• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  موقع الأستاذ الدكتور فؤاد محمد موسىأ. د. فؤاد محمد موسى شعار موقع الأستاذ الدكتور فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / موقع أ. د. فؤاد محمد موسى


علامة باركود

{وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة}

{وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة}
أ. د. فؤاد محمد موسى


تاريخ الإضافة: 24/9/2025 ميلادي - 2/4/1447 هجري

الزيارات: 148

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23]

 

كم نَشعُر بالعجز أمام كلمات الله، كيف نتصوَّرها بعقولنا المحدودة وتصوُّراتنا الهزيلة الضيقة، فأنا العبد الضعيف، بوصفي أستاذًا جامعيًّا أقوم بإعداد المعلمين وطلاب الماجستير والدكتوراه في كيفية إعداد العقول لقيادة الحياة في مجالات الحياة المختلفة والبحث العلمي، أقِف متحيرًا عاجزًا؛ حيث يَعجِز الإدراك عن تصوُّرها بكل حقيقتها، وقد صوَّر البعض هذا العجز ببعض الكلمات هنا وهناك.

 

إن العقول لتَعجِز عن تصوُّر هذه الكلمات المحدودة العدد (ست كلمات) في آيتين اثنتين، ولكي نتصور هذا لنذهب لنعرِف ما أدركه نبي الله موسى عندما قال لربه في الآية: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 143].

 

هذا المشهد الفذ الذي اختصَّ الله به نبيه موسى - عليه السلام - مشهد الخطاب المباشر بين الجليل - سبحانه - وعبد من عباده، المشهد الذي تتلقى فيه الذرة المحدودة الفانية بالله الأزلي الأبدي بلا وساطة، ويطيق الكائن البشري أن يتلقى عن الخالق سبحانه، وهو بعدُ على هذه الأرض... ولا ندري نحن كيف، لا ندري كيف كان كلام الله - سبحانه - لعبده موسى، ولا ندري بأية حاسة أو جارحة أو أداة تلقى موسى كلمات الله، فتصوير هذا على وجه الحقيقة متعذَّر علينا نحن البشر المحكومين في تصوراتنا بنصيبنا المحدود من الطاقة المدركة، وبرصيدنا المحدود من التجارب الواقعة، ولكننا نَملِك بالسر اللطيف المستمد من رُوح الله الذي في كِياننا أن نَستروح وأن نستشرفَ هذا الأفق السامق الوضيء، ثم نقف عند هذا الاستشراف لا نحاول أن نُفسده بسؤالنا عن الكيفية، نريد أن نتصوَّرها بإدراكنا القريب المحدود!

 

إننا لفي حاجة إلى استحضار ذلك الموقف الفريد في خيالنا، وفي أعصابنا وفي كياننا كله؛ حتى نتصور قول الله تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].

 

إن هذا النص ليُشير إشارة سريعة إلى حالة تَعجِز الكلمات عن تصويرها، كما يَعجِز الإدراك عن تصورها بكل حقيقتها، ذلك حين يعد الموعودين السُّعداء بحالة من السعادة لا تُشبهها حالة؛ حتى لتتضاءل إلى جوارها الجنة بكل ما فيها من ألوان النعيم!

 

هذه الوجوه الناضرة، نضَّرها أنها إلى ربها ناظرة..

فأي مستوى من الرِّفعة هذا؟ أي مستوى من السعادة؟

 

إن رُوح الإنسان لتستمتع أحيانًا بلمحة من جمال الإبداع الإلهي في الكون أو النفس، تراها في الليلة القمراء، أو الليل الساجي، أو الفجر الوليد، أو الظل المديد، أو البحر العباب، أو الصحراء المنسابة، أو الروض البهيج، أو الطَّلعة البهية، أو القلب النبيل، أو الإيمان الواثق، أو الصبر الجميل، إلى آخر مطالع الجمال في هذا الوجود، فتَغمرها النشوة، وتفيض بالسعادة، وتُرفرف بأجنحة من نور في عوالم مجنحة طليقة، وتتوارى عنها أشواك الحياة، وما فيها من ألَمٍ وقُبح، وثَقِلةِ طينٍ وعَرامةِ لحمٍ ودمٍ، وصراع شهوات وأهواء..

 

كيف بها وهي تنظُر - لا إلى جمال صنع الله - ولكن إلى جمال ذات الله؟

ألا إنه مقام يحتاج أولًا إلى مددٍ مِن الله، ويحتاج ثانيًا إلى تثبيت من الله؛ ليَملِك الإنسان نفسه فيَثبُت، ويستمتع بالسعادة التي لا يُحيط بها وصفٌ، ولا يتصوَّر حقيقتها إدراكٌ! ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23].

 

وما لها لا تتنضَّر وهي إلى جمال ربها تنظُر؟

إن الإنسان لينظر إلى شيءٍ مِن صُنع الله في الأرض؛ مِن طلعة بهيَّة، أو زهرة نديَّة، أو جناح رفرافٍ، أو رُوح نبيل، أو فعل جميل، فإذا السعادة تفيض من قلبه على ملامحه، فتبدو فيها الوضاءةُ والنضارة، فكيف بها حين تنظر إلى جمال الكمال، مطلقًا من كل ما في الوجود من شواغل عن السعادة بالجمال؟! فما تبلغ الكينونة الإنسانية ذلك المقام، إلا وقد خلَصت من كلِّ شائبة تَصُدُّها عن بلوغ ذلك المرتقى الذي يَعِزُّ على الخيال! كل شائبة لا فيما حولها فقط، ولكن فيها هي ذاتها من دواعي النقص والحاجة إلى شيء ما سوى النظر إلى الله..

 

فأما كيف تنظر؟ وبأي جارحة تنظُر؟ وبأي وسيلة تنظر؟ فذلك حديث لا يخطر على قلبٍ يَمسه طائفٌ من الفرح الذي يُطلقه النص القرآني في القلب المؤمن، والسعادة التي يفيضها على الروح، والتشوف والتطلع والانطلاق!

 

فما بالُ أُناسٍ يَحرمون أرواحهم أن تُعانق هذا النور الفائض بالفرح والسعادة؟ ويشغلونها بالجدل حول مطلق لا تدركه العقول المقيَّدة بمألوفات العقل ومقرَّراته؟

 

إن ارتقاء الكينونة الإنسانية وانطلاقها من قيود هذه الكينونة الأرضية المحدودة، هو فقط مَحطُّ الرجاء في التقائها بالحقيقة الطليقة يوم ذاك، وقبل هذا الانطلاق سيَعِزُّ عليها أن تتصور - مجرد تصوُّر - كيف يكون ذلك اللقاء.

 

فلنتطلَّع إلى فيض السعادة الغامر الهادئ، وفيض الفرح المقدس الطهور الذي ينطلق من مجرد تصورنا لحقيقة الموقف على قدر ما نَملك، ولنَشغل أرواحنا بالتطلع إلى هذا الفيض، فهذا التطلع ذاته نعمة لا تَفوقها إلا نعمةُ النظر إلى وجهه الكريم..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • كتب وأبحاث
  • عروض تقديمية
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة