• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضرالشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي شعار موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر
شبكة الألوكة / موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي / خطب منبرية


علامة باركود

الطلاق

الطلاق
الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي


تاريخ الإضافة: 1/10/2013 ميلادي - 26/11/1434 هجري

الزيارات: 14946

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الطلاق


الخطبة الأولى

إنَّ لكلِّ منزل يألفُه الإنسان موقعًا في النفس لا يُمحى مع الزمن، وكلَّما كانت الذِّكريات السابقة المرتبطة بهذا المنزل جميلة، كان التعلُّق به كبيرًا، فمَن يكره تذكُّر أيامه الخوالي في مراتع صِباه، وأماكن لَهْوه أيام الطفولة؟ ألا يَستلذ أحدُنا بسماع الحديث عن تاريخ أُسرته وأيام والديه، ومعاناتهما في الحياة؟ ألا يَشتاق بعضنا إلى رؤية منزل الآباء والأجداد؟ ومهما تنقَّل القلب بين المنازل والمرابع، فإنَّ للمنزل الأوَّل مكانًا في القلب لا يُزاحمه موضع آخر.

 

كَمْ مَنْزِلٍ فِي الأَرْضِ يَأْلَفُهُ الْفَتَى
وَحَنِينُهُ أَبَدًا لأَوَّلِ مَنْزِلِ

 

ولو كان لأحدنا رُفقة صَحِبهم منذ أيام الصِّغر، وكان له معهم أيام وليالٍ مِلاح، تشارَكوا في الحديث والأُنس أوقاتًا طويلة، ألِفَ بعضهم بعضًا، واستعذَبوا لقاءاتهم المتكررة وجلساتهم الدَّوريَّة في الأسبوع مرة أو مرتين، وفجأة يَنقطع حبلُ الوِداد، ويتصرَّم رِباط الصَّداقة والزَّمالة؛ بفِعل فاعل، أو تدبير حاقدٍ، أو تصرُّف أرعن، ألاَّ يكون لهذا الفراق لوْعَته، وتبقى الذِّكريات محفورة في النفس؟

 

هذه صورة رُبَّما شعَر بها بعضنا، وهناك صورة أخرى نحتاج إلى تصوُّرها واستشعار مقدار المعاناة فيها.

 

هذه امرأة عاشَت في بيتها آمنة مُطمئنَّة، سعيدة في منزلها، حامدة لربِّها، قائمة بحقِّ زوجها، تأنَس بأولادها، تُداعب هذا وتُضاحك ذاك، تُطعم صغيرها، وتَرعى بيتها، وتتفقَّد حال زوجها، تُطيعه إذا أمَر، تَفقده إن أطال السهر، وإن غاب عن البيت، توجَّس قلبُها، وخافت على زوجها الخطرَ، يَسرُّها مرْأَى صغارها وهم يذرعون البيت مشيًا ولعبًا، تشعر وكأن بيتها قطعة من قلبها، امتزَجت مشاعرها حبًّا لأطفالها، وامتنانًا لزوجها، وتعلُّقًا ببيتها، وفجأة يتكلَّم الزوج بكلمة واحدة تَقلب البيت رأسًا على عقبٍ، كلمة واحدة كانت كفيلة بإزالة جبال من المودَّة والحب، كلمة واحدة مكوَّنة من أربعة أحرف، تَنطلق من لسان الزوج، فتُصيب المَقاتِلَ في الزوجة والأولاد، فإذا بالزوجة تعدُّ حقائبها، وتودِّع أولادها، وتُلقي النظرة الأخيرة على بيتها، بل عُشها الذي امتزَج بعَرَقها وعملِ يدها، وتشرَّبت في نفسها رائحة بيتها المميزة، تتأمَّل في وجوه صغارها الذين أسكتَتْهم الصدمة، وتقرأ في أعينهم عبارات الحسرة والخوف من المستقبل القادم، تتمنَّى أنْ لَم تُخلق، فترى وتعاين هذه اللحظات العصيبة على أمٍّ رؤوم يتقطَّع قلبها أسًى وحسرةً على فلذات أكباد، تودِّعهم اليوم، ولا تدري عن القلب الذي سيعوض أولادها حنانَها وعطفَها، وهل هناك قلب يتدفَّق شفقة ورِقَّة أكثر من قلب الأمِّ؟

 

بالله عليكم، أيُّ شعور يكنُّه الأولاد وهم يرون أمَّهم تُغادر عُشَّهم، فتَدَعهم مع أبيهم الذي استعجَل بالفراق، وأقدَم على أخطر قرار يتَّخذه ربُّ أسرة وذو عيالٍ؟ أيُّ شعور يحسُّ به الأولاد نحو أبيهم الذي حرَمهم لذَّة العيش مع الأمِّ وجعَلهم في موقف لا يتمنَّاه عاقلٌ، فضلاً عن أن يفكِّر فيه قلبٌ غضٌّ طري، لَم يذُقْ بعد معاناة الحياة، ولَم يمسَّه شيء من نَكد الدنيا وكَبَدها الذي لا يُستغرَب؛ ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4].

 

أيُّ مستقبل ينتظر هذه الأم التي أفنَت شبابها وقضَت زهرة عُمرها مع زوجها، فلمَّا تقدَّم بها العمر وكَثُر عيالها، واحتاجَت إلى وقفة زوجها، إذا بها تتلقَّى هذا القَرار الصارم بالخروج من هذه العيشة، وانتقالٍ إلى دار أخرى وعيشة مختلفة مع لقب جديد، رُبَّما عُيِّرت به، أو ظُنَّ بها التقصير والعجلة وإهمال الحقوق، فهي مُطلقة وكفى؟! وما أقسى نظرة المجتمع إلى هذا اللقب!

 

عباد الله، الطلاق حلٌّ شرعي يلجأ إليه الزوجان عند استحالة العيش سويًّا، ولكنَّه ليس أوَّل خُطوة في علاج المشاكل الزوجيَّة؛ فالله تعالى يقول: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 34 - 35].

 

فهاتان الآيتان تُشيران إلى قِوامة الرجل، وأنه حاكم البيت وقائده؛ إذ لا بدَّ لكلِّ تَجمُّعٍ من قائد يَسوسه ويَحوطه، ويَنطق باسمه، وقد استحقَّ الرجال هذه الصفة لِما ميَّزهم الله تعالى من القدرة البدنية والنفسيَّة والمالية، ودور المرأة حِفظ نفسها ومُراعاة منزلها، وصَوْن حُرماته، ومتى خِيف من المرأة النشوز والنفور من زوجها، أو ظهَرت معالِمُه، فأوَّل علاج هو الوعظ والتذكير بحقِّ الزوج؛ أخرج الإمام أحمد - رحمه الله - عن الحُصين بن مِحْصَن أنَّ عمَّةً له أتتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة، ففرَغت من حاجتها، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أذات زوج أنتِ))، قالت: نعم، قال: ((كيف أنتِ له؟))، قالت: ما آلوه إلاَّ ما عجَزت عنه، قال: ((فانظري أين أنتِ منه، فإنما هو جنَّتك ونارُك)).

 

كما تُذَكَّر الزوجة الناشز بخطورة الشقاق وأثره السيِّئ على الزوجين والأولاد، فإن لَم يُجدِ معها هذا العلاج المبدئي، استعمَل الزوج علاجًا ثانيًا، وهو الهجْر في الفراش عند النوم، فإن لَم يَنفع هذا الأسلوب معها، لَجَأ الزوج إلى الضَّرب الخفيف غير المُبرِّح، فليس ضَرْبَ تشفٍّ أو حقدٍ، أو تصفية حِسابات، بل هو ضَرْب لطيف يُشعر بشيء من القسوة والجِديَّة في الموضوع، وليس المقصود منه الإيلام، ومع ذلك فإن للضرب نطاقًا ضيقًا لا ينبغي تجاوزه؛ فقد أخرَج أبو داود (1834) عن إياس بن عبدالله بن أبي ذُباب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَضربوا إماءَ الله))، فجاء عمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ذَئِرْن النساء على أزواجهنَّ، فرخَّص في ضربهنَّ، فأطاف بآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساء كثير يشكون أزواجهنَّ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد طاف بآل محمد نساءٌ كثير يشكون أزواجهنَّ، ليس أولئك بخياركم)).

 

فإذا استعمَل الزوج هذه الأساليب في العلاج ولَم يجد شيئًا، جاء دور التدخُّل الخارجي هنا، أمَّا الأساليب الثلاثة الماضية فهي تتمُّ داخل بيت الزوجية وبين الزوجين وحْدهما، دون تدخُّل طرف آخر - لا والدي الزوجين ولا أقاربهما- والتدخل الخارجي يتمثَّل في اختيار حَكمين صالحين قريبين من الزوجين، يهمُّهما الإصلاح بينهما، وتلمُّس سبب النزاع والشقاق، وبَذْل الجهد في ذلك، وفي ذلك يقول - سبحانه -: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].

 

والصُّلح بين الزوجين مرغَّب فيه شرعًا، فلأحدهما أن يقدِّم مالاً، أو يتنازَل عن بعض حقوقه في سبيل المحافظة على رباط الزوجيَّة، وفي ذلك يقول - سبحانه -: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128].

 

ويقول: ﴿ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 129].


ومتى استحكَم النِّزاع والخِلاف، وانسدَّ باب الإصلاح، وتعذَّر الوفاق، يأتي العلاج الأخير لهذه المعضلة وهو الطلاق والفراق، فهو علاج ناجع، ولكن يَسبقه مراحل علاجيَّة وجرعات متفاوتة، ومتى وقَع الطلاق بهذه الطريقة كان الزوجان حَرِيَّيْن بأن يتحقَّق لهما الوعد الكريم؛ ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 130].

 

فأرزاق الله متوافرة ونِعمه متواصلة، وهو - سبحانه - قادرٌ على أن ييسِّر للزوج المطلِّق زوجًا أخرى يأنَس بها، ويرتاح لعِشرتها، كما أنه - سبحانه - قادرٌ على أن يَرزق المطلقة زوجًا كريمًا يَحفظها ويوفِّر لها عيشة كريمة، تُنسيها ما سبَق من العلاقة المتعثِّرة، والله تعالى حكيم بعباده، عليم بما يُصلحهم، وفي الْتزام ما شرَعه الخير والفلاح للجميع، فلله الحمد أولاً وآخِرًا.

 

الخطبة الثانية

أيها المسلمون:

ما أشد حاجة الأزواج الذين يعانون من زوجاتهم، إلى معرفة العلاج الشرعي للنشوز والشقاق بين الزوجين، والحاجة ماسَّة للتقيُّد بما شرَعه الله تعالى؛ لِما في ذلك من حِفظ المودَّة وردِّ الجميل، والرِّفق بالأولاد، فحين يتمُّ الطلاق بعد استنفاد تلك الوسائل العلاجية، يكون قد اتَّخذ قراره بهدوءٍ وتروٍّ، أمَّا إذا كان الطلاق لأدنى مشكلة وأدنى تقصير، فهنا الطامَّة، فنعجب إن سَمِعنا خبر زوج طلَّق زوجته بسبب وجبة أو عنادٍ في أمر حقير!

 

أيها الناس:

للطلاق أحكام شرعيَّة وآداب لا بدَّ من مراعاتها، تمسُّ الحاجة إلى معرفتها والتقيُّد بها، ومتى غفَل الناس عنها، فقدوا ما في تشريع الطلاق من الحِكمة والرحمة بالزوجين والأُسرة والمجتمع قاطبةً، ولِي عودة إليها - بإذن الله تعالى.

 

اللهم فقِّهنا في الدين، وعلِّمنا ما ينفعنا في الدنيا والآخرة، واجعَلنا من عبادك الفائزين.

 

اللهمَّ احفَظ بيوتنا وبيوت المسلمين، واجعَلها عامرة بطاعتك.

 

اللهم جنِّب بيوتنا وبيوت المسلمين كلَّ شرٍّ وأذيَّة، ربَّنا هبْ لنا من أزواجنا وذريَّاتنا قرَّة أعينٍ، واجعَلنا للمتَّقين إمامًا.

 

اللهمَّ هيِّئ لأُمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أمرًا رشدًا، يوحِّد كلمتهم، ويَجمع شَتاتهم.

 

اللهم ارْحَمنا برحمتك؛ فأنت أرحم الراحمين، اللهم أصْلِح الراعي والرعيَّة، وادْفَع عنَّا وعن بلادنا كلَّ فتنة وبَليَّة.

 

اللهمَّ انصر المجاهدين في سبيلك؛ لتكون كلمتك هي العُليا، اللهمَّ انصُرهم في الشيشان، اللهمَّ ارْبِط على قلوبهم، واجْمَع كلمتهم، وأمِدَّهم بجُندك، وأنْزِل عليهم نصرَك يا قوي يا عزيز.

 

اللهم اجعَل الدائرة على الروس الظالمين، اللهمَّ سلِّط عليهم جندك، وأنزِل بهم بأْسَك الذي لا يُرَدُّ عن القوم المجرمين.

 

والحمد لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • فقه الأسرة
  • خطب منبرية
  • كتب
  • صوتيات
  • فقه التقاضي
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة