• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسريد. محمود بن أحمد الدوسري شعار موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسري
شبكة الألوكة / موقع د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات


علامة باركود

السمر الفاحش

د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 12/4/2018 ميلادي - 26/7/1439 هجري

الزيارات: 9970

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

السَّمَرُ الفاحِش

 

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:

كان من مظاهر هجر القرآن الكريم، والتَّصدِّي له من قِبَل المُعانِدين والكفَّار، تعريضُهم به، وفُحْشُهم في حقِّه، في مجالس سَمَرِهم ومواطِنِ تجمُّعهم، وقد صوَّر الله تعالى ذلك المَشْهَدَ الذي يجتمعون فيه ليلاً للسَّمر، ومادَّةُ السَّمر إنَّما كانت بهجر القولِ في القرآن، ونَعْتِه بما لا يليق به، فذكَّرَهم ربُّهم بهذا المَشْهَدِ وهم في مَشْهَدٍ مُغايِرٍ، حيث العذاب المهين.

 

قال الله تعالى:﴿ قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 66-67].

 

لمَّا بيَّن تبارك وتعالى أنَّ المُتْرفين من الكفار إذا أُخذوا بالعذاب ضجُّوا وصاحوا واستغاثوا، وبيَّن أنهم لا يُغاثون، بيَّن سببَ ذلك كلِّه: أنَّ آيات كتاب الله كانت تُتلى وتُقرأ عليهم في الدُّنيا، واضحة مُفصَّلة، فكانوا يكذِّبون بها.

 

بل رجعوا عنها القهقرى، مُوَلِّين مدبرين عنها، كراهيةً منهم لسماعها. والعَقِب: مؤخَّر القدم. والنُّكوص: الرُّجوع عن الأمر[1]. ومنه قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ ﴾ [الأنفال: 48].

فهذا هو حال الإنسان إذا لم يؤمن بالقرآن، أنَّه يتراجع القهقرى إلى الخلف؛ وذلك لأنَّه باتِّباعه للقرآن العظيم يتقدَّم إلى الأمام، وإذا أعرض عنه تأخَّر، ونزل إلى أسفل سافلين[2].

 

فبدل أن يمشي إلى الأمام - كما خلقه الله تعالى - إذا به يمشي للخلف على عَقِبه، وكأنَّه أُخِذ أَخْذاً غَيَّر عنده دولاب سيره؛ لأنه عَمِيَ عن أسباب هدايته، فصار يتخبَّط في متاهات الحياة على غير هدى، كمن يسير بظهره لا يعرف مواقع قدميه[3].

 

وقد بيَّن الله تعالى - في موضع آخر من القرآن - أنَّ هؤلاء الكفار إذا تتلى عليهم آياته لم يقتصروا على النُّكوص عنها على أعقابهم، بل يكادون يبطشون بالذي يتلوها عليهم؛ لشدَّة بُغضهم لها، وذلك في قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ﴾ [الحج: 72].

* وسبب كفرهم بالقرآن: هو استكبارهم، ولذا قال الله تعالى: ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 67]؛ ولأنَّه يُذَكِّرهم بعيوبهم أيضاً.

فقوله: ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ ﴾ منصوب على الحال.

والضَّمير في: ﴿ بِهِ ﴾ «قال الجمهور[4]: هو عائد على الحرم، أو المسجد، أو البلد الذي هو مكَّة، وإن لم يتقدَّم له ذكر لشهرته في الأمر؛ أي يقولون: نحن أهل الحرم فلا نخاف. وقيل: المعنى: أنَّهم يعتقدون في نفوسهم أنَّ لهم بالمسجد والحرم أعظمَ الحقوق على النَّاس والمنازل، فيستكبرون لذلك، وليس الاستكبار من الحق.

وقالت فِرقةٌ: الضَّمير عائد على القرآن من حيث ذُكِرَتْ الآيات؛ والمعنى: يُحْدِث لكم سماع آياتي كِبْراً وطغياناً فلا تؤمنوا به. قال ابن عطيَّة[5]: «وهذا قول جيد»[6].

و«قال الزَّجاج - رحمه الله: ويجوز أن تكون الهاء في ﴿ بِهِ ﴾ للكتاب، فيكون المعنى: تُحدِث لكم تلاوتُه عليكم استكباراً»[7].

 

* وقوله: ﴿ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ﴾[8] منصوب على الحال، معناه: تَهْجُرون سُمَّاراً، فالسَّامر هنا بمعنى السُّمَّار، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} [الحج: 5]. أي: أطفالاً.

فالسُّمَّار: هم الجماعة الذين يتحدَّثون باللَّيل، مأخوذ من السَّمَر، وهو: ظِلُّ القمر؛ ومنه سُمرة اللَّون. وكانوا يتحدَّثون حول الكعبة في سَمَر القمر؛ فسمِّي التَّحدُّث به.

إذاً كانت قريش تسمُرُ حول الكعبة مجالس في أباطيلها وكفرها، فعابهم الله بذلك[9]. «وكان عامَّةُ سَمَرِهم ذِكْرَ القرآن والطَّعن فيه»[10]، وتسميته سحراً وشعراً ونحو ذلك.

 

وفي قوله: ﴿ تَهْجُرُونَ ﴾ قراءتان[11]:

الأُولى: قراءة نافع: ﴿ تُهْجِرُونَ ﴾: بضمِّ التَّاء. بمعنى: تُفحِشون في الكلام، وتقولون الخَنا. يقال: أهْجَرَ الرَّجل: إذا أفحَشَ في القول.

 

الثانية: قراءة الباقين: ﴿ تَهْجُرُونَ ﴾. بفتح التَّاء. ولها وجهان في توجيهها:

الأول: ﴿ تَهْجُرُونَ ﴾ بمعنى: تُعرِضون عن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم، أو القرآن، أو البيت.

الثاني: ﴿ تَهْجُرُونَ ﴾ بمعنى: تَهْذُون، من الهَذَيان، والكلام بما لا معنى له، ولا فائدةَ منه[12].

 

قال ابن جرير رحمه الله: «وأَولى القراءتين بالصَّواب في ذلك عندنا، القراءة التي عليها قُرَّاء الأمصار، وهي فتح التَّاء وضمُّ الجيم؛ لإجماع الحُجَّة من القرَّاء»[13].

«ولقد كانوا يُطلقون ألسنتهم بهجر القول وفُحشه في مجالسهم؛ وهم يتحلَّقون حول الأصنام في سامرهم بالكعبة. فها هو ذا القرآن يرسم لهم مشهد حسابهم على ما هم فيه؛ وهم يجأرون طالبين الغوث، فيذكِّرهم بسمرهم الفاحش، وهجرهم القبيح، وكأنَّما هو واقع اللَّحظة، وهم يشهدونه ويعيشون فيه! وذلك على طريقة القرآن الكريم في رسم مشاهد القيامة كأنَّها واقعٌ مشهود»[14] وذلك في قوله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ * لاَ تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لاَ تُنصَرُونَ ﴾ [المؤمنون: 64-65].

 



[1] انظر: أضواء البيان (5/799).

[2] انظر: تفسير السعدي (3/364).

[3] انظر: تفسير الشعراوي (16/10081).

[4] أي: جمهور المفسرين. وانظر: تفسير الشوكاني (3/703).

[5] انظر: المحرر الوجيز (11/242).

[6] تفسير القرطبي (12/143).

[7] زاد المسير (5/350).

[8] * قرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو العالية، وابن محيصن: {سُمَّراً} بضم السين، وتشديد الميم وفتحها، جمع سامر. * وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء، وعاصم الجحدري: {سُمّاراً} برفع السين، وتشديد الميم، وألف بعدها. انظر: زاد المسير (5/305).

[9] انظر: تفسير القرطبي (12/143-144).

[10] تفسير الشوكاني (3/703).

[11] انظر: البدور الزَّاهرة في القراءات العشر المتواترة (ص223).

[12] انظر: تفسير الطبري (10/52-53).

[13] المصدر نفسه (10/53).

[14] الظلال (4/2473-2474).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • خطب
  • مقالات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة