• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

واو الحال بين إعرابها وتفسيرها

واو الحال بين إعرابها وتفسيرها
د. عبدالجبار فتحي زيدان


تاريخ الإضافة: 2/9/2025 ميلادي - 10/3/1447 هجري

الزيارات: 217

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

واو الحال بين إعرابها وتفسيرها

 

قبل أن أدخل في البحث عن هذا الموضع هناك حقيقة من الضروري التنبيه عليها، هي: أنه لا يَصِح الاستدلال على أن الواو الداخلة على الجملة، هي واو حال، لا واو معية؛ لأن المفسرين فسَّروا الآيات المرتبطة بها على معنى الحال، لا على معنى المعية، فمن المعروف أنهم كانوا يَعمِدون إلى أن يَشرحوا الآية في ضوء ما ذهب إليه النحاة، فلو أن أغلبهم ذكر أن قوله تعالى: ﴿ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ ﴾ [هود: 72] على أنها بمعنى: أألد في حال كبر سني، فإن هذا لا يعد دليلًا على أن الواو هنا واو حال؛ لأن الجملة المرتبطة بها فسِّرت على هذا المعنى، لتكلف هذا التفسير واعتماده على إعراب النحويين، ومع أن المفسرين كانوا حريصين على عدم مخالفة الإعراب، فقد وجدتهم سلكوا ثلاثة طرائق لتفسير الآيات المرتبطة بالواو: طريقة عامة، كثيرًا ما اتجه إليه المفسرون، وهو أنهم لا يجعلون الآية بتقدير الحال أو بتقدير المعية، بل بإعادة ذكر الواو، فقد فسروا مثلًا قوله تعالى: ﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ﴾ [الكهف: 18]، بقولهم: "وتحسبهم أيقاظًا وهم نيام"[1] وقوله تعالى: ﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ﴾ [الحشر: 14]، بقولهم: "تَظنهم مؤتلفين وقلوبهم مختلفة"[2]، وقوله تعالى: ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ﴾ [النمل: 88]، بقولهم: "تحسبها قائمة، وهي تسير سيرًا حثيثًا"[3]، أو بقولهم: أي: تسير سير السحاب، وكذلك كل جيش عظيم تحسَبه واقفًا، وهو يسير"[4] هذا هو الاتجاه الغالب في تفسير الآيات المرتبطة بالواو، وأما تفسيرها بتأويلها إلى حال مفردة (اسم الفاعل)، أو جعلها بعبارة تفيد معنى الحال، فإنه قلما اتَّجه إليه المفسرون، حسب ما اطلعت عليه، بل وجدتهم يتَّجهون إلى جعلها بتقدير المعية، أكثر مما يتجهون إلى جعلها بمعنى الحال، وفيما يأتي نماذج من ذلك:

1- قال تعالى: ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا ﴾ [البقرة: 28].

 

جعل الطبري الواو هنا للحال، لكن مع ذلك فسرها بقوله: "كيف تكفرون فتجحدون قدرته على إحيائكم بعد إماتتكم، وإعادتكم بعد إفنائكم، وحشركم إليه[5]، فقد جعل الواو بمعنى على، وهي بمعنى مع، أي: مع إحيائكم، وبمثل هذا فسرها الزمخشري، مع إعرابها أيضًا واو الحال، فقال في تفسيرها: "أتكفرون بالله ومعكم ما يصرف عن الكفر، ويدعو إلى الإيمان"[6]، وكذلك فسرها الطبرسي، فقال ذاكرًا معناها: "عجبًا منكم على أي حال يقع منكم الكفر مع الدلائل الظاهرة على وحدانيته"[7].

 

2- قال تعالى: ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 42].

 

فسر الزجاج هذه الآية بقوله:... (وأنتم تعلمون)؛ أي: تأتون لبسكم الحق، وكتمانه على علم منكم وبصيرة"[8]، و(على) هنا بمعنى مع؛ إذ قال في تفسير الآية نفسها: أنها بمعنى "لا يجتمع منكم لبس ولا كتمان مع علم"[9].

 

فالآية هي بمعنى: كيف يتسنَّى لكم يا أهل الكتاب أن تلبسوا الحق بالباطل، وتخفوا الحق مع علمكم واعترافكم ببطلان ما تفعلون وإثمه، أي: كيف تفعلون الباطل على الرغم من علمكم بأنه باطل.

 

3- قال تعالى: ﴿ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

قال الزجاج في تفسير قوله تعالى: (إِلا وَأَنتُم مسْلِمُونَ): "معنى كونوا على الإسلام، فإذا ورد عليكم صادفكم على ذلك"[10]، و(على) كما مر، تأتي بمعنى (مع).

 

4- قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا ﴾ [مريم: 8].

 

قال المرتضي (ت436هـ) في تفسير هذه الآية: "فلما رزَقه الله تعالى ولدًا على الكبر، ومع كون امرأته عاقرًا، قال أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر"[11]، فقد جعل واو الحال في (وقد بلغني) بتقدير "مع كون".

 

5- قال تعالى: ﴿ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ﴾ [آل عمران: 101].

 

قال الطبرسي في تفسير هذه الآية: "وهذا استبعاد أن يقع منهم الكفر مع معرفتهم بآيات الله، وفيهم داعٍ يدعوهم إلى الإيمان، وقيل هو التعجب؛ أي: لا ينبغي لكم أن تكفروا مع ما يقرأ في القرآن المجيد... وفيكم رسوله"[12].

 

فالواو في قوله تعالى: (وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ) التي تعرب عند الطبرسي والنحويين واو الحال، كرِّر تفسيرها بمعنى المعية، وبتقدير (مع) مرتين في مقام واحد.

 

6- قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾ [آل عمران: 123].

 

قال الطبري في تفسير هذه الآية: "أذلة، يعني: قليلون في غير منعة من الناس، حتى أظهركم الله على عدوِّكم مع كثرة عددهم وقلة عددكم"[13]، فقد جعل الطبري الواو في (وانتم أذلة) بمعنى مع، وتقديرها، وكذلك جعلها الطوسي على الرغم من أنه أعرب هذه الواو واو الحال، فإنه في الموضع نفسه قال في تفسيرها: "نزلت في وصف ما منَّ الله تعالى من النصر والإمداد بالملائكة، وظفر المؤمنين بالمشركين مع قلة المؤمنين، وقوة المشركين"[14].

 

7-قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِم ﴾ [الأنفال: 33]؛ قال الطوسي في تفسير هذه الآية "وإنما لم يعاقب الله تعالى الخلق، مع كون النبي صلى الله عليه وسلم فيهم"[15]، فقد جعلت واو الحال في (وأنت فيهم) بمعنى مع، وفسِّرت على معنى المعية.

 

8- قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ ﴾ [التوبة: 93]؛ قال الطوسي في تفسيره: "بيَّن الله تعالى في هذه الآية أن السبيل بالعقاب والحرج، إنما هو للذين يطلبون الإذن من رسول الله في الإعفاء، وهم مع ذلك أغنياء يتمكنون من الجهاد"[16].

 

وبهذا المعنى فسَّرها الطبرسي[17]، فقد جعلت الآية في التفسير بمعنى: إن السبيل بالعقاب والحرج هو للذين يطلبون الإعفاء عن الجهاد على الرغم من تمكُّنهم منه، أي: مع تمكنهم منه.

 

9- قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117].

 

قال الطبري في تفسيره هذه الآية: "يقول تعالى ذكره: وما كان ربك يا محمد ليهلك القرى التي أهلكها ظلمًا وأهلها مصلحون في أعمالهم غير سيئين، فيكون إهلاكه إياهم مع إصلاحهم في أعمالهم وطاعتهم ربِّهم ظلمًا"[18].

 

فقد جعل الطبري قوله تعالى: (وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) بتقدير: مع إصلاحهم.

 

وفسَّرها الطوسي بقوله: "أخبر الله تعالى أنه لم يُهلك أهل قرية فيما مضى - مما ذُكر هلاكهم - مع أن أهلها أو أكثرهم يفعلون الصلاح"[19].

 

وفسَّرها الطبرسي بقوله: "معناه: لا يؤاخذ [الله] بظلمٍ واحدهم، مع أن أكثرهم مصلحون... والواو في قوله: أهلها مصلحون واو الحال"[20].

 

وهذا دليلٌ يتكرر على أن الواو وإن تعرب واو الحال، لا تعني معنى الحال، بل معنى المعية، وعلى أن المعنى الأخير لا يمكن التخلي عنه في التفسير.

 

10- قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ﴾ [مريم: 8][21].

 

قال الطبري في تفسير هذه الآية: "يقول تعالى ذكره، وليس خلق ما وعدتك أن أهبه لك من الغلام الذي ذكرت لك أمره منك، مع كبر سنِّك، وعقم زوجتك، فكذلك أخلق لك الولد الذي بشرتك به من زوجتك العاقر مع عتيك ووهَن عظامك، واشتعال الشيب في رأسك"[22].

 

فقد كرَّر الطبري تفسير واو الحال في الآية بجعلها بتقدير مع، ومعناها.

 

ومثل هذا حصل في الشعر، فقد شرح ثعلب مثلًا قول زهير بن أبي سلمى:

لا شيءَ أجود منها وهي طيبةٌ
نفسًا بما سوف يُنجيها وتترك

بقوله: (يريد أنها واثقة بطيرانها، وهي مع ذلك تترك؛ أي: تدع بعض طيرانها، لا تخرج أقصى ما عندها"[23].

 

وقال الزوزني في شرح بيت لعنترة:

علقتها عرضًا وأقتل قومها
..................................

"يقول: عشقتها، وشغفت بها مفاجأة... مع قتلي قومها، أي: مع ما بيننا من القتال"[24]، وقال في شرح بيت لليشكري:

..............................
فأبكي اليوم دلهًا وما يحير البكاء

"تحرير المعنى: لما خلتْ هذه المواضع منها، بكيت جزعًا لفِراقها، مع علمي بأنه لا طائل في البكاء"[25]، فالواو في (وأقتُلُ) و(وما يحيرُ البكاءُ)، تُعرب واو حال عند النحويين[26]، إلا أن الزوزني جعلها بمعنى مع، وتقديرها في أثناء الشرح، فنقض الإعراب بالمعنى والتفسير.

 

ومثل هذا تجد عند شراح الشعر المحدثين، فقد شرح اليازجي مثلًا قول المتنبي:

أحيا وأيسر ما قاسيتُ ما قتلا
والبين جار عليَّ على ضعفي وما عدلا

بقوله: "يخبر عن نفسه بأنه باق في الحياة، مع أن أقل ما يقاسيه من شدائد الهوى قاتل"[27]، فقد جعل واو الحال في (وأيسر ما قاسيتُ) بمعنى (مع) وتقديرها.



[1] تفسير الطبري 15/ 123.

[2] تفسير الطبري 28/ 47.

[3] تفسير الطوسي، المجلد الثامن، ص124.

[4] زاد المسير، تفسير ابن الجوزي 6/ 196، وانظر: تفسير الطبرسي 7/ 236.

[5] تفسير الطبري، 1/ 224-225.

[6] الكشاف، 1/ 121.

[7] تفسير الطبرسي 1/ 70.

[8] معاني القرآن وإعرابه 1/ 94.

[9] فاتحة الإعراب، ص20.

[10] معاني القرآن 1/ 459.

[11] علي بن الحسين المرتضي، أمالي المرتضي 2/ 379.

[12] تفسير الطبرسي 1/ 480-482.

[13] تفسير الطبري 7/ 169.

[14] تفسير الطوسي، المجلد الثاني، ص578.

[15] تفسير الطوسي، المجلد الخامس، ص113.

[16] تفسير الطوسي، المجلد الخامس، 280.

[17] تفسير الطبرسي 5/ 60.

[18] تفسير الطبري، غير المحقق 15/ 530.

[19] تفسير الطوسي، المجلد السادس، ص82.

[20] تفسير الطبرسي 5/ 202.

[21] سورة مريم، الآية 8.

[22] تفسير الطبري 16/ 51-52.

[23] شرح ديوان زهير، ص173.

[24] الزوزني، شرح المعلقات السبع، ص85.

[25] الزوزني، شرح المعلقات السبع، ص209.

[26] تسهيل الفوائد، ص113 وأوضح المسالك، ص129 وشرح الرضي 2/ 43، وشرح ابن عقيل 1/ 656.

[27] العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب لناصيف اليازجي 1/ 12.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة