• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضرالشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي شعار موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر
شبكة الألوكة / موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي / مقالات


علامة باركود

من لشكايات البيوت؟!

من لشكايات البيوت؟!
الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي


تاريخ الإضافة: 14/7/2012 ميلادي - 24/8/1433 هجري

الزيارات: 11502

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من لشكايات البيوت؟!

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبيِّنا محمد وعلى آله وصَحبه ومَن والاه.

 

أمَّا بعدُ:

فقد خلَق الله تعالى الخلق وسوَّاه، وأعطى كلَّ شيء خلقه وهداه، وابتلى خَلقه بالسَّراء ليَشكروه، وبالضراء ليَحمدوه، ويَدعوه، ويَنيبوا إليه.

 

ألا وإنَّ من نعم الله تعالى علينا نعمةَ السكن في البيوت، والتمتُّع بالحياة الزوجية؛ قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا ﴾ [النحل: 80].

 

وقال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

فهنيئًا لمن رزَقه الله تعالى بيتًا يُؤويه، وزوجة يأَنس بها، وأولادًا تَكمُل بهم زينة الحياة الدنيا؛ ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46].

 

ولكنَّ بيوتنا جزءٌ من الدنيا، والدنيا دار ابتلاء واختبار، ولا تَدوم على حال صفاءً، فمَن منا صَفَت أيَّامه بلا كدرٍ؟ وهل منَّا أحد خلا بيته وسَلِمت أسرته من مُنغِّص؟

 

لا وربِّي، فالدنيا بأسْرها دار حَفَلت بالمُنغِّصات والمكدرات، وما أصدق ذلك الوصف القرآني لحال ابن آدم في الدنيا؛ يقول تعالى: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 1 - 4].

 

فهذا القسم العظيم من ربنا - سبحانه - وهو أصدق القائلين، يُشعر كلَّ مستمع له أنَّ الدنيا دارٌ لا صفاءَ فيها بإطلاق، فلا يمضي على الإنسان يوم إلاَّ ويقاسي فيه شيئًا من الشدة، أو يكابد فيه مَشقة.

طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا
صَفْوًا مِنَ الأَقْذَاءِ وَالأَكْدَارِ

 

ومن صور الكبَد والمَشقة، ما تُعانيه بعض البيوت من التصدُّع الأسري والشِّقاق بين الزوجين، أو يكون ثَمَّة مشكلةٌ قائمة تَمنع من الصفاء والأمان، كمِن تعاني من زوجها المُدمن على المسكرات والمخدرات، أو تلك الأرملة التي تعول أولادها، وتُشرف على تربيتهم، ويَصعب عليها السيطرة على بيتها، وتَخاف على رعيَّتها من الضياع في أتون الحياة ومشكلاتها، أو ذلك الفتى المُبتلى بأبٍ قاسي القلب صعب المِراس، أو تلك الفتاة التي تشتكي من إهمال والديها، أو ظلم إخوانها، وهَلُمَّ جرًّا من المشكلات التي لا تخلو منها غالب البيوت.

 

وكثير من هذه المشكلات تكون سهلة، ويوفَّق أطرافها في تجاوزها بيُسر، أو تُحلُّ مع مرور الزمن، ولكن يبقى قسم من البيوت يَصطلي بنار تلك الأزمات والمشكلات التي تَعصف باستقراره وتَهز كِيانه ما لَم يُقيِّض الله تعالى لها مَن يسهم في إزالة تلك الغُمَّة، وكَشْف تلك الكُربة، وما لَم تُحل هذه المشكلات وتُعالج، فإن آثارها كبيرة وطويلة المدى.

 

ولولا أنَّ للبيوت أسرارها، لأَوردتُ صُورًا ومآسيَ من تلك المشكلات التي يعايشها بعض أفراد مجتمعنا، ويَصطلون بنارها، رافعين شكواهم إلى الرحمن الرحيم، يرجون منه - سبحانه - اللُّطفَ والتيسير، وهو - سبحانه - أرحم الراحمين.

 

ولكن كيف السبيل إلى علاج تلك المشكلات والأزمات؟

إن الحديث عنها طويل ومُتشعِّب، ومحفوف ببعض العوائق، فلا ريبَ أنَّ لهذه المشكلات خصوصيَّتها، ولا يرغب أطرافها في نَشْر مشكلاتهم، أو أن يتدخَّل الجميع في علاجها، وربما كان الطرف المظلوم ضعيفًا لا يستطيع الجهر بالشكوى أو البوحَ بمكنون ضميره، وربما رأى المجتمع بتقاليده وعاداته أنَّ الحديث بصوت مسموع في هذه القضايا ممنوعٌ، فما الذي يَصنعه إذًا مَن ابْتُلِي بها، وأصبَحت حياته مليئة بالشوك والعقبات؟

 

إن هذه المشكلات إن لَم تَجد يدًا حانية، وقلبًا مُشفقًا، ونفسًا حريصةً على رأْبِ الصَّدع، فإنه يُخشى أن يزيد أُوارها ويَستطير شررُها، ولَمَّا كان المفترض في كلِّ مسلم أن يحبَّ لإخوانه ما يحب لنفسه؛ عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المُتفق عليه: ((لا يؤمن أحدكم؛ حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه)).

 

وكلُّ واحد منا يَوَدُّ أن يعيشَ هادئ البال، مُطمئنَّ الحال، فكذا ينبغي لنا أن نبذلَ الجهد في حلِّ هذه المشكلات متى وقَعت، فهي من وسائل الإصلاح بين المسلمين، كما أنها من وسائل تحصيل الاستقرار وإيجاد السعادة في البيوت والأُسَر، ومتى كانت البيوت مستقرَّةً خالية من المُنغصات، كانت حرية بتوفير الراحة والسكن والمودة لأفرادها.

 

والسعي في الإصلاح ولَمِّ الشمل مطلوب شرعًا؛ فقد قال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ [الأنفال: 1].

 

وقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُم ﴾ [الحجرات: 10].

 

وقال تعالى في بيان ما يُعمل عند شقاق الزوجين: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].

 

إن السعي في إصلاح ذات البين ورَأْب الصَّدع لدى الأُسر، والمساهمة في حلِّ مشكلاتها، عملٌ محمود مأجور عليه صاحبُه، وليس في ذلك أيُّ غضاضة أو مَنقصة، ولنا في نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - القدوة والأُسوة الحسَنة، بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم - وأنْعِم به من معلم للبشرية ومُرَبٍّ قدير، وساعٍ في كلِّ برٍّ، فمع عظيم مسؤوليته في تبليغ رسالة ربِّه، فإن ذلك لَم يَشغله عن أن يُسهم بجهده في رأْبِ الصَّدع وعلاج مشكلات البيوت، بل كان - صلى الله عليه وسلم - وهو الرؤوف الرحيم بأُمَّته، يتحسَّس مشاعر أفراد مجتمعه، ويَبذل جاهه ونُصحه في التوفيق بين المتخالفين، وعلاج مشكلات البيوت والأُسَر.

 

وإنَّ التصدي لمشكلات الناس والمساهمة في حلِّها، ليس بالأمر السهل؛ إذ يتطلَّب وقتًا وجُهدًا، وحِكمة وعِلمًا، وكلَّما توفَّرت الخبرة والكفاءة العلمية والممارسة العملية في ذلك الأمر، كان أفضل وأحرى بالنفع، وهذه دعوة لكلِّ مُصلح ومُحبٍّ للخير، أن يُسهم قدر جهده في نفع إخوانه ومَن حوله، فللقريب دورٌ مع قريبه، وبإمكان الجار، وإمام المسجد، والداعية، وزميل العمل - أن يعرض المساعدة في علاج مثل هذه المشكلات، وأن يَحتسب الأجر في ذلك، فالإصلاح بين الناس عمل محمود مُثاب عليه شرعًا؛ كما قال تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].

 

وهذه ستُّ وصايا لمن أراد الاحتساب والمشاركة في هذا العمل:

1- للبيوت أسرارها، وللناس خصوصيَّاتهم، فاحرص على حِفظ السرِّ.

 

2- إخلاص النيَّة وبذل الجهد في النُّصح والإقناع، من وسائل النجاح في الإصلاح؛ قال تعالى ﴿ إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ﴾ [النساء: 35].

 

3- احْرِص يا أخي على بَذْل الحلول العملية المُمكنة، وابذل جُهدك في رسمِ خُطَّة العلاج التي يَفهمها المستشير.

 

4- اعْلَم أن لكلِّ حالة ما يُناسبها من الحلول، فليس هناك وصفة ملائمة لكلِّ المشكلات الاجتماعية والأسريَّة.

 

5- التأكيد على أثر سلامة البيوت من المنكرات في تجاوز العَقبات الاجتماعية، فكثيرًا ما تَنشب المشكلات في البيوت الخاوية من الخير والذِّكر، المليئةِ بالمنكرات.

 

6- الترفُّق في علاج المشكلة، فالرِّفق ما كان في شيء إلاَّ زانَه، ولا بدَّ من سَعة البال وطول النفَس في العلاج.

 

وختامًا:

أوصي مَن ابتُلِي بشيء من هذه المشكلات - فنَغَّصَت حياته وكَدَّرت أيامه - ألاَّ يقنطَ من رحمة الله، وألاَّ يدبَّ إليه اليأس من تجاوز مشكلته، فلكلِّ داء دواءٌ.

 

وما أجمل أن ينطرحَ العبد المهموم على ربِّه؛ يدعوه، ويشكو إليه - سبحانه - حاله، فرحمة الله تعالى قريب من المحسنين؛ ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62].

 

والصبر درعٌ واقٍ، وعلاج ناجع؛ ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45].

 

واتَّخذ - أخي المُبتلَى - من الأسباب المشروعة ما يُساعد في تجاوز المِحنة وانقشاع الغُمة، ومن ذلك طلبُ المساعدة والمشورة من حكيم مُجرِّب، أو صديق مُشفق، أو أخٍ مُحِب، أو مركز مُتخصِّص.

وَلاَ بُدَّ مِنْ شَكْوَى إِلَى ذِي مُرُوءَةٍ
يُوَاسِيكَ أَوْ يُسْلِيكَ أَوْ يَتَوَجَّعُ

 

أسأل الله تعالى أن يرزقَنا السعادة في الدنيا والآخرة، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • فقه الأسرة
  • خطب منبرية
  • كتب
  • صوتيات
  • فقه التقاضي
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة