• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ زيد الفياضالشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض شعار موقع الشيخ زيد الفياض
شبكة الألوكة / موقع الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض / برنامج نور على الدرب


علامة باركود

الحلقة الحادية والعشرون

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض


تاريخ الإضافة: 30/8/2010 ميلادي - 20/9/1431 هجري

الزيارات: 12111

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحديث هذه المرة عن الأمراء في غزوة مؤتة.

بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا إلى مؤتة يتكوَّن من ثلاثة آلاف رجل، وأمَّر عليهم زيدَ بن حارثة وقال: إن أُصيبَ زيدٌ، فجعفرُ بن أبي طالب على الناس، فإن أصيب جعفر فعبدالله بن رواحة.

 

وخرج المسلمون لتوديع الجيش من المدينة، ويودع الناس عبدالله بن رواحة فيبكي، ويسألونه: ما يبكيك يا ابن رواحة؟ فيخبرهم: أنه لا يبكي حبًّا في الدنيا، أو خوفًا من الموت، ولكن آية من القرآن سمعها هي التي أبكتْه: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾ [مريم: 71] وليس يدري كيف له بالصدر بعد الورود؟ وأنشد:

لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً
وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْغٍ تَقْذِفُ الزَّبَدَا
أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً
بِحَرْبَةٍ تُنْفِذُ الْأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا
حَتَّى يُقَالَ إذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي
يَا أَرْشَدَ اللَّهُ مِنْ غَازٍ وَقَدْ رَشَدَا

 

ويمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يودعه وينشده:

فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ
تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ نَافِلَةً
فَرَاسَةً خَالَفَتْهُمْ فِي الَّذِي نَظَرُوا
أَنْتَ الرَّسُولُ فَمَنْ يُحْرَمْ نَوَافِلَهُ
وَالْوَجْهَ مِنْهُ فَقَدْ أَزْرَى بِهِ الْقَدَرُ

 

وخرج الرسول - صلى الله عليه وسلم - يودع زيدًا ورفاقه، فلما انصرف قال عبدالله بن رواحة:

خَلَفَ السَّلاَمُ عَلَى امْرِئٍ وَدَّعْتُهُ
فِي النَّخْلِ خَيْرَ مُشَيَّعٍ وَخَلِيلِ

 

ثم مضوا حتى نزلوا بمعان من أرض الشام، فبلغ الناسَ أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائتي ألف من الروم ومن انضم إليهم من العرب، وبقي المسلمون ليلتين على معان يفكرون في أمرهم مع هذا العدد الهائل من جيوش الروم، وقال بعضهم: نكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونطلب منه أن يمدَّنا بالرجال أو يأمرنا بأمره، فشجع الناسَ عبدالله بن رواحة وقال:

يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتُم تطلبون: الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد، ولا قوة، ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمَنا الله به، فانطلقوا؛ فإنما هي إحدى الحسنين: إما ظهور، وإما شهادة.

فقال الناس: قد والله صدق ابن رواحة.

 

وفي قرية من قرى البلقاء يقال لها: مشارف، التقى المسلمون والروم، واقتتلوا قتالاً شديدًا، وقاتل زيد بن حارثة وهو يحمل راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى شاط في رماح القوم، ثم أخذها جعفر فقاتل حتى إذا ألحمه القتال، اقتحم عن فرسه فعقرها، ثم قاتل وهو ينشد:

يَا حَبَّذَا الْجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا
طَيِّبَةٌ وَبَارِدٌ شَرَابُهَا
وَالرُّومُ رُومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا
كَافِرَةٌ بَعِيدَةٌ أَنْسَابُهَا
عَلَيَّ إنْ لاَقَيْتُهَا ضِرَابُهَا

 

وقُطعتْ يمينُه فحمل الراية بيساره، فقطعت أيضًا، فاحتضنها بعضديه حتى قتل! ثم أخذ الرايةَ عبدالله بن رواحة، قتقدم بها وهو ينشد:

يَا نَفْسُ إِلاَّ تُقْتَلِي تَمُوتِي
هَذَا حِمَامُ المَوْتِ قَدْ صَلِيتِ
وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيتِ
إِنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيتِ

 

يشير إلى زيد وجعفر، ثم نزل فأتاه ابنُ عم له بعظم عليه لحم، فقال: شد بهذا صلبك، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده، ثم انتهس[1] منه نهسة، ثم سمع الحطمة في ناحية الناس، فقال: وأنت في الدنيا؟! ثم ألقاه من يده، ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قتل.

 

ثم اصطلح المسلمون على أن يكون أميرهم خالد بن الوليد، فلما أخذ الرايةَ دافع القوم، وانحاز كلٌّ من الفريقين عن الآخر، وأطلع الله رسولَه على ما جرى في هذه الموقعة، فصعد المنبر لساعته، وأمر فنودي: الصلاةَ جامعةً، فاجتمع الناس فقال: ((ثَابَ خَيْرٌ، ثَلاَثًا، أخبركم عن جيشكم هذا الغازي: إنهم لقوا العدو، فقتل زيد شهيدًا - فاستغفر له - ثم أخذ اللواءَ جعفرُ فشد على القوم حتى قتل شهيدًا - فاستغفر له - ثم أخذ اللواء عبدالله بن رواحة))، وصمت حتى تغيَّرتْ وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان من عبدالله ما يكرهون، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فقاتل القوم حتى قتل شهيدًا))، ثم قال: ((لقد رُفعوا إلى الجنة على سُرُر من ذهب، فرأيت في سرير ابن راوحة ازورارًا عن سريري صاحبيه، فقلت: عم هذا؟ فقيل: مضيا، وتردَّد بعض التردد ثم مضى، ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله - خالد بن الوليد - فعاد بالناس)).

 

وهكذا تسابق هؤلاء الأمراء إلى لقاء العدو غير هيابين ولا وجِلين، وقد انطوتْ جوانحُهم على فضلاء الصحابة، وخيار المسلمين قد ساروا خلف أمرائهم لنفس الهدف والغاية، والجهاد في سبيل الله، ونيل النصر أو الشهادة، وكلاهما مرغوب ومحبوب، وهم يعلمون أنهم لا يقاتلون قومًا يماثلونهم عددًا وقوة، ولكن ما معهم من الإيمان والقوة المعنوية، وما يرجونه من ثواب الله هو شيء ليس مع أولئك ما يشبهه أو يقرب منه، وصمدوا صمودًا يندر مثيله في الأجيال السابقة واللاحقة.

 

أولئك هم صحابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذين اختارهم الله لنصرة دينه ورسوله ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾ [القصص: 68].

 

وقد خلفوا من جميل الذِّكر، وعاطر الثناء، ما يزال علمًا يلوح في سماء المجد، ونورًا يأتلق في أفق التاريخ، وسير الأبطال من ذوي الإقدام الفائق، والجهاد الصادق، والإيمان الراسخ.



[1] نهس اللحم: أخذه بمقدمة أسنانه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك

تواصل مع الشيخ عبر تويتر
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • برنامج نور على
  • قالوا عن الشيخ زيد ...
  • عروض الكتب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة