• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

أصول تاريخية لموائد الرحمن في رمضان

أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 2/7/2013 ميلادي - 23/8/1434 هجري

الزيارات: 9757

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أصول تاريخية لموائد الرحمن في رمضان


لا نستطيع أن ننكر أن الدولة الطولونيَّة التي أسَّسها (أحمد بن طولون) في مصر، وامتدَّ بها إلى حدود الشَّام، مستغلاًّ ضعف الخلافة العباسيَّة في مستهلِّ عصرها العباسي الثاني، الذي يبدأ مسيرتُه مع منتصف القرن الثَّالث الهجري تقريبًا (334هـ)، ويستمر حتى يسيطر البُوَيْهيون، ثم السلاجقة على خلافة بني العبَّاس - لا نستطيع أن ننكر أن هذه الدولة كانتْ حركة انفصالية تحمل طابع الطموح الشخصي من ذلك الوالي السابق للعبَّاسيين (أحمد بن طولون)، الذي استطاع الانفراد بالحكم الوراثي والاستقلال، مكتفيًا في عَلاقته بالخلافة العبَّاسية بإرسال الهدايا والدعاء على المنابر للخليفة، والتظاهر بالطاعة، بينما هو مستقلٌّ استقلالاً كبيرًا.

 

وكتعويضٍ عن هذا السلوك حاول (ابن طولون) - ونجح كثيرًا - في تدعيم كيان استقلاله، وامتلاك أسباب القوة، وإرضاء الناس في داخل البلاد المصرية ثم الشامية، وبناء قوَّة عسكرية بحرية وبرية؛ ليبرِّر أمام دولة الخلافة وجودَه واستقلاله، ويظهر أهميتَه ونجاحه في القيادة، ويضمن التأييد الشعبي الداخلي والإسلامي العام، والحق أن (ابن طولون) ودولته قد نجحا في ذلك إلى حدٍّ كبير!

 

وفي لمحة من لمحات النور - وكقيمةٍ أخلاقية من كتاب الأخلاق الرائع الذي يسجِّل أروع الصفحات في حضارتنا - يلتقط أستاذنا (د/ محمد رجب البيومي) هذه اللقطة التي نوافقه عليها، لكنَّها لا تنتقص تقويمَنا التاريخي الموضوعي الشمولي لشخصية (ابن طولون) مؤسِّس إحدى الدول الانفصاليِّة (المستقلة)!

 

كان (أحمد بن طولون) رجلَ خيرٍ، يجمع إلى الحزم والبطولة صفاءَ النفس، ورقَّة الفؤاد، وإخلاص الضمير، وقد نظر إلى شهر رمضان نظرةً عميقة مخلصة؛ فرآه حقلاً خصيبًا لاستثمار الفضائل، وإنماء المكارم، فهو في لبابِه مظهرُ التعاون الإنساني بين الناس، ومجال البرِّ والخير والتراحم والتوادِّ، فليس الحرمان به عن الطعام هدفًا مقصودًا لذاته، ولكنه وسيلة قوية إلى تضامن النفوس، وتحابِّ القلوب، وإذ ذاك أمر (ابن طولون) بدعوةِ الأغنياء والحكام من مختلف الأقاليم إلى منزله من أوَّل يوم من رمضان، ثم قدَّم إليهم موائد الإفطار حافلة آهلة، وجمع إليه حشدًا من الفقراء والمستورين! وما فرغ المفطرون من طعامهم حتَّى وقف (ابن طولون) وأعلن أنه دعا الأمراء والحكَّام؛ لينظروا إلى ما يجب عليهم من السخاء طيلة أيام الشهر؛ فهم مسؤولون أمامه عن إطعام الفقير وتعهُّد المسكين، ثم أصدر بذلك قرارًا وزَّعه على البلاد المتفرِّقة في القطر الواسع، وتَهدَّد مَن لا يمتثل أمره بأشد العقاب والنكال؛ فصار رمضانُ في عهده في أكرم صورة وأنبلها، وأصبح على يده مثابةَ خير وموردَ إحسان، حتى إن بعض الحكَّام من الأقاليم كان يبعثُ أعوانه إلى بيوت الفقراء ليحملوهم بالقوَّة على حضور موائده، ثم يبوؤوا بعد الإفطار وقد حملوا في أيديهم ما يُطعم الأبناءَ والنساء.

 

وقد مرَّ أولَ يوم من أيام رمضان بعمَّال البناء من مسجده، فرآهم يشتغلون حتى يؤذن المغرب، فتألَّم لذلك، وقال: "متى يتمكَّن هؤلاء الضعفاء من شراء الطعام لأسرِهم وإعداده؟!"، ثم أمر بصرفهم جميعًا حين يؤذن العصر، فكانت سُنَّة جديدة يحتذيها مَن حكم البلاد من بعده، وسطرت له مع غيرها بأحرف من نور، فجزاه الله، وجزى أستاذنا الدكتور والأديب (د/ محمد رجب البيومي) خير الجزاء!

 

لكنَّ الأمر - مع ذلك - يحتاج إلى مزيد إضافة وتوضيح:

فإن هذه المواقف الرمضانية الكريمة من (أحمد بن طولون) - وإن بقيت سُنَّة حميدة من بعده بأشكال مختلفة - قد مرَّت عليها عهود ذبول، وعهود مبالغات يصل بها إلى حدِّ الابتداع المنبوذ؛ كما كان في العهد الفاطمي في بعض فتراته الأولى على الأقل، قبل أن تميل كفته إلى الهبوط.

 

لكنّنا - مع ذلك - نعتقد أن ما فعله (ابن طولون) كان أصلاً لِمَا يُسمَّى الآن بـ (موائد الرحمن) في رمضان، كما أنّه يُعدُّ تطبيقًا عمليًّا لمعنى من معاني رمضان المقصودة من الشارع الحكيم، وهي التكافل الاجتماعي العام، ولا سيَّما في رمضان شهر تجويع الغنيِّ؛ ليشعر بمشاعر الفقير، والأخذ بيد الفقير - ولا سيّما في العيد - ليقترب من أخيه الغني.

 

وهو في الوقت نفسه يقدِّم صورة إسلاميَّة كريمة لرعاية المسلمين (لابن السبيل)، الذي يمثِّل بابًا من أبواب الزكاة، كاد المسلمون ينسونه بعد أن اختفتْ (هجرة الضيوف)، واختفى (دوَّار العمدة)، واختفتْ دُور العوائل الكريمة المسبلة لابن السبيل وغيره.

 

لقد حفلتْ حضارتُنا بصور كريمة عمليَّة تحقِّق التكافل الاجتماعي، وقد كانت تمارس حبًّا وعبادة، وقد قاوم بها مجتمعُنا الإسلامي المذاهبَ المادِّية والإلحادية القائمةَ على الصراع الطبقي؛ لأن حضارتنا حضارة الأخلاق والحبِّ والتراحم والتكافل بين الجميع.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة