• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملةأ. د. علي بن إبراهيم النملة شعار موقع معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / موقع د. علي بن إبراهيم النملة / المقالات


علامة باركود

العبث بتقنية الجنين

العبث بتقنية الجنين
أ. د. علي بن إبراهيم النملة


تاريخ الإضافة: 18/11/2020 ميلادي - 2/4/1442 هجري

الزيارات: 8095

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العبث بتقنية الجنين


ظهر في الهند قرارٌ بمَنع استخدام أجهزة الأشعَّة فوق الصوتيَّة، التي تكشف على الحامل من النِّساء، وتدلُّ على طبيعة الجنين، من حيث الجنس، ذكرًا كان أم أنثى؛ والسبب في المنع - على ما قيل - هو أنَّه إذا ظهَر على الجهاز أن الجنين أنثى عمدَت الأمُّ، أو زوجُها، أو أهلُها، إلى إسقاط الجنين بالإجهاض.

 

نقلَت وكالة رويترز للأنباء (الجمعة 24/ 11/ 1427هـ الموافق 16/ 12/ 2006م) عن صندوق الأمم المتَّحدة لرِعاية الطفولة (اليونيسيف) أنَّ حوالي عشرة ملايين (10,000,000) طفلة تعرَّضن للإجهاض أو الوأد خلال العشرين سنة الماضية، بمعدَّل خمسمائة ألف (500,000) طفلة سنويًّا، وأنَّ نسبة مواليد الإناث في الهند تقلُّ سبعة آلاف عن المتوسِّط العالمي كلَّ يوم.

 

السبب في إجهاض الجنين الأنثى - على ما قيل - هو أنَّ الأسرة لا تستطيع أن تتحمَّل أعباء هذه الأنثى، عندما تولد، ولا تستطيع تحمُّل الإنفاق عليها عند زواجها، على اعتبار أنها هي المعنية بالمهر، وربَّما التجهيز، فَعُدنا إلى فكرة وأد البنات، ولكن الآن، مع مساعدة قويَّة من منجزات الحضارة الحديثة، والتقنية المتقدِّمة[1].

 

ليس في هذا اعتراض على منجزات الحضارة الحديثة، ولا على التقنية المتقدِّمة، فهي نتاج العقل البشري، إلَّا أنَّ نتاج العقل البشري يصطدم - أحيانًا - بمعطيات البيئة الثقافيَّة والاجتماعية، مما يؤكِّد مفهوم التوعية والرُّقي بالمجتمعات الأخرى، قبل إقحامها في قبول معطيات التقنية الحديثة، أو إقحام التقنية فيها.

 

ليس الأمر كذلك فقط، بل إنَّ الموضوع يتعلَّق بالنظرة إلى البنات، التي كانت موجودةً من قبل، ولا تزال موجودةً في كثير من المجتمعات، التي لم تصِل إلى مستوى الفهم الدَّقيق للحياة والدنيا، فاتَّكأَت على الأسباب، وكانت نظرتُها قاصرةً، قائمةً على تفكير غير دقيق، والنظرة القاصِرة والتفكير غير الدقيق تؤدِّي إلى مآسٍ في بناء المجتمع، ومنها هذه المأساة في النظرة إلى البنات.

 

ولَّد هذا فئات من النِّساء والرجال نَقموا على المجتمع الذي نظَر هذه النظرة إلى الأنثى، فسعوا - بوعي أو دون وعي - إلى تصديع الأسَر، وإعادة النظر في العلاقات الأسْرية، ضاربين لذلك مثلًا في أنفسهم، بالعزوف عن الزواج، أو الافتراق عن الزوج، إنْ كنَّ متزوِّجات؛ وحيث إنَّ هناك حاجاتٍ فطريةً، لا تحقَّق إلا بالاتِّصال بين الذكر والأنثى، لجؤوا إلى ممارسات تتعارض مع الفطرة، ومع طبيعة الأشياء.

 

من أوَّل ما يتبادر إلى الذهن - هنا - هو التوكيد على النظرة بعيدة المدى، والتفكير السليم؛ وهذه تحتاج إلى قوَّة عظمى في إقناع البشَر، في عدم الاعتماد على الأسباب، مع مطالبتهم في اتِّخاذها، والاجتهاد في طلبها، دون الاتِّكاء الكامل على العقل هنا.

 

نظرتنا نحن المسلمين في هذا المجال واضحة؛ لأنَّ القوَّة العظمى واضحة عندنا، وهي هي عند الجميع، وهكذا ينبغي أنْ تكون - تتمثَّل في وجود خالق مدبِّر رازق - لمن هو موجود من الخلائق من البشَر وغيرهم، ولمن سيوجد، بعلم الله تعالى، من الخلائق كذلك؛ وكل هذا بتدبيرٍ من الله تعالى، ولا نظر هنا إلى الإشاعات حول إمكانية التحكُّم في نوع الجنين، فهذه تقنيات علميَّة، لا يقف الدِّين حيالها موقفًا، بقدر ما تكون بها مصلحة للناس؛ إذ إنَّ "مقاصد الأحكام مَصالح الأنام"؛ كما يقول الأصوليون من علماء المسلمين.

 

لا نظر إلى الحالات الخاصَّة، التي تنعتق من الفئة الرَّابعة، حالة العقم، إلى إحدى الفئات الثلاث السابقة، حالات الإنجاب؛ فهذا كله بإرادة الله تعالى، ثم بالجدِّ في اتخاذ الأسباب، فلا معجزات هنا، ولا تدبيرَ بشريًّا، دون البقاء في الإطار العامِّ لإرادة الله تعالى وتدبيره؛ هذا من ناحية نوع الجنين، وما يعتري البعض عندما يعلم أنه رُزق، أو سيرزق ببنت، فيظلُّ وجهه مسودًا وهو كظيم: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [النحل: 58]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [الزخرف: 17]؛ فهذا خُلُق جاهليٌ، دون النظر إلى الزمان، فالقرن الحادي والعشرون يمكن أنْ تكون فيه جاهليَّات كهذه.

 

أما من ناحية الرِّزق والتربية والتنشئة فإنَّها مكفولة للإنسان، من حيث ما قدَّره الله تعالى له؛ فإن كان الخوفُ من البنات قائمًا على عدم القدرة على تربيتهن مادِّيًّا، فإن الله تعالى قد تكفَّل برِزق الأهل أوَّلا، ثمَّ رزق الأبناء والبنات ثانيًا: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 151].

 

وإنْ كان الخوف قائمًا على خشية عدَم قدرة البنات على السير مادِّيًّا في الحياة، مع إمكان التربية في وقت الولادة والطفولة؛ فإن الله تعالى - كذلك - قد تكفَّل برزق الأبناء والبنات، حينما يشبُّون عن الطوق، مع رِزق أهلهم معهم: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 31]، ولدينا العبارة الفطرية القائمة على قاعدة إيمانية حينما نقول: "رزقهم يأتي معهم"، نحن هنا نعني: البنين والبنات.

 

وهذا، متى ما كان الاعتقاد فيه قويًّا، يحصل عمليًّا ومادِّيًّا، أمَّا إذا كان الاعتماد على الأسباب في الرزق، فإن الله تعالى يترك المتَّكل على الأسباب إلى أسبابه، مما يقتضي افتقاره؛ لأن الأسباب ليست عواملَ رِزق، أكثر من كونها أساليبَ ووسائلَ للارتزاق.

 

من هذا المنطلق يمكن لعلماء الأمَّة وحكمائها النَّظر إلى التعامُل، وبمنهج الوسط، مع الفورة السكَّانية التي تَجتاح العالَم، لا سيَّما ما اصطلح على تسميته بالعالم الثالث، المتركِّز في الدول النامية، أو دول الجنوب.

 

الله تعالى، عمومًا، يَرزق مَن يشاء بغير حِساب، ومتى ما كان هذا المفهوم راسخًا في الذِّهن اعتقادًا، انتفَت المخافة من نوع الجنين، وكثرة الأولاد، وما إلى ذلك، مما له علاقة مباشرة بالعيش في هذه الحياة الدنيا.

 

مع قوَّة الاعتقاد ورسوخه عند من يُرزقون بالبنات؛ فإن الله تعالى يجعل فيهن بركةً، لوالِديهنَّ، صغيرات وكبيرات، قد تفوق بركةَ الذكور، الذين يكون التعلُّق بهم - أحيانًا - على حساب الإناث، والوقائع الاجتماعية تعين على تقريب هذا المفهوم من الأذهان، وقد تقف بركة الذكور حين الاعتماد على بركتهم، وعلينا أنْ نواجه هذا المفهوم بجدِّية وعمق وإيمان صادق، واتِّكال على الله تعالى في كل شيء، بما في ذلك الإنجاب، والاعتقاد الجازم أنَّ الإناث لسنَ بأقلَّ بركةً - بإذن الله تعالى - من الذكور، وأنَّهن لا يمكن أنْ يكنَّ عبئًا مادِّيًّا أو اجتماعيًّا، بقدر ما هنَّ لَبِناتٌ لبناء مجتمع حيٍّ نابض.

 

بقيت مسألة رأي شخصي حول هذه الأجهزة التي قد تَكشف عن نوع الجنين، فليس هناك ميلٌ إليها قطعًا؛ لأنَّ الكشف عن الجنين - من حيث جنسُه - قبل ولادته لا يقدِّم ولا يؤخِّر، من حيث نوع الجنين، والانتظار - هنا - ممتِع، وفيه تطلُّع إلى سلامة الجنين ووالدته، أكثر من التطلُّع إلى نوع الجنين، وإنما الذي يُحمد لهذه الأجهزة، إذا انتفى الضَّرر منها، هو قدرتها - بإذن الله تعالى - على متابعة نموِّ الجنين؛ رغبة في التأكُّد من سلامته الخَلْقية، وإمكان معالجة ما قد ينشأ من معوِّقات لدى الجنين، قبل ولادته.

 

الرأي - هنا - لا يقف في طريق التقنيَّة الحديثة، بقدر ما يؤكِّد الغرض، أو الأغراض، التي تُستخدم لها هذه التقنية، بأجهزتها المتطوِّرة، وقد يقال: إنَّه إذا جرَّت التقنيَّة الحديثة إلى مضارَّ - مثل ما يعتقد أنه حاصل الآن في الهند - فإن هناك ما يسوِّغ رفضها، أخذًا بمبدأ درء المفاسد مُقدَّمٌ على جلب المصالح، وهذا أصل من الأصول التي نؤمن بها.



[1] انظر: صالح بن عبدالرحمن الحصين: قضايا بلا حدود - الرياض: المسلم اليوم، 1425هـ - ص (69).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • البحوث
  • المقالات
  • الكتب
  • المرئيات
  • في مرآة الصحافة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة