• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ ابراهيم الحقيلالشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل شعار موقع الشيخ ابراهيم الحقيل
شبكة الألوكة / موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية


علامة باركود

فقه الإحسان (4) الإحسان في العبادات

فقه الإحسان (4) الإحسان في العبادات
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل


تاريخ الإضافة: 3/4/2025 ميلادي - 4/10/1446 هجري

الزيارات: 8716

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فقه الإحسان (4)

الإحسان في العبادات


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آلِ عِمْرَانَ:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النِّسَاءِ:1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْإِحْسَانُ مَقَامٌ فِي الدِّينِ رَفِيعٌ، لَا يَبْلُغُهُ إِلَّا الْخُلَّصُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، وَقَدْ عَرَّفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: «أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ». وَالْإِحْسَانُ مَأْمُورٌ بِهِ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ، وَلَا سِيَّمَا الْفَرَائِضُ؛ فَإِنَّ شَأْنَهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَظِيمٌ.

 

وَمِنَ الْإِحْسَانِ فِي الصَّلَاةِ: إِحْسَانُ وُضُوئِهَا وَأَرْكَانِهَا وَالْخُشُوعِ فِيهَا، وَفِي ذَلِكَ ثَوَابٌ عَظِيمٌ، دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «... إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَحَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَالَّذِينَ حَكَوْا وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ يُحْسِنُ الْوُضُوءَ.

 

وَذَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّرِقَةَ مِنَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا مُنَافِيَةٌ لِلْإِحْسَانِ فِيهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَفِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ تُسْعُهَا ثُمْنُهَا سُبْعُهَا سُدْسُهَا خُمْسُهَا رُبْعُهَا ثُلُثُهَا نِصْفُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَوَصَفَ الْمُسْرِعَ فِي صَلَاتِهِ بِالْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ، وَالْإِسَاءَةُ ضِدُّ الْإِحْسَانِ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَالْإِحْسَانُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِالِاسْتِعْدَادِ لَهَا وَحُسْنِ أَدَائِهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ غُسْلَهُ، وَتَطَهَّرَ فَأَحْسَنَ طُهُورَهُ، وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، وَمَسَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَلْغُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

وَكَذَلِكَ الْإِحْسَانُ فِي صَلَاةِ النَّوَافِلِ، فَقَدْ وَصَفَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللَّيْلِ فَقَالَتْ: «...يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَكَذَلِكَ الْإِحْسَانُ فِي الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ، وَفِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ؛ وَمِنَ الْإِحْسَانِ فِيهَا أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ طَيِّبِ مَالِهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 267]، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَمِنَ الْإِحْسَانِ فِيهَا إِخْفَاؤُهَا وَالْإِخْلَاصُ فِيهَا حَتَّى يَبْلُغَ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ: «حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ»، وَذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يُرَائِي فِي إِنْفَاقِهِ ﴿ وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ﴾ [النِّسَاءِ: 38]، وَمِنَ الْإِحْسَانِ فِي الْإِنْفَاقِ تَجَنُّبُ الْمَنِّ وَالْأَذَى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ [الْبَقَرَةِ: 264].

 

وَكَذَلِكَ الْإِحْسَانُ فِي الصِّيَامِ بِالْكَفِّ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ؛ إِذْ كَيْفَ يَمْتَنِعُ الصَّائِمُ عَنِ الْمُبَاحَاتِ تَعَبُّدًا لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ لَا يَمْتَنِعُ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَهُوَ صَائِمٌ؛ وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَكَذَلِكَ الْإِحْسَانُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِإِتْمَامِهِمَا ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 196]، وَاجْتِنَابِ الْإِسَاءَةِ فِيهِمَا ﴿ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 197]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» وَيَبْلُغُ الْإِحْسَانُ فِي الْحَجِّ غَايَتَهُ حَتَّى يَكُونَ حَجًّا مَبْرُورًا، «وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.

 

وَبِهَذَا نَعْلَمُ أَنَّ الْإِحْسَانَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي كُلِّ الْعِبَادَاتِ، وَلَا سِيَّمَا الْفَرَائِضُ، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ الْعِنَايَةُ التَّامَّةُ بِالْإِحْسَانِ فِي عِبَادَتِهِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ حَتَّى يَبْلُغَ دَرَجَةَ الْإِحْسَانِ فِي الدِّينِ، وَهِيَ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 112].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنَ الْإِحْسَانِ فِي الْعِبَادَاتِ الْإِحْسَانُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ وَذَلِكَ بِتَعَلُّمِ قِرَاءَتِهِ وَتَجْوِيدِهِ، وَمُحَاوَلَةِ حِفْظِهِ وَضَبْطِهِ، وَتَدَبُّرِ مَعَانِيهِ، وَالْعَمَلِ بِهِ، ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [الْمُزَّمِّلِ: 4]، وَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: «كَانَ يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي إِتْقَانِ الْقُرْآنِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ...» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ». وَمِنَ الْإِحْسَانِ فِي تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ تَزْيِينُ الصَّوْتِ بِهِ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَسِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا» رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.

 

وَكَذَلِكَ الْإِحْسَانُ فِي الْأَذْكَارِ؛ وَذَلِكَ بِضَبْطِهَا وَالتَّقَيُّدِ بِالْمُقَيَّدِ مِنْهَا فِي وَقْتِهِ وَلَفْظِهِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَعَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الدُّعَاءَ قَبْلَ النَّوْمِ، فَأَبْدَلَ كَلِمَةَ رَسُولِكَ بِنَبِيِّكَ، فَصَحَّحَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تُؤَدَّى الْأَذْكَارُ بِأَلْفَاظِهَا الْوَارِدَةِ بِهَا.

 

وَمَنْ أَحْسَنَ فِي عِبَادَاتِهِ فَقَدْ رَاقَبَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا، وَحَرِيٌّ بِهِ أَنْ يُحَقِّقَ كَمَالَ الدِّينِ ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النِّسَاءِ: 125].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • خطب منبرية
  • مواد مترجمة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة