• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور علي الشبلالدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل شعار موقع الدكتور علي الشبل
شبكة الألوكة / موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل / صوتيات / الخطب


علامة باركود

خطبة الشفاعة العظمى

خطبة الشفاعة العظمى
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل


تاريخ الإضافة: 7/12/2024 ميلادي - 5/6/1446 هجري

الزيارات: 2994

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة الشفاعة العظمى

 

الخطبة الأولى

الحَمْدُ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله، وأصحابه، ومن سلف من إخوانه من المرسلين، وسار على نهجهم واقتفى أثرهم وأحبهم وذبَّ عنهم إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

عباد الله! فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من دينكم الإسلام بالعروة الوثقى، وهي كلمة التوحيد؛ فإن أجسادنا على النار لا تقوى.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا المؤمنون! ثبت في الصحيحين[1] من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه قال: كنا عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأُتي بلحمٍ فرُفع إليه منه الذراع وكان يحبه، فنهس منه نهسة -أي قضم من هذا الذراع قضمةً يسيرة-، ثم قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، أتدرون بم ذلك؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «يجتمع الناس يوم القيامة ينفذهم الصوت في صعيدٍ واحد، فيبلغ منهم الكرب والشدة ما لا يطيقون، فيقول بعضهم لبعض: من يشفع لنا إلى ربنا جَلَّ وعَلا ليخلصنا مما نحن فيه؟ فيأتون أباهم آدم، فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته، فاشفع إلى ربنا ليجيء لفصل القضاء ويخلصنا مما نحن فيه، فيقول آدم عليه السلام: إن الله غضب اليوم غضبًا لم يغضب مثله قط ولن يغضب مثله قط وإني عصيتُ ربي فأكلتُ من الشجرة، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحًا عليه السلام، فيذكرون له ذلك، فيقول مثلما قال آدم؛ إن الله غضب اليوم غضبًا لم يغضب مثله قط ولن يغضب مثله بعدُ قط، وإني دعوتُ على قومي ألا يبقين منهم أحد، نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم»، سبحان الله العظيم!

 

كيف هؤلاء الرسل في هذا المقام العظيم؛ مقام العرصات، كلٌ منهم يقول: نفسي نفسي، منشغلٌ بنجاته، غير مبالٍ بغيره، لم؟ لأن الله غضب في ذلك اليوم غضبًا شديدًا لم يغضب قبله ولن يغضب بعده مثله قط، فيأتون آدم، ثم نوحًا، ثم يأتون إبراهيم، فيقول لهم مثلما قال الأوائل ويذكر لهم أنه كذب في الله ثلاث كذبات؛ «نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى عَلَيْهِ السَّلَامُ ويقولون: يا موسى، أنت كليمُ الرحمن، كتب لك الألواح بيده، فاشفع إلى ربنا ليجيء لفصل القضاء، ويخلصنا ما نحن فيه، فإذا أتوه قال: إن الله غضب اليوم غضبًا لم يغضب مثله قط ولن يغضب مثله بعدُ قط، نفسي نفسي، وإني قتلتُ نفسًا- يشيرُ إلى ما كان من قتله الفرعوني لما وكزه فدفعه في صدره فقضى عليه-، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى بن مريم عَلَيْهِ السَّلَامُ، فيقولون: يا عيسى أنت كلمة الله عزَّ وَجَلَّ وروحٌ منه، اشفع إلى ربنا ليجيء لفصل القضاء فيقول مثلما قال سابقوه، ولا يذكر عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام ذنبًا، وإنما يرى غيره أهلًا وأكفأ منه بذلك، فيقول: اذهبوا إلى محمد؛ عبدٌ غفر الله ما تقدم من ذنبه. قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فيأتون إليّ فيذكرون ذلك، فأقول: أنا لها، أنا لها، فأذهب فأخرُّ ساجدًا تحت العرش مدةً طويلة»، جاء عند الدارمي: "أنه يبقى أسبوعًا كاملًا خارًا ساجدًا تحت العرش، يفتح الله عزَّ وَجَلَّ عليه أنواعًا من محامده سبحانه، وأنواعًا من الثناء عليه لم يكن فتحها عليه من قبل، ثم يأتي الإذنُ من الله: «يا محمد، ارفع رأسك، وقُلْ يُسمَع، وسلْ تُعطَى، واشفع تُشفَّع»"؛ هذا مقام الشفاعة العظمى الذي يحمده عليه الأولون والآخرون، وبه حصَّل به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السيادة على بني آدم في يوم القيامة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وأصحابه، ومن سلف من إخوانه من المرسلين.

 

إن ذلك المقام مقامٌ عظيم، نحن صائرون إليه بلا محالة، ونحن واقفون فيه بلا شكٍ بل وبكل يقين، فما أعددنا لذلك اليوم يا عباد الله؟ في ذلك المقام لا يطيق الناس ذلك المقام، ويتمنون أن يُصار بهم ولو إلى النار من شدة الكرب، ومن شدة الهول، فلا يتحملونه ولا يطيقونه، فأعدوا –رحمني الله وإياكم- لذلك المقام عدته، أعدوا لذلك اليوم عدته، فأعدوا للسؤال جوابًا وللجواب صوابًا.

 

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وما فيهِ من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه كان غفارًا.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله كما أمر، أحمده سبحانه وقد تأذَّن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إيمانًا بألفروهيته، وإقرارًا بربوبيته، واعترافًا بأسمائه وصفاته، مراغمًا بذلك من عاند به أو شكَّ أو جحد وكفر، وأصلي وأسلم على سيد البشر الشافع المشفَّع في المحشر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وأصحابه السادة الغرر؛ خير آلٍ ومعشر، ما طلع ليلٌ وأقبل عليه نهارٌ وأدبر، أما بعد:

عباد الله! إن مقام الشفاعة العظمى هو المقام المحمود، الذي نوَّه الله عزَّ وَجَلَّ بذكره في حق نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال سبحانه: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79]؛ أي هذا القرآن من تهجد به وقام فاز في الدار الآخرة، وسكن وخشع في هذه الدنيا، وكان في حق نبينا أن الله وعده المقام المحمود إنه مقام الشفاعة العظمى.

 

وهذه الشفاعة تعم الأولين والآخرين والإنس والجن، ولكنها لا تنفع الكافرين ولا المشركين، ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ [المدثر: 48]، هذه الشفاعة تعجّل بدخولهم إلى النار، وهي شفاعةٌ خاصةٌ بنبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

ومن الشفاعات الخاصة به في ذلك المقام أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول شفيعٍ للأمة بدخول الجنة، فلا يدخل الجنة أحدٌ قبله، وذلك أن الناس يجتمعون على أبواب الجنة ولا تُفتَّح لهم حتى يأتي نبينا محمدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيأخذ بحلقة باب الجنة فيشفع إلى الله لدخول الناس بها، فتقول الملائكة: "بك أُمرنا أول ما نفتح"[2].

 

ومن الشفاعات الخاصة شفاعته لعمه أبي طالب، ولكنها شفاعةٌ لا تنفع أبا طالب، ذلك الذي آمن في شِعره ولكنه أبى أن يقول (لا إله إلا الله)، أبى أن يقولها بلسانه ولفظه، وهو القائل -أعني أبا طالب-:

ولقد علمتُ بأن دينَ محمدٍ
من خير أديانِ البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبةٍ
لوجدتني سمحًا بذاك مبينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضةً
وأبشر وقرَّ بذاك منا عيونا

 

ولم ينفع ذلك أبا طالب، وهو الذي قال في لاميته المشهورة والتي حُقَّ أن تكون من المعلقات:

لقد علموا أن ابننا لا مكذبٌ
لدينا ولا يُعنَى بقول الأباطل
حليمٌ رشيدٌ عاقلٌ غير طائشٍ
يوالي إلهًا ليس عنه بغافلِ
فو الله لو لا أن أجيء بسبةٍ
تُجَرُّ على أشياخنا في المحافلِ
لكنا اتبعناه على كل حالةٍ
من الدهر طرًا غير قول التخاذلِ

 

لم ينفع ذلك أبا لما قيد الله له قرناء سوء وجلساء سوء؛ في عبد الله بن أمية وفي أبي جهلٍ عند وفاته، جاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه يجر رداءه، يقول: «يا عماه، قل كلمةً أحاج لك بها عند الله، قل لا إله إلا الله»[3]، فقال له قرناء السوء وجلساؤه: يا أبا طالب، أترغب عن دين عبد المطلب؟ فكان آخر ما قال أبو طالب: "لا هو على دين عبد المطلب"، ومات على ذلك كافرًا كفر إباءٍ واستكبار، في صحيح مسلم[4] من حديث العباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: يا رسول الله، أبو طالبٍ فعل وأحاطك ونصرك فهل نفعته بشيء؟ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نعم، يُوضع يوم القيامة في ضحضاحٍ من نار يغلي منهما دماغه يظن أنه أشد أهل النار عذابًا وهو أخفهم عذابًا، ولولايّ لكان في الدرك الأسفل من النار».

 

ثم اعلموا -رحمني الله وإياكم- أن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار، ولا يأكل الذئب إلا من الغنم القاصية.

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، اللهم عزًا تعز به الإسلام، وأهله، وذلًا تذل به الكفر والشرك وأهلهما، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آمِنا والمسلمين في أوطاننا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعل ولاياتنا والمسلمين فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ادفع عنا الغلاء، والوباء، والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة، وعن بلاد المسلمين عامة، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا سحًا طبقًا مجللًا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ ولا نصب، اللهم أغث بلادنا بالأمطار والأمن والخيرات، وأغث قلوبنا بمخافتك وتعظيمك وتوحيدك يا ذا الجلال والإكرام، اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، عباد الله! إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكَّرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه عَلَىٰ نعمه يزدكم، ولذكر اللَّه أَكْبَر، والله يعلم ما تصنعون.

 



[1] أخرجه البخاري (4712)، ومسلم (194) بنحوه.

[2] أخرجه مسلم (197) بنحوه.

[3] أخرجه البخاري (3884)، ومسلم (24) بنحوه.

[4] أخرجه مسلم (213) بنحوه من حديث النعمان، وليس من حديث العباس، وأخرجه البخاري (6561) مقتصرا على النصف الأول منه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • مطويات
  • صوتيات
  • خطب
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة