• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

طالب لا كالطلاب (قصة قصيرة من الواقع)

طالب لا كالطلاب (قصة قصيرة من الواقع)
عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت


تاريخ الإضافة: 18/7/2022 ميلادي - 19/12/1443 هجري

الزيارات: 5344

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

طالبٌ لاَ كَالطُّلابِ

(قصة قصيرة من الواقع)

 

عينُه تارة على ورقتِه، وطورًا على بقية الطُلاب، مُراقب أكثر من المُراقبين، يدق بِقلمه على الطاولة دقَّات متتابعاتٍ إذا سمع حسًّا أو رأى غشًا، متجاوزًا صلاحيته إلى صلاحية غيره.

 

قُدِّر لي أن أكونَ ضِمن المُستعان بهم في الحراسة الجامعية للامتحانات - حيث يستعان بطلبة سلك الدكتوراه - ومعهم أستاذ رسمي، له كلمة الفصل، وبقية الطلبة تبعٌ له، نحن الآن في حِراسة طلاب مادة التاريخ والحضارة، وهي المادة التي يكثر فيها الغش ضمن بقايا اعتقادات قديمة ورثناها، وقلت في نفسي: "هؤلاء طلابٌ لهم من النضج ما يكفي للامتناع عن الغش! ثم إنهم طلابُ تاريخ وحضارة، معهم نُحيي آمال تاريخنا وحضارتنا في أن من غشَّ ليس منَّا، كما قال حَبيبنا صلى الله عليه وسلم.

 

الكلُّ مُنهمكٌ في ورقته، يكتُب أجوبَته، فإذا به يقوم غضبانَ قائلًا: ليشتغل كل واحد في ورقتهِ، والكل ينبغي أن ينجح باستحقاق.

 

هدأنا من روعه، سألناه: ما الأمر؟ أخبرنا بأن البارحة هناك تسَيُّب، ولا ينبغي لهذا الوضع الاستمرار، هدأت من روعه..

 

وقلت: أن الكل سينضبط، وتدخل الأستاذ الرئيس، ليشرح للبقية أن الطالب محقٌّ في كلامه، ووجب عليهم الإبانة عن نُضجهم ووعيهم.

 

تدخل بعض عناصِر الغش وأركانه - عَرفنا هذا فيما بعد - اتركونا نشتغل، ولا تشوشوا علينا؟ ومن ضاق عليه الأمر فليدفع ورقته ولينصرف!.

 

هدأناه هو الآخر، وليس لنا سِوى المُهدئات والمُسكنات إلى حِين.

 

اشتغل الكل في هدوء، وتدخل الأستاذ الرئيس مهددًا ومتوعدًا بتطبيق القانون، فسكنَت الأمور.

 

سَاورتني أسئلة وأنا أسمع صَرير الأقلام، أين التاريخ؟ وأين الحضارة؟ هل هذه السراويل الممزقة للطلاب ورُكبهم تبدو ظاهرة للعِيان هي التاريخ والحضارة؟ وهل لبسُ القبَّعات واستدارتها للخَلف تاريخ وحضارة؟ ولا أنسى أحدهم أومأ إليه الأستاذ بنزع قبَّعته لكنَّه لم يفهم! وطلب منه آخر باللفظ الصريح لنزعها حتى ينعم بالهواء، فأجاب: لا مشكلة أنا أنعَمُ بالهواء!

 

قلت لابدَّ من تجربتي دوري، تركته حتى نسي الأمر وهمَست في أذنه: ألا يجدر بك أن تحترم معلميك وأساتذتك؟

 

قال: أنا أحترمهم.

 

قلت: وهل استدارة القبعة للخلف احترام؟!

 

ردَّ عليَّ عمليًّا ونزع قبعته، وأومأ برأسه، ونطق بلسانه: معك حق.

 

أشار طالبُنا المُراقب (غير الرسمي) إلى الأستاذ الرئيس بأن أحد الطلبة لديه ورقةٌ في جَيبه، وفعلًا كانت ظاهرةً للعيان فسَحبها الأستاذ في صمت، ثم بعد فترة أشارَ إليَّ بأن نفس الطالب يجلس على ورقة أخرى..

 

قلت: لله درُّ هذا الطالب أتعَبنا في الحق!

 

كنت أتحينُ الفرصةَ لانحناءة الطالب لنزع فتيل الأزمة التي قد تنشب - لا سمح الله - إذا لم تنزع الورقة، وفعلًا في غفلة منه وانحناءةٍ نزعت الورقة، وسلَّمتها للأستاذ الرئيس، وقال: هذا لا حياءَ له، لابد من إجراء مَا، ما رأيك؟ الرأي ما ترى، واحتفظَ بأدلة الغش.

 

صاحِبنا صاحب مبدأ، وصَرامة، كنا نسترقُ النظر إليه تارةً، فيما إذا عثر على أحد الغشاشين ليرشدنا إليه، وما ذاك إلا خوف ثورته على الظلم! إذا عجز القائمين على إزالته.

 

قلت: هذا طالب عزَّ نضيره، قد أحيا فينا رُوح المسؤولية!

 

أمسكتُ به عند خروجه - وورقته فارغة - قلت: ما بالُ الورقة؟ قال: أدفعها خاوية ولا أغش؟! لله دَرك.. أمثالُك قلَّة.

 

قلت: أنت ينبغي أن تحرس مَعنا؟ أجاب: إن شاء الله يا أستاذ وهو يسترق الضحك.

 

قلت: ومن الذي حَملك على عدمِ الاشتغال على ورقتك وترك أمر المراقبة لأهلِه؟

 

قال: تكافؤ الفرص يا أستاذ، هل يُعقل أن طالب يجد ويجتهد وآخر يغش فيحصل على نقطة أفضل منه؟

 

قلت: كلامُك في منتهى المنطق والعقل.

 

قال: يجب عليكم أن تقوموا معه بإجراء حتى يرتَدع؟ وخرجَ بعد تلقين الدرس لأسَاتذته! عجيبٌ أمر هذا الطالب، ما أصعبَ الحق في زمان الهرج والمرج!

 

نادَاني أحد الطلبة: ما معنى الأنثروبولوجيا يا أستاذ؟ هل يُعقل ان أحرسَك وتطلب مني أن أجيبك؟! سكَن وسَكت.

 

ضُبطت طالبةٌ أخرى ومعها دليل الغش.

 

جاء الطالبان المضبوطان يشفَعان، تذكرتُ قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ﴾ [النساء: 85]، رفضت في باطني هذه الشفاعة، وأحلتُ على الأستاذ الرئيس.

 

ما رأيكم في هذه الشَّفاعة؟ وما رأيكم في الطَّالب الذي بُعث من الزمن الغابر؟ وما رأيكم في زُمرة الغشاشين؟ وأي إجراء تقترحون؟ وأي وزرٍ نتحمَّل إذا قمنا بالواجب وغيرنا أعمش العين كأنه لم يرى شيئًا.

 

أما نحن فقد قُمنا بما يلزم، لكي نبنِي حضَارتنا وتاريخنَا من جديد على أسُسٍ سَليمة، نقضي به على كل فساد، ونرجو كلَّ صلاح، ولا عزاءَ للغشاشين!.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة