• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور علي الشبلالدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل شعار موقع الدكتور علي الشبل
شبكة الألوكة / موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل / خطب


علامة باركود

خطبة: الإيمان بالقدر

خطبة: الإيمان بالقدر
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل


تاريخ الإضافة: 12/2/2025 ميلادي - 13/8/1446 هجري

الزيارات: 4065

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: الإيمان بالقدر

 

الخطبة الأولى

إن الحَمْدُ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيْه، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وعَلَىٰ آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، ومن سلف من إخوانه من المرسلين، وسار على نهجهم واقتفى أثرهم وأحبهم وذبَّ عنهم إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

عباد الله! فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

 

جاء في الصحيحين واللفظ لمسلم في مجيء جبرائيل عَلَيْهِ السَّلَامُ وسؤاله نبينا محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أركان الدين وقواعد الملة وجاء فيه قوله: «أخبرني عن الإيمان، قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم والآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره حلوه ومره من الله تعالى»[1].

 

إن الإيمان بالقضاء والقدر يا عباد الله أصلٌ من أصول الإيمان الستة، وهو إيمانٌ بأفعاله جَلَّ وَعَلا؛ لأنه الذي قدّر علينا الخير والشر، والذي قدّر وقضى السراء والضراء، فإيمانك بالقضاء والقدر هو معيار وميزان إيمانك بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى، فانظر نفسك يا عبد الله عند حلول أقدار الله عليك، ولا سيما في المصائب، عند ما تُبلى بمرض، أو يموت حبيبك أو قريبك، أو تُبلى بنقصٍ في المال، أو بالهم والغم، ما موقفك عندئذٍ؟ هل أنت صابرٌ على قضاء الله وقدره؟ أو أنت شاكرٌ على هذا البلاء الذي يرفعك الله به إن آمنت به؟ أو أنت جازعٌ أو ساخط؟ هذه أحوال الناس، وهم في كل حالةٍ في درجاتٍ عظيمةٍ ودركاتٍ واهية، في باب الجزع، وفي درجاتٍ في الصبر، وفي درجاتٍ في الرضا.

 

• إن الإيمان بقضاء الله وقدره يا عباد الله لا يصح ولا يتم إلا بتضافر أربعة أمور، هي مراتب القضاء والقدر، مراتب إيماننا بالقضاء والقدر:

المرتبة الأولى: الإيمان بعلم الله السابق لكل شيءٍ قضاه وقدره قبل أن يقع، فما من شيءٍ يقع في هذا الكون إلا وعلمه جَلَّ وَعَلا قبل أن يقع بمددٍ طويلة.

 

المرتبة الثانية: الإيمان بأن كل شيءٍ مقدر، فإن الله جَلَّ وَعَلا قد كتبه في اللوح المحفوظ، فما يقع في هذا الكون من صغيرٍ ولا كبير ولا دقيقٍ ولا جليل إلا وقد مضى به علم الله ومضت به كتابته له في اللوح المحفوظ، وهذا تقرؤونه في القرآن في آيٍ كثيرة، ومن أجمعها آية سورة الحج في قوله جَلَّ وَعَلا: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج: 70]، وفي الصحيح عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «أول ما خلق الله القلم قال: اكتب، فقال القلم: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائنٌ إلى قيام الساعة»، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فجرى القلمُ بما هو كائنٌ إلى قيام الساعة»[2]، بأمر الله له وبتعليم الله عَزَّ وَجَلَّ له.

 

المرتبة الثالثة من مراتب الإيمان بالقضاء والقدر: أنه لا يمكن أن يقع شيءٌ في هذا الكون إلا وقد شاءه الله جَلَّ وَعَلا وأراده؛ قال سبحانه: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 28- 29].

 

المرتبة الرابعة في مراتب إيمانكم يا عباد الله بالقضاء والقدر: أن كل شيءٍ مقدرٍ فإن الله جَلَّ وَعَلا خالقه؛ لأنه مدبره والآمر به، قال جَلَّ وَعَلا في غير ما آية: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾.

 

عباد الله! هذه مراتب الإيمان بالقضاء والقدر.

 

ومن تمام الإيمان بالقضاء والقدر أن تؤمن يا عبد الله بأنك مخيرٌ في أفعالك الاختيارية، غير مجبورٍ عليها، ولا مضطرٌ إليها، مع سبق علم الله وكتابته وإرادته وخلقه لها، فسبحانه جَلَّ وَعَلا ما أجله، وما أعظمه، وما أكبر شأنه.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125].

 

نفعني الله وَإِيَّاكُمْ بالقرآن العظيم، وما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 1]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً أرجو بها النجاة يوم يُبعثون، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، الذي بعثه الله جَلَّ وَعَلا رحمةً للعالمين بـألم وبنون، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:-

عباد الله! إن الإيمان بالقضاء والقدر سلوانٌ لك أيها المؤمن عند تتابع الكرب والهموم عليك، أو عند وقوع الضراء والبأساء فيك، فإن المؤمن إذا علم وأيقن أنها من عند الله وأنها بتقديره رضي بهذا وسلم، وعامة الناس من المؤمنين إذا وقعت عليهم الأقدار شأنهم الصبر، وهذا في حد ذاته مزيةٌ لك أيها المؤمن؛ ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ﴾ [البقرة: 156- 157].

 

المؤمن يا عباد الله صبارٌ على قضاء الله، صبارٌ عند أقدار الله المؤلمة، كما أنه شكارٌ حماد عند ورود أقدار الله المُسِرَّة، هذا شأن المؤمن؛ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عجبتُ لأمر المؤمن؛ إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له»[3]، ولهذا قال عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام في الحديث المخرج في الصحيحين[4]: «من اُبتُلي بحبيبتيه فصبر»، وحبيبتاه يا عباد الله هما عيناه بفقد البصر، «من اُبتُلي بحبيبتيه فصبر كان له عند الله جَلَّ وَعَلا جزاءً له بذلك الجنة»، نعم، لما صبر على قضاء الله وقدره، كلنا يتعرض لهذه المصائب، يموت أقاربنا وأحبتنا، أو نُبلى بالأمراض أو بالهموم والأكدار، والمؤمن في كل ذلك صبارٌ على قضاء الله يتواصى مع الناس بالصبر، حمادٌ شكارٌ على نعماء الله، ويتواصى مع الناس بذلك.

 

ثُمَّ اعلموا عباد الله! أنَّ أصدق الحديث كلام الله، وَخِيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثة بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإنَّ يد الله عَلَىٰ الجماعة، ومن شذَّ؛ شذَّ في النَّار، ولا يأكل الذئب إِلَّا من الغنم القاصية.

 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ وارضَ عن الأربعة الخلفاء، وعن المهاجرين والأنصار، وعن التابع لهم بإحسانٍ إِلَىٰ يَومِ الدِّيْنِ، وعنَّا معهم بمنِّك ورحمتك يا أرحم الراحمين، اللَّهُمَّ عِزًّا تعزّ به الإسلام وأهله، وذِلًّا تذلّ به الكفر وأهله، اللَّهُمَّ أبرِم لهٰذِه الأُمَّة أمرًا رشدًا، يُعزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم أرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم رحمةً ترحم بها حالنا، وترحم بها شيوخنا، وترحم بها بهائمنا، اللهم إنك ترى ما بنا من الحاجة واللأواء، اللهم فارحمنا برحمتك الواسعة، اللهم ارحم هؤلاء الشيوخ الركع والبهائم الرتع، اللهم أغثنا، اللهم غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا سحًا طبقًا مجللًا، اللهم سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ ولا نصب، اللهم أغث بلادنا بالأمطار والأمن والخيرات، وأغث قلوبنا بمخافتك وتعظيمك وتوحيدك، يا ذا الجلال والإكرام، لبلدنا هذا خاصة، ولبلاد المسلمين عامةً، يا رب العالمين، اللهم عزًا تعز به الإسلام وأهله، وذلًا تذل به الشرك والكفر وأهله، يا قوي يا عزيز، اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، اللهم خذ بناصيته ومستشاريه إلى البر والتقوى، اللهم اجعلنا وإياهم هداةً مهديين ممن يقولون بالحق وبه يعدلون، اللهم من ضارنا أو ضار المسلمين فضره، ومن مكر بنا فامكر به، يا خير الماكرين، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان، في بلاد الشام، وفي كل مكانٍ، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم كن لهم وليًا ونصيرًا وظهيرًا، اللهم أفرغ عليهم الصبر إفراغًا، اللهم إن هؤلاء تتابعوا عليهم، اللهم ولا ناجي لهم ولا منجي ولا حسب إلا أنت، أنت حسبنا ونعم الوكيل، اللهم كن لجنودنا المرابطين على حدودنا، اللهم سدد رأيهم ورميهم، وأعذنا وإياهم من عدوك وعدونا يا رب العالمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، عباد الله! إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، اذكروا الله يذكركم، واشكروه عَلَىٰ نعمه يزدكم، ولذكر اللَّه أَكْبَر، والله يعلم ما تصنعون.



[1] أخرجه البخاري (50)، ومسلم (8) بنحوه.

[2] أخرجه أحمد (22707)، وأبو داود (4700)، والترمذي (2155) بنحوه.

[3] أخرجه مسلم (2999) بنحوه.

[4] أخرجه البخاري (5653)، ولم أقف عليه عند مسلم، والله أعلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • مطويات
  • صوتيات
  • خطب
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة