادقة والمفسدين، إلاَّ أنَّ الله تعالى حَفِظَ سُنَّةَ نبيِّه من التبديل والتحريف، وقد بَذَل أئمة الإسلام جهوداً عظيمة جداً في حِفْظِها ورعايتها، ووقفوا سدًّا منيعاً في وجوه الزنادقة والعابثين قديماً وحديثاً، وهذه منَّة جليلة على هذه الأمة، نحمد الله تعالى عليها حمداً كثيراً، وما يُقال إنَّ السنة النبوية نُقلت عن طريق الرواة المُعرَّضين للخطأ والنسيان، فهو مجرَّد ادِّعاء باطل، لا يقوم على دليل علمي صحيح[1].

 

بل إنَّ العكس هو الصحيح، فاعتماد الرواية لدى هذه الأُمَّة الأُمِّيَّة، والتي اشتهرت بها، وتميَّزت عن غيرها؛ لِفِطرتِها السليمة، وسَلِيقَتِها القويمة، وتَمَرُّسِها لطريق الرواية فترات طويلة؛ بها حَفِظوا أمجادَهم، ودَوَّنوا تُراثهم، ونَقَلُوا أشعارَهم لَدَليلٌ واضح على عناية الله تعالى بِسُنَّةِ نبيِّه الحبيب، وتكريمِ هذه الأمَّة، وفي ذلك يقول ابن الجوزي - رحمه الله: (ولِتَكْرِيمِ هذه الأُمَّة أسبابٌ هيَّأها الله عز وجل وأكرَمَها بها، منها: وفور العقل، وقوة الفهم، وجودة الذهن... ولِقُوَّة أذهانِ أُمَّتِنا قَدَرت على حِفظ القرآن، وقد كان مَنْ قَبْلَهم يقرأ كِتابه من الصُّحف... وفضائلُ أُمَّتِنا وما مُيِّزَت به كثير، إلاَّ أنَّ من أعْجَبِ ذلك حِفْظَ الله عز وجل لكتابنا عن التبديل، قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]. فما يُمكن تبديلُ كلمةٍ منه، وقد بُدِّلت الكتبُ قبلَه، ومن ذلك أنَّ سُنَّة نبيِّنا مأثورةٌ ينقلها خلفٌ عن سلف، ولم يكن هذا لأحدٍ من الأمم قبلها.

 

ولَمَّا لم يكن لأحدٍ أنْ يُدخل في القرآنِ شيئاً ليس منه، أخذ أقوام يزيدون في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُنقصون ويُبدلون، ويَضَعون عليه ما لم يقل، فأنشأ الله عز وجل علماءَ يذبُّون عن النقل، ويوضِّحون الصحيح، ويفضحون القبيح، وما يُخْلِي الله عز وجل منهم عصراً من العصور...

 

عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَحْرِيفَ الْغَالِينَ)[2] )[3].

 

وقال ابن تيمية - رحمه الله: (لمَّا كان القرآن متميِّزاً بنفسه لِمَا خصَّه الله به من الإعجاز الذي باين به كلام الناس كما قال تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]، وكان منقولاً بالتواتر، لم يطمع أحد في تغيير شيء من ألفاظه وحروفه، ولكن طمع الشيطان أنْ يُدخل التحريفَ والتبديلَ في معانيه بالتغيير والتأويل، وطمع أنْ يُدخل في الأحاديث من النقص والازدياد ما يضل به بعض العباد، فأقام اللهُ تعالى الجهابذةَ النُّقاد أهلَ الهديِ والسَّداد فدحروا حزبَ الشيطان، وفرَّقوا بين الحق من البهتان، وانتُدِبوا لحفظ السُّنة ومعاني القرآن من الزيادة في ذلك والنقصان)[4].

 

نماذج من قوة حفظهم وضبطهم للحديث:

كان اهتمام السلف الصالح بحفظ الحديث وضبطه اهتماماً بالغاً؛ حتى أنهم جعلوا ذلك من شروط الرواية، كما قال عبد الرحمن بن مهدي - رحمه الله: (يحرم على الرجل أنْ يروِيَ حديثاً في أمر الدِّين حتى يُتقِنَه ويَحفظَه كالآية من القرآن، وكاسم الرجل، والمستحب له أن يورد الأحاديث بألفاظها؛ لأن ذلك أسلم له)[5].

 

ورغم كثرة محفوظات أئمة الحديث وتنوعها، إلاَّ أنهم تميزوا بقوة الحافظة، والرعاية الشديدة لمحفوظاتهم، وأتوا بما يبهر ويُعجز، ومن أشهر الأمثلة في ذلك:

1- قوة حفظ الإمام الزهري:

اشتهر الإمام الزهري - رحمه الله - بقوة حفظه وغزارته، حيث اجتمع له ما لم يجتمع لغيره، وهاهو يقول عن نفسه: (ما استعدْتُ حديثاً قطُّ، ولا شككتُ في حديثٍ إلاَّ حديثاً واحداً، فسألتُ صاحبي فإذا هو كما حفظتُ)[6].

 

2- قوة حفظ قتادة بن دعامة:

قال الإمام أحمد - رحمه الله -: (كان قتادةُ أحفظَ أهل البصرة، لا يسمعُ شيئاً إلاَّ حفظه، قُرِئَ عليه صحيفة جابرٍ مرةً واحدة فحَفِظَها)[7].

 

وقال معمر - رحمه الله -: (رأيتُ قتادةَ قال لسعيد بن أبي عَرُوبَة: أمسكْ على المُصحف، فقرأ البقرة فلم يخطئ حرفاً، فقال: يا أبا النضر! لأنا لصحيفة جابرٍ أحفظُ مني لسورة البقرة)[8].

 

ويقول قتادة - رحمه الله - عن نفسه: (ما قلتُ لِمُحَدِّثٍ قطُّ أَعِدْ عليَّ، وما سَمِعَتْ أُذناي شيئاً إلاَّ وعاه قلبي)[9].

 

3- قوة حفظ الإمام أحمد:

لا أحد يشك في قوة حفظ الإمام أحمد - رحمه الله - وإتقانه، على كثرة محفوظاته، يقول علي بن المديني - رحمه الله: (ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عبد الله أحمد بن حنبل)[10].

 

ومن شدة إتقانه وقوة ذاكرته ما قاله ابنه عبد الله: (قال لي أبي: خذْ أيَّ كتابٍ شئتَ من كتب وكيع. فإنْ شئتَ أنْ تسألني عن الكلام حتى أخبرك بالإسناد، وإنْ شئتَ بالإسناد، حتى أخبرك عن الكلام)[11].

 

4- قوة حفظ الإمام البخاري:

قال محمد بن أبي حاتم - رحمه الله: (قلت لأبي عبد الله: كيف كان بدءُ أمرك في طلب الحديث؟ قال: ألهمتُ حِفْظَ الحديث وأنا في الكُتَّاب. قال: وكم أتى عليك إذ ذاك؟ قال: عشر سنين أو أقل، ثم خرجتُ من الكُتَّاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره، وقال يوماً فيما كان يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم، فقلتُ له: يا أبا فلان! إنَّ أبا الزبير لم يروِ عن إبراهيم، فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل إنْ كان عندك، فدخل ونظر فيه، ثم خرج، وقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم، فأخذ القلمَ مني وأحْكَمَ كتابَه، فقال: صدقتَ، فقال له بعض أصحابه: ابنُ كمْ كنتَ إذْ رددتَ عليه؟ قال: ابنُ إحدى عشرة)[12].

 

وهذه القوَّة الحافظة التي مَنَحَها الله تعالى لأهل الحديث هي كرامةٌ من الكرامات، وهبةٌ من ربِّ الأرض والسماوات؛ لِحِفظِ دينه، وسُنَّةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وليس فيها ما يدعو إلى العَجَب، وليس فيها ما يوحي بالشَّك أو الحذر؛ إذْ إنَّ الله سبحانه تكفَّل بحفظِ دينه، فهيَّأ الأسبابَ المؤدِّية والموصِلة إلى ذلك، ومن هذه الأسباب قوة الحفظ التي منحها لأهل هذه الصِّفَة المباركة، والواقع يشهد على قدرة العقل البشري وإمكاناته الهائلة التي منحه الله إيَّاها، فكم في عصرنا من طفلٍ حَفِظَ كتابَ الله، وآلافَ الأحاديث بأسانيدها، واستوعَبَها كاملةً غيرَ منقوصة، ما يجعل ما يُروى عن السلف الصالح في هذا الشأن يدخل في دائرة الممكن عقلاً، والمتحقِّق فِعلاً.



[1] انظر: جهود الأئمة في حفظ السنة، (ص15)؛ اهتمام المحدثين ومنهجهم في حفظ السنة النبوية، د. عبد العزيز بن أحمد الجاسم، مجلة البحوث الإسلامية، (عدد: 67)، (1423هـ)، (ص257).

[2] رواه البيهقي في (الكبرى)، (10/ 209)، (ح21439). وصححه الألباني في (مشكاة المصابيح)، (1/ 53)، (ح248).

[3] الموضوعات، (1/ 10، 11).

[4] مجموع الفتاوى، (1/ 7).

[5] الكفاية في علم الرواية، (ص167).

[6] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، (2/ 253)، (رقم1767)؛ سير أعلام النبلاء،   (5/ 344).

[7] سير أعلام النبلاء، (5/ 276)؛ تذكرة الحفاظ، (1/ 123).

[8] التاريخ الكبير، للبخاري (7/ 186)؛ حلية الأولياء، لأبي نعيم (2/ 334).

[9] تهذيب الكمال، للمزي (23/ 512)؛ تذكرة الحفاظ، (1/ 123).

[10] الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (1/ 295)؛ حلية الأولياء، (9/ 165).

[11] تاريخ الإسلام، للذهبي (18/ 68)؛ طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي (2/ 28).

[12] تاريخ بغداد، (2/ 7)؛ تاريخ دمشق، (52/ 57).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • خطب
  • مقالات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة