• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

تجارة رابحة (قصة)

تجارة رابحة (قصة)
عادل عبدالله أحمد محمد الفقيه


تاريخ الإضافة: 17/1/2016 ميلادي - 7/4/1437 هجري

الزيارات: 31479

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تجارة رابحة

 

تأخَّر في المدينة منتظرًا أخذَ راتبه الشهري.

 

فما إن استلم راتبه، حتى توجَّه صوب البيت، فقد تأخَّر عن موعد الغداء، وفي أثناء سيره في الطريق ليوقف "تاكسي" رآه التاجر الذي يعمل عنده في متجرِه، أوقف التاجر السيارة، فصعد عليٌّ، وفي أثناء سيرهما كانا يتحدَّثان عن البلاد وأسباب تدهورها، وإلى ما وصلت إليه الأمة اليوم.

 

وفي أثناء سيرهما كان عليٌّ يتكلَّم مع صديقه، فقاده فضوله لينظر نحو الخارج، فرأى ما تقشعرُّ له الأبدان، وتتفطَّرُ له القلوب، وتدمع له العيون!

 

رأى أربع نسوة وبجانبهنَّ طفلان، كانت النسوة يصرخْنَ كالثكالى، أحرقْنَ فؤادَه فأرغم (صديقه) على التريُّثِ قليلًا؛ ليَريا ما الذي حصل؟

 

التَفت إليه قائلًا: توقَّف يا صديقي.

أوقف التاجر سيارته؛ نزلا منها معًا، تقدَّما صوب النساءِ، وجدا بجانبهنَّ أربعة من رجال الشرطة.

 

سألا: ما الذي حصل؟

أجابته إحداهن: لقد أرغمنا صاحب المنزل أن نترك منزله.

 

قال التاجر: ولم ذلك؟

أجابت: إننا لم نعطِه إيجار المنزل لهذا الشهر.

علي: ولِمَ لَمْ تدفعْن الإيجار؟

أخذتْه إحداهنَّ على انفراد قائلةً:

نحن يا سيدي أسرة تُوفِّي مَن يعولُنا، وليس لنا بعده غير الله!

إننا يا سيدي لم نجد لقمة العيش منذ ثلاث ليالٍ!

نخرج كل يوم نبحَثُ عما يسدُّ رمَقَ جوعِنا وجوع أبنائنا، لم نر يدًا تحنو علينا.

 

فصاحبُ الدار أتى اليوم ليطلب منا إيجار داره، وليس ذلك يا سيدي عيبًا، ولكنَّ العيب أن صاحب الدار دخَل إلى الدار ومعه الشُّرطة، فأخرج كلَّ ما نَملك، ورماه في الشارع، فلا رحمةَ ولا مروءةَ، ولا شفقةَ لهؤلاء الأيتام عنده، ولا للنساء الأرامل اللاتي ليس لهنَّ رجل!

 

أوَليسَ من العيب أن يخرجْنَ وسط الشارع وهنَّ لا يجدْنَ ما يدفع عنهنَّ حَرَّ الشمس الملهب، وزمهرير الشتاء القارس.

 

علي: وكم إيجار دارِه؟

المرأة: عشرة آلاف ريال يا سيدي.

أخرج عليٌّ المبلغ وسلَّمه لصاحب الدار.

 

تعجَّب التاجر مما صنع عليٌّ قائلًا في نفسه: أي كرم وأي جودٍ يصنَعُه ذلك العامل الذي لا يَملك إلا راتبه الشهري.

 

صعد التاجر وعليٌّ السيارة، وكان يفكِّر فيما صنَع عليٌّ، رَكبا السيارة، وسارا معًا حوالي كيلومترين، ثم لفَّ التاجر بسيارته، وأعادها إلى نفس الموقف الذي كانت فيه تلك الأسرة.

 

عليٌّ: إلى أين؟ دعنا نذهب إلى البيت، لقد تأخَّرنا عن موعد الغداء، فأمعائي تقرقر جوعًا!

قال التاجر: لا يا عليٌّ فهناك مَن تُقرقر أمعاؤهم أيامًا ولياليَ لا يَجدون ما يسدُّون به لهيب الجوع المؤلم.

 

عليٌّ: من تقصد؟

التاجر: ما رأيتَه اليوم ما هو إلا غيض من فيض.

عادا إلى نفس المكان، تقدَّما نحو صاحب المطعم.

فتبسَّم عليٌّ قائلًا: إنها عزومة أيها الصديق؟!

الصديق: تمهَّل يا صديقي.

تقدَّما رويدًا حتَّى وصَلا إلى صاحب المطعم.

فسأله: هل تَعرف مَن يسكن تلك الدار.

أجاب صاحب المطعم: نعم؛ إنها أسرة فقيرة يا سيدي، لقد مات مَن يعولها منذ شهر.

 

أدخل التاجر يده إلى جيبه قائلًا: خذ هذا المال وأرسل كل يوم ثلاث وجبات من صبوح وغداء وعشاء لمدة شهر.

صنَع هذا الأمر ثمَّ سأل عن صاحب المنزل، فلما وصَلا إليه سأله التاجر: هل تبيع الدار؟

فرح صاحب الدار حتَّى يتخلَّص من تلك الأسرة الفقيرة، قائلًا: نعم!

 

التاجر: وبكم تكون دارُك؟

صاحب الدار: بخمسة عشر مليونًا.

 

التاجر: أوافق، ومتى نكتب العقد؟!

صاحب الدار: الآن إن شئت.

 

التاجر: اصعد معي السيارة.

كل هذا وعليٌّ يَنظر باستغراب.

 

قَالَ عليٌّ: ولم تشتري البيت، ولك أجمل منه وأفضل يا صديقي؟!

التاجر: تمهَّل يا علي قليلًا.

 

وبينما هما في الطريق قال صاحب الدار: هنيئًا لك الدار، لكني أنصحك يا سيدي - إذا اشتريت المنزل - أن تخرج تلك الأسرة الفقيرة، إنها لا تجد مالًا بعد أن مات راعيها!

 

يقول صاحب الدار ولا يعلم ما يكنُّ في صدر الرجل المشتري.

ذهبا معًا صوب مكتب العقارات، وأحضَرا الشهود، ومن يسعون لبيع المنازل.

أخذ صاحب مكتب العقارات ورقةً وبدأ يَكتُب عليها اسم البائع وثمن المنزل، ثم سأل من المشتري؟

التاجر: لم يأتِ بعدُ، انتظروا قليلًا، فالمشتري في طريقه إلينا ليوقِّع على الوثيقة.

وما هي إلا ربع ساعة حتى حضرت تلك الأسرة الساكنة في الدار.

فقال التاجر: ها لقد جاءت الأسرة لشراء الدار.

التفت إليه عليٌّ: ماذا تصنع؟ ماذا تقول؟

أجابه التاجر: هذا ما كان يجب أن أصنعه من قبل، ألا ترى أيُّ حالٍ تُعانيه هذه الأسرة؟

هذا ما كنتُ أفكِّر فيه وأنا معك على الطريق.

 

أتُقَدِّمُ الإيجارَ يا عليُّ لتُفرحهم أيامًا وليس لك إلا راتبك الشهري، ولا يقدِّم لهم من يملك المال الكثير حتى يُفرِحَهم بقية أيامهم.

 

أما صاحب العقارات فما إن سمع ما قاله المشتري حتى تسمَّرت يده عن الكتابة، وفاضت عيناه وعيون الحاضرين معًا، وقَّع الشهود على محضر البيع، وقَّعوا وعيونهم تذرف الدمع.

 

قال صديق علي: لم يتبقَّ إلا أجركم أيها الشهود، فكم تطلبون؟!

أجاب أحدُ الشهود: "أيَّ أجرٍ تقصد؟" فوالله لم نجد رجلاً أرحم، ولا أكرم منكما، مِن أي عالَمٍ حضرتما إلينا"؟!

خرَج الجميع والمرأة تبكي فرحًا، خرجت وهي تدعو لهما قائلةً: بعثَكما الله مع أبي بكر وعبدالرحمن بن عوف.

سألت المرأة: ومن تكونان؟

 

أجابها عليٌّ: نحن من أبناء آدم وحواء.

 

وبينما هما راكبان السيارةَ عائدَين إلى منزلَيهما، التفتَ التاجر إلى عليٍّ فرأى دموع عينيه تنهمر فقال: لِمَ أرى دموعك تنهمر يا علي؟

 

أجابه: لأني لم أر رجلًا مثلك، فقد كنتُ أظنُّ أن مَن كَثُرَ مالُه شغلته دنياه عن آخرته.

قال التاجر: ولمَ يا صديقي؟ وماذا جنينا من الدنيا غير التعب والنصب؟!

ماذا نقول إذا سألنا الرب؟

أي تجارةٍ رابحةٍ أنجتْكم مِن عذابٍ أليم؟

 

ردَّ عليٌّ: قرأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو لإخوانه، فقال الصحابة: ألسنا إخوانك؟!

 

فقال الرسول: ((بل أنتم أصحابي، فإخواني قوم يأتون من بعدي، يؤمنون بي ولم يروني))، فوالله ما أراكَ إلا منهم.

 

قال التاجر: إنه سرِّي بين يدَيك، وإنه أمانة عندك، فلا تكشف سرِّي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة