• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور صغير بن محمد الصغيرد. صغير بن محمد الصغير الدكتور صغير بن محمد الصغير عليه وسلم
شبكة الألوكة / موقع د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة
لمراسلة الدكتور صغير الصغير


Tweets by d_sogher
علامة باركود

تربية النفس على تعظيم النصوص والأحكام الشرعية (2)

تربية النفس على تعظيم النصوص والأحكام الشرعية (2)
د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 9/7/2019 ميلادي - 6/11/1440 هجري

الزيارات: 18484

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تربية النفس على تعظيم النصوص والأحكام الشرعية (2)

 

الحمد لله... أيها الأحبة، كان الحديث في الجمعة الماضية عن موضوعٍ من أهم المواضيع في زماننا الحاضر؛ إذ هو علامةٌ على المؤمن الحق الصادق، إنه الامتثال وتربية النفس على تعظيم النصوص والأحكام الشرعية، رأيتُ فيه وإياكم نماذجَ يسيرة من عظماء الإسلام؛ كأبي بكر وعمر وبقية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فللهِ ما أعظم نفوسهم وما أصدقَ امتثالهم، ثم دارت الأزمنة وضعُفت التربية الإيمانية في بعض النفوس، فتساقط من تساقط، وتفنن من تفنن باتباع الهوى وليِّ النص الشرعي أو تكذيبه، وتُركت أعظم أسباب تربية النفس على ذلك؛ كاستشعار عظمة الخالق الذي بيده ملكوت الكون كله سبحانه وبحمده، واستشعار خطورة مخالفة أوامره، وتساهلَ العباد بالاستعانة بالله تعالى، وطلب التثبيت منه، وهجر كثيرٌ منهم عبادة التفكر بعظمة الله تعالى، وعظمة مخلوقاته سبحانه، ولم يلتزموا ويداوموا على فعل الطاعات، وتوافد كثير منهم إلى أماكن ومواقع تذكرهم المعصية، وتجلب عليهم الفتن، وأصبح جلساء السوء والرويبضات قدوات.

 

أيها الإخوة، يتعذر بعض مَن ابتلي بعدم الامتثال للحكم والنص الشرعي بأن الأفهام تختلف، وأن عقله وإداركه فهم ما لم يفهم غيره، وأتى بما لم تأتِ به الأوائلُ، وفي بيان بطلان هذه الشبهة يُقال: إن صحَّة فَهمِ النصوص الشرعية ركيزة أساسية لصحَّة الاستِدلال، ولا يَستطيع المرء أن يَعرف مراد الله سبحانه وتعالى، ومُراد رسوله صلى الله عليه وسلم إلا حينما يستقيم فَهمُه لدلائل الكتاب والسنَّة، بل إن كثيرًا من البدع والضلالات لم تَحدُث إلا بسب سوء الفهم.

 

قال ابن القيم: "صحَّة الفَهمِ وحسن القصد من أعظم نعم الله التي أنعم بها على عباده، بل ما أُعطِي عبد عطاءً بعد الإسلام أفضل ولا أجل منهما، بل هما ساقا الإسلام، وقيامُه عليهما، وبهما يأمن العبد طريقَ المغضوب عليهم الذين فسد قصدُهم، وطريقَ المغضوب عليهم الذين فسَدت فُهومهم، ويَصير من المنعَم عليهم الذين حسُنت أفهامهم وقُصودهم، وهم أهل الصراط المستقيم الذين أمرنا الله أن نَسأله أن يهدينا إلى صراطهم في كل صلاة.

 

وصحَّة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد يميِّز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغيِّ والرشاد، ويمدُّه حسن القصد وتَحرِّي الحق والصواب، وتقوى الرب في السر والعلانية، ويقطع عنه اتِّباع الأهواء وإيثار الدنيا وطلب محمَدة الخَلقِ"[1].

 

وأما الأصول العِلميَّة التي يجب الاعتماد عليها في فهم النصوص الشرعية ودراستها:

أولًا: الاعتماد على منهَج الصحابة في الفَهم:

إذ للصحابة منزلة جليلة؛ فقد شرَّفهم الله سبحانه وتعالى وأعلى منزلتهم، ورفع قدرهم ودرجاتهم، وعدَّلهم من فوق سبع سماوات؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].

 

يقول ابن مسعود: "من كان منكم متأسيًا فليتأسَّ بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا أبرَّ هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، وأقومها هديًا، وأحسنها حالًا، قوم اختارهم الله لصُحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، فاعرِفوا لهم فضلهم، واتَّبعوا آثارهم؛ فإنهم كانوا على الهُدى المستقيم"[2].

 

مِن أجل هذا، فإن فَهم دلائل الكتاب والسنة إنما يؤخذ من الصحابة؛ ففيهم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليهم نزل الكتاب، فهم أعلم الناس بمُراد الله ومراد رسوله، خاصة بعد أن كَثُرت البدع، وقَلَّ العِلم، وفسدت الفهوم، وهُجِرت السنَّة، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»[3]، فمَن فسَّر الكتاب والحديث كما يقول ابن تيمية، وتأوَّله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين، فهو مُفترٍ على الله، مُلحِد في آياته، مُحرِّف للكلم عن مواضعه، وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام[4].

 

ثانيًا: مَعرفة اللغة العربية:

لكي نفهم دلائل الكتاب والسنَّة على الوجه الصحيح، لا بد من معرفة لغة العرب التي نزل بها القرآن، والتي خاطب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه؛ ولهذا تواتَر اعتِناء علماء الأمة وأئمتها بلغة القرآن حتى يوضَع خطاب الشارع في موضعه اللائق به شرعًا.

 

يقول ابن عبدالبر: "ومما يُستعان به على فهم الحديث العلمُ بلسان العرب ومواقع كلامها، وسعَة لغتها وأشعارها، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى الآفاق أن يتعلموا السنَّة والفرائض، واللحن يعني النحو، كما يتعلم القرآن"[5].

 

ثالثًا: جَمعُ النصوص الواردة في الباب الواحد:

تمثِّل النصوص الشرعية وحدةً واحدةً يُكمِّل بعضُها بعضًا، فلا تتَّضح المسألة حتى تستوفي جميع النصوص الواردة فيها، فالنصوص الثابتة تأتَلِف ولا تَختلِف؛ فكلها خرجَت مِن مشكاة، ولا يمكن أن يرد التناقض بينها أو الاختلاف، ولهذا فقد وصَف الله كتابه العزيز بقوله: ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ﴾ [فصلت: 41، 42].

 

إذا تقرَّر هذا فإنه لا يجوز أن يؤخذ نصٌّ ويُترَك نصٌّ آخَر في الباب نفسه؛ لأن هذا يؤدي إلى تقطيع النصوص وبَترِها؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾ [البقرة: 85].

يقول الإمام أحمد: "الحديث إذا لم تجمَع طُرقه لم تفهمْه، والحديث يفسِّر بعضه بعضًا"[6].

 

ويقول شيخ الإسلام: "إذا ميَّز العالم بين ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وما لم يقله، فإنه يحتاج أن يفهم مُراده ويفقَه ما قاله، ويَجمع بين الأحاديث، ويضمَّ كل شكل إلى شَكلِه، فيجمع بين ما جمع الله ورسوله، ويُفرِّق بين ما فرَّق الله ورسوله، فهذا هو العلم الذي ينتفع به المسلمون، ويجب تلقِّيه وقبوله، وبه ساد أئمة المسلمين؛ كالأربعة وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين"[7].

 

رابعًا: معرفة مقاصد التشريع:

من فضل الله ورحمته لهذه الأمة أن شرع جميع الأحكام لمقاصد وغايات عظيمة مبنيَّة كلها على مصالح العباد في دنياهم وأخراهم؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57].

 

قال شيخ الإسلام: "الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، ومعرفة خير الخيرين وشرِّ الشرَّين؛ حتى يُقدَّم عند التزاحم خيرُ الخيرَين ويُدفَع شرُّ الشرَّين، وفوائد ذلك القدرة على الموازَنة بين المصالح وتقدير المصلحة، وتقديم ما يَجب تقديمه، والاجتهاد في النوازل"[8].

 

فانظر رعاك الله هذا المنهج الرباني وتشبَّث به، وإياك أن تحيد عنه فتضل، كمن قدَّم العقل واتبع الهوى، وتتبَّع الرُّخَص[9].

أقول قولي هذا وأستغفر الله.


الخطبة الثانية

أيها الأحبَّة، لنتذكر دائمًا مع الاضطرابات الفكرية، والمِحن التي تعصِف بالأمة، وتشتُّت الآراء، وضَعف الامتثال أن المخرج بإذن الله الاعتصام بالكتاب والسنة.


قال الله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103].


الاعتصامُ بالكتاب والسنة، أعظمُ فرائض الإسلام، وأجل أركانه، وبهما يتحققُ للأمة النصر والتمكين والعز والرفعة.


الاعتصامُ بحبل الله المتين: أمانٌ من الزيغ والضلال، ويجمعُ الأمةَ تحت لواء "لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله"، يُقوِّي اللُّحْمة، ويقتلُ الأطماع، ويُسقطُ الرايات الزائِفة، وبه نُواجِهُ مكرَ وكيدَ الأعداء.


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ»[10].


وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



[1] إعلام الموقعين (ج1 ص130).

[2] جامع بيان العلم وفضله (ج2 ص947).

[3] صحيح؛ صححه الألباني في "الصحيحة" (2735) وأخرجه أبو داود (4607) واللفظ له، والترمذي (2667)، وغيرهما.

[4] الفتاوى (ج17، ص353).

[5] جامع بيان العلم وفضله (ج2 ص1132).

[6] الجامع لأخلاق الراوي (ج9 ص212).

[7] الفتاوى (ج27 ص316).

[8] إعلام الموقعين (ج3 ص14).

[9] للتفصيل انظر: كتاب "منهج التلقي والاستدلال بين أهل السنة والمبتدعة" للدكتور الصويان (ص29) وما بعدها، وكتاب "نحو استقامة فكرية" للصغير ( ص84).

[10] صحيح مسلم (1715).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • مقالات
  • خطب مكتوبة
  • صوتيات
  • الاستشارات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة