• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

العقل في معاجم العرب: ميزان الفكر وقيد الهوى

العقل في معاجم العرب: ميزان الفكر وقيد الهوى
محمد ونيس


تاريخ الإضافة: 14/8/2025 ميلادي - 20/2/1447 هجري

الزيارات: 303

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العقل في معاجم العرب: ميزان الفكر وقيد الهوى


لم يكن العقل في لغة العرب محض آلة للفهم؛ بل كان ركيزةً في بناء الإنسان الرشيد، وحارسًا من الزلل، ودليلًا إلى مكارم الأخلاق. تنوَّعت تعريفات اللُّغويين له، لكنها اتفقت على كونه قوة معنوية تضبط القول والفعل، وتُوجِّه السلوك نحو الخير. في هذا المقال، نقف على أبرز معاني العقل في المعاجم العربية، ونستخلص ما تدل عليه هذه الرؤية من فهم أصيل لوظيفة العقل ومكانته[1].

 

العقل مأخوذ من مادة (ع ق ل)، ويرجع أصلها اللغوي إلى المنع والحبس والإمساك، ومنه قولهم:

ـ اعتقل لسانه؛ أي: حُبِس عن الكلام[2].

ـ اعتقل الدواء بطنه؛ أي: أمسكه ومنعه من الإسهال[3].

ـ اعتقله؛ أي: حبسه حتى يُحاكَم[4].

 

ومن أمتع ما قيل في تأصيل اللفظ ما ذكره ابن فارس في "مقاييس اللغة"؛ حيث قال: "عقل: أصلٌ يدلُّ على حُبْسة في الشيء، أو ما يقارب الحبسة. ومنه: العقل؛ لأنه الحابس عن ذميم القول والفعل".

 

ثم جاء "لسان العرب" - وهو من أوسع معاجم اللغة- ليؤكد المعنى فيقول: "العقل هو التثبُّت في الأمور، ويطلق على القلب، وسُمِّي بذلك لأنه يعقل صاحبه؛ أي: يحجزه ويمنعه من التورُّط في المهالك.

 

كما قيل: هو التمييز الذي به يتميَّز الإنسان عن سائر الحيوان.

 

ويقال: "لفلان قلبٌ عقول، ولسانٌ سؤول".

 

أما "القاموس المحيط" فقال في تعريفه: "العقل: العلم، أو العلم بصفات الأشياء من حسنها وقبحها وكمالها ونقصانها، أو العلم بخير الخيرين وشر الشرين، أو قوة بها يكون التمييز بين القبح والحسن، ولمعانٍ مجتمعة في الذهن.

 

وهو هيئة محمودة للإنسان في حركاته وكلامه. والحق أنه نور روحاني، به تُدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية، وابتداء وجوده عند اجتنان الولد، ثم لا يزال ينمو إلى أن يكتمل عند البلوغ".

 

وفي المعجم الوسيط جاء: "العقل: ما يكون به التفكير والاستدلال، وتركيب التصوُّرات والتصديقات.

 

وهو ما يُميز به الإنسان بين الحسن والقبيح، والخير والشر، والحق والباطل.

 

ثم في المعجم الغني ورد: "العقل: مصدر (عَقَلَ)، وهو قوة الإدراك والتمييز والتفكير عند الإنسان، وجمعه: عقول".

 

خلاصة المعاني اللغوية:

يُستخلَص من التعريفات اللُّغوية ما يلي:

1ـ العقل أمر معنوي:

تعامَل أهل اللغة مع العقل بوصفه أمرًا معنويًّا لا ذاتًا محسوسة، بدليل تعريفهم له كمصدر للفعل "عقل". والمصدر- كما هو معلوم في العربية- لا يُطلَق على الذوات؛ بل على المعاني المجردة.

 

2ـ التركيز على الوظيفة دون الماهية:

انصرفت التعريفات إلى بيان وظائف العقل: كالإدراك، والتمييز، والحبس عن الخطأ، دون التعرض لحقيقته أو ماهيته الذاتية. فقد تناولوها من جهة آثاره ومخرجاته لا من جهة ذاته؛ مما يعزز النظر إليه بوصفه معنى مجردًا لا كيانًا ماديًّا.

 

3ـ العقل والقلب:

ذهب بعضهم إلى أن العقل هو القلب، أو أن القلب هو العقل، وهذا الترادُف بينهما يُفيد في مبحث لاحق مهم، هو: أين يقع العقل؟

 

4ـ غياب ذكر الدماغ:

لم تتضمن هذه التعريفات أي إشارة إلى الدماغ كمحلٍّ للعقل، وهو ما يُبرز اختلافًا جوهريًّا بين التصوُّر اللغوي القديم والتصور العلمي الحديث؛ مما يُمهِّد لمقارنة مفيدة بين الرؤى: اللغوية، والشرعية، والطبية، في موضوع العقل.

 

5ـ فائدة العقل:

ومما يُستفاد من المعاني اللغوية أن الله- عز وجل- وهب الإنسان العقل لفائدة عظيمة، وهي أن يُميِّز به بين ما ينفعه وما يضرُّه، فيسعى به إلى تحصيل أجلِّ المنافع، ويتجنب به سائر المضار، ويهتدي به إلى معالي الأمور وكرائم الأفعال.

 

وقد نبَّه القرآن الكريم إلى هذه الوظيفة الجليلة في مواضع كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]، فالعقل الحقُّ هو ما يقود صاحبه إلى أحسن القول وأقوم العمل.

 

6ـ الأصل اللغوي لمعنى العقل:

تُظهر المعاني أن مادة "عقل" ومشتقاتها ترجع في أصلها إلى المنع والحبس والإمساك.

 

ويتبين من ذلك أن العقل في لسان العرب لم يكن أمرًا ماديًّا يُنسَب إلى عضوٍ بعينه، بل كان قوةً معنويةً رفيعةً تُدير بها النفس أفكارها، وتُقوِّم بها سلوكها، وتسترشد بها إلى معالي الأمور.

 

لكن هذا العقل- مع جلال منزلته- ليس مستقلًّا عن الوحي، ولا قادرًا بمفرده على إدراك كل حق، بل هو أداة للفهم والتفكر إذا استضاء بنور الشرع، واهتدى بهديه.

 

فمن جلال العربية أن قدمت للعقل وصفه ووظيفته، دون أن ترفعه إلى منزلة العصمة، وجعلته ميزانًا لا مشرِّعًا، ودليلًا لا غاية.



[1] ذكر أهل اللغة معانيَ متعددةً ومتنوعةً للعقل، وقد اخترتُ منها ما يوافق سياق هذا المبحث.

[2] معجم الرائد.

[3] معجم الرائد.

[4] معجم الرائد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة