• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

الأربعة! (قصة)

الأربعة! (قصة)
السيد شعبان جادو


تاريخ الإضافة: 19/8/2017 ميلادي - 27/11/1438 هجري

الزيارات: 3689

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأربعة!


آن لي أن أمزِّق ثيابي الملتصقةَ بجسدي كأنما هي قيد وُضعت فيه مرغمًا، تلفَّتُّ إلى كل ناحية فما وجدت إلا نتوءاتٍ شاخصةً فوق تلال عمري الذي هرب من بين يدي، لم أختزن منه قوتًا لمثل هذه الأيام المغبرة بعرَق الجبين، بصعوبة أكاد أحصل على رغيف الخبز، الهواء وخم في هذا الوقت؛ كأنما عليه حارس بخيل ألقى بمفتاح الخزانة في بِركةِ ماء آسن!

 

لمثل هذه الأيام كان عليَّ أن أحتاط جيدًا، من يعرفونني لا يصدِّقون هذه الحالة التي صرتُ فيها: عينان غائرتان، تدوران في كهف مظلم، حرَّاسه جفون عاجزة؛ كأنما غادرهم ماءُ الحياة، لا حيلة لي غير هذا الخنوع؛ حيث يوجب حبُّ الحياة الحذرَ، إنهم يقبعون قبالة البيت، فلما أيسوا مني تسللتُ هربًا، انفرجت عقدتي لما رأيتُها تخطر مثل مهرة جدي الذي سمعت حكاياته مع الهراس الذي سبى قلوب النسوة في ليالي القمر، قيلت نتف من حكايات مخادعة، يقال: إنني ورثت رفعةَ النَّفْس، تلك سيرة يتناقلها الجميع عن فتًى وُهب حسن الأثر، سامح الله أخوالي من آل الحصري، أضاعوا مصنع الحصير؛ كانوا يحبُّون اللهو والطرب، جراء ذلك تفرَّقوا في بر مصر أيدي سبا!

 

عرفت قدَرًا أن بعضهم سكن "البهو فريك"، والآخرون في القرى والبندر؛ حتى باب الحديد لهم هناك فيه عرق يمتدُّ، دار بهم الزمن دورتَه، كم آسى لهم!

كلما زرت المقابر وقفت معتبرًا، المكان الوحيد الذي يلتقون فيه طواعيةً.

 

تناثرت الجنيهات الذهبية تحت أقدام الهاربات من أسر الفضيلة، سرحت الجرذان بين أنوال النسج، جدي لم يجد غير أن يغادر القرية في ليلٍ داج؛ كان ذلك في خريف عمره.

لا أدري أية صلة بين هذا الحَكْي من بوح ذاكرتي الهاربة دائمًا ناحيةَ الماضي، وبين هؤلاء الأربعة الذين اختالوا في مقهى جامعة الدول الراعية، يكفي هذا ففتاة التلفاز أكملت الفراغ بألف فجوة معبِّرة، ربما كان بعض أخوالي يمتُّ لهؤلاء بصلةٍ ما.

 

حاولت التخفُّف من مفرداتي، وباعدت بين أفكاري، للهو ساعة تميل النفس إليه حيث يحلو التعلق بالنساء طربًا، ليبعد عني ذلك الوقار، فلا بد أن أعبَّ بعض حماقات، أنا بعضُ أخوالي الأربعة.

ثيابي تلك عجزت أن أهرب منها، سطور النثر فرَّت من ذاكرتي؛ حيث تظهر خفاياها المتدثرة بمفردات مراوغة.

 

لست مجبرًا أن أسردَ كل ما وعتْه أذني، الخيال يُلهبُ الصورةَ الروعةَ، تمنيت لو أن جَدي لم يرزق بهؤلاء الأربعة، خرب البيت الذي كان عامرًا.

لم يعد منهم غيري، يسرد وقائع تاريخهم.

 

صوت واهن ينسلُّ من مذياعٍ في علبة خشبية مطعَّمة بسنِّ فيل إفريقي - كان جدي ثريًّا، سمعت من جدتي "الهانم" كثيرًا عنه - من الحجرة الطينية التي تضم إرث جدي: مِسبحة، وجلبابًا أبيض، صورة معلقة له؛ حيث يرتدي الجبة والقفطان، على الحائط عبارة: "لا غالب إلا الله"!

 

زفرة العربي الأخير ما تزال تتردَّد كلما تحارب الأوس والخزرج، أريد حليبًا للصغار يكفي كل هذا البوح، الحوائط تتلصص على حروف كلماتي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة