• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور صغير بن محمد الصغيرد. صغير بن محمد الصغير الدكتور صغير بن محمد الصغير عليه وسلم
شبكة الألوكة / موقع د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة
لمراسلة الدكتور صغير الصغير


Tweets by d_sogher
علامة باركود

خطبة: الحج ومقام التوحيد: بين دعوة إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام

خطبة: الحج ومقام التوحيد: بين دعوة إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام
د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 26/5/2025 ميلادي - 28/11/1446 هجري

الزيارات: 1635

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحج ومقام التوحيد

بين دعوة إبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام


الحمد لله الذي رفع منار التوحيد، وجعل في الأرض بيوتًا يُذكر فيها اسمه، وأشهد أن لا إله إلا الله شرع لعباده الحج تطهيرًا للقلوب، وتذكيرًا بالعهود، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وصلى الله على جميع الأنبياء الذين نادوا في الناس: "﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [هود: 61].

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله... قد علمنا أنّ الحج ركن الإسلام الخامس لم يفرض إلا مرة في العمر، فهو من تمام الإسلام، وكمال الدين، فمن أفضل الأعمال حج مبرور، سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ»[1].

 

يا سائلًا عن سر الحج، وتأملاته، وارتباطه بدعوة الأنبياء، تأمل خليل الله إبراهيم عليه السلام أقام البيت على التوحيد ومن أتي بعده من المرسلين سار على نهجه.

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 96، 97]

 

ما من نبي ارتبط بالحج كإبراهيم الخليل. هو الذي أمره الله أن يرفع القواعد من البيت، فرفعه بيدٍ متجردة من حظ النفس، وقلبٍ ممتلئ بحب الله وحده. ثم أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج، فأطلق صوته في وادٍ غير ذي زرع، فبلغ النداء أسماع الأرواح إلى يومنا هذا، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 26، 27]

 

قال ابن كثير رحمه الله: " في هذه الآيات تَقْرِيعٌ وَتَوْبِيخٌ لِمَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ، وَأَشْرَكَ بِهِ مِنْ قُرَيْشٍ، فِي الْبُقْعَةِ الَّتِي أسسّتْ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَرْشَدَ إبْرَاهِيمَ إلى مكانَ الْبَيْتِ، وَسَلَّمَهُ لَهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِي بِنَائِهِ."[2]

 

عباد الله ولماّ كان الحج عند إبراهيم إعلانًا عالميًا للتوحيد، لا صنم فيه، و لا واسطة، ولا شرك، إنما هو بيتٌ واحدٌ، لله وحده، تهوي إليه الأفئدة من كل فج عميق.. سلّم إبراهيم دعوته لله مخلصا متوكلا على الله قائلا: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37]، فاستجاب الله دعائه وجعلت الكعبة قبلة للمسلمين ليقيموا الصلاة حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وجعل القلوب تهوى حج بيته الحرام.

 

عباد الله هل من سائل كيف لعبادة عمرية أن تكون بهذه الكثرة كل عام؟

 

إنها دعوة خليل الرحمن، تشتاق إليه النفوس وتهواه القلوب، وأوتيت مكة من كل حظ عظيم، إنها نتيجة حتمية لمن عبد الله حق عبادته ولم يشرك معه غيره.

 

ألم تروا أن كل شعيرة من شعائر الحج تحكي مشهدًا من مشاهد التوحيد؟

 

الطواف: حول بيت واحد، إشارة إلى مركزية التوحيد في القلب.

 

والسعي:بين الصفا والمروة، يحكي قصة الأم هاجر، التي تركها إبراهيم طاعة لله، فصارت مثالًا للتوكل على الواحد الأحد، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 158].

 

والذبح: تجسيد لاستسلام إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)، لم يكن الغرض لحمًا ولا دمًا، بل تسليم القلوب لله. قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 103، 105].

 

عباد الله التسليم لأمر الله إذعانًا بالتوحيد، وهو من أصدق دليل على الإيمان، فاستسلام نبي الله إبراهيم (عليه السلام ) لأمر الذبح وصفه تعالى بقوله ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾.


وثمة نموذج آخر وهو: مقام التوحيد في دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم… (ختم الرسالة، وتجديد الميثاق)


جاء نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، في زمن امتلأ بالأصنام، حتى نُصبت في جوف الكعبة. فقام فمزق الوثنية، ونادى بالتوحيد، وأعاد البيت إلى مقامه الأول، فدعا كما دعا الخليل: ﴿...أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ... ﴾ [النحل: 36].

 

وحين حج -صلى الله عليه وسلم-، لم يكن حجه حج جسد فقط، بل كان حج قلب، وتزكية أمة، وتأسيس ميثاق جديد، ختمه بخطبة عرفات التي قال فيها: "ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد"[3]، ففي حجه صلى الله عليه وسلم، حطم بقايا الجاهلية، وربط الحج بالتوحيد، لا بالأرض ولا بالقبيلة. قال: "خذوا عني مناسككم"[4]. كل ركن، كل وقوف، كل دعاء، كان تذكيرًا بالله الواحد الأحد.

 

الحج ليس فقط انتقالًا بالأبدان، بل ارتقاء بالوجدان، هو محوٌ للذات في بحر العبودية، وخلعٌ لكل لباس إلا لباس الفطرة. هو تذكرة بأن الأرض لله، والملك لله، والموت إلى الله، والمآل إلى الله، ففي الحج يجتمع الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، فلا يعلو إلا صوت: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك"[5] ، كأنهم يعودون إلى أصلهم، إلى آدم، إلى النطفة، إلى الفناء، ثم البعث.

 

عباد لله التوحيد حق الله على العباد والعبد بلا توحيد ولا إخلاص ولا توكل ولا متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ليس له قيمة..جعلني الله وإياكم من الموحدين، وأعاننا على طاعته، وحسن عبادته، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي يفتح لعباده أبواب رحماته في أيام مباركات، وأشهد أن لا إله إلا الله، غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله...

عباد الله كل شعائر الحج قد يخفى علينا أسرارها وحِكَمها، لكن التوحيد من أبرز ما ظهر لنا منها.

 

الأنبياء عليهم السلام والمؤمنون كلهم صدعوا بكلمة واحدة: "لا إله إلا الله" قال صلى الله عليه وسلم: خَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"[6]

 

و ها هي العشر الأول من ذي الحجة قد اقتربت أيام معلومات معدودات، في فضلها تروى الآثار، ومن قبلها أقسم بها القرآن قال تعالى: ﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 2].

 

عباد الله أمرنا الله بذكره في كل حين، واختصت هذه الأيام في الحث على الإكثار من الذكر فيها، قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنه -: " الأَيَّامٍ المَعْلُومَاتٍ: أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا "[7]

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما العمل في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة»، قالوا: يا رسول الله , ولا الجهاد في سبيل الله. قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن يخرج رجل بنفسه، وماله ثم لا يرجع من ذلك بشيء»[8]

 

عباد الله " إذا أحب الله عز وجل عبدًا استعمله في الأوقات الفاضلة بأفضل الأعمال؛ ليثيبه أفضل الثواب، وإذا مقت عبدًا استعمله بأسوأ الأعمال في أفاضل الأوقات؛ ليضاعف له السيّئات بانتقاص حرمات الشعائر , وانتهاك المحرمات في الحرمات،.. فنسأل الله تعالى بفضله حسن التوفيق والاختيار ونعوذ به من سوء القضاء والأقدار»"[9]

 

عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].



[1] أخرجه الإمام البخاري في صحيحه-كتاب الحج- باب فضل الحج المبرور - رقم الحديث (1519) -(2/ 133).

[2] تفسير ابن كثير ت سلامة (5/ 413)، بتصرف.

[3] أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب حجة الوداع - (4403) (5/ 177)، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات - باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال - رقم الحديث (1679) (3/ 1305): مع اختلاف يسير في لفظه.

[4] أخرجه الإمام أبي داود في سننه - كتاب المناسك - باب في رمي الجمار – رقم الحديث (1970) - (2/ 201).

[5] أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب اللباس- باب التلبيد - (5915) - (7/ 162) أخرجه الإمام البخاري في مسلم - كتاب الحج- باب التلبية وصفتها ووقتها- رقم الحديث (1184)- (2/ 841).

[6] أخرجه الإمام الترمذي في سننه - أبواب الدعوات – باب لم يترجم له الترمذي – رقم الحديث (3585)- (5/ 572)

[7] أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الجمعة - باب فضل العمل في أيام التشريق-(في مقدمة الباب بدون رقم) (2 / 20).

[8] أخرجه الإمام الطبراني في المعجم الكبير- باب العين (12327) (12/ 13).

[9] قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد» (1/ 115)- المؤلف: محمد بن علي بن عطية الحارثي، أبو طالب المكي (ت 386 هـ) - المحقق: د. عاصم إبراهيم الكيالي - الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان- الطبعة: الثانية، 1426 هـ -2005م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • مقالات
  • خطب مكتوبة
  • صوتيات
  • الاستشارات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة