• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

نيابة الفاء عن الواو

نيابة الفاء عن الواو
د. حجاج أنور عبدالكريم


تاريخ الإضافة: 31/1/2015 ميلادي - 11/4/1436 هجري

الزيارات: 9538

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نيابة الفاء عن الواو


ذهب الكوفيون - ووافقهم بعض البصريين - إلى أن الفاء قد تجيء لمطلق الجمع، كالواو تماماً، فلا تفيد ترتيباً ولا تعقيباً، وقيّد ذلك الجرمي بالأماكن والمطر على وجه الخصوص[1]، نحو قولهم: عفا مكان كذا فمكان كذا، وإن كان عفاؤهما في وقتٍ واحد، ونزل المطر بمكان كذا فمكان كذا، وإن كان نزوله في وقت واحد. واستدلوا على ذلك بما ورد من نحو قول الشاعر:

قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزل        بسقط اللوى بين الدخول فحومل[2]


فالفاء في (فحومل) في موضع الواو؛ لأن البينيّة - كما تقدم - تقتضي العطف بالواو، قال بعضهم: "ولولا أن الفاء بمعنى الواو لفسد المعنى؛ لأنه لا يريد أن يصيره بين الدخول أولاً، ثم بين حومل، وهذا في الشعر كثير[3].


ورفض المانعون هذا الشاهد وأمثاله وتأولوا كل ما ظاهره مجيء الفاء بمعنى الواو؛ منعاً للخلط والتداخل بين الحروف، فأجابوا عن هذا الشاهد السابق بأن في البيت حذفاً، والتقدير: بين مواضع الدخول فمواضع حومل.

 

وعلى هذا النحو جرى السجال بين المؤيدين والمانعين حول هذا المسلك في الفاء في كثير من الآيات القرآنية الكريمة، ومن هذه الآيات - على سبيل المثال - قوله تعالى: ﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾ [الأعراف: 4]؛ لأنه لما كان البأس سابقاً في الوجود على الإهلاك، واقعاً قبله، وهو في الآية مؤخر عنه، ذهب بعض النحاة - ومنهم الفراء[4] - إلى جواز أن تكون الفاء في الآية لمطلق الجمع كالواو، فلا تفيد الترتيب، وأن المعنى على تقدير: أهلكناها وجاءها بأسنا. وأجاب المانعون عن ذلك بعدة أجوبة[5]: منها أن الآية على تقدير محذوف، والمعنى: وكم من قرية أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا، وعليه فالفاء على بابها من الدلالة على الترتيب المعنوي، إذ مجيء البأس تال لإرادة الإهلاك. ومنها أن الفاء في الآية للترتيب الذكرى الذي منه عطفُ مفصلٍ على مجملٍ، هو هو في المعنى، كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ﴾ [الواقعة: 35 - 36]، وهذا مما تنفرد به الفاء.


ومن هذه الآيات أيضاً قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ﴾ [النجم: 8]، والمقصود - على أحد الوجوه - جبريل عليه السلام، فقد ذهب بعض النحاة والمفسرين إلى أن الفاء في (فتدلى) بمعنى الواو؛ لأنها لا تفيد الترتيب[6]، والتقدير: ثم دنا وتدلى؛ إذ التدلِّي، وهو النزول، سابق على الدُنُوَ، سببٌ له، والدنو، وهو القرب، تالٍ للتدلي ناتجٌ عنه. كما ذهب الفراء في توجيه ذلك إلى أنه لما كان معنى الفعلين واحداً، أو كالواحد، جاز تقديم أيهما على الآخر[7]، فيقال: دنا فقرُب، وقَرُب فدنا، كما يقال: شتمني فأساء، وأساء فشتَمَني؛ لأن الإساءة والشتم شيء واحد، فدخول الفاء هنا - إذن - ليس موجباً للافتراق، بل قد تكون الفاء بمعنى الواو. وإذا كان من المقرر لدى النحاة أن عطف المرادف هو من خصائص الواو، ففي هذا دليل على كون الفاء هنا بمعنى الواو.


ومن الآيات الأخرى التي يمكن أن تُحْمَل فيها الفاء على أنها بمعنى الواو قوله تعالى: ﴿ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ ﴾ [هود: 70 - 71]؛ لأنه إذا ما حملنا الضحك في هذه الآية على حقيقته المعروفة المتبادرة إلى الذهن، أو على أنه بمعنى التعجب من هذه البشرى لكبر سنها وسن زوجها؛ بدليل الآية التالية، على ما ذكر جمهور اللغويين والمفسرين[8]، فإن الفاء في (فبشرناها) سوف لا تفيد ترتيباً ولا تعقيباً؛ لأن الأصل أن الضحك على كلا المعنيين السابقين مترتب على البشارة، وأن البشارة متقدمة في المعنى على الضحك بهذين المفهومين[9]. أما إذا حملنا الفعل (ضحكت) على أن معناه: حاضت، كما يرى بعض العلماء؛ إذ الضحك من أسماء الحيض، فالفاء على بابها من الدلالة الترتيب والسببية. والتوجيه الأول عندي هو الأقرب والأرجح؛ بدليل تقدم البشارة وتأخر الإقبال والصكّ على الوجه المعطوفين بالفاء من الدالة على الترتيب والتعقيب في قوله تعالى: ﴿ قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ * فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ﴾ [الذاريات: 28 - 29]، مع أن القصة في السورتين واحدة.



[1] انظر: مفاتيح الغيب للرازي 24 /159.

[2] انظر: شرح التسهيل 3 /352، والجنى الداني ص 61 – 64، والمغني ص 167 – 169.

[3] انظر: الجنى الداني ص 63، والمغني ص 168.

[4] البيت لامرئ القيس في معلقته، انظر: ديوانه، ت: الأستاذ مصطفى عبد الشافي، دار الكتب العلمية – بيروت، ط 5 – 2004م، ص 110.

[5] الصاحبي لابن فارس ص 143.

[6] هذا وإنْ كان الفراء قد وجه أيضاً استعمال الفاء في الآية بوجه آخر، وهو أن البأس والإهلاك لما كانا يقعان معاً في حال واحدة، كما تقول، أعطيتني فأحسنت، فلم يكن الإحسان بعد الإعطاء ولا قبله، وإنما وقعا معاً – استجيز ذلك، فلما تلازما لم يبال أيهما قدم في الرتبة. انظر: معاني القرآن للفراء/ 371، 372.

[7] انظر: الجامع لأحكام القرآن 7 /162، والجنى الداني ص 62، والمغني ص 168.

[8] انظر: الجامع لأحكام القرآن 17 /89، واللباب في علوم الكتاب 18 /162.

[9] انظر: معاني القرآن للفراء 3 /95.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة