• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

شروط التنظير للشعر الإسلامي

شروط التنظير للشعر الإسلامي
د. محمد ويلالي


تاريخ الإضافة: 13/7/2016 ميلادي - 8/10/1437 هجري

الزيارات: 4707

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مباحث في الشعر الإسلامي (3)

شروط التنظير للشعر الإسلامي

 

تحدثنا في المبحث الثاني من هذه الدراسة عن بيان مفهوم نظرية الشعر الإسلامي، الذي جليناه في محاولة إيجاد نسق أدبي يحكمه التصور الإسلامي، ويلفه المشروع الدعوي العام، الذي يحاول أن يجعل من هذا الأدب وسيلة ناجعة، تجلي هذا التصور، وتركُزُه في النفوس، ثم بينا أن هذا تحكمه دوافع منطقية أجملناها في أحد عشر دافعًا، ثم تساءَلْنا عن الشروط الموضوعية التي تحكم مشروع هذا التنظير.


إن التنظير للأدب الإسلامي بعامة، والشعر منه بخاصة، لا بد أن يخضع للشروط الإسلامية، التي يجب أن تربأ بنفسها عن التأثر بالفلسفات الأجنبية؛ حتى لا نحيط التقعيد للأدب الإسلامي - من حيث لا ندري - بمفهومات ومصطلحات دخيلة غير مناسبة؛إذ إن هذه المصطلحات وتلك المفهومات يجب أن تنبثق من الإسلام نفسه؛فالتنظير بهذا المعنى ليس وضع قواعد جديدة لحركة أدبية جديدة، وليس فلسفة أو موقفًا ظرفيًّا، قد ينحني بمجرد ولادة صيحة أدبية أو نقدية جديدة، بل هو استنباط وكشف للرؤية الإسلامية للقول الأدبي، لا تتغير بتغير الزمان ولا المكان؛ لأنها رؤية شمولية، تنبع من وحي السماء.


وإذا أردنا أن نبحث عن المسوغات المادية للتنظير لأدبنا الإسلامي، فلننظر - على سبيل الاستئناس - إلى مسوغات التنظير للآداب الأخرى، والمذاهب الأخرى؛ فإن العوامل هنا هي نفسها هناك، وربما كانت هناك أكثرَ جلاءً، وأثبت وجودًا، وأكبر عمقًا وحضورًا.


فإذا كانت هذه المذاهب تبدأ عادة بفلسفة لها تصور خاص، ومواقف معينة، كما هو مشاهَد في "الواقعية الاشتراكية" مثلًا، فإن "الأدب الإسلامي" له فلسفته الخاصة المتقدمة عنه، وهي مجموعة المعتقدات والمواقف التي جاء الإسلامُ مِن أجل ترسيخها، والدعوة إليها.


وإذا كان التصور في هذه المذاهب مقصورًا على زمن معين، أو طائفة من الناس معينة، فإنه هنا يتسم بالشمولية، ويستمد قوته من الوحي، الذي لم يقصر هديه على فئة دون فئة، أو مكان دون مكان، أو زمان دون زمان.


ونلحظ أيضًا أن تلك المذاهب قد اكتنفتها ظروف وملابسات ساعدت على انتشارها؛ فالواقعية الاشتراكية وجدَتْ من الأجهزة الرسمية كل المساندة، ما دامت خادمة لمصالحها، وعاملًا قويًّا من عوامل إقناع الناس بمبادئ "الاشتراكية"، والأدب الإسلامي بدوره، وإن تنكَّبت عنه الأجهزة الرسمية، وازوَرَّ عنه عامة أدبائنا ونقادنا، إلا أن الحاجة الشديدة في أيامنا إلى التغيير والعودة بالناس إلى الينابيع الإسلامية الصافية، تجعل من الأدب أكبر مرشح لخدمة هذا التغيير، وتجعل منه الأداة الخفية، التي تتسلل إلى قلوب الناس ومشاعرهم، عبر قوالب فنية عدة، فتُحدِث فيها ما تعجِز عنه الوسائل الأخرى،وهذا واضح من خلال قوله عليه الصلاة والسلام: ((إن مِن الشِّعر حكمةً))[1]، وقوله: ((إن مِن البيان سِحرًا))[2].


كما أن تلك المذاهب وجدت من يؤمن بها، وينافح عنها، وانبرى لذلك أدباء مشهورون، نشروا عقائدهم وأفكارهم عبر آلة الأدب، واستطاعوا ببراعة أن ينفُذُوا إلى عقول الناس، وأن يقتحموا عليهم عواطفهم، وأن يغالبوا أحاسيسهم وأخيلتهم، فكانوا أعظمَ أداة لنشر ثقافتهم، وتمرير تصوراتهم، والتمكين لأفكارهم،ولاشك أن للأدب الإسلامي أنصارَه الذين ينافحون عنه، ويَذُودون عن أخلاقياته، من لدُنْ نزول الوحي إلى يومنا هذا، أولئك الذين التزموا به فنًّا ودعوةً،بدأَتْ هذه النُّصرة مع "حسان بن ثابت"[3]، و"عبدالله بن رواحة"[4]، و"كعب بن مالك"[5]،وأمثالهم الذين استُثْنُوا في قوله تعالى: ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾ [الشعراء: 224 - 227][6]،واستمرت عبر التاريخ يعلو صوتها حينًا، ويخفُتُ حينًا، إلى أن قيَّض الله تعالى لهذا الأدب في العقود الأخيرة جملة من الغَيُورين، مبدعين ونقادًا، حملوا راية الأدب الإسلامي في غمار صحوة إسلامية شاملة، فأقيمت المؤتمرات، وعُقدت الندوات، وانتهى الأمر بإنشاء "رابطة الأدب الإسلامي"، ينضوي تحتها عشرات من الرواد، طبعت عشرات من الإصدارات الأدبية، والدواوين الشعرية، والقصص الهادفة، وسلسلة من أدب الأطفال، وأصدرت عددًا من المجلات الأدبية الفصلية، وعقدت عشرات الندوات العالمية، وعددًا من الملتقيات الدولية، وتوالت الكتابات، حتى أصبح لهذا الأدب مكتبته الخاصة[7]، والتفكير جارٍ في إقامة "اتحاد عالمي للكتَّاب الإسلاميين"[8]، وكل هذا يدل على تنامي الاهتمام بهذا الأدب، ووجوب رد الاعتبار إليه، فهذا أوانُه.


هكذا نلحظ أن كل العوامل التي أدت إلى بزوغ تلك المذاهب متوافرة في بيئتنا لإنشاء نظرية، ووضع مخطَّط، وتحديد مذهب، بل ويَزيد الفكرةَ تشجيعًا أن الأدب الإسلامي يحمل في نفسه بوادرَ نجاحه وعالميته؛ لأنه خطاب للفطرة، وملامسةٌ للعمق الإنساني؛ فهو يسير بإزاء ما جُبِل الناسُ عليه، ولا يَشِذُّ عنهم في شيء؛ لِما له مِن خصوصية الشمول واتساع الآفاق.


وتجدر الإشارة إلى أن هناك عددًا من الكتب التي أُلِّفَت، تحاول أن تسهم في التنظير لهذا الأدب، منها كتاب: "مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي" للدكتور: "عماد الدين خليل"، الذي اعتبَرَه (محاولة في رسم خطوط عريضة فحسب لنظرية الأدب الإسلامي)[9]، وكتاب: "مقدمة لنظرية الأدب الإسلامي" للدكتور: "عبدالباسط بدر"، الذي جاء في مقدمته[10]: (وهذا الكتاب دعوة إلى التنظير..وإلى حوار يسبق التنظير، حول عدد من المفهومات الأساسية والفرعية في ميدان الأدب؛ وذلك لإبراز الرؤية الإسلامية للأدب، وتفصيل الحديث في مهمته، وصياغة الأصول الأولى للمقاييس والقواعد التي يأخذ بها الأدباء والنقاد الدارسون)، وبين أن الكِتاب (عَرْضٌ أوليٌّ لبعض القضايا والمفهومات التي تنبت على أبواب النظرية، وخارج أسوارها)[11].


وهذا يفسِّر جُرأة هذه الكتابات الأولية، التي حاولت أن تقتحم عالم التنظير بوضع الخطوات الأولى المؤسِّسة، لتَتْبَعها جهود أخرى ترفدها، وتشُدُّ مِن أَزْرها، سعيًا وراء إبراز هذا المشروع للوجود على الوجه المطلوب.


ومِن الكتب التي سارت في هذا الاتجاه: كتاب: "الملامح العامة لنظرية الأدب الإسلامي" للدكتور: "شلتاغ عبود"، وكتاب: "الملامح العامة لنظرية الأدب الإسلامي" للدكتور: "طاهر محمد علي"، وكتاب: "نحو نظرية الأدب الإسلامي" للدكتور: "محمد أحمد حمدون"، فضلًا عن العديد مِن الكتب التي أسهمت في التنظير دون أن تضع مصطلح "النظرية" على الغلاف، منها كتاب: "في الأدب الإسلامي المعاصر" لـ: "محمد حسن بريغش"، وكتاب: "مدخل إلى الأدب الإسلامي"، و"آفاق الأدب الإسلامي"، و"الإسلامية والمذاهب المعاصرة"، و"الإسلامية والقوى المضادة" وكلها للدكتور: "نجيب الكيلاني"، وكتاب: "في الأدب الإسلامي" لـ: "محمد الحسناوي"، وكتاب: "منهج الفن الإسلامي" لـ: "محمد قطب"، وكتاب: "الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته"، و"الأدب الإسلامي من منظور إيماني"، وهما للدكتور: "عدنان علي رضا النحوي"...وغيرها كثير، مما يعتبر فعلًا مِن الكتب المؤسِّسة لنظرية الأدب الإسلامي.


كما أُلِّفَت كتب في النقد الإسلامي، وفي محاولة بلورته، والكشف عن طرقه وفنونه، منها على سبيل المثال كتاب: "في النقد الإسلامي المعاصر"، وكتاب: "محاولات جديدة في النقد الإسلامي"، وهما للدكتور: "عماد الدين خليل"، وكتاب: "جمالية الأدب الإسلامي" لـ: "محمد إقبال عروي"، وهو مِن أوائل المغاربة المسهِمين في النقد الإسلامي على مستوى تأليف ناضج متميز، وهناك أيضًا رسالة جيدة لـ: "إدريس الناقوري" بعنوان: "قضية الإسلام والشعر"، ورسالة أخرى لـ: "عبدالله المعاوي" بعنوان: "التيار الإسلامي في مجال الإبداع الأدبي والفني"... وغيرها.


وإن غزارة الكتابة في التنظير للأدب الإسلامي ونقده دليلٌ على أن هذا الأدبَ قد وُلِدَ فعلًا[12]، وأن أمامه مجموعةً من العقبات التي تحُول دون وصوله إلى الناس، ولعل التنظير يكون إحدى الوسائل التي بها تذوب تلك العقبات، وتزول الحواجز.


إنها دعوة للاجتهاد وإفراغ الوُسْع في العناية بالتخطيط؛ (لكي نوفر الوسيلة الأمينة النظيفة لحمل الأدب الإسلامي؛ كتابًا، ومقالة، وقصة، وشِعرًا، ومسرحًا، ونقدًا، وصحافة، وإذاعة...)[13]، دعوةٌ للأدباء والنقاد لكيلا ييئَسوا أمام هذا الكم الهائل من المذاهب والنظريات المختلفة، التي تَعِجُّ بها ساحةُ الأدب والنقد، ولكيلا ينبهروا بكثرة الكتابات - إبداعًا ونقدًا - التي تسهم في بلورة الأدب الإسلامي.


فالأمر يحتاج إلى المزيد من العطاء، ومضاعفة الجهود على المستويينِ: التنظيري والتطبيقي، مِن أجل تأصيل هذه الحركة، وتثبيت ملامحها المتميزة، وبخاصة على مستوى التقنيات والأساليب[14].



[1] صحيح البخاري كتاب الأدب، رقم الحديث: 6145.

[2] سنن أبي داود كتاب الأدب، رقم الحديث: 5009.

[3] أبو الوليد حسان بن ثابت الأنصاري الخزرجي، صحابي، مِن شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم، مخضرَم، هاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم،عاش نحو: 120 سنة،توفي نحو: 53 ه،الشعر والشعراء ج:1 ص: 305.

[4] أبو محمد عبدالله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري، مِن الخزرج، صحابي، مِن شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم، استُشهِد في غزوة مؤتة سنة: 8 ه،الأعلام ج: 4 ص: 217.

[5] كعب بن مالك الأنصاري الخزرجي، صحابي، مِن شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم،توفي نحو: 50 ه،الأعلام ج: 6 ص: 85.

[6] قال ابن كثير: (قال محمد بن إسحاق: عن يزيد بن عبدالله بن قسيط، عن أبي الحسن سالم البراد بن عبدالله مولى تميم الداري، قال: لما نزلت: ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ﴾ [الشعراء: 224] جاء حسان بن ثابت، وعبدالله بن رواحة، وكعب بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكون، قالوا: قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنَّا شعراءُ،فتلا النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [الشعراء: 227]، قال: ((أنتم))، ﴿ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الشعراء: 227]، قال: ((أنتم))، ﴿ وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾ [الشعراء: 227]، قال: ((أنتم))؛رواه ابن أبي حاتم، وابن جرير من رواية ابن إسحاق،تفسير ابن كثير ج: 3 ص: 254.

[7] لمقاربة حجم التأليف في الأدب الإسلامي، ينظر: الجزء الأول من كتاب: دليل مكتبة الأدب الإسلامي للدكتور عبدالباسط بدر.

[8] مقال: شبهة المصطلح، د.عبدالقدوس أبو صالح، مجلة الأدب الإسلامي ع: 8، 1995م، ص: 109.

[9] مدخل لنظرية الأدب الإسلامي د.عماد الدين خليل ص: 5.

[10] ص: 10.

[11] مقدمة لنظرية الأدب الإسلامي عبدالباسط بدر ص: 11.

[12] ينظر: في الأدب الإسلامي المعاصر، محمد حسن بريغش ص: 221.

[13] نفسه ص: 222.

[14] ينظر مقال: هموم الأدب الإسلامي ورقة عمل حول المنهج، د.عماد الدين خليل، مجلة المشكاة ع: 18 1994م ص: 18.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة