• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور صغير بن محمد الصغيرد. صغير بن محمد الصغير الدكتور صغير بن محمد الصغير عليه وسلم
شبكة الألوكة / موقع د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة
لمراسلة الدكتور صغير الصغير


Tweets by d_sogher
علامة باركود

خطبة: خطر الخمور والمخدرات (2)

خطبة: خطر الخمور والمخدرات (2)
د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 5/11/2019 ميلادي - 7/3/1441 هجري

الزيارات: 17971

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: خطر الخمور والمخدرات (2)

 

إن الحمد لله؛ أما بعد:

فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى، أيها الإخوة، كان الحديث في الجمعة الماضية عن شيء من خطر الخمور والمخدرات، فظن بعض الفضلاء من المصلين أني بالغت في تعداد الأضرار، وخاطبني بعد الصلاة بذلك، فأقول وبالله التوفيق:

 

ما ذُكر جزء من الأضرار وليس كاملها، والخمر ليست خبيثة من الخبائث، بل هي أم الخبائث كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم، ولعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها[1]، وايم الله ليست مبالغة، فهذا تحذير من الشارع الحكيم؛ لأنه قد كرَّم الله الإنسان بالعقل، وجعله مناط التكليف، وأحاطه بالخطاب والتنبيه في القرآن والحديث الشريف، فبالعقل تميز الإنسان وتكرم، وترقى في شأنه وتعلم؛ لذا جعله الشارع الحكيم ضرورة كبرى، وشرع لصيانته الحق والحد؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70].

 

بالعقل يميز الإنسان بين الخير والشر، والنفع والضر، وبه يتبين أوامر الشرع، ويعرف الخطاب ويرد الجواب، ويسعى في مصالحه الدينية والدنيوية، فإذا أزال الإنسان عقله، لم يكن بينه وبين البهائم فرق، بل هو أضل منها؛ كما قال تعالى: ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 44]، بل قد يُنتفع بالحيوان، أما الإنسان فلا يُنتفع به بعد زوال عقله، بل يكون عالةً على غيره، يُخشى شره ولا يُرجى خيره.

 

ومع كل ذلك فقد أبى بعض التائهين إلا الانحطاط إلى درك الذلة، والانحدار إلى المهانة والقلة، فأزالوا عقولهم معارضين بذلك العقل والشرع والجبلة، وذلك بتعاطي الخمور والمسكرات، والمفترات والمخدرات[2]؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل مُسكِرٍ خمر، وكل مسكر حرام))؛ رواه مسلم[3]، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل شراب أسكر فهو حرام))[4]، وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل مسكر حرام، إن على الله عز وجل عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيَه من طينة الخَبال، قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عَرَقُ أهل النار أو عصارة أهل النار))؛ رواه مسلم[5].

 

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتُبْ، لم يشربها في الآخرة))؛ رواه مسلم وأخرجه البخاري مختصرًا[6]، وروى الإمام أحمد بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مدمن الخمر إن مات، لقي الله كعابد وثن))[7].

 

أيها الإخوة، الخمور والمخدرات أم الكبائر والمعاصي، والعبد لا يزال يرتكب الذنب حتى يهون عليه ويصغُرَ في قلبه، وذلك علامة الهلاك؛ فإن الذنب كلما صغُر في عين العبد عظُمَ في عين الله.

 

والمعاصي تورث الذل ولا بد، فإن العزَّ كلَّ العز في طاعة الله تعالى؛ قال الله تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ ﴾ [فاطر: 10]؛ أي: فليطلبه بطاعة الله، فإنه لا يجدها إلا في طاعة الله.

 

وقال الحسن البصري: "إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البَراذين، فإن ذُلَّ المعصية في رقابهم، أبى الله إلا أن يذل مَن عصاه"[8] [9].

 

والمعاصي تفسد العقل ولا شك، فإن للعقل نورًا، والمعصية تطفئ نور العقل ولا بد، وإذا انطفأ نوره ضعف ونقص.

 

والذنوب تُدخِل العبد تحت لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لعن على معاصٍ، تعاطي المخدرات أكبر منها فهي أَوْلَى بدخول فاعلها تحت اللعنة؛ ولهذا كان ابن القيم رحمه الله يسمى الحشيش "اللقمة الملعونة"[10].

 

أيها الإخوة، والذنوب عمومًا والخمور والمسكرات والمخدرات خصوصًا - تطفئ من القلب نار الغيرة، وتُذهِب الحياء الذي هو مادة حياة القلب، وهو أصل كل خير، وذَهابه ذهاب الخير أجمعه، وتزيل النعم وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب.

 

ومن عقوبات المعاصي عمومًا والخمور والمخدرات خصوصًا ما يلقيه الله سبحانه وتعالى من الرعب والخوف في قلب العاصي، فلا تراه إلا خائفًا مرعوبًا؛ فإن الطاعة حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين من عقوبة الدنيا والآخرة، ومن خرج منه أحاطت به المخاوف من كل جانب، ووقعت الوحشة العظيمة في قلبه، فيجد المذنب نفسه مستوحشًا، قد وقعت الوحشة بينه وبين ربه، وبين الخلق وبين نفسه، وكلما كثرت الذنوب اشتدت الوحشة، وأمرُّ العيش عيش المستوحشين الخائفين، وأطيب العيش عيش المستأنسين؛ يقول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].

 

رزقنا الله وإياكم الفلاح والتقوى، وجعلنا وإياكم وذرارينا من عباده المؤمنين المهتدين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله.

أيها الإخوة، ومن عقوبات المعاصي عمومًا والخمور والمخدرات خصوصًا أن العاصي دائمًا في أَسْرِ شيطانه، وسجن شهواته، وقيود هواه، فهو أسير مسجون مقيد، ولا أسير أسوأ حالًا من أسيرٍ أَسَرَهُ أعدى عدوٍّ له، ولا سجن أضيق من سجن الهوى، ولا قيد أصعب من قيد الشهوة.

 

ومن عقوباتها سقوط الجاه والمنزلة والكرامة عند الله وعند خلقه؛ فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، وأقربهم منه منزلة أطوعهم له، وعلى قدر طاعة العبد له تكون منزلته عنده، فإن عصاه وخالف أمره سقط من عينه؛ فأسقطه من قلوب عباده.

 

ولا شك أن هذه الآفات تمحق بركة العمر، وبركة الرزق، وبركة العلم، وبركة العمل، وبركة الطاعة، بل تمحق بركة الدين والدنيا، فلا تجد أقل بركة في عمره ودينه ودنياه ممن عصى الله، وما مُحقت البركة من الأرض إلا بمعاصي الخلق؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96].

 

ومن عقوباتها أنها تنسي العبد نفسه، وإذا نسي نفسه أهملها وأفسدها وأهلكها؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الحشر: 19]، فلما نسوا ربهم سبحانه، نسيهم وأنساهم أنفسهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [التوبة: 67]؛ أما بعد:

 

أيها الإخوة، فقد اتضح الطريق المأساوي لهذه الشرور والأخطار والآفات، والكبائر من الخمور والمخدرات، وليست المأساة في نهايته فحسب، بل إن المأساة تبدأ مع بدايته، وتبلغ عند نهايته أبشع صورها، وليتها تنتهي بالموت، وإن بعد الموت حسابًا وكتابًا مسجلًا، كل ما للإنسان وما عليه، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ويجد كل ما عمله حاضرًا وليس هناك ظلم لأحد[11].

 

أسأل الله تعالى أن يحمي أنفسنا وأبناءنا وبناتنا ومجتمعاتنا من كل سوء وآفة، وأن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، ويكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، ويجعلنا من الراشدين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] حديث ابْن عُمر رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ» أخرجه أبو داود "واللفظ له"(3674) وأحمد بلفظ: لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشْرَةِ وُجُوهٍ: لُعِنَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا، وَشَارِبُهَا، وزاد فيها: وَآكِلُ ثَمَنِهَا"، (8 /405-4787)، وابن ماجه "بنحو لفظ أحمد"(3380)، وغيرهم.

وصححه الألباني في "صحيح وضعيف ابن ماجه"(3380)، وإرواء الغليل (2385)، وقال محققو مسند أحمد طابعة الرسالة: "صحيح بطرقه وشواهده" (4787).

[2] ملخص من خطبة بعنوان: المسكرات والمخدرات.

[3] أخرجه مسلم (2003).

[4] متفق عليه؛ أخرجه البخاري (242)، ومسلم (2001).

[5] أخرجه مسلم (2002).

[6] أخرجه البخاري مختصراً بلفظ: «مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ» (5575)، ومسلم "واللفظ له"(73-2003).

[7] أخرجه أحمد (2453)، وقال الألباني "فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح"؛ "الصحيحة"(677).

[8] مجموع رسائل ابن رجب (1 /74).

[9] الطَّقْطَقة: صوْت قَوَائِمِ الْخَيْلِ عَلَى الأَرض الصُّلبْة؛ "اللسان" مادة: (طقطق)، (10 /225).

(2) والهَمْلَجَة: حُسْنُ سَيْرِ الدَّابَّةِ فِي سُرْعة؛ "اللسان" مادة: (هملج)، (2 /393).

(3) الْبَرَاذِينُ مِنَ الخَيْلِ: مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ نِتاج العِرابِ "اللسان" مادة: (برذن)، (13 /51).

[10] انظر: مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم الجوزية (78).

[11] ملخص: من كتاب الداء والدواء للإمام ابن القيم، ورسالة اللقمة الملعونة لـ: د. الصغيّر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • مقالات
  • خطب مكتوبة
  • صوتيات
  • الاستشارات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة