• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور علي الشبلالدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل شعار موقع الدكتور علي الشبل
شبكة الألوكة / موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات


علامة باركود

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (10)

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (10)
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل


تاريخ الإضافة: 26/7/2016 ميلادي - 20/10/1437 هجري

الزيارات: 18579

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (10)

مقدمة ابن أبي زيد لكتابه "الرسالة"

تأليف الإمام: أبو محمد عبدالله بن أبي زيد القيرواني رحمه الله (ت386)


[وأن القرآن كلام الله، ليس بمخلوق فيبيد، ولا صفة لمخلوق فينفد].

لاحظوا هذا القول الذي قاله ابن أبي زيد رحمه الله، ما زال أهل السنة يقولونه إلى هذا الزمان.

 

مثل قول الطحاوي رحمه الله: "وأن القرآن كلام الله، ليس بمخلوق ككلام البرية، منه بدأ بلا كيفية قولًا، وأنزله على رسوله وحيًّا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقًّا، وأيقنوا أنه كلام الله على الحقيقة، ليس بمخلوق ككلام البشر، فمن سمعه فزعم أنه مخلوق فقد كفر، وذمَّه الله وعابه وأوعده سقَرَ؛ حيث قال: ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾ [المدثر: 26]"،هذا الكلام متفق، الطحاوي في مصر، وهذا في تونس، كلام أهل السنة واحد في زمانهم، وواحد في اختلاف أماكنهم.

 

[كلام الله، ليس بمخلوق] لماذا أضافوا هذا القيد؟ كلام الله؛ لأنه صفة من صفاته؛ كقولنا: سمع الله، وبصر الله، وعلم الله، وحياة الله، المضافات إلى الله نوعان: معانٍ، مثل: كلام الله، أضفت المعنى إلى الله، إذًا هو صفة من صفاته؛ ككلام الله، وسمع الله، وبصر الله، وعلم الله، وقوة الله، هل هذه مخلوقة؟ لا، إذًا المعاني إذا أضيفت إلى الله فهي إضافة صفة إلى موصوف، النوع الثاني: أعيان؛ كقولنا: ناقة الله، ﴿ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ﴾ [الشمس: 13]، وكبيت الله، هذه أعيان، إذا أضفنا الأعيان إلى الله، فتكون إضافة مخلوق، هذا المسجد بيت الله، الكعبة: بيت الله، ﴿ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ﴾، الأرض ملك الله: أرض الله، فهي إضافة أعيان، إذا أضيفت إلى الله فهي إضافة مخلوقات.

 

وهنا غلط المعتزلة وأمثالهم لما قالوا: إن الكلام لما أضيف إلى الله دل على أنه مخلوق، فنقول لهم: المضاف إلى الله نوعان، أعيان ومعانٍ؛ فالأعيان مخلوقة، وليس الكلام منها، والمعاني المضافة إليه صفاته، والكلام منها.

[كلام الله]، أضاف أهل السنة هذا القيد ردًّا على المعتزلة والجهمية والمتكلمين الذين قالوا: بالكلام النفساني.

[ليس بمخلوق فيبيد]، ما معنى فيبيد؟ أي: يزول.

 

[ولا صفة لمخلوق فينفد]؛ أي: فينتهي؛ ولهذا كلام الله لا ينتهي، ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ﴾ [لقمان: 27]، إذا كان هذا في كلام الله أنه لا ينفد، كلام المخلوق ينفد وينتهي ويعجز، لكن كلام الله جل وعلا لا ينفد، لا ينتهي، لا يعجز سبحانه وتعالى.

 

إذًا هو صفة الخالق، فكلامه سبحانه لا ينفَد، وكلامه لا يبيد؛ ولهذا يا أيها الإخوة القرآن أنزله الله كلامًا، فإذا استغنى عنه الناس في آخر الزمان، لباطلهم وفسادهم، وهجرانهم لكلام الله، رجع الكلام إلى صاحبه المتكلم به، وأهل السنة يقولون في هذا الباب: وأن القرآن كلام الله، منه بدا، "بدا" بالألف من البدو والظهور؛ أي: إنه خرج من الله، وفي بعض العبارات: منه بدأ، بالهمزة؛ أي: ابتدأ الله كلامه، منه بدا بلا كيفية، وإليه يعود، في آخر الزمان إذا استغنى الناس عن القرآن، بلا كيفية؛ أي: لا نعلم كيفية تكلم الله بالقرآن، ولا كيفية تكلمه بكلامه، لا نعلم كيفية ذلك.

 

[والإيمان بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، وكل ذلك قد قدره الله ربنا، ومقادير الأمور بيده، ومصدرها عن قضائه، علم كل شيء قبل كونه، فجرى على قدره، لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه وسبق علمه به، ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]].

 

هذا عطف من المؤلف على مسألة أخرى، وهي القضاء والقدر، الذي هو الركن السادس من أركان الإيمان، كما جاء في حديث جبرائيل المشهور، المخرج في الصحيحين، أخرجه مسلم مطولًا، وأخرجه البخاري مختصرًا، واتفقا على قدر ما يتعلق بالإيمان، فإن جبرائيل سأل النبي عليهما الصلاة والسلام عن الإيمان، فقال: ((الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))، وفي رواية: ((حُلْوه ومُره من الله تعالى))؛ فالإيمان بالقضاء والقدر أصل من أصول الإيمان، لا يصح الإيمان إلا به، في آية الإيمان في البقرة ذكر الله خمسة أصول، في قول الله جل وعلا: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ... ﴾ [البقرة: 177] الآية، أين القدر ما ذكره؟ ولهذا أصول الإيمان عند الإجمال خمسة، وعند التفصيل ستة، لم يذكر الإيمان بالقدر لنكتة، النكتة التي لأجلها عطف الفعل مع القدر خصوصًا في حديث جبريل، لما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، قال: (الإيمان أن تؤمن)، وضع خطًّا تحت كلمة: "تؤمن"، (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر)، قال: (وتؤمن بالقدر)، لماذا لم يكرر الفعل إلا مع القدر خاصة، لِمَ لَمْ يكرره مع الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر؟ كرره مع القدر خاصة لعدة اعتبارات، أهمها: أن الإيمان بالقدر من الإيمان بالله؛ لأن القدر قدر مَن؟ قدر الله جل وعلا، ولأن الإيمان بالقدر هو المعيار، وهو الميزان لمقدار إيمان العبد بربه، إذا أردت أن تعرف مقدار إيمانك بالله، فانظر إلى مقدار إيمانك بأقدار الله، لا سيما عند وقوع المصائب والحوادث، فإن مقدار الإيمان بالله معياره وميزانه إيمانك بقدره، وعطف الفعل مع القدر.. لأن القدر انحرف فيه طوائف عظيمة، قبل الإسلام وبعد الإسلام، انحرفوا في الإيمان بالقدر، الإيمان بالقضاء والقدر لا يصح، كما ذكر الشيخ رحمه الله، إلا بالإيمان بأصوله؛ أن المقادير بيد الله، ومصدرها عن قضائه.

 

وأشار هنا إلى مرتبة من مراتب القدر، والقدر له أربع مراتب، بل خمسة على الإضافة والتفصيل، أربعة بالإجماع، المرتبة الأولى: أن علم الله سابق لكل شيء مقدر قبل وقوعه، فسبق علم الله كل شيء مقدر قبل وقوعه، كما ذكر الشيخ رحمه الله، [علم كل شيء قبل كونه، فجرى على قدره...]، إذًا علم الله سابق لكل شيء قبل وقوعه، قبل أن يقع بمدة طويلة علمه الله جل وعلا، المرتبة الثانية: أن الله كتب هذا المقدر في كتاب عنده في اللوح المحفوظ، الدليل على هاتين المرتبتين قول الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الحج: 70]، وما بمعنى الذي، اسم موصول، فتشمل العموم، وهي من ألفاظ العموم، كما عرف في موضعه في اللغة وفي الأصول، ﴿ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج: 70]، الشيخ استدل بآية الملك، قال: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]؛ أي: الذي خلق، فكل شيء وقع في قدر الله علمه الله جل وعلا، سبق به علمه، وسبق به كتابته، هاتان المرتبتان نفاهما غلاة القدرية، غلاة المعتزلة، فكفروا بذلك؛ ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله: "ناظروا القدرية بالعلم"، القدرية: نفاة القدر، الذين قالوا: إن الله ما قدر المقادير، غلاتهم قالوا: إن الله ما علم المقادير! ولا كتبها! فضلًا عن أن يقدرها! قال رحمه الله: "ناظروا القدرية بالعلم"؛ أي: بعلم الله، هل علم الأشياء قبل وقوعها أو ما علم؟ "فإن أقروا به"، أقروا بالعلم، "خُصِموا"؛ لأن الله علم ما يكون في خلقه من المقادير، "وإن جحدوه"، أنكروا العلم، "كفروا"؛ لأنهم وصفوا الله بضد العلم، وهو: الجهل! "ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقروا به خُصِموا، وإن أنكروه كفروا"،المرتبة الثالثة من مراتب القدر: مرتبة الخَلْق، فكل شيء مقدر فالله خالق له؛ لأن الله خالق الإنسان وصنعته، وجاء في صحيح مسلم: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله خالق كل صانع وصنعته))، كل شيء مقدر أن يكون فإن الله خالق له، ودليله من القرآن عموم قول الله تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16]، في غير ما آية، في الأنعام: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الأنعام: 102]، المرتبة الرابعة: مرتبة المشيئة، فكل شيء يجري في خلق الله وقدره، فإن الله شاءه وأراده، ودليل ذلك من القرآن: ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الإنسان: 30]، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 28، 29]، فكل ما يجري في الكون فقد شاءه الله، وإلا فهل يعقل لهذا الملك العظيم الجليل القدير أن يقع في ملكه شيء ما شاءه ولا أراده؟! هذا عجز له! تعالى الله عن ذلك علوًّا عظيمًا، وهاتان المرتبتان أنكرهما عامة المعتزلة، وأقروا بالعلم والكتابة، إذًا القدرية المعتزلة إحدى الطائفتين المنحرفتين في هذا الباب غلاتهم أنكروا الأربعة جميعًا، أنكروا علم الله، وكتابته، وخلقه، ومشيئته، فكفروا بذلك، كما قال الشافعي رحمه الله، وعامتهم أقروا بالعلم والكتابة، وأنكروا الخلق والمشيئة، وهذا رد لِمَا جاء في الشريعة، ورد للأدلة الكثيرة الدالة على أن الله خالق كل شيء، وأن الله له المشيئة العامة، المشيئة الكاملة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم: ((القدرية مجوس هذه الأمة، إذا مرضوا فلا تعودوهم، وإذا ماتوا فلا تشيعوهم))، لماذا وصف القدرية بأنهم مجوس هذه الأمة وهم نفاة الخلق والمشيئة؟! لأن المجوس، عبَّادَ النار، أثبتوا للكون خالقَيْنِ، النور يخلق الخير، والظلمة تخلق الشر، وهؤلاء القدرية أثبتوا خالِقِينَ كثيرين مع الله، قالوا: كل إنسان يخلق فعل نفسه، فجعلوا الإنسان خالقًا لفعل نفسه، وليس لله جل وعلا إرادة ولا خلق لفعله، فأثبتوا خالقين مع الله! فمن هذا الاعتبار، ومن هذه الحيثية شبهوا بالمجوس، فقال: (القدرية مجوس هذه الأمة)، إذًا هذه أربع مراتب من مراتب القدر، وينضاف إلى ذلك: وأن العباد مخيرون في أفعالهم، غير مجبرين عليها، وهذا أمر لا بد أن نفهمه؛ لتنحل كثير من الإشكالات، العباد مخيرون في أفعالهم، غير مجبرين عليها، أفعال العباد في الحقيقة على نوعين، أفعال اضطرارية، مثل دقات القلب، هل يتحكم أحدكم فيها؟ رمش العين، جريان الدم في العروق، هل تتحكم فيه؟ المرتعش إذا أصيب بمرض الرعاش، هل يتحكم في نفسه؟ فإذا هذه الحركات الاضطرارية لم يترتب عليها في ديننا ثواب ولا عقاب؛ لأن الإنسان لا اختيار له فيها.

 

النوع الثاني: الأفعال الاختيارية، يفعلها الإنسان بمحض اختياره، ومحض إرادته، كشُربه وأكله، كمشيه وقعوده وقيامه، هذا يترتب عليه الثواب والعقاب، صلاتك تفعلها مضطرًّا أم مختارًا؟ مختارًا: فتثاب، فإن لم تفعلها مختارًا: تعاقب، ومعرض للعقوبة، السرقة، إذا سرق أو زنى أو شرب الخمر، يفعل هذا الفعل مضطرًّا أم مختارًا؟ مختارًا، ولا يفعلها وهو مضطر؛ ولهذا ترتب على هذا الفعل الاختياري الثواب والعقاب، وهنا سؤال يرد: هل الإنسان مخير أو مسير؟ وما أكثر ما نسمع هذا السؤال! من يجيبنا عليه؟ لا، لا، لا، لا، لا، لا، فهم السؤال نصف الإجابة، وأنتم أتيتم بالسؤال من آخره، لو أنكم فهمتم السؤال ما تعجلتم هذه العجلة،هذا السؤال من حيث هو: بدعي، هذا السؤال محدَث لا معنى له، هذا السؤال الذي يسأل ويطرح سؤال بدعي لا معنى له، إلا الاعتراض على القدر، إذًا هذا أول جواب نجيب به على هذا السؤال: أنه سؤال بدعي لا معنى له، إذن أما وقد سئل، ما الجواب عليه؟ الآن أجيبوا،هل الإنسان مخير أو مسير، ولم؟ المسألة ما هي بـ "شختك بختك"، المسألة لا بد أن يكون مبناها على علم، تفضل، مخير؟ خطأ، خطأ، الجواب على هذا أن نقول: إن العبد بالنظر إلى قضاء الله الذي قضاه عليه فهو مسير، بمعنى أنه لا يخرج بفعله مهما كان عن قضاء الله وقدره، ودليله: ((اعملوا، فكل ميسَّر لما خلق له))، قال: (كل ميسَّر)، ما هو بـ "مسير"! فهو باعتبار قضاء الله وقدره هو مسير، بمعنى أنه لن يخرج عن قدر الله مهما فعل، وباعتبار فعله وإرادته واختياره، هو مخير؛ لأنه أُبِين له طريق الخير، وحبب إليه ورغب إليه، ليسلكه، وأبين له طريق الشر وحذر منه ليحذره، فترك له الاختيار، فبهذا الاعتبار هو ماذا؟ هو مخير، إذًا بالاعتبار الكوني مسير، بالاعتبار الشرعي هو مخير؛ ولهذا قسم الله إرادة الناس في القرآن على نوعين: إرادة عامة، كونية، شاملة، قدرية، وهذه لا بد أن تقع وتنفذ، فإذا جاءت كلمة الإرادة في القرآن، إرادة الله بمعنى: يقدر، فهي الإرادة الكونية، ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، هذه إرادة شرعية، ليست كونية، الشرعية تسمى إرادة دينية، تسمى إرادة خاصة، تسمى إرادة أمرية، يترتب عليها الأمر والنهي، هذه الإرادة بمعنى يحب، ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185]، احذف كلمة يريد، وضع بدلها يقدر، أو يحب، أيهما المناسب لها؟ يحب، فهي إرادة دينية؛ لأن الإرادة الدينية تأتي منفية، ولأن الإرادة الكونية لا تأتي منفية، دائمًا مثبتة، ﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [هود: 107]، لِما يحب أو لِما يقدر؟ لما يقدر، فالله يفعل ما يقدر بما يحب وما لا يحب، يفعله سبحانه، ظهر لكم الفرق بين الإرادتين؟ والكلام في الفروق بينها كثير، ولكن نحن في عجالة الآن، ألخص هذا: الإرادة الدينية تأتي في القرآن بمعنى يحب، والإرادة الكونية تأتي بمعنى يقدر، الإرادة الدينية خاصة في أوامر الله الشرعية ومحبوباته، والإرادة الكونية خاصة في أفعاله سبحانه، مما يحب ومما لا يحب سبحانه، الإرادة الدينية تأتي منفية وتأتي مثبتة، الإرادة الكونية لا تأتي إلا مثبتة، الإرادة الدينية قد تتحقق وقد لا تتحقق، يريد الله الإيمان من الكافر، وقد يؤمن، وقد لا يؤمن، يريد الطاعة من العبد، وقد يطيع وقد يعصي، وأما الإرادة الكونية فلا بد أن تتحقق، أراد الله عز وجل أن الشمس تطلع من المشرق، وتغرب في المغرب، لا بد أن يتحقق ذلك، حتى يأتي أمره سبحانه فتخرج من حيث غربت، هذا ملخص ما يتعلق بمسائل القضاء والقدر على سبيل الإجمال.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • مطويات
  • صوتيات
  • خطب
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة