• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور صغير بن محمد الصغيرد. صغير بن محمد الصغير الدكتور صغير بن محمد الصغير عليه وسلم
شبكة الألوكة / موقع د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة
لمراسلة الدكتور صغير الصغير


Tweets by d_sogher
علامة باركود

وقفة معبرة مع تقويم الهجرة (خطبة)

وقفة معبرة مع تقويم الهجرة (خطبة)
د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 28/6/2025 ميلادي - 3/1/1447 هجري

الزيارات: 411

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفة معبرة مع تقويم الهجرة

 

الحمد لله العليم الحكيم، الذي خلق الزمان وقدّره، وجعل الشمس والقمر بحسبان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل الليل والنهار خِلفةً لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل من عمل للآخرة واستعدّ للقاء الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فأوصيكم عباد الله بتقوى الله...

 

أيّها الإخوة الكرام:

ها هي الأيام تدور دورتها، وتطوى صفحة من أعمارنا كما تُطوى أوراق التقويم، ونحن نودّع عامًا هجريًا مضى بما فيه، لا ندري أكان شاهِدًا لنا أم علينا، ﴿.... وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ....﴾[1]، كم من نفسٍ ودّعت عاماً ولم تُدرك الذي بعده، وكم من قلبٍ ودّع أحبابًا فيه، وما علم أن الدور قد يأتي عليه، ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ.... ﴾[2]...


أيّها العاقل: إنها لحظة صدق مع النفس، حينما تنظر إلى آخر ورقة في تقويم العام، فتشعر أن جزءً من قلبك سُحب معها، كل ورقة تنزع من التقويم، إنما تُنزع من رصيدك في الدنيا، ولن تعود...

 

فيا ترى: بأيّ شيء عُمّرت هذه الصحائف؟

هل طابت بأنفاس الطاعة؟ أم امتلأت بما تستحي أن تُعرض به على الله؟

 

تأمّل كم بقي من عمرك، وكم مضى؟ وبماذا ملأته؟

 

وهل قدّمت شيئًا يليق بمن يُدرك أن أعمار أمة محمد صلى الله عليه وسلم بين الستين والسبعين؟

 

أيّها الأحبة: إن ابتداء التقويم الهجري وربطه بالهجرة التي نحتفي بمقدمها، لم يكن من ابتداع أحدٍ من البشر، بل كان ثمرة اجتهاد راشدٍ لخليفة راشد، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما رأى الحاجة إليه، فجمع الصحابة، وتشاوروا، واختلفوا: أمن ميلاد النبي يؤرّخون؟ أم من بعثته؟ أم من هجرته؟

 

حتى قال الفاروق: “الهجرة فرّقت بين الحق والباطل”، فاتفقوا أن تُجعل مبدأً للتاريخ، وكانت بداية السنة من شهر الله المحرّم، ذلك الشهر الحرام الذي يلي موسم الحج، وتذكر فيه بيعة العقبة والعزيمة على الهجرة، فكان ذلك من توفيق الله للأمة.

 

أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد، قال: «ما عدوا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولا من وفاته، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة»[3]


وقد دلّ على لزوم هذا النهج ما رواه العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ،...»[4]


فمن سُنّته وسُنّة خلفائه ما كان من شأن هذا التقويم الذي ارتبط بأقدس لحظات الإسلام، وامتدّ أثره في شعائر الأمة.

 

"وَذَكَرُوا فِي سَبَبِ عَمَلِ عُمَرَ التَّارِيخَ أَشْيَاءَ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ أَبَا مُوسَى كَتَبَ إِلَى عُمَرَ: إِنَّهُ يَأْتِينَا مِنْكَ كُتُبٌ لَيْسَ لَهَا تَارِيخٌ، فَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرِّخْ بِالْمَبْعَثِ، وَبَعْضُهُمْ أَرِّخْ بِالْهِجْرَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: ‌الْهِجْرَةُ ‌فَرَّقَتْ ‌بَيْنَ ‌الْحَقِّ ‌وَالْبَاطِلِ فَأَرِّخُوا بِهَا، وَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ. فَلَمَّا اتَّفَقُوا قَالَ بَعْضُهُمْ: ابْدَءُوا بِرَمَضَانَ. فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ بِالْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ مُنْصَرَفُ النَّاسِ مِنْ حَجِّهِمْ، فَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ."[5]


أيّها المباركون: إن التقويم الهجري بأشهره ليس مجرد نظام إداري، بل هو تقويم سماوي، توقيفي، ربّاني، يرتبط بدورة القمر التي يُضبط بها صيامنا وحجّنا وزكاتنا وعُدَّةِ نسائنا، قال تعالى:

﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ...﴾ [6]، فهي أشهر مقدّرة في كتاب الله، لا يملك بشر أن يبدّل أسماءها، أو يُغير تسلسلها، أو يزيد فيها أو يُنقص، فهي منضبطة بميزان إلهي لا يختلّ.

 

وهنا تتجلّى عظمة هذا التقويم؛ فبينما عبثت أيدي البشر بتقاويمهم، وغيّروا فيها وحذفوا وزادوا، بقي التقويم الهجري صامدًا على فطرته الأولى، محفوظًا بحفظ الله، مرتبطًا بديننا في كل تفاصيله: فعدّة الطلاق بالشهور القمرية، والحج والصيام كذلك، حتى الزكاة، فإنّها لا تُستوفى إلا بتمام حول قمريّ، فلو اعتمدنا التقويم الميلادي، لخُسِر في كل اثنتين وثلاثين سنة سنةً كاملة من الزكاة، وتأخرت الحقوق عن أهلها، وتُعدّي على حقّ الفقير دون أن يشعر المزكّي.

 

فتمسّكوا ـ رحمكم الله ـ بتاريخ أمّتكم، ولا تغتربوا في زمن الاغتراب، ولتكن أعمارنا شاهدة لنا لا علينا، وسجلاتنا من البياض الذي يُرضي الله، لا من السواد الذي نندم عليه عند الوقوف بين يديه.

 

أيها الأحبّة الكرام: كثيرٌ من الناس يتساءلون عن حكم التهنئة بحلول العام الهجري الجديد، وهل لها أصلٌ في الشريعة؟

 

وقد أجاب عن ذلك العلّامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، فقال: “التهنئة بالعام الجديد لا أعلم لها أصلاً عن السلف الصالح، ولا أعلم شيئاً من الكتاب أو السنة يدل على مشروعيتها، ولكن إن بدأك أحدٌ بالتهنئة، فلا بأس أن ترد عليه بمثلها، كأن تقول: وأنت كذلك، أو: نسأل الله لنا ولك كل خير، أو ما شابه ذلك”.[7] فالأمر من باب المكافأة على البر، لا من باب السنة الثابتة.

 

نسأل الله أن يبارك لنا في أعمارنا، وأن يجعل عامنا الجديد عامَ خيرٍ وبركةٍ وإيمانٍ وصلاح، وأن يختم لنا بالحسنى، وهو أرحم الراحمين.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أسلم له من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه يرجعون، الحمد لله الذي جعل الهجرة إليه في كل وقت وحين، الحمد لله الذي وسعت رحمته كل شيء فقال تعالى:، ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾[8]

 

أيها الأحبة: عام مضى بنفحاته أسأل الله لي ولكم قبول طاعته، وغفران ذنبه، وقبول توبته، ولكل عام نفحاته، ولنعلم أن من نفحات الخير في هذا الشهر الكريم، أن أفضل أيامه هي العشر الأوائل منه، وقد كان السلف يعظمونها كما ورد عن أبي عثمان النهدي رحمه الله، إذ قال:

"كانوا يُعظّمون ثلاث عشرات: العشر الأوائل من المحرّم، والعشر الأوائل من ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان."[9]


فهي مواسم للطاعة، وفرصٌ للتوبة والمراجعة، فلا تُضيّعوها، واعمُروا بدايات أعوامكم بطاعة الله؛ فإنّ من حسُنت بدايته، رُجي له أن تُحسن نهايته...

 

عباد الله عظموا حرمة هذا الشهر، فالعرب قبل الإسلام رغم جاهليتهم كانوا يعظمونه، هذا الشهر سمي شهر الله المحرم، فاختص دون الشهور بالإضافة لله عز وجل، قال الحافظ أبو الفضل العراقي رحمه الله في "شرح الترمذيّ": ‌الحكمة ‌في ‌تسمية ‌المحرّم ‌شهر ‌اللَّه، والشهور كلها للَّه يحتمل أن يقال: إنه لما كان من الأشهر الحرم التي حرّم اللَّه تعالى فيها القتال، وكان أول شهور السنة، أُضيف إليه إضافة تخصيص، ولم يصح إضافة شهر من الشهور إلى اللَّه تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا شهر اللَّه المحرّم" [10]


عباد الله من نفحات هذا الشهر أفضلية الصيام فيه، كما ثبت في الشرع أفضلية صيام أيام دون غيرها، وكلها عند الله يجزي بها، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل»[11]


كما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صم المحرم فإنه شهر الله، وفيه يوم تاب فيه قوم، ويتاب فيه على آخرين"[12]


وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله"[13]، وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يقول: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع» قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم[14]


عباد الله لنعزم النية أن يكون هذا العام عام علم وعمل، عام جد واجتهاد، عام تقوى وخشية لله، ابتغاء رفع الدرجات وتكفير السيئات وقبول التوبة لمن تاب، فالمحيا والممات لله قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[15]


فاللهم اجعل عامنا هذا عام بر وتقوى وهدى ورحمة.

 

عباد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[16].



[1] [سورة لقمان: آية: 34].

[2] [سورة لقمان: آية: 34].

[3] أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب المناقب- باب التاريخ، من أين أرخوا التاريخ- (3934) (5 / 68).

[4] أخرجه الإمام أبي داود في سننه- كتب السنة - باب في لزوم السنة- (4607)-(4 / 201)، أخرجه الإمام الترمذي في سننه برقم (2676)(5 / 44).

[5] «فتح الباري» لابن حجر (7/ 268 ط السلفية):

[6] [سورة التوبة: آية: 36].

[7] https://2u.pw/PZjQE فتاوى نور على الدرب.

[8] [سورة الزمر: آية: 53].

[9] «لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف» (ص80 ت السواس).

[10] «ذخيرة العقبى في شرح المجتبى» (17/ 305).

[11] أخرجه الإمام الترمذي في سننه أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- باب ما جاء في فضل صلاة الليل- (438)- (2 / 301) وصححه الإمام الترمذي والألباني.

[12] أخرجه الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه - كتاب الصيام- ما ذكر في صوم المحرم وأشهر الحرام - (9223) (2 / 300).

[13] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الصيام- باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس - (1162) (2 / 818).

[14] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الصيام - باب أي يوم يصام في عاشوراء- (1134) (2 / 797).

[15] [سورة الأنعام: آية: 162].

[16] [سورة الأحزاب: آية: 56].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • مقالات
  • خطب مكتوبة
  • صوتيات
  • الاستشارات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة