• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

التدوير في الشعر .. دراسة في النحو والمعني والإيقاع (5)

التدوير في الشعر .. دراسة في النحو والمعني والإيقاع (5)
أ. د. أحمد كشك


تاريخ الإضافة: 13/7/2013 ميلادي - 6/9/1434 هجري

الزيارات: 10292

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلاقات التي تَنأى عن التَّدْوير

أولاً: التَّصريع والتقفية

التدوير في الشعر .. دراسة في النحو والمعني و الإيقاع (5)

 

إذا كان التَّدْوير عبارةً عن انسياح الشَّطر الأول في الشَّطر الثاني إنشادًا، فإنَّ هناك جملةَ ظواهرَ إيقاعيَّةٍ تنأى عن هذا التصوُّر وتجافيه، مِن هذه الظواهر:

1- التَّصريع والتقفية:

يوضِّحان القِسمة الشَّطريَّة تمامًا ويمنعان المُنشِد من إحداث تداخُل نُطقي بين قِسمي البيت، وإليهما يتَّجه الشَّاعِر قاصدًا ما يُحدثِان من نغَم؛ لأنهما من المكونات الإيقاعيَّة لمطالِع كثيرٍ مِن قصائد الشِّعر العربي.

 

والتَّصريع هو ما كانت عَروض البيت فيه تابعةً لضَربه تَنقُص بنَقصه وتَزيد بزيادته كما يقول ابن رشيق في "العمدة". فمِن الزِّيادة التي أحْدثتِ الموازنةَ التَّامَّة بين إيقاع الشَّطرين قول امرئ القيس:

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَعِرْفَانِ
وَرَسْمٍ عَفَتْ آياتُهُ مُنْذُ أَزْمَانِ

 

فقد جاءتْ نهاية الشَّطر الأول وهي المسماة بالعَروض "مفاعيلن" موافقةً لحقِّ نهاية الشَّطر الثاني المُسمَّى بالضَّرْبِ، وحَقُّ عَروض الطَّويل بعيدًا عن التَّصريع أن تكون مفاعِلن لا مفاعيلن؛ ومِن هنا فقد خَرجتِ العَروضُ عن مسارها المرسوم لها لإِحداث مساواةٍ بين الشَّطرين ليس في الكَمِّ فقط وإنما في الكَمِّ والكَيف معًا، فعَروض امرئ القيس أوجدتْ قافيةً ثنائيَّةَ المقاطِع هي "فا - ني" فيها من حروف القافية رِدْف ورَوِّي ووصْل وهي أصوات جرَتْ في العَروض كما جرتْ في الضَّرب؛ أي أن القافية "ما - ني" ثنائيَّةُ المقاطع أيضًا[1].

 

مِن هذه المقابلة الكَمِّية والكَيفيَّة ينتفي التَّدْوير حيث الاستقلال مطلَب ينفي أمر الاتصال.

 

ومِن النقصان قول امرئ القيس أيضًا:

لِمَنْ طَلَلٌ أَبْصَرْتُهُ فَشَجاني
كَخَطِّ زَبُورٍ في عَسِيبِ يَمَانِي

 

فالعَروض وافقتِ الضَّرب كمًّا وكيفًا؛ أي وزنًا وقافية؛ وهي بميزان الطَّويل مِن البحور ناقصة؛ لأنها حين جاءت "مفاعي" فقد قلَّت عن "مفاعلن" التي هي أساس العروض.

 

والتقفية - وهي قَرين تصوُّر التَّصريع في عدَم اتِّصال الشَّطرين إنشادًا - يتساوى فيها الجزءان مِن غير نَقص أو زيادة فلا يَتبع العَروض الضَّرْب في شيء إلا في السَّجْعِ خاصَّةً كما يَرى ابن رشيق[2]، وقد خانه الكلام في التَّعبير عن المماثَلة هنا بالسَّجع؛ لأن العلاقة بين الشَّطرين ليست عَلاقةَ منثور بمنثور وإنما علاقة موزون بموزون. ومثال الموازنة بين الشَّطرين تَقْفيَةُ قول امرئ القيس:

قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكْرى حَبيبٍ وَمَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّوى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَومَلِ

 

فالاتِّساق لم يَخرج بالعَروض "ومنزلي" مفاعلن عَن سياقها المفترَض في بناءِ القَصيدة كلِّها.

 

وقَدْ أَسهبَ ابنُ رشيقٍ في الحديث عن ظاهِرَةِ التَّصريع مُبيِّنًا أنَّ سببها "مبادَرة الشَّاعِر القافية ليعلم في أول وَهْلةٍ أنه أخذ في كلام موزون غير منثور"[3]. وهذا معناه أن التقسيم الإِيقاعيَّ مع التَّصريع مَطلبٌ لأن الوَصْلَ الإِنشادي الآتي مِن التَّدْوير يوحي باتجاه الموزون إلى النثر أكثر مِن اتجاهه إلى الشِّعر.

 

ويَرى ابن رشيق أن التَّصريع وإنْ خصَّ المطالع فقد ورَد أحيانًا في داخل القصيدة وجاء وُرودُه موحيًا بانتقال الشَّاعِر من قصَّة إلى قصَّة، وفي غير هذا الإِيحاء عند وُرودِه الداخليِّ تكلُّفًا، وقد حَسِبَ أنَّ كثرتَه في غير موضعها أيضًا من باب التكلُّف، وقد استُثني مِن هذا التكلُّف ما ورَدَ مِن استخدام المتقدِّمين له، وقدْ جاءَ بأبياتٍ لامرئ القيس تَدخُل تحتَ باب الاستثناءِ يقولُ فيها:

تَرُوحُ مِنَ الحَيِّ أَمْ تَبْتَكِرْ

وَماذا عَلَيكَ بِأَنْ تَنْتَظِرْ

أَمَرْخٌ خِيامُهُمُ أَمْ عَشِرْ

أَمِ القَلْبُ في إِثْرِهِمْ مُنْحَدِرْ

وَشاقَكَ بَيْنَ الخَلِيطِ الشَّطر

وَفِيمَنْ أَقامَ مِنَ الحَيِّ هِرْ

 

فوالَى كما يقول ابن رشيق[4] بين ثلاثة أبيات مصرَّعَة في القصيدة.

 

والأبْيات السَّابقة كما أرَى مِن المُتقارِب الذي يَنوءُ إيقاعه بكثرة استخدام "فعول" عَروضًا، والتي في وُرودِها عَروضًا إيحاء بالاتصال، وهي تتَبادل في موقِع العَروض مع "فعو" المكان؛ ولأنَّ التَّصريع بنفْي الاتصال ويطلب القَطْع ويَحرص على الموازنة التامة مع الضَّربِ؛ فإن فعول لم يَعُدْ لها وُرودٌ مع الأبيات المصرَّعة من بحر المُتقارِب.

 

وقد حاول ابن رشيق في كلامه عن التَّصريع أن يُبيِّن مَذاق الشِّعراء في استخدام هذه الظاهرة مُتتبِّعًا بعض الشِّعراءَ قائلاً في بعضهم: "وأكثر شِعر ذي الرُّمَّة غير مُصرَّع الأوائل، وهو مَذْهَبُ الكثير من الفُحول وإن لَمْ يُعَدَّ منهم لِقِلَّةِ تَصرُّفِه، إلا أنهم جعلوا التَّصريع في مُهمَّات القصائد فيما يتأهَّبون له مِنَ الشِّعر، فدلَّ ذلك على فَضْلِ التَّصريع"[5]. من هنا يَبدُو أنَّ التَّصريع بوصفه ظاهرة إيقاعيَّة منافٍ ومجافٍ لحق التَّدْوير ففي.. التَّصريع إفصاحٌ عَنْ نغَمِ الشَّطر الأول كي يكون صَدى يَتردَّدُ مُوازيًا الصَّدى الذي يُحْدِثُه نَغَمُ الشَّطر الثاني، والتَّدْوير ضَياعٌ لهذا الإِفصاح، وقَدْ ورَدَ التَّدْوير في مَطلَع القصائدِ كما في قَولِ أبي العَلاء:

"إِنْ شِئْتَ كُلُّ الخَيْرِ يُجمَعُ في الأُلَى فَبِتْ كالصَّارِمِ الفَرْدِ" مُوحيًا باتِّصال يَنْفي سَكْتةَ العَروض ويُظهر المخالفة التّامَّة بين التَّصريع وبَينه؛ وكأنَّه في مُقابِل التَّصريع يَدُل على أنَّ الهدَف مِن وُرودِه دِلاليٌّ أكثر مِن كَونه إيقاعيًّا، وأن هدف التَّصريع إيقاعيٌّ في المقام الأول، وهذا مُؤدّاه أنَّ غايةَ التَّدْوير الإيقاعيَّة غايةٌ دِلاليَّةٌ.

 

ومَعَ تصرُّف أبي العَلاء السابق حِين دوَّر في المَطلَع فإنَّ ابن زَيدون قد أوجَد عَن غير قَصدٍ تَدْويرا في مَطلَع لدَيه وُضع في نِطاق احتمال التَّصريع حِين قال[6]:

أَحَمِدْتَ عاقِبَةَ الدَّواءِ
ونِلْتَ عافِيَةَ الشِّتاءِ؟

 

ولأنَّ الرويَّ مَجرور والبيت مِن مجزوء الكامل؛ فإنَّ المطلَع أَوهَم التردُّد بَين التَّصريع والتَّدْوير وبينهما مِن التَّخالُف ما بينهما؛ ومِن هنا فلَنْ يُغَرَّ القارئ بالتَّصريع مِن خِلال وضْع كلمة "الدواء" في مقابل "الشتاء"؛ لأنَّ حدَّ وزْن الكامل سوف يَضيع حَيثُ لم يُعهد وُرودُه عَروضًا ولا ضَربًا ولا داخل الوَزن على نحو "مفاعلن"؛ ولهذا فلا اكتمال لِوزنٍ إلا بالتَّدْوير. فماذا أراد ابنُ زَيدون بصياغته البيتَ على هذا النحو؟

 

هَل أراد إحداثَ تلاعُب إيقاعيٌّ بَين نَقيضَين في مَطلَع قصيدته، أو أنَّ الوارد عَفْو الخاطر دُون قَصد أو حدَس؟ مَسألَة مَسارُها في إحساس ابن زَيدون ولن يُجيبَ عَنها إلا دِراسَة مُتأنِّيَةٌ للجانب الإِيقاعيِّ عِند ابن زَيدون، وفي نِطاقِ التَّصريعِ الموجود في مَطلَع القصائد غالبًا ظاهرة تنافيه هي ظاهِرة الخَرم الذي يَهدِف إلى كَسرِ حِدَّةِ التوقُّع في المطلَع وإحداثِ المفاجأة[7]، على حين أنَّ التَّصريع ارتكاز على بيان حقِّ البَيت وحقِّ الوزْن مِن أوَّل مَدخَل. يَقول حازِم في ذلك: "فإنَّ للتصريع في أوائِل القصائد طِلاوةً وموقعًا مِنَ النفْس لاستدلالها بِها على قافِيَة القصيدة قَبلَ الانتهاء إليها ولمناسبةٍ تَحصُل لها بازدواج صِيغتَي العَروض والضَّرب وتَماثُل مَقطعها لا يَحصُل لها دون ذلك وقد قال حَبيب:

وتَقفُو إلى الجَدوَى بِجَدْوى وَإِنَّما
يَرُوقُكَ بَيتُ الشِّعرحِينَ يُصرَّعُ[8]

 

ومع كَون التَّصريع مُنافيًا للتَدْوير ففي ظنِّي أنَّ الخَرْم أَيضًا يَقلُّ وُرودُه مع التَّدْوير.



[1] في حدود تصور المقطع فإن المقطع الذي يتكون من صوت واحد كالضاد في كلمة ضَرب سوف يرمز له بـ "ص ح"، والمقطع الذي يتكون من صامت بعده حرف مد يرمز له بـ "ص ح ح" كالمقطع "عا" من كلمة "عالم". والمقطع الذي يتكون من صامت فحركة فصامت يرمز له بـ "ص ح ص" كالمقطع "مُسْ" من كلمة (مسلم).

[2] "العمدة" (1/ 173).

[3] السابق (1/174).

[4] السابق (1/175).

[5] "العمدة" (1/ 176)، ومما دَلَّت عليه إحصائيَّتُنا محور الدراسة على سبيل المثال أن شاعرًا كالمتنبي حفَلتْ مَطالِع قَصائِدِهِ بالتَّصريع، وقد صرَّع داخِليًّا تِسْعَ مرّاتٍ في قصائدَ مِنَ الكامل والمُتقارِب والمُنْسَرِح. وأنَّ شاعرًا كالفرزدق لم يَكُ ميّالاً إلى التصريع كثيرًا في مطالع قصائده، وإنما كان مَيْلُه إلى إحداث خلاف التوقُّع في مطلعه وهذا بادٍ من كثرة الخَرْمِ لَدَيهِ.

[6] "ديوان ابن زيدون" (ص: 117).

[7] سوف نتناول هذه الظاهرة واصفين إياها من خلال إحصاء عند ذكْر البُحور التي تَرِدُ فيها وسوف يكون مكانها الهامش.

[8] "منهاج البلغاء" (283).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة