• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

إضمار (أن) ومعنى العطف

إضمار (أن) ومعنى العطف
د. عبدالجبار فتحي زيدان


تاريخ الإضافة: 21/10/2025 ميلادي - 29/4/1447 هجري

الزيارات: 192

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إضمار (أن) ومعنى العطف

 

يَظهر من كلام سيبويه أن سببَ إضمار (أن) كان على نية تحويل الفعل إلى مصدر مؤول بُغية صلاح عطفه على مصدر مثله، فهو يذكر أن الشاعر في قوله: لا تنه عن خلـق وتأتيَ مثلـه، "أراد لا يجتمعن النهي والإتيان، فصار (تأتي) على إضمار أن"[1].

 

وأوضح الأخفش هذه القضية، فذكر أن المتكلم في نحو المثال المذكور" أضمر مع الفعل (أن)؛ لأن (أن) مع الفعل تكون اسمًا، فتعطف اسمًا على اسم، وهذا تفسير جميع ما انتصب من الواو والفاء"[2].

 

وأوضح ابن السراج هذه القضية أكثر، فذكر أن المضارع المنصوب بعد الواو على ضربين "أحدهما أن يعطف الفعل على المصدر؛ نحو قولك: يعجبني ضرب زيد وتغضب، تريد، وأن تغضب... فإذا نصبت فقد عطفت اسمًا على اسم، ولولا أنك أضمرت (أن) ما جاز أن تعطف الفعل على الاسم؛ لأن الأسماء لا تعطف على الأفعال، ولا تعطف الأفعال على الأسماء؛ لأن العطف نظير التثنية، فكما لا يجتمع الفعل والاسم في التثنية، كذلك لا يجتمعان في العطف[3].

 

ويذكر أبو علي النحوي أن (أن) لا تكاد تعمل حتى تثبت منها عوضًا أو يعطف على اسم"[4]، وممن صرَّح بهذا الجرجاني[5]، وابن معطي[6]، وابن الحاجب[7]، والعكبري[8]، وركن الدين الأسترباذي[9]، وابن هشام[10]، والزركشي[11].

 

وهذا هو المذهب السائد[12]، وكلامهم عامة كان صريحًا بأن (أن) تضمر قبل المضارع عندما يُراد عطفه على ما قبله، فإضمار (أن) إذًا كان لهذا السبب؛ ليكون المضارع به مصدرًا مؤولًا بمنزلة الاسم، ليصح عطفه على اسم مثله، لامتناع عطف الفعل على اسم؛ نحو: ولبس عباءة وتقر عيني، أو ليصح عطفه (على مصدر مُتَوَهَّم للفعل المتقدم)[13] ؛ نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن.

 

وممن استخدم عبارة (مصدر متوهَّم) المرادي[14]، وابن هشام[15] والشمني[16]، والبيتوشي[17] والدسوقي[18] ومحمد الأمير[19]، وممن استخدم عبارة (مصدر مُتَصَيد) يس الحمصي[20] والجرجاني[21]، وذكـروا أن التقدير: لا يمكن منك أن تجمع بين أكل السمك وشرب اللبن.

 

والنحويون في المثال الأخير ونحوه اضْطُرُّوا إلى سلوك عدة طرق وعرة، من أجل أن يصلوا إلى معنى العطف الذي وضعوه على الواو:

الطريق الأول: جعل المضارع المنصوب منصوبًا بإضمار (أن)؛ ليكون الفعل به مصدرًا مؤولًا بمنزلة المفرد، وهذه الخطوة بقيت تعاني الإشكال نفسه، مع زيادة جعلها مصدرًا معطوفًا على فعل، وهذا لا يجوز.

 

الطريق الثاني: لحل قضية الإشكال الإضافي الجديد، جعلوا الفعل الأول (المعطوف عليه) بمنزلة المصدر المؤول أيضًا.

إن صياغة المصدر من الفعل المتأخر (وتشرب) له ما يسوغه، فهو مثبت، كما أنه منصوب، ويصح تقدير المصدرية فيه، وأن تقول: لا تأكل السمك وأن تشرب اللبن، أما الفعل المتقدم (لا تأكل)، فإن النحويين يصرحون بأن صياغة المصدر منه، ليس لها ما يستند إليه البتة، بيد أنهم تخيَّلوا فيه المصدرية، لذلك سَموه مصدرًا متوهَّمًا أو متصيدًا، فاستطاع النحويون الآن أن يصلوا عن طريق هذه التأويلات إلى عطف مصدر مقدَّر على مصدر متوهم، لكن بقيت الجملة تعاني الإشكال؛ لأن الواو بقيت بعد هذين التقديرين تفيد العطف لفظًا ومعنى، لذلك وجدوا أنفسهم انتهوا إلى ما بدؤوا به، وتحاشَوا الوقوع فيه.

 

ولكي يجعلوها تفيد المعية لجؤوا إلى الطريق الثالث، وهو أنهم أضافوا من إنشائهم عبارة، لا يكن منك أن تجمع بين كذا وكذا.

 

هل يمكن قبول مثل هذه التأويلات من أجل تسويغ جعل الواو عاطفة وإضمار (أن) بعدها؟ أكان العرب يتصورون كل هذه التقديرات المتكلفة حين قالوا: لا تأكل السمك وتشربَ اللبن؟

 

يبدو أن النحويين اضطروا إلى أن يجعلوا المضارع منصوبًا بـ(أن) مضمرة دون باقي النواصب لحل الإشكال الذي وقعوا فيه، عندما جعلوا الواو واو عطف.

 

فإذا كان إضمار (أن) جاء من عد الواو عاطفة، وإذا ثبت فيما تقدم تفصيله عدم صلاح هذا الجانب العطفي فيها، يثبت تلقائيًّا عدم صلاح هذا الإضمار، أو في الأقل عدم الحاجة إليه، وحينئذ لا يكون ما يلزمنا أن نجعل الناصب هو أن المصدرية ليس غير.

 

والمعروف أن جمهور البصريين قالوا بهذا الناصب؛ لأنهم اشترطوا في العامل أن يكون في الأغلب عاملًا لفظيًّا، بيد أنهم في الوقت نفسه اشترطوا في المضارع أنه لا ينصب بعد الواو، إلا إذا كانت "تفيد المعية أبدًا"[22]، "فلولا المعية التي يدل عليها فحوى الكلام، لم تجعله مصروفًا"[23]، فنصب المضارع يكون عند دلالة الواو على المصاحبة وإلا، فلا[24]، وقد أكد الرضي هذه القضية وأوضحها، فذكر "أن الفعل المنصوب بعد واو الصرف... لما قصدوا فيه معنى الجمعية - [أي: معنى المعية] - نصَبوا المضارع بعدها"[25]، وذكر أيضًا أنه "لما قصدوا مصاحبة الفعل للفعل نصبوا ما بعدها"[26].

 

فكلام النحويين هذا يعد اعترافًا من حيث لم يشعروا بأن المضارع نصب لدلالته على المعية، وليس لإضمار (أن) قبله، فهو إذًا فعل صريح في فعليته، وليس مصدرًا مؤولًا بمنزلة المفرد، فتكون الواو التي يعترف النحويون بأنها واو المعية لفظًا ومعنى، قد دخلت على جملة فعلية حقيقة، وبهذا يثبت صحة وقوع المفعول معه جملة فعلية عند النحويين.

 

إن جعل النصب في المضارع بعد الواو بإضمار (أن) كان لعلاج مشكلة، لذا نجد من النحويين من مال عنه.

 


[1] كتاب سيبويه 3/ 42- 43.

[2] معاني القرآن 1/ 65، 1/ 58-59، 1/ 63.

[3] الأصول في النحو 2/ 159، 2/ 155.

[4] المسائل العسكريات، ص109 وبتحقيق عمايرة، وص131 بتحقيق منصور.

[5] المقتصد 2/ 1070-1071.

[6] الفصول الخمسون، ص203.

[7] الإيضاح في شرح المفصل 2/ 15.

[8] اللباب، ص464.

[9] البسيط في شرح الكافية، ص995.

[10] أوضح المسالك 3/ 181.

[11] البرهان 4/ 435.

[12] من كتب المحدثين في هذا الباب دروس في اللغة العربية للأنطاكي وفاخوري 1/ 48-49 وفي الدراسات النحوية واللغوية، للدكتور احمد علم الدين الجندي 1/ 429.

[13] شرح الجمل لابن عصفور 2/ 157.

[14] الجنى الداني، ص187.

[15] مغني اللبيب 2/ 397.

[16] شرح المغني للشمني 2/ 109.

[17] صرف العناية، ص149.

[18] حاشية الدسوقي على المغني 2/ 30.

[19] حاشية محمد الأمير على شرح شذور الذهب، ص59.

[20] حاشية يس الحمصي على شرح التصريح 1/ 343.

[21] شرح الجرجاوي على شواهد ابن عقيل، ص231.

[22] المستوفي في النحو، ص437-438.

[23] المصدر نفسه، ص439.

[24] شرح ابن عقيل 2/ 352-355، وشرح الأشموني (حاشية الصبان) 3/ 306.

[25] شرح الرضي 4/ 67.

[26] المصدر نفسه 4/ 68.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة