• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ عبد الله آل جار اللهالشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله شعار موقع الشيخ عبد الله آل جار الله
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله / مقالات


علامة باركود

مختصر رسالة إلى القضاة

مختصر رسالة إلى القضاة
الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله


تاريخ الإضافة: 22/6/2025 ميلادي - 26/12/1446 هجري

الزيارات: 151

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مختصر رسالة إلى القضاة

 

من صالِح بن أحمد الخريصي إلى مَن يراه من إخواننا القُضاة - وفَّقني الله وإيَّاهم لأسباب النجاة، وعصمَني وإيَّاهم من سلوك طرق الغي والضلالات، آمين.

 

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

تعلمون أيُّها الإخوان، أنَّكم قد حملتُم حملًا ثقيلًا، وطُوِّقت برِقابكم أمانةٌ عظيمة، وأنَّكم مَوْقوفون بين يدي الله - سبحانه - ومسؤولون عن أدائها، فأَعدُّوا للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا، ومن أعظم ما يُستَعان به على أداء هذه الأمانة أسباب:

أولها: تقوى الله - عزَّ وجلَّ - ومراقبته في السِّرِّ والعلانية، فإنَّ بتقوى الله يتبيَّن وجهُ الصواب؛ قال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29]، وقال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، وقال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4]، وقال - تعالى -: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ﴾ [الحديد: 28].

 

والآيات في هذا المعنى كثيرة، ولهذا لَمَّا قيل للإمام أحمد - رحمه الله -: مَن نسأل بعدَك؟ قال: سلوا عبدالوهاب الورَّاق، فإنَّه رجلٌ صالِح، مِثلُه يُوفَّق للصواب، واستدلَّ الإمام أحمد - رحمه الله - بقول عمر رضي الله عنه: "اقتربوا من أفواه المطيعين، واسمعوا منهم ما يقولون، فإنَّهم تُجلى لهم أمورٌ صادقة، وذلك لقُرْب قلوبهم من الله، وكلَّما قرب القلْب من الله زالتْ عنه معارضات السوء، وكان كشفُه للحق أتمَّ وأقوى، وكلَّما بعُدَ عن الله كثُرتْ عليه المعارضات، وضَعُف نور كشفه للصواب، فإنَّ العلم نور يقذفه الله في القلْب، يُفرِّق به العبدُ بيْن الخطأ والصواب".

 

ثانيًا: ومن ذلك أن يتأدَّب بالآداب التي ذكَرَها العلماء - رحمهم الله - في هذا الباب.

 

ثالثًا: أن يكون قويًّا على حمْل ما كُلِّف به من غير عُنف يمنع صاحبَ الحق من استيفاء حقِّه، ومن غير ضعْف يجترئ به صاحبُ الباطل عليه وعلى خَصْمه، قال عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله -: "لا يصلح القاضي إلا أن تكون فيه خِصال: أن يكون صليبًا نزهًا، عفيفًا حليمًا، عليمًا بما كان قبلَه من القضاء والسُّنن".

 

ومن ذلك: أن يكون ذا بصيرةٍ وبَصر بأهل زمانه لا سيَّما أهل هذه الأزمان، فإنَّ أكثرهم أروغُ من الثعالب، وليحذر حلاوةَ ألسن أكثرهم، فإنَّ لهم في ذلك أهدافًا وأغراضًا، وحوائج يحومون حولَ تحصيلها بكلِّ ممكن.

 

رابعًا: أن يكون ذا أناة يتثبَّتْ، وفِطنة فيما يحكم به.

 

خامسًا: ألاَّ يعجل في البتِّ بالحُكم، حتى يتبيَّنَ له وجه الصواب، من غير تأخير يخلُّ بالمقصود، ويوجب للضعيف ترْكَ حقِّه، كما قال عمر رضي الله عنه في كتابه لمعاوية: "وتعاهد الغريب، فإنه إن طال حبسُه تَرَك حقَّه، وانطلق إلى أهله، وإنما أبطل حقَّه مَن لم يرفع به رأسًا".

 

سادسًا: الحِرْص على لزوم العمل، والمبادرة إليه في أوقاته؛ لإنجاز مهمَّات المسلمين، وقضاء حوائجهم، فإنَّ كثيرًا من إخواننا - هداهم الله - يرددون الخصوم أكثر من الحاجة من غير سبب يدعو إلى ذلك.

 

سابعًا: ما ينبغي للقاضي أن يتخلَّق ويتأدَّب ويتزيَّا به من الآداب الشرعية، التي لا ينبغي له أن يخل بتركها؛ لأنَّه منظور إليه، ترمُقه العيون بلحظاتها، وتقتدي به الأرواحُ والنفوس في صفاتها، فإذا أكملَ نفسه وأصلحها، فينبغي له - بل يتعيَّن عليه - أن يُكمِّل غيرَه بالدعوة إلى الله والإرشاد، والأمر والنهي والتعليم، ويكون قدوةً في ذلك يُقتدَى به، ويُؤتَم به، وهذا من أجَلِّ المقاصد في نصب القضاة، وبعض إخواننا من القُضاة قد أهمل هذا المقام العظيم، ولم يرفعْ به رأسًا، فتجده في أخلاقه وأعماله وآدابه إلى الانحراف أقربَ - عافانا الله وإيَّاهم، وألهمنا وإياهم رُشْدَنا.

 

ثامنًا: أن يعلم القاضي أنَّ الخصومات ستُعاد يومَ القيامة، ويحكم فيها العدل الذي لا يجور، وإنما القضاءُ في الدنيا للفصْل بيْن الناس، فليتَّئدْ عند ذلك، وليتلمحْ وجه الصواب في القضية، مهما أمكنَه من كتاب الله، وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة - رضوان الله عليهم - والتابعين لهم بإحسان، وعلماء الشريعة الذين لهم لسانُ صِدق في الأمَّة، فإذا اجتهدَ وبذَلَ وسعَه وطاقتَه حسبَ الإمكان رُجيَ له أن يُوفَّق لإصابة الحق، وألا يفوته أجْران مع الصَّواب، أو أجْر مع الخطأ.

 

ولا ينظر إلى كثرة الأساليب التي استعملَها بعضُ القضاة؛ خشيةَ أن يقال في حُكمه، أو يعترض عليه، بل إذا تبيَّن له الحقُّ حَكَم به ولا يُبالي بمَن اعترض عليه، أو قال في حكمه كما قيل:

أَقَامَ الْحَيُّ أَمْ جَدَّ الرَّحِيلُ
إِذَا رَضِيَ الْحَبِيبُ فَلاَ أُبَالِي

تاسعًا: أنه ينبغي له إذا خَفِيَ عليه وجهُ الصواب، وأعيتْه الأمور بإغلاق الأبواب، أن يستغيثَ بمعلِّم إبراهيم، فإنَّ هذا من أنجح الأسباب الموصلة إلى المقصود، كما ذكر الأصحاب: أنَّه ينبغي للقاضي أن يدعوَ بدعاء الاستفتاح ((اللهمَّ ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السموات الأرض، عالِمَ الغيب والشهادة، أنت تحكُم بيْن عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدِني لِمَا اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تَهدي مَن تشاء إلى صراط مستقيم)).

 

وكان شيخ الإسلام ابن تيميَّة - قدَّس الله رُوحَه ونَوَّر ضريحه - كثيرَ الدعاء بذلك، وكان إذا أشكلت عليه المسائل يقول: يا مُعلِّمَ إبراهيم، علِّمني، وكان بعض السلف يقول عند الإفتاء: ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32].

 

وكان مكحول يقول: "لا حولَ ولا قوَّة إلا بالله"، وكان مالك - رحمه الله - يقول: "ما شاء الله لا قُوَّة إلا بالله العليِّ العظيم".

 

وكان بعضهم يقول: ﴿ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه: 25 - 28]، وكان بعضهم يقول: "اللهمَّ وفِّقْني، واهدني، وسدِّدني، واجمعْ لي بين الصواب والثواب، وأعذِني من الخطأ والحرمان"، وكان بعضهم يقرأ الفاتحة.

 

قال العلامة ابن القيم - رحمه الله -: "جربْنا ذلك، فرأيناه من أقوى أسباب الإصابة"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: ((قل: اللهمَّ إني أسألك الهُدَى والسداد))[1].

 

والمعول في ذلك كله على حُسْن النية، وخلوص المقصِد، وصِدْق التوجُّه في الاستمداد من المعلِّم الأول معلِّم الرسل والأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - فإنَّه لا يُردُّ مَن صَدَق في التوجه إليه لتبليغ دِينه، وإرشاد عبيده، ونصيحتهم، والتخلص من القول عليه بلا عِلم.

 

عاشرًا: وممَّا ينبغي لِمَن عُيِّن للقضاء: أن يعرض نفسَه على الأمور المتقدِّم ذكرُها، ويحاسبها، ويبحثَ معها بحثًا دقيقًا هل هذه الخِصال موجودة فيه أم لا؟ وهل هو أهل لذلك أم لا؟

 

وقد كتب سلمان رضي الله عنه إلى أبي الدرداء لَمَّا ولي القضاء، وقال: "بلغني أنَّك جُعلتَ طبيبًا، فإن كنت تُبرئ فنِعمَّا، وإن كنت متطببًا، فاحذرْ أن تقتل إنسانًا فتدخل النار، فكان أبو الدرداء رضي الله عنه إذا قضى بيْن اثنين، وأدبرَا عنه، نظر إليهما وقال: متطبِّب والله، ارجعَا أُعِدْ قضيتكما".

 

فهذه حال أهل المعرفة بالله، كما أنَّه ينبغي للجهات المختصَّة المسؤولة ألاَّ يُعيِّنوا إلا مَن يصلح، وتكون فيه كفاءةٌ لذلك، وأخلاقٌ دينية على حسب الطاقة؛ لأنَّ الولاية أمانة، وإذا كان تقديم الرجل في الجماعة، وفيهم مَن هو أفضلُ منه يوجب ألاَّ يزالوا في سفال، فكيف بالقاضي الذي يَقتدي به فئاتٌ من الناس، فيجب عليهم أن يولوا أفضلَ مَن يجدون علمًا وورعًا؛ لأنَّهم ناظرون للمسلمين، فيجب أن يختاروا الأصلحَ لهم، واختيار الأفضل علمًا من لازم القضاء؛ لأنَّه إنما يمكنه القضاءُ بيْن المترافعين بالعلم؛ لأنَّ القضاء بين المترافعين بالعلم؛ لأنَّ القضاء بالشيء فرْعُ العلمِ به، والأفضل أَوْلى من المفضول؛ لأنَّه أثبت وأمكن، وكذا كل مَن كان ورعُه أكثرَ كان سكون النَّفْس فيما يحكم به أعظمَ، وكان من ترك التحرِّي والميل في جانبه أبعد.

 

قال الإمام أحمد - رحمه الله -: لا يَنبغي للرجل أن ينصبَ نفسَه، حتى يكون فيه خمس خِصال: أولها: أن يكون له نِيَّة، فإن لم يكن له نِيَّة لم يكن له نور، ولا على كلامه نور، الثانية: أن يكون له حِلم ووقار وسَكينة، الثالثة: أن يكون قويًّا على ما هو فيه، وعلى معرفته، الرابعة: الكفاية، وإلا مضَغَه الناس، فإنَّه إن لم يكن له كفايةٌ احتاج إلى الناس وإلى الأخْذ ممَّا في أيديهم، الخامسة: معرفة الناس[2].

 

فهذه نُبذة ينبغي للعاقل تأمُّلُها؛ لأنَّها تُطلع على ما وراءها، وقد ذَكَر العلماء - رحمهم الله - ما يكفي ويَشفي، ولكن لعلك لا تجد كلامًا مجموعًا كهذه الكلمات اليسيرات، وأسأل الله الكريم أن ينفع بها كلَّ طالب للحق ومستفيد، ومراقب لله فيما يُبدي ويُعيد، والله يوفِّق الجميع للقول السديد، والأمر الرشيد.

 

وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

 

قلت: وينبغي للقاضي - وفَّقه الله - مع ما تقدَّم أن يدرس الكُتبَ المؤلَّفة في السياسة الشرعيَّة، والأحكام السلطانية، وأقضية الرسول صلى الله عليه وسلم فيقضي بموجبها.



[1] رواه مسلم.

[2] انظر "إعلام الموقعين" لابن القيم (4/ 199).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • صوتيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة