• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   شعار موقع الشيخ أنور الداودأنور الداود النبراوي شعار موقع الشيخ أنور الداود
شبكة الألوكة / موقع أنور الداود النبراوي / مقالات


علامة باركود

يا أهل جدة، لا تحسبوه شرًّا لكم

أنور الداود النبراوي


تاريخ الإضافة: 18/12/2009 ميلادي - 1/1/1431 هجري

الزيارات: 13965

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يا أهل جدَّة، لا تحسبوه شرًّا لكم


المؤمنون إخوة، والمسلمون كالجسد الواحد، وقد أُمِروا أن يكونوا عبادَ الله إخوانًا، ومَن لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم؛ فلا بد أن نكتسب ما نصير به - نحن المسلمين - كإخوان النسب: مِن المحبة، والمودة، والشفقة، والرحمة، والمواساة.

هذا بدعائه، وهذا بماله، وثالثٌ بجاهه، وآخرُ بفِكره، وربما بهمِّه ونصحه، وغير ذلك مِن ألوان النصرة والاعتصام.

ثم إن الحصيف الفطن المسدَّد بنور الله وتوفيقه ليَأخذُ مِن أحداث الزمان، وتقلُّبِ الأحوال الدروسَ والعِبَر؛ قال الله - جل شأنه -: ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [النور: 44].

فينظر المؤمن للشدائد بمنظار الصبر والاحتساب، وأن وراء المحنة منحةً، وخلف النقمة نعمةً، من تكفيرٍ للسيئات، ورفع للدرجات.

﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [النور: 11]، نَعم، إنه الخير والمكسب العظيم في عودة بني آدم الخطَّائين - وكلُّنا ذلك الرجل - إلى الرحمن الرحيم بعباده، الذي خَيْرُهُ للناس نازلٌ، وشرُّنا إليه صاعد؛ ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾[النحل: 61].
ولقد خلق الله الإنسانَ في كَبَدٍ، وجعله يكدح ويكابد في حياته؛ امتحانًا واختبارًا منه جل وعلا: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [الإنسان: 2]، وهذا البلاء هو كالظلِّ للإنسان، يحلُّ به تارة، ويفارقه أخرى؛ فالأيام دول: (مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أَزْمَان).

قال الله تبارك وتعالى: ﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [التوبة : 126].
أوَلا يَرى هؤلاء الناس؟! أيَجهلون ولا يَرون أنهم يُختبرون بالرزايا والبلايا، والجوعِ والخوف، والمصائبِ والكوارث، وأمراضٍ تحل بالناس، ومتالفَ تصيب الأموالَ، وجوائحَ تصيب الثمار، ونقصٍ من أنفس ومواليد، وندرةِ الأمطار، والفيضانات، وارتفاعِ الأسعار، وانتشارِ الغبار، وعقوقِ الأبناء، وضياعِ الأوقات، وقلة البركات، وتسلُّطِ الأعداء، وخسارةِ الأوطان، من فلسطين وعراق، وشيشان وأفغان، وغير ذلك من بلدان؟!

والفتنة: اختلال نظام الحالة المعتادة للناس، واضطراب أمرهم؛ ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 191].

﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ ﴾؟! والاستفهام هنا فيه إنكارٌ وتعجُّب، حيث يرون الفتنَ والمحن تأتي مِن كل ناحية، ثم لا يتوبون من ذنوبِهم السالفة، ولا يعقب ذلك عودةٌ إلى الله، وأوبة صادقة، ولا تذكُّرٌ لأمر الله، حيث إن الله هو وحده مَن يَبتلي الأممَ بالسراء والضراء، وبالأوامر والنواهي، وهو وحده الذي يكشف الضر ويعين المضطر؛ ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].

وقد كان للناس زاجر فيما يرون ﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ ﴾، حيث يدل تكرر المصائب والمضارِّ، وما يسلط الله عليهم، على أن المراد هو: إيقاظُ اللهِ الناسَ إلى سوء سيرتهم في جانب الله تعالى بعدم اهتدائهم إلى الإقلاع عمَّا هم فيه مِن العناد والفساد؛ فإنهم لو رُزقوا التوفيقَ، لأفاقوا مِن غفلتهم، فعلِموا أنَّ ما يحُلُّ بهم كلَّ عام ﴿ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ﴾ فيه تذكيرٌ لهم؛ ليَرجعوا إلى الله، ويُراجِعوا دينَهم الذي ارتضاه الله للناس كافة، فإذا عاد الناسُ للدين، واستسلموا لله، انقشعَتِ الفتنةُ، وعمَّ الرخاءُ؛ ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الأنفال: 39].

{ثم} إن المنافقين الكافرين بعد هذه الفتن ﴿ لَا يَتُوبُونَ ﴾ من ذنوبهم السالفة، ﴿ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ فيما يستقبل مِن أحوالهم.

إنها الغفلة عمَّا يعرض عامًا بعد عام، مِن ضروبِ الابتلاء والاختبار، التي تُظهر استعدادَ النفوس للإيمان، والتفريق بين الحق والباطل، فيتَّعظون بتلك الفتن الموجبة للتوبة.

إنه الجمود والإعراض عن التذكرة والاعتبار بآيات الله، وانطفاء نور الفطرة.
قَدْ تُنْكِرُ العَيْنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ مِنْ رَمَدٍ        وَيُنْكِرُ  الفَمُ  طَعْمَ  المَاءِ   مِنْ   سَقَمِ
فينبغي للمؤمن أن يتفقَّدَ إيمانَه ويتعاهده، فيجدِّده وينميه؛ ليكون دائمًا في صعود وارتقاء.

إن الكفر والمعاصي هما سببُ كلِّ بلاءٍ وشرٍّ في الدنيا والآخرة،
كما هو الحال في الأمَم السابقة، أصابَهم العذابُ والنَّكال، بالطوفان، والريحِ العقيم، والصيحةِ، والغرق، والخسف، وغير ذلك كله بأسباب كفرهم وذنوبهم؛ يقول – تعالى -: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40].

لهذا؛ أَمَرَ الله العبادَ بالتوبة والضراعة والافتقار إليه عند وقوع الفتن والبَلايا والرَّزَايَا، مِن الأمراض، والجراح، والقتال، والزلازل، والريح العاصفة، وغيرها؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 43].

فبيَّن سبحانه وتعالى أنَّ قسوة قلوبهم، وتزيينَ الشيطانِ لهم أعمالَهم السيِّئةَ، كلُّ ذلك صدَّهم عن التوبة، والضراعة، والاستغفار، التي جعلها الله أسبابًا لزوال المصائب والمصاعب.

وقد ثبت عن الخليفة الراشد عمرَ بنِ عبد العزيز رحمه الله؛ "أنه لمَّا وقع الزلزال في زمانه، كَتَب إلى عُمَّاله في البلدان، وأمَرَهم أن يَأمروا المسلمين بالتوبة إلى الله، والضراعة إليه، والاستغفار من ذنوبهم".

كما قال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 53].

فإن الله سبحانه بِعَدْلِه وكَرَمِه لا يسلب العبدَ نعمةً وَهَبَه إياها، أو يُغَيِّر أحوالَ الناس، إلا بعد أن يغيِّر العبادُ أحوالَهم، ونيَّاتِهم وقلوبهم، وسلوكهم وأوضاعهم؛ بل إن الله يزيد النِّعمَ لعبده، ويُبقيها له متى ما عرَف العبدُ ربَّه فأطاع وشكر، كما أنه سبحانه يَسلبها منه، ويُزيلها عنه، إذا هو أنكَر وبطر، أو عصى وكفر؛ ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].

يقول ابن القيم رحمه الله: "ومِن تأثير المعاصي في الأرض: ما يَحُلُّ بها من الخسف والزلازل، ويَمحق بركتَها، وكثيرٌ من هذه الآفات أحدَثَها اللهُ سبحانه وتعالى بما أحدَث العبادُ مِن الذنوب"، ويقول رحمه الله أيضًا: "فإن الذنوب والمعاصي تُحدِث في الأرض أنواعًا مِن الفساد في المياه والهواء، والزروع والثمار، والمساكن...".

وغير ذلك من الآثار السيئة في الدنيا والآخرة، كمنْع إجابة الدعاء، وضيق الصدر، وسوء الخاتمة، وعذاب الآخرة، إضافةً إلى ما يُرى ويُشاهَد مِن الفساد في البر والبحر؛ قال جل وعلا: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]، وجاء في الحديث الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم: ((لم تَظهَر الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ، حتى يُعلِنوا بها، إلا فشَا فيهم الطاعونُ والأوجاع التي لم تكُن مضتْ في أسلافهم الذين مضَوْا))؛ رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو يُصَوِّر آثارَ الحسنات، التي هي نتائجُ لِفعلِ الطاعات، وآثارَ السيئاتِ، التي هي نتائجُ لِفعلِ الذنوب والمعاصي، حيث يقول: "إنَّ لِلحسنةِ لَنُورًا في القلب، وضياءً في الوجه، وقوةً في البدَن، وسَعةً في الرزق، ومحبةً في قلوب الخلْق، وإنَّ لِلسيئةِ لَظُلْمَةً في القلب، وسوادًا في الوجه، ووهنًا في البدن، وضيقًا في الرزق، وبغْضَةً في قلوب الخلْق"، وكما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء : 110]، فربما كان الجزاء معجَّلًا في الدنيا قبل الآخرة، كما هو معلوم ومُشاهَد.

وختامًا:
نقول لأحبابنا وأهلينا:
فرَّج الله عنكم، ورحم الله أمواتَكم، وتقبَّل شهداءَكم، وجبَر الله مُصابَكم، وعافاكم وعفا عنكم، ثم إنَّ لكم البُشْرى، فإن عفوَ اللهِ عظيمٌ، وفرَجَهُ تعالى قريبٌ؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((واعلَم أنَّ النصر مع الصبر، وأنَّ الفرَج مع الكرْب، وأنَّ مع العُسْر يُسْرًا))؛ صحَّحه الألبانيُّ، فوراء كلِّ عُسْرٍ يُسْرَانِ مِن الله اللطيف بعباده.
إِذَا ضَاقَتْ بِكَ  الدُّنْيَا        فَفَكِّرْ فِي "أَلَمْ نَشْرَحْ"
فَعُسْرٌ    بَيْنَ    يُسْرَيْنِ        مَتَى  تَذْكُرْهُمَا  تَفْرَحْ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- صبر جميل
فخوره بأمتي - فلسطين 30-06-2016 09:09 PM

أسأل الله جل في علاه أن يحفظ بلاد الحرمين من كل مكروه ،،، وأن يكتب لهم النصر والتمكين اللهم آمين

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • كتب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة