• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ محمد خير رمضان يوسفأ. محمد خير رمضان يوسف شعار موقع  الأستاذ محمد خير رمضان يوسف
شبكة الألوكة / موقع أ. محمد خير رمضان يوسف / الواضح في التفسير


علامة باركود

الواضح في التفسير الحلقة الثامنة والستون

الواضح في التفسير الحلقة الثامنة والستون
أ. محمد خير رمضان يوسف

تاريخ الإضافة: 18/8/2015 ميلادي - 3/11/1436 هجري
زيارة: 1410

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الواضح في التفسير

[الحلقة الثامنة والستون]


الجزء الثاني والعشرون

سورة الأحزاب

[الآيات 31 - 73]

 

﴿ وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً ﴾ [الأحزاب: 31]

31- ومَنْ يَخشَعْ مِنكُنَّ وتَستَجِبْ لأمرِ اللهِ ورَسُولِه، وتَعمَلْ عمَلاً صالِحاً، مِنْ عِبادَةٍ ونفَقَةٍ وصِلَةٍ وغَيرِها، نُضاعِفْ لها الثَّواب، وهيَّأنا لها رِزقًا حسَنًا مَرضيًّا في الجنَّة.

 

﴿ يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ﴾ [الأحزاب: 32]

32- يا نِساءَ النبيِّ، لَستُنَّ في القَدْرِ والمَنزِلَةِ مِثلَ سائرِ النِّساءِ إنْ داوَمتُنَّ على طاعَةِ اللهِ ورَسولِه، لِما امتَزْتُنَّ بهِ مِنْ شرَفِ الزَّوجيَّةِ لرَسُولِ اللهِ وأُمومَةِ المؤمِنين، فلا تُلِنَّ القَولَ، ولا تُرَقِّقْنَ الكلامَ إذا خاطَبتُنَّ الرِّجال، فيَطمَعَ مَنْ كانَ في قَلبِهِ فُجورٌ أو شَهوَةٌ ويَجِدَ سَبيلاً إلى الطَّمَعِ فيكُنّ، وقُلْنَ قَولاً حسَنًا فيهِ خَيرٌ وصَلاح، مِنْ غَيرِ خُضُوع.

 

﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ [الأحزاب: 33]

33- والْزَمْنَ بيوتَكُنَّ ولا تَخرُجْنَ مِنْ غَيرِ حاجَة، ولا تَمشِينَ بتبَختُرٍ وتكَسُّرٍ وتغَنُّج، ولا تُبدِينَ مَحاسِنَكُنَّ كشَأنِ الجاهِليَّة، وحافِظْنَ على إقامَةِ الصَّلاة، وآتِينَ الزَّكاةَ مِنْ أموالِكُنَّ لمُستَحِقِّيها، ودَاوِمْنَ على طاعَةِ اللهِ ورَسولِهِ واثبُتْنَ عَليها، إنَّما يُريدُ اللهُ بهذهِ الأحكامِ والتَّوجيهاتِ أنْ يُذْهِبَ عنكمُ الآثامَ والذُّنوبَ يا أهلَ البَيت، ويُطَهِّرَكمْ مِنها تَطهيرًا بَليغًا.

 

﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ﴾ [الأحزاب: 34]

34- واذْكُرْنَ فَضْلَ اللهِ عَليكُنَّ وما ميَّزَكُنَّ به، مِنْ ذلكَ نُزولُ الوَحي في بُيوتِكُنَّ دونَ سَائرِ النَّاس، فاعْمَلْنَ بما أُنزِلَ على رَسُولِهِ مِنَ الآياتِ البَيِّنات، وسُنَّةِ نَبيِّهِ صلى الله عَليه وسلم، وعَلِّمْنَها النَّاس، واللهُ لَطيفٌ بعِبادِهِ المؤمِنين، عالِمٌ بما يُصلِحُ شَأنَهم.

 

﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 35]

35- في حَديثٍ حسَنٍ أو صَحيح، أنَّ أُمَّ عُمارَةَ الأنصاريَّةَ رَضيَ اللهُ عنها أتَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَت: ما أرَى كُلَّ شَيءٍ إلاّ للرِّجال، وما أرَى النِّساءَ يُذْكَرْنَ بشَيء. فنزَلَتِ الآيَة.

 

إنَّ المُسلِمينَ والمُسلِمات: الدَّاخِلينَ تَحتَ مِظَلَّةِ الإسلام، المُنقادِينَ لحُكمِ الله. والمؤمِنينَ والمؤمِنات: المُصَدِّقينَ باللهِ ورَسولِه، المُخلِصينَ في إيمانِهم. والقانِتينَ والقَانِتات: القائمِينَ بالطَّاعَة، المُمتَثِلينَ أمرَ اللهِ ورَسُولِه. والصَّادِقينَ والصَّادِقات: في أقوالِهم، فإنَّ الصِّدْقَ يَهدي إلى البِرّ، وهوَ مِنْ دَلائلِ الإيمان. والصَّابِرينَ والصَّابِرات: عنِ المعاصي، وعلى ما أُمِروا بهِ مِنَ الطَّاعَة، وعلى ما يُقَدِّرُهُ اللهُ عَليهمْ مِنَ البَلايا. والخاشِعينَ والخاشِعات: المُتَواضِعينَ للهِ بقُلوبِهمْ وجَوارِحِهم، الخائفِينَ مِنْ غضَبِهِ وعُقوبتِه. والمُتصَدِّقينَ والمُتصَدِّقات: زَكاةً ممّا يَجِبُ عَليهم، وتَطوُّعًا وإحسَانًا ومَعروفًا معَ النَّاس. والصَّائمينَ والصَّائمات: فَرْضًا أو نَفْلاً. والحافِظينَ فُروجَهمْ والحافِظات: عمَّا لا يَحِلُّ لهم. والذَّاكِرينَ اللهَ كَثيرًا والذَّاكِرات: باللِّسانِ والقَلب، قائمينَ وقاعِدينَ ومُضطَجِعين، تَسبيحًا وتَحميدًا وتَكبيرًا وتَهلِيلاً، وقِراءَةً للقُرآن؛ هيَّأ اللهُ للمُتَّصِفينَ بتلكَ الصِّفاتِ الجَليلَة، جزاءَ طاعَتِهمْ وإخلاصِهم، ذكورًا وإناثًا: مَغفِرَةً لِما اقتَرَفوهُ مِنَ الذُّنوب، وثَوابًا عَظيمًا، هوَ الجنَّة.

 

﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ﴾ [الأحزاب: 36]

36- ولا يَصِحُّ ولا يَستَقيمُ لرَجُلٍ ولا لامرَأةٍ مِنَ المؤمِنينَ إذا حكمَ اللهُ ورسُولُهُ بشَيء، أنْ يَختارُوا مِنْ أمرِهمْ ما شَاؤوا، بلِ الواجِبُ عَليهمْ أنْ يَسمَعوا ويُطيعوا، ومَنْ يَعْصِ اللهَ ورَسُولَهُ ويَعْمَلْ برَأيهِ وهَواه، دونَ حُكمِ اللهِ ورَسُولِه، فقدْ ضَلَّ عنْ طَريقِ الحقّ، وانحرَفَ انحِرافًا بَيِّنًا.

 

وقدْ نزَلَتْ في ابنَةِ عَمَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَينبَ بنتِ جَحش، عندَما طَلبَ منها أنْ تقبَلَ الزَّواجَ مِنْ مَولاهُ زيدِ بنِ حارِثَة، فأبَت، فنزَلَتِ الآيَة، فوافقَت.

 

﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً ﴾ [الأحزاب: 37]

37- واذكُرْ قَولكَ – أيُّها النبيُّ - لمَولاكَ زَيدٍ، الذي أنعمَ اللهُ عليهِ بالإسْلام، وأنعَمتَ عليهِ بالعِتقِ مِنَ الرِّقِّ ومَزيدِ القُرب: أَبْقِ على زَوجَتِكَ زَينَب، واتَّقِ اللهَ في أمرِها، ولا تُطَلِّقْها. وكانَ قدِ اشتَدَّ لِسانُها عليه، رَضيَ اللهُ عنهما. وتُسِرُّ في نَفسِكَ أيُّها الرَّسُولُ ما اللهُ مُظهِرُه، وهوَ أنَّ زَيدًا سيُطَلِّقُها وتتَزَوَّجُها بعدُ، وتَخافُ منِ اعتِراضِ النَّاسِ ولَومِهم، لكَونِكَ تزوَّجتَ زَوجةَ مَنْ تبَنَّيتَهُ سابِقًا بعدَ طَلاقِها منه، واللهُ أحَقُّ وأَولَى أنْ تَخافَهُ في كُلِّ أمر.

 

فلمَّا قضَى زَيدٌ حاجتَهُ منها وطلَّقَها، جَعلناها زَوجةً لك، حتَّى لا يَبقَى حرَجٌ على المؤمِنينَ في الزَّواجِ مِنْ زَوجاتِ أدعيائهمُ الذينَ تبنَّوهمْ مِنْ قَبل، بعدَ طلاقِهِنَّ وانقِضاءِ عِدَّتِهنّ، وكانَ أمرُ اللهِ وحُكمُهُ نافِذًا وحاصِلاً لا مَحالَة.

 

وكانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قدْ تبنَّى زَيدَ بنَ حارِثَةَ قَبلَ النبوَّة، فكانَ يُقالُ لهُ "زَيدُ بنُ محمَّد" فنزَلَ الوَحيُ بمَنعِ التبَنِّي، كما مرَّ في الآيَتَينِ الرَّابِعَة والخامِسَةِ مِنْ هذهِ السُّورَة.

 

﴿ مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً ﴾ [الأحزاب: 38]

38- ما كانَ هناكَ إثمٌ ولا حرَجٌ على النبيِّ فيما قسَمَ اللهُ لهُ وأحلَّه، وهذهِ سُنَّةُ اللهِ في أنبِيائهِ مِنْ قَبل، فلا يأمرُهمْ بشَيءٍ يَكونُ فيهِ عَليهمْ إثم، وكانَ أمرُ اللهِ وحُكمُهُ كائنًا ووَاقِعًا، لا مَعدِلَ عنه.

 

﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ﴾ [الأحزاب: 39]

39- الذينَ يُبَلِّغونَ رِسالاتِ اللهِ إلى النَّاسِ ويُؤَدُّونَها بأمانَة، ويَخافُونَهُ ولا يَعصُونَه، ولا يَخافُونَ أحَدًا سِوَاه، مَهما كذَّبَهمُ المُناوئونَ وآذَوهمْ وسَخِروا منهم، وكفَى باللهِ مُراقِبًا أعمالَ عِبادِه، ومُحاسِبَهمْ عَليها.

 

﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾ [الأحزاب: 40]

40- ما كانَ محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم أبا أحَدٍ مِنْ رِجالِكم، فليسَ هوَ أبًا لزَيدٍ وإنْ كانَ تبنَّاهُ قَبلَ النبوَّة، ولكنَّهُ رَسُولُ اللهِ إليكمْ وإلى النَّاسِ أجمَعين، وخاتَمُ الأنبِياءِ كُلِّهم، فلا نَبيَّ بَعدَه. وهوَ رَحيمٌ بكم، ومُشفِقٌ عَليكمْ كالأب. واللهُ عَليمٌ بكُلِّ شَيءٍ في الكَونِ مِنْ أمورِ النَّاسِ وغَيرِهم، لا تَخفَى عَليهِ خافِيَة.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾ [الأحزاب: 41]

41- أيُّها المؤمِنون، اذكُروا الله، بالتَّسبيح، والتَّحميد، والتَّكبير، والتَّهليل، والتَّمجيد، والتَّقديس، ذِكْرًا كثيرًا، يَعُمُّ أغلبَ الأوقَاتِ والأحوَال، على ما هداكمْ إلى الإيمَان، وأنعمَ عَليكمْ بأنوَاعِ النِّعَم.

 

﴿ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ [الأحزاب: 42]

42- وقَدِّسُوهُ ونَزِّهوهُ مِنَ الشِّركِ والنَّقصِ وكُلِّ ما لا يَليقُ بجَلالِه، صَباحًا ومَساءً.

 

﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ﴾ [الأحزاب: 43]

43- واللهُ يَذكرُكمْ ما ذَكرْتُموه، ويَرحَمُكمْ بذلك، ويُثني عَليكمْ عندَ مَلائكتِه، وهمْ يَدعونَ ويَستَغفِرونَ لكمْ كذلك، ليُخرِجَكمْ مِنْ ظُلُماتِ الجَهلِ والمعاصِي إلى نُورِ العِلمِ والإيمانِ والطَّاعَة، وكانَ رَحيمًا بالمؤمِنينَ إذْ هَداهُمْ للحَقِّ في الحيَاةِ الدُّنيا، وأعدَّ لهمْ ما يَسُرُّهمْ في الآخِرَة.

 

﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾ [الأحزاب: 44]

44- والتحيَّةُ التي يُحَيَّونَ بها يَومَ لِقائه، هوَ قَولُهُ جَلَّ جَلالُهُ لهم: سَلَام، ويَعني: سَلِمتُمْ مِنْ كُلِّ مَخُوف، وهَنِئتُمْ بكُلِّ خَير. وهيَّأ اللهُ لهمْ مَكانًا حسَنًا وثَوابًا طيِّبًا.

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ﴾ [الأحزاب: 45]

45- أيُّها النبيُّ الكريم، لقدْ أرسَلناكَ شاهِدًا على أنَّ الرُّسُلِ قامُوا بتبلِيغِ رِسالَةِ رَبِّهم، وشاهِداً على مَنْ بُعِثتَ إليهم، تُشاهِدُ أحوالَهمْ ومَواقِفَهمْ مِنَ الرِّسالَة، ومُبَشِّرًا للمؤمِنينَ المُطيعِينَ بالجنَّة، ومُنذِرًا للكافِرينَ والعاصِينَ بالنَّار.

 

﴿ وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ﴾ [الأحزاب: 46]

46- وداعيًا للخَلقِ إلى تَوحيدِ اللهِ وطاعَتِهِ بأمرِهِ لك، وكالسِّراجِ المُضيءِ الذي يُنيرُ الطَّريقَ في الظَّلامِ الدَّامِس، فيُهتدَى بكَ في ظُلُماتِ الجَهلِ والضَّلال.

 

﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً ﴾ [الأحزاب: 47]

47- وبَشِّرِ المؤمِنينَ منهمْ بأنَّ لهمْ ثَوابًا عَظيمًا وعَطاءً جَزيلاً يَومَ القِيامَة.

 

﴿ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ﴾ [الأحزاب: 48]

48- ولا تَسمَعْ مِنَ الكافِرينَ والمُنافِقينَ ولا تُشاوِرْهم، ولا تُدارِهمْ في أمرِ الدَّعوَةِ ولا تُلِنْ جانِبَكَ لهم، ولا تُبالِ بإيذائهم، واصبِرْ على ما يَنالُكَ منهم، وكِلْ أمرَهمْ إلى الله، واعتَمِدْ عَليهِ وثِقْ بهِ في جَميعِ أمُورِك، وكفَى باللهِ حافِظًا.

 

وذكَروا أنَّها مَنسوخَةٌ بآيةِ القِتال.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً ﴾ [الأحزاب: 49]

49- أيُّها المؤمِنون، إذا عقَدتُمْ على المؤمِنات، ثمَّ طلَّقتُموهنَّ قبلَ أنْ تُجامِعوهُنّ، فلا تَلزَمهُنِّ العِدَّة، ولهنَّ أنْ يتزَوَّجْنَ بعدَ الطَّلاقِ مُباشَرة، فأعطوهُنَّ المُتعَة، وهوَ ما تُكْرَمُ بهِ المرأةُ المطَلَّقةُ مِنْ مالٍ أو مَتاع، ويَختَلِفُ بحسَبِ حالِ الزَّوجِ وعُرفِ البلَد. وخَلُّوا سَبيلَهنَّ مِنْ غَيرِ إضرارٍ بهنّ، فلا تُؤذوهُنَّ ولا تُسمِعوهُنَّ كلامًا جارِحًا.

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ [الأحزاب: 50]

50- أيُّها النبيُّ الكريم، لقدْ أحلَلنا لكَ مِنَ النِّساءِ زَوجاتِكَ اللَّواتي أعطَيتَهُنَّ مُهورَهُنّ، وأبَحنا لكَ التَّسَرِّيَ بما تمَلَّكتَهُنَّ عنْ طَريقِ الغنائم، والزَّواجَ مِنْ بَناتِ عَمِّك، وبَناتِ عمَّاتِكَ مِنْ نِساءِ قُرَيش، وبَناتِ خالِك، وبَناتِ خالاتِكَ مِنْ بَني زُهْرَة، اللَّاتي هاجَرْنَ معكَ مِنْ مكَّةَ إلى المدينَة، ويَحِلُّ لكَ الزَّواجُ مِنَ المرأةِ التي وهَبَتْ نَفسَها لك، إنْ شِئتَ أنْ تَتزَوَّجَها بغَيرِ صَداقٍ خالِصَةً لك، لا تَحِلُّ لأحَدٍ غَيرِكَ في الدُّنيا والآخِرَة.

 

واختُلِفَ في تَعيينِ الواهِبَةِ نَفسَها، وقدْ تَعَدَّدْنَ، كما يأتي في الآيَةِ التَّاليَة، وقدْ زَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم واحِدةً أحَدَ أصحابِهِ بما معَهُ مِنَ القُرآن، حيثُ لم يَكنْ لهُ حاجَةٌ في النِّساء.

 

قدْ عَلِمنا وبَيَّنَّا ما فرَضنا على المسلِمينَ في الزَّواجِ مِنَ الأحكام، وهوَ ألاّ يَتزَوَّجوا أكثرَ مِنْ أربَعِ نساءٍ حَرائر، مع اشتِراطِ الوَليِّ والمَهرِ والشُّهودِ ، وما أوجَبنا مِنَ الأحكامِ عليهمْ في التزوُّجِ بالإماء، ولم نُوجِبْ عَليكَ شَيئًا منه، فاختارَ اللهُ لكَ ما هوَ أَولَى وأفضَلُ في دُنياك، وزادَكَ الواهِبَةَ نَفسَها لكَ مِنْ غَيرِ عِوَض، لئلاّ يَكونَ عَليكَ ضِيقٌ في ذلك. وكانَ اللهُ واسِعَ المَغفِرَة، كثيرَ الرَّحمَة.

 

﴿ تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً ﴾ [الأحزاب: 51]

51- تُؤخِّرُ الزَّواجَ بمَنْ تَشاءُ مِنَ النِّساءِ الواهِباتِ أنفُسَهُنَّ لك، وتُؤوي إليكَ مَنْ تَشاءُ مِنهُنَّ فتَتزَوَّجُهنّ، ومَنْ ردَدْتَها فبإمكانِكَ أنْ تَعودَ فتُؤويها إليك، لا حرَجَ عَليكَ في ذلك.

 

وفي الصَّحيحَينِ وغَيرِهما قَولُ عائشَةَ رَضيَ اللهُ عنها: كنتُ أَغَارُ على اللَّاتي وهَبْنَ أنفُسَهُنَّ لرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأقول: أتَهَبُ المرأةُ نَفسَها؟ فأنزلَ اللهُ تَعالَى الآيَة. اهـ.

 

وهذا التَّخييرُ الذي خيَّرَكَ اللهُ معَهُنَّ أقرَبُ إلى رِضاهُنّ، وأقَلُّ لحُزنِهنّ، إذا عَلِمْنَ أنَّ هذا الأمرَ مِنَ الله، ويَرضَيْنَ بما أعطَيتَهُنَّ كُلَّهُنّ، واللهُ يَعلَمُ ما في قُلوبِكمْ مِنْ أمرِ النِّساءِ والمَيلِ إلى بَعضِهنّ. واللهُ عَليمٌ بما في الضَّمائرِ والسَّرائر، حَليمٌ، يَعفو عمَّا يَغلِبُ على القَلبِ مِنَ الميولِ ونَحوِها.

 

﴿ لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً ﴾ [الأحزاب: 52]

52- لا يَحِلُّ لكَ أيُّها النبيُّ أنْ تتَزوَّجَ نِساءً أُخرَياتٍ بعدَ هذهِ التِّسع، اللَّواتي خَيَّرْتَهُنَّ فاختَرْنَك، جزاءً على صَنيعِهِنَّ، ولا أنْ تَستَبدِلَ بهنَّ غَيرَهُنَّ، بأنْ تُطَلِّقَ واحِدَةً وتَتزَوَّجَ بدَلَها، ولو أعجبَكَ جَمالُهنّ، إلاّ أنْ يَكُنَّ إماءً، فلَكَ الزَّواجُ بما شِئتَ منهُنّ. وكانَ اللهُ حافِظًا ومُطَّلِعًا على كُلِّ شَيء، فاحذَروا تَجاوزَ حُدودِه.

 

وهناكَ اختِلافٌ بينَ المفَسِّرينَ في كونِ الآيَةِ مَنسوخَةً أو مُحكَمَة.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 53]

53- أيُّها المؤمِنون، لا تَدخُلوا مَنازِلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ أنْ تُدْعَوا إلى طَعامٍ فيُؤذَنَ لكمْ لِتأكُلوه، غَيرَ مُنتَظِرِينَ نُضْجَهُ واستِواءَه، ولكنْ إذا دُعِيتُمْ فادخُلوا وكُلُوا، فإذا أكَلتُمْ فتَفَرَّقوا واخرُجوا مِنْ مَنزِلِه، ولا تَجلِسوا لتَستأنِسوا بالحَديث، فإنَّ ذلكَ يَشُقُّ على النبيِّ لأُمورٍ تَخصُّهُ وأهلَه، وهوَ يَستَحيي أنْ يَطلُبَ منكمُ الانصِراف، واللهُ لا يَترُكُ تأديبَكمْ وبيانَ الحَقِّ حيَاءً.

 

وإذا أرَدتُمْ حاجَةً مِنْ أزواجِهِ، فاطلبوها مِنْ وراءِ سِتر، فهوَ أطهَرُ وأطيَبُ لقُلوبِكمْ وقُلوبِهنَّ مِنَ الشُّكوكِ والخَواطرِ الشَّيطانيَّة.

 

ولا يَحِلُّ ولا يَستَقيمُ لكمْ أنْ تَفعَلوا ما يتأذَّى منهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ويَكرَهُهُ في شَيءٍ مِنَ الأشيَاء، ولا أنْ تَنكِحوا زَوجاتِهِ بعدَ وفاتِهِ أبَدًا، فإنِّ ذلكَ كانَ عندَ اللهِ أمرًا عَظيمًا وذَنْبًا كبيرًا.

 

﴿ إِن تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾ [الأحزاب: 54]

54- إنْ تُظهِروا شَيئًا على ألسِنَتِكم، أو تُسِرُّوهُ في صُدورِكم، فإنَّ اللهَ يَعلَمُه، ولا يَخفَى عليهِ شَيء، وسيُجازيكمْ على ما تَعمَلون.

 

﴿ لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ﴾ [الأحزاب: 55]

55- ولا إثمَ عَليهِنَّ في تِرْكِ الحِجابِ أمامَ آبائهنّ، وأبنائهنّ، وإخوانِهنّ، وأبناءِ أخَواتِهنّ، والنِّساءِ المسلِمات، وما ملَكَتْ أيمانُهنَّ مِنَ الإماء [وتَفصيلُهُ في الآيَةِ 31 مِنْ سُورَةِ النُّور]، واخشَينَ اللهَ في كُلِّ ما تأتِينَ وتَذَرُنّ، في السرِّ والعَلانيَة، إنَّ اللهَ شاهِدٌ على أعمالِ العِبادِ كُلِّها، لا يَخفى عليهِ شَيءٌ مِنْ أمورِهمْ وأمورِهنّ.

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56]

56- إنَّ اللهَ يُصَلِّي على النبيِّ محمَّدٍ، فيُثْنِي عَليهِ عندَ ملائكَتِهِ المقرَّبين، ويُعْلِي ذِكرَهُ ويَرحَمُه، والملائكَةُ يُصَلُّونَ عَليهِ ويَدْعُونَ له، على كثرَتِهم، وفي كُلِّ الأوقات، فصَلُّوا عَليهِ أنتُمْ أيضًا أيُّها المؤمِنون، وهو دُعاءٌ لهُ بالرَّحمَةِ وبرَفعِ درَجَتِهِ عندَ رَبِّه، اقتِداءً منكمْ باللهِ وملائكتِه، ولِما لهُ مِنْ حَقٍّ عَليكم، وتَعظيمًا لهُ ومحبَّةً وإكرامًا، وسَلِّموا عليه، أي قُولوا: السَّلامُ عَليكَ أيُّها النبيُّ ورَحمَةُ اللهِ وبرَكاتُه.

 

وأكمَلُ هيئاتِ الصَّلاةِ على رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كما جاءَ مِنْ قَولِهِ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في صَحيحِ مُسلِم: "اللهمَّ صَلِّ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّد، كما صَلَّيتَ على آلِ إبراهيم، وبارِكْ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّد، كما بارَكتَ على آلِ إبراهيم، في العَالَمينَ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيد".

 

وجاءَ في صَحيحِ مُسلِمٍ قَولُهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: "مَنْ صلَّى عليَّ صَلاةً، صلَّى اللهُ عَليهِ بها عَشْرًا".

 

اللهمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلى نَبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِهِ صَلاةً وسَلامًا دائمَينِ لا يَنقَطِعانِ إلى يَومِ الدِّين.

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ﴾ [الأحزاب: 57]

57- إنَّ الذينَ يؤذُونَ الله، بالكُفرِ به، أو الشِّركِ وما إليه، ويُؤذُونَ رَسُولَه، بتَكذيبِه، والاستِهزاءِ به، أورَميهِ بالكَهانَةِ وغَيرِها ممّا يمَسُّ نبوَّتَه، لعَنَهمُ اللهُ وأبعَدَهمْ مِنْ رَحمَتِه، في الحيَاةِ الدُّنيا وفي الآخِرَة، وهَيَّأ لهمْ عَذابًا مُذِلاًّ ومُهينًا في الآخِرَة.

 

﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾ [الأحزاب: 58]

58- والذينَ يؤذونَ المؤمِنينَ بقَولِ أو فِعلٍ، بغَيرِ جِنايَةٍ يَستَحِقُّونَها، أو يَنسِبونَ إليهمْ ما لم يَفعَلوهُ ولم يَقولوه، فقدْ قالوا كَذِبًا فَظيعًا، وارتكَبوا إثمًا ظاهِرًا وفِعلاً شَنيعًا.

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ [الأحزاب: 59]

59- أيُّها النبيُّ الكريم، مُرْ زَوجاتِكَ وبناتِكَ ، ونِساءَ المؤمِنينَ جَميعًا، بأنْ يَستَتِرْنَ ويَحتَشِمْنَ، ويُرْخِينَ عَليهِنَّ مِنْ أردِيَتِهنَّ ومُلائهِنَّ، فإنَّ ذلكَ أقرَبُ أنْ يُميَّزْنَ عنِ المتبَرِّجاتِ والعَواهِرِ ومَنْ إليهِنَّ، فلا يُتَعَرَّضُ لهنَّ بسُوءٍ مِنْ قِبَلِ الفاسِقين. واللهُ كثيرُ المغفِرَةِ لمَنْ خالَفَ ثمَّ تابَ فالتزَم، وكثيرُ الرَّحمَة، فيَعفُو ويَرحَم.

 

﴿ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [الأحزاب: 60]

60- إذا لم يَنتَهِ المُنافِقونَ عمَّا همْ عليهِ مِنَ النِّفاقِ والكُفر، وضُعَفاءُ الإيمانِ الذينَ لا يَثبتُونَ على الإيمانِ كما يَنبَغي، ويتأثَّرونَ بمَقولاتِ المنافِقينَ وغَيرِهم، ومثلُهمُ المتذَبذِبونَ الذينَ يَبثُّونَ الشُّكوكَ والأخبارَ الكاذِبَةَ، والشَّائعاتِ الملفَّقَةَ والخَوفَ، ليُثيروا الفِتَنَ والاضطِراباتِ في المجتمَعِ المسلِم، لنُحَرِّضَنَّكَ عَليهمْ ونَدعُونَّكَ إلى قِتالِهم، ثمَّ لا يَبقُونَ معَكَ في المدينَةِ إلاّ زَمانًا يَسيرًا.

 

﴿ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً ﴾ [الأحزاب: 61]

61- مَطرودِينَ مُبعَدِينَ مِنْ رَحمَةِ الله، أينَما وُجِدوا أُسِروا وقُتِلوا أبلغَ قَتل.

 

﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾ [الأحزاب: 62]

62- وهذهِ سُنَّةُ اللهِ وحُكمُهُ في المُفسِدينَ والمُنافِقينَ مِنَ الأُمَمِ الماضيَةِ كذلك، إذا تمَرَّدوا ولم يَرجِعوا إلى الحقّ، أنْ يُفعَلَ بهمْ ذلك، ولنْ تَجِدَ لهذهِ السنَّةِ تَبدُّلاً وتَغيُّرًا، فهيَ مَبنيَّةٌ على الحقِّ والعَدل.

 

﴿ يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ﴾ [الأحزاب: 63]

63- يَسألُكَ النَّاسُ عنْ وَقتِ وقُوعِ السَّاعَة، قُلْ لهمْ أيُّها الرسُول: لا يَعلَمُ وَقتَها إلاّ الله، ولم يُطْلِعْ عليهِ أحَدًا. وأيُّ شَيءٍ يُعْلِمُكَ بوَقتِ قيامِها؟ فلعلَّها تقَعُ قَريبًا.

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً ﴾ [الأحزاب: 64]

64- إنَّ اللهَ أبعدَ الكافِرينَ وطرَدَهمْ مِنْ رَحمَتِه، وهيَّأ لهمْ في الآخِرَةِ نارًا شَديدَةً مُستَعِرَة.

 

﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً ﴾ [الأحزاب: 65]

65- يَبقُونَ في جهنَّمَ دائمًا، لا يَموتونَ فيها ولا يَزولونَ عَنها، ولا يَجِدونَ فيها حافِظًا ومُتوَلِّيًا يُغيثُهم، ولا مُعينًا يُنقِذُهمْ ممَّا هُمْ فيه.

 

﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴾ [الأحزاب: 66]

66- في ذلكَ اليَومِ الشَّديدِ تُقَلَّبُ وجوهُهمْ في النَّارِ مِنْ جِهَةٍ إلى جِهَة، ليَذوقُوا ألَمَ العَذابِ أكثَر، فيَقولونَ نادِمينَ مَقهورين: يا لَيتَنا سَمِعنا كلامَ اللهِ وأطَعنا رَسُولَهُ في الحيَاةِ الدُّنيا، حتَّى لا نُعَذَّبَ في هذا المَكان.

 

﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴾ [الأحزاب: 67]

67- وقالوا: ربَّنا إنَّنا اتَّبَعنا أشرَافَنا وقادَتَنا ومَسؤولينا، فحرَّفوا أفكارَنا، وزَيَّنوا لنا الباطِل، وأبعَدونا عنِ طَريقِ الإيمانِ والهِدايَة.

 

﴿ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ﴾ [الأحزاب: 68]

68- ربَّنا فآتِهمْ ضِعفَي عَذابِ غَيرِهم، لضَلالِهم، وإضلالِهم، وأبعِدْهمْ مِنْ رَحمَتِكَ بُعدًا كثيرَا.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً ﴾ [الأحزاب: 69]

69- أيُّها المؤمِنون، لا تَكونوا كبَعضِ بَني إسْرائيلَ الذينَ آذَوا نَبيَّهمْ موسَى بما آذَوهُ به، فأظهرَ اللهُ بَراءَتَهُ وطهَّرَهُ مِنْ أذيَّتِهمْ وإفكِهمْ فيه، وكانَ ذا وَجاهَةٍ ومَنزِلَةٍ وكرَامَةٍ عندَ رَبِّه، فلا تَفعَلوا معَ نَبيِّكمْ كما فعلَهُ أولئك، ولا تَسمَعوا أكاذيبَ المنافِقينَ وشائعاتِهمْ فيه، لئلاّ تقَعُوا في حَبائلِهمْ وتَرتَكِبوا مَحظورًا.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ﴾ [الأحزاب: 70]

70- أيُّها المؤمِنون، اخشَوا اللهَ وأطيعُوهُ ولا تُخالِفوا أمرَه، وقُولوا قَولاً مُستَقيمًا لا اعوِجاجَ فيه، غَيرَ جائرٍ ولا باطِل.

 

﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 71]

71- فإنْ تَفعَلوا ذلكَ يُثِبْكُمْ ويُزَكِّ أعمالَكمُ الحسَنة، ويُضاعِفِ الأجرَ لكم، ويَتقَبَّلْها منكم، ويُوَفِّقْكُمْ للتَّوبَة، ويَغفِرْ ذُنوبَكم، ومَنْ يُطِعِ اللهَ ورَسُولَهُ فقدْ ظفَرَ بالنَّعيمِ المُقيم، وأُجيرَ مِنَ العَذابِ الألِيم.

 

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ [الأحزاب: 72]

72- إنَّا عرَضْنا الفرائضَ والتَّكاليفَ على السَّماواتِ والأرضِ والجِبال، وأوجَبْنا تلقِّيها بحُسنِ الطَّاعَةِ والانقياد، والمحافَظةَ عليها وأداءَها وعدَمَ الإخلالِ بها، فإنْ أحسنَتْ أُثيبَت، وإنْ عصَتْ وضيَّعَتْ عُوقِبَت، عرَضْناها عَليها عَرْضَ تَخييرٍ لا إجبَار، فأبَتْ أنْ تَحمِلَ هذهِ الأمانَة، خَوفًا مِنْ أنْ لا تَقومَ بحَقِّها. وعرَضَ اللهُ هذهِ الأمانةَ على الإنسَان، إنْ قامَ بحَقِّها أُثيب، وإنْ ترَكَها عُوقِب، فقَبِلَ حَملَها، وبيَّنَ استِعدادَهُ للالتِزامِ بها، والمُحافظَةِ عَليها، وأدائها كما يَجِب، إنَّهُ كانَ بذلكَ مُفرِطًاً في الظُّلمِ لنَفسِهِ والإضرارِ بها، مُبالِغًا في الجَهلِ بما قَبِلَه، مُعتَدًّا بنَفسِهِ عندَما وافَقَ على شُروطِ هذهِ الأمانَةِ الصَّعبَة.

 

﴿ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ [الأحزاب: 73]

73- ليُعَذِّبَ اللهُ بذلكَ مَنْ لا يَقومُ بحَملِ هذهِ الأمانَةِ كما يَنبَغي، وهمُ المُنافِقونَ والمُنافِقات، الذينَ يُظهِرونَ الإيمانَ ويُبطِنونَ الكُفر، والمشرِكونَ والمشرِكات، وهمُ الذينَ ظاهِرُهمْ وباطِنُهمُ الشِّركُ باللهِ ومُخالَفَةُ أمرِه، وليَغفِرَ اللهُ بذلكَ للمؤمِنينَ والمؤمِناتِ لِمَا فرَطَ منهم، الذينَ آمَنوا باللهِ وصَدَقوا في إيمانِهمْ وأخلَصُوا فيه، وأدَّوا الأمانَةَ كما يَنبَغي، واللهُ كثيرُ المَغفِرَةِ لذُنوبِ عِبادِهِ التَّائبين، رَحيمٌ بمؤمِنيهمْ رَحمَةً واسِعَة.

 

وهذهِ هيَ طَبيعَةُ الإنسان... فمنهمْ مَنْ يَفي بعَهدِ اللهِ وميثاقِهِ ويَصبِر، وهمُ المؤمِنون، ومنهمْ مَنْ يَلتَزِمُ ببَعضِهِ ظاهِرًا وهوَ لا يُريدُهُ باطِنًا، وهمُ المنافِقون، ومنهمْ مَنْ يَعصِي ويَخونُ، ويُكَذِّبُ الحقَّ ويُفسِد، فلا يَقومُ بذلكَ ظاهِراً ولا باطِنًا، وهمُ الكُفَّارُ والمشرِكون.




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات


 


ترتيب التعليقات

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الآثار العلمية للمؤلف
  • تعريف بالكتب المطبوعة
  • كتب إسلامية مفيدة
  • الكتاب على الأرائك
  • منوعات
  • مقالات ودراسات
  • مشاركات
  • مجلة الكتاب الإسلامي
  • كتب ناطقة
  • الواضح في التفسير
  • مواد مترجمة
  • كلمات في الطريق
  • خطوط دقيقة
  • المسرد في علوم القرآن والتفسير
  • تكملة مؤلفات الحديث
  • لغة القرآن
  • المستدرك على تفسير البغوي
  • كتب للتحميل PDF
  • كتب جديدة في الفقه الإسلامي وأصوله
  • مرئيات
  • الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية
  • كتب ورسائل تراثية جديدة
  • عون البصير على فتح القدير
  • وجيز الكلم
  • ثروة قلم
  • قائمة المواقع الشخصية
  • بنر
حقوق النشر محفوظة © 1441هـ / 2019م لموقع الألوكة