• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

حصاد قرن مضى كما يراه أعلامه

أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 20/1/2013 ميلادي - 8/3/1434 هجري

الزيارات: 10058

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حصاد قرن مضى كما يراه أعلامه


لا أدري كيف عبروا الزمان والمكان؟! ولا أدري كيف التقى الإمام محمد عبده (المصري) (1849 - 1905م)، بالإمام بديع الزمان سعيد النورسي (التركي) (1877 - 1960م)، والإمام الداعية أبي الحسن الندوي الهندي (1911 - 1999م)، والإمام الشيخ محمد الغزالي المصري (1917 - 1996م)، لكنني - بعيدًا عن فروق الزمان والمكان - تخيَّلتُهم معًا، حول منضدة صغيرة، كأنما اجتمعوا على قدرٍ؛ ليبحثوا قضية خطيرة جمَعتهم، ومع أنني كنتُ نصف نائم، وكانت عيناي مغلقتين، لكن كياني كان يتابع هذه الرموز الرائعة بأقصى طاقات العمل، ومع أنني كنت أحيانًا أشعر كأنني بين الحياة والموت، واليقظة والنوم، إلا أن ثمة شيئًا فينا - فيما يبدو - يستطيع أن يحتفظ بدرجة من الشعور دائمًا، وهو قادر على أن يوظِّف اللاشعور توظيفًا روحيًّا ونفسيًّا واعيًا، وقلتُ لنفسي - وأنا في حالة بين الوعي واللاوعي واليقظة والنوم -: لماذا اجتمع هؤلاء الكبار؟! وسَرعان ما عرَفتُ - بعد صبرٍ قليل - أنهم اجتمعوا لينظروا في حصاد القرن العشرين الميلادي (الرابع عشر للهجرة)، وليقوِّموا جهودهم التي اختلفت أمكنةً وأزمنةً، لكنها كانت تلتزم بقضية محورية واحدة، وهي بعْث هذه الأمة، ووضْع قطارها فوق القضبان الصحيحة؛ كي تُقلع من محطة التخلف والتشرذُم، والاحتلال والجهل، وتُبعث من جديد على نهج القرآن والسُّنة، وصولاً إلى عودتها إلى الخيرية والشهادة على الناس، وقد سيطر عليَّ سؤال آخر: ولماذا اجتمعوا في خيالي أنا خاصة، مع أنني في آخر الصف، وذنوبي لا يعلمها إلا الله؟!


لكن خاطرًا قال لي: ربما اختاروك؛ لأنك باحث في (تفسير التاريخ - علم إسلامي)، وفي (دراسة سقوط 30 دولة إسلامية)، وفي (فقه التاريخ)، فأنت مؤرخ من جهة، ومنظورك إسلامي من جهة أخرى، وقد حمدت الله كل الحمد، عندما خطرت لي هذه الإجابة، ولأول مرة أشعر بأنني فعلت شيئًا إيجابيًّا، وأنني على شيء من فقه سنن الله في الاجتماع والتاريخ.

 

لم أجلس مع الكبار على المائدة، لكن كان من حقي أن أقترب منهم وأسترق السمع، فليس في الأمر ألغاز وأسرار، وقد جلسوا يتباحثون في القضية الأساس، وكل منهم يُدلي بدَلوه، مدافعًا عن المدخل الذي دخل منه، وعن آثاره، مستشهدًا ببعض نتائج جهوده.

 

كان الإمام محمد عبده (1849 - 1905) يصرُّ على أن نصبح "أوروبيين مسلمين"؛ فنحن مسلمون بلا مضمون عصري إيجابي، بينما في أوروبا تطبيق للإسلام في العمل، لكن بلا إسلام، ولا بدَّ لنا من تعديل العقل المسلم، عن طريق التربية والتعليم الصحيحين الجامعين بين الأصالة والمعاصرة، أما الإمام ابن باديس، فذكر أن البداية للنهضة لا بدَّ أن تكون من إحياء دَور ورسالة المسجد، وقال: إنني عندما فسَّرت القرآن تفسيرًا تربويًّا في المسجد، وهو تفسير (مجالس التذكير)، نفختُ - بعون الله - في روح الشعب الجزائري حتى تحقَّق له النصر.

 

أما الإمام بديع الزمان سعيد النورسي، فقد ركَّز على أنه لا بعْث إلا بالمزج بين العلوم الطبيعية والشرعية، وقراءة القرآن بمنظور الإيمان والعلم معًا، ومن ثَمَّ أشار إلى موسوعته (رسائل النور) ذات الأجزاء العشرة، والتي أنقذت الملايين من الإلحاد، لا سيما بعد أن ابتعدت دعوته عن الصدامات السياسية والحزبية، واشتغَلت ببذور الإيمان فقط.

 

أما كبير علماء الهند في عصره - سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي - فقد أكد على ضرورة معرفة المسلم لذاته: من هو؟ ولماذا بعثه الله للناس؟ وما الخسارة التي ستحيق بالإنسانية كلها من انحطاط المسلمين؟ ودعا بالتالي إلى تحقيق وعي حضاري أصيل، وتقديم يد الحب والتعاون للبشرية كلها، كما دعا إلى البعد عن الصدامات الحزبية والسياسية، والعمل على إحياء السياسة الشرعية العامة.

 

وأما الإمام محمد الغزالي، فقد نوَّه بكتابه: "سر تأخر العرب والمسلمين"، مشيرًا إلى الانفصال المدمر بين الحُكام والشعوب، وبين الدعوة - كما يجب أن تفهم - وبين عددٍ كبير من الدعاة، فالمسلمون في حاجة إلى إعادة فقه (عقيدة المسلم)، و(خلق المسلم)، وموقف الإسلام من (الأوضاع الاقتصادية)، و(جهاد الدعوة) بالجهاد الحضاري المستمر لا بمجرد القتال، فحتى (التعامل مع المصحف)، وقف فيه المسلمون عند مستوى الاستظهار، ولم يقتحموا مجال الفَهم والفقه والعمل والاعتبار! ومع كل جهوده ما زال المسلمون متخلفين في (فقه الكون)، مع أنه أحد محاور الإسلام الأساس.

 

• ومن خلال ما سمعتُه من هؤلاء الأعلام، استنتجتُ أن هناك قواسمَ مشتركة بينهم، وهي أول ما نحرص عليه، ونحن نستفيد من تجاربهم في بعْث الأمة، وأول القواسم المشتركة: البداية من نقطة نزع فتيل الصدام مع المسلمين، فلا يجوز الصدام بين الحكام والمحكومين؛ حتى لا تُبدَّد الطاقة، وتَسحق بعض الأمة بعضها الآخر داخليًّا، ويكون بأسُنا بيننا، وحتى لو كان الحاكم ظالِمًا، فالنصح له والصبر عليه أَوْلَى من الصِّدام.

 

وثاني القواسم: أن السياسة "ثمرة"، وأن الإيمان هو "البذرة"، ولا يجوز أن تُقدَّم الثمرة على بذرة الإيمان، فأُمتنا جائعة عطشى، فارغة من كثيرٍ من بذور الإيمان.

 

والقاسم الثالث المشترك: البَدء بالمسجد، وإذا أمكن تحويل الأرض كلها إلى مسجد، بمعنى ضرورة الجمع في أي مكان فيه بين العبادة والتربية والتعليم، والعبادة وبناء الإنسان والإيمان.

 

أما القاسم الرابع، فيتجلى في ضرورة التركيز على التربية والتعليم، من خلال المسجد والمناخ المسجدي، وأيضًا من خلال المزْج بين الأصالة والمعاصرة، وتعليم الأمة وتكوين الصفوة والنُّخبة، والأخذ من الحضارات الأخرى، بعد الغربلة والتمحيص، وعدم جواز الانكفاء على الذات، ورفْض التجارب الحضارية الأخرى بالجملة.

 

لقد كان واضحًا من مجموع الآراء أن الأمة الإسلامية - لا سيما في القرن الماضي - قد تعثَّرت بها الرؤى، واختلطت لديها المفاهيم، مع أنها تحدَّدت لها محطات إقلاعها من أول آية في القرآن الكريم: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5].

 

فلو أنها قرأت: (بسم الله) ولم تقرأ (باسم المصلحة) أو (الدنيوية) - لاستوعَبت آية الله في الأنفس وآيته في الكون، كما استوعب أسلافها، وأصبحوا أساتذة الدنيا لعشرة قرون، لكن الأمة تخبَّطت في قرنها الأخير، وأصبحت ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ طريق الشهادات الجامعية، والوصول إلى المكانة الوظيفية والاجتماعية؛ ولهذا عادت أمة أُميةَ القراءة والكتابة، لا تفكر في أن تَمحوَ الأُمية الفكرية والعقلية، وأبناؤها حملة أوراق تعليمية تسمى (الشهادات العلمية)، لكنهم قلَّما يُبدعون أو يفكرون، وإذا نبَغوا أو أبدعوا، ففي غير بيتهم المسلم، ولغير قومهم المسلمين.

 

وعلى استحياءٍ طلَب مني (الشيخ محمد عبده) خريطة حديثة للعالم الإسلامي المعاصر، لقد غاب عن خريطة المسلمين وعن الدنيا منذ أكثر من قرن من الزمان، وهو في حاجة إلى تجديد معلوماته، لقد كانت الخريطة كبيرة فسيحة الأرجاء، تظهر عليها بلاد الأكثريات وبلاد الأقليَّات المسلمة، فلقد أصبحت بلاد المسلمين كثيرة جدًّا تصل إلى أربع وخمسين دولة، وقد تضاعف عدد المسلمين في هذا القرن خمسة أضعاف، وأصبح عدد المسلمين أكثريات وأقليات في حدود مليار ونصف المليار مسلم، لقد أفصحت الخريطة عن كل هذا؛ ففيها مؤشرات سكانية وأخرى اقتصادية، وأخرى أكثرية وأخرى أقلية، لقد رأيت ابتسامة مُشبعة بشيء من الحزن تَعلو وجوه الدعاة الكبار، لقد رأوا بشارة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي تتحقق، فقد بلغ الإسلام ما بلغ الليل والنهار، فلا توجد قارة ولا دولة ولا مدينة، إلا وفيها مسلمون، وفيها مساجد توحِّد الله، وتشهد أن محمدًا رسول الله، لقد رفع الله له ذكره عبْر قارات الأرض، وكان هذا الانتشار الإسلامي عبر العالم تحقيقًا لبشارة الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي قال فيها: ((ليَبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مَدر ولا وبرٍ، إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيزٍ، أو ذل ذليلٍ، عزًّا يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر))؛ رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم (55 / 3)، وصحَّحه.

 

ويبدو أن ملامح الخريطة والإيضاحات التي عليها، كانت ناطقة بأن هذا العدد الكبير من البشر، ينتمي إلى هذا الصِّنف الذي سمَّاه - عليه الصلاة والسلام - في حديثه المعروف: ((غُثاء كغثاء السيل))، فهكذا رُوي عنه في حديثه الذى أخبر فيه بحالتنا في عصرنا الحديث والمعاصر، حين قال - صلى الله عليه وسلم -: ((تُوشك الأمم أن تَداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصْعتها))، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟! قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غُثاء كغثاء السيل، وليَنزعنَّ الله من صدور عدوِّكم المهابةَ منكم، وليَقذفنَّ الله في قلوبكم الوهنَ))، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: ((حبُّ الدنيا وكراهية الموت))؛ صحيح؛ المشكاة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة