• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملةأ. د. علي بن إبراهيم النملة شعار موقع معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / موقع د. علي بن إبراهيم النملة / المقالات


علامة باركود

السودان.. سلة خبز العرب

أ. د. علي بن إبراهيم النملة


تاريخ الإضافة: 19/9/2016 ميلادي - 16/12/1437 هجري

الزيارات: 8858

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

السودان.. سلة خبز العرب


أولًا وقبل أن نناقش أو نتحدث عن أية قضية تتعلق بالأمة العربية اليوم، طبيعية كانت أو سياسية أو اقتصادية، لا بد من أن نؤكد على أننا نؤمن بالقدر خيره وشره، وأننا قد نكره أشياء كثيرة ويكون لنا فيها خير كثير، وأن مقياس البشر يظل في حدود البشر، ولا يعلو على حكمة الله وقدرته وتصريفه، وأنه تعالى لا يظلم أحدًا مثقال ذرة، فكل الناس من خلقه، ولا ينالون أكثر مما يستحقون في الدنيا أو في الآخرة، إذا آمنا بهذا وجدنا أنه من اليسير الحديث عن الأحداث التي تمر بنا هذه الأيام وقبل هذه الأيام، وربما بعد هذه الأيام.

 

الخرطوم عاصمة السودان تعزل تمامًا بسبب المطر الذي أدى إلى الفيضانات، فتدمر عشرة آلاف منزل، على الأقل، ويخرج أكثر من مليوني نسمة دون مأوى، دون كهرباء، دون عيش، لاحظوا أنهم فقدوا كل شيء جرفه تيار الماء معه، وذابت معه ذكرياتهم ومحتوياتهم، فلا يأبهون الآن بالمحتويات والذكريات، ولكنهم يبحثون عن لقمة العيش تسد الرمق، هذا إذا أدركنا أن هناك أكثر من مليون من اللاجئين من الجنوب في الخرطوم وحدها، وأن محافظة الخرطوم كانت مشغولة في إيواء هؤلاء والبحث عن حل لهم يعيد إليهم الشعور بالحياة، لقد أتيحت لي الفرصة لأقف على بعض معسكرات اللاجئين، فوجدت أنه من المحتم على كل شخص أن يحاول الوقوف على ما وقفت عليه.

 

فتجد محافظة الخرطوم نفسها في حال لا تحسد عليها؛ إذ تخطت الحال المحلية، واحتاج الأمر إلى الرعاية العربية أولًا، ثم الإسلامية والدولية، فعلى المسلمين - والعرب منهم - تقع مسؤولية النظر في هذا الموضوع؛ لأن منظمات الإغاثة الأخرى تقف متأهبة للنجدة وتقديم العون، وهذا جميل بحد ذاته إذا كان لذاته، أما إذا كان مصحوبًا بالمنة والأفكار الدخيلة فذلكم أمر لا نرفضه حقًّا إلا إذا كنا - عمليًّا - نملك البديل له.

 

يقول أحد العلماء المدركين: إن الزكاة التي يجب أن تدفع على أموال التجار المسلمين كفيلة بأن تقضي على مشكلة الجوع، ليس في مكان واحد كالسودان، ولكن في الكرة الأرضية كلها، وليس في الأمر مبالغة إذا قلنا: إنه إذا دفعت الزكاة لم يبق مسلم واحد يعاني من الجوع والفقر والمرض، ومثل هذا الاندفاع في الحديث قد يشعر البعض أن المسلمين لا يدفعون زكاة أموالهم، وليس هذا الادعاء حاصلًا، فالمسلمون - بفضل من الله - حريصون على تطهير أموالهم، وهذا أيضًا ليس تعميمًا، فهناك من لا يبالي في أن يدفع مالًا يحس أنه تعب عليه، هذا عن الزكاة، وأبواب الخير ليست مقصورة على الزكاة وحدها؛ فباب الصدقات قد يكون أوسع من باب الزكاة، فلا يرتبط هذا الباب بالنصاب والحَوْل والنسبة التي تدفع على المال في الزكاة.

 

ولِمَ الربط بالزكاة والصدقة؟ لأن الإنفاق في هذه الحال سيزيد من مال المرء ولا ينقصه، ما دام هذا الإنفاق خالصًا لوجه الله، في مقاييسنا المجردة من العقيدة قد ندرك أن الإنفاق من مال ينقصه، ولكن الإنفاق من أجل الصدقة سيزيده، وهذه قاعدة لا بد أن نؤمن بها؛ لأننا لا نسير بموازين البشر، ولكننا نسير على حكم الله تعالى.

 

بالأمس كانت السودان - وغيرها من دول شرق ووسط إفريقيا - تعاني من الجفاف، فتهرع مؤسسات الإغاثة والحكومات تمد يد العون لأولئكم الذين هربوا من الجفاف سيرًا على الأقدام، فسقط منهم من سقط، ونجا منهم من نجا، واليوم تعاني السودان من الفيضانات فيهرب منها كثير من الناس سيرًا على الأقدام، فيسقط منهم من يسقط، وينجو منهم من ينجو، ويتمنى بعضهم من هول المصاب أن لم يعش ليرى ما يراه، لا بد من حكمة؛ لأن الكون يسير بحكمة، وإن حاول البعض تفسير هذا الوضع تفسيرًا طبيعيًّا، إلا أن هناك تفسيرًا آخر لا بد من الوقوف عنده قصدًا إلى مواجهة المعضلات والبحث عن الحل المناسب لها.

 

وإلى أن يدرس هذا الوضع ويبحث له عن الحل، يأتي الحل العاجل الذي يسعى إلى الوقوف إلى جانب هؤلاء الإخوة الذين بدؤوا - في مجملهم - يفقدون طعم الحياة، وصارت تساورهم الشكوك، فيوقف إلى جوارهم، ويشد من عزائمهم، ويمنحون الثقة من جديد، ليس من باب العطف وبسط اليد العليا، ولكن من باب الواجب الأخوي الذي يحتمه الانتماء إلى عقيدة واحدة مشتركة، والواجب هنا مصطلح شرعي له دلالاته التي تجعل الناس ينقادون إلى مؤازرة إخوانهم، بعيدًا عن أي شعور بالمنة؛ لئلا تذهب مع المنة نتائج هذه المؤازرة، ويكون طعمها غير مستساغ، ومثل هذا الأمر لا يستحق التأجيل.

 

ونحن نعلم أن هذه البلاد تسارع إلى أشقائها العرب والمسلمين وتمد لهم يدها البيضاء بعيدًا عن الأضواء؛ إذ إن مندوبيات الإغاثة السعودية موزعة هنا وهناك تقوم بدورها بصمت وطمأنينة، ولم تتوقف الطائرات السعودية عن حمل المتاع والغطاء للمناطق المنكوبة نكبات آنية؛ كالزلازل والفيضانات، أو ممتدة؛ كالجفاف وآثار الحروب، وهذا فضل من الله على هذه البلاد وعلى أهل هذه البلاد، وهو فضل كفيل - بإذن الله - بزيادة النعمة والخير؛ لأن مَن شكر نعمة الله زاده الله نعمة عليها، وخطباء الجمعة في هذه البلاد الطيبة لا يترددون عن السير مع الأحداث؛ ينبهون العامة، ويذكرون بواجبهم تجاه ما يحصل في العالم، ويربطونهم بالأحداث، ويبينون لهم موقف الإسلام منها، وهم - أعانهم الله - ذوو تأثير على الناس بسبب من الثقة التي مُنِحوها، وعليهم التأكيد على أثر التكاتف والتعاون بين المسلمين في التغلب على ما يعترض الطريق من نوائب الدهر، ومحن الزمان، بغض النظر عن المكان، وكان الله في عون الجميع.

 

(الجزيرة/ العدد 5805 - السبت 8 المحرم 1409هـ - 20 أغسطس 1988م)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • البحوث
  • المقالات
  • الكتب
  • المرئيات
  • في مرآة الصحافة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة