• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور علي الشبلالدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل شعار موقع الدكتور علي الشبل
شبكة الألوكة / موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات


علامة باركود

شرح العقيدة الواسطية (32)

شرح العقيدة الواسطية (32)
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل


تاريخ الإضافة: 26/4/2016 ميلادي - 18/7/1437 هجري

الزيارات: 11961

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح العقيدة الواسطية (32)


فَصْلٌ: وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ الدِّينَ...:

الدين ما يُتَديَّن به، ويُطلق الدين على الحق وعلى الباطل؛ ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 6]. والمراد بالدين هنا ما يُتعبد لله به.

 

وَالإِيمَانَ:

وهذا من باب عطف الشيء على نفسه؛ لأن الدين الحقَّ هو الإيمان، ولنعلم أن الواو العاطفة أصلها لمطلق الجمع، وقد تُفِيد أحيانًا المغايرة؛ إما المغايرة المعنوية، أو اللفظية بحسب السياق، فقوله: "أن الدين والإيمان" هذا لِمُطلَق الجمع، وهما شيء واحد.

 

قَوْلٌ وَعَمَلٌ؛ قَوْلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَعَمَلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ. وَأَنَّ الإِيمَانَ: يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ:

هذا مذهب أهل السنة أن الإيمان والدين قول وعمل، والقول يشمل قول القلب، وهو الاعتقاد باعتقاده بالله، وأسمائه وصفاته، وما له، وقول الجوارح بلا إله إلا الله، والتسبيحات، والتهليلات، والذكر، والأذان.

 

والعمل عملان: عمل القلب بالنية والتوكل والرجاء، وعمل الجوارح بالجهاد والصوم والحج وغيرها.

 

هذا على جهة الإجمال، أما على جهة التفصيل فالإيمان عند أهل السنة والجماعة يقوم على خمسة أسُس فهو: قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان، يَزيد بطاعة الرحمن، وينقص بطاعة الشيطان. وعلى هذا أجمعَ السلف؛ على أن الإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهذا محل إجماع لا يتخلَّف.

 

هذا المذهب لأهل السنة في الإيمان له أثره، وهو الذي أشار إليه قبل ذلك: "وهُم في باب أسماء الإيمان والدين وسط بين الوعيديَّة من الخوارج والمعتزلة، وبين المرجئة"، هذه الوسطيَّة تتبيَّن لنا بعد أن عرَفنا أن الإيمان عند أهل السنة قولٌ واعتقادٌ وعملٌ، يزيد وينقص.

 

أهل السنة والجماعة في هذا القيد بالإيمان خالفوا الوعيدية، والوعيدية هم الخوارج والمعتزلة، فالإيمان عند الخوارج والمعتزلة - ومسماه وحدُّه عندهم - هو قول واعتقاد وعمل، لكنه لا يَزيد ولا ينقص، فزيادته إيمان، ونقصانه كفر، وتفلسَف متأخِّروهم فقالوا: الزيادة في الصحة، والنقص في الذهاب. وهذا ليس تحته كبيرُ طائل، فهُم وافقوا أهل السنة في بعض مسمَّى الإيمان لكن خالفوهم في حقيقته، فالإيمان عندهم إذا ذهب إما أن يذهب جميعه أو يبقى جميعه.

وسُمُّوا بالوعيدية لأنهم غلَّبوا نصوصَ الوعيد، وأهملوا وردوا وتركوا نصوص الوعد.

 

وهم على مذهبين، يظهر مذهبهما في الفاسق، في صاحب الذنب:

فجمهور الخوارج أن صاحب الذنب كافرٌ ليس بمؤمن، وهذا اسمه في الدنيا، وحكمه في الآخرة خالد مخلد في النار، وهذا قول جمهور الخوارج من الأزارقة، والنجدات، والصفرية.

 

وقالت الإباضية: إن صاحب الذنب كافرٌ كفرَ نعمة، لا كفر ملة؛ فالكافر كفر الملة هو الذي خرج من الإسلام، أما كفرُ صاحبِ الذنب فَيعدونه نعمة؛ لئلا يُجْروا عليه أحكام الكافر؛ مِن قتلِه، وعدم الصلاة عليه، وعدمِ توريث أولاده منه، والتفريق بينه وبين زوجته... فسمَّوه كافرًا كفرَ نعمة، وهذا المذهب قريبٌ من مذهب المعتزلة؛ لأن الإباضية تأثروا تأثرًا كبيرًا بالمعتزلة؛ فالمعتزلة يقولون: صاحب الذنب في منزلة بين المنزلتين، ليس بالمؤمن ولا بالكافر، بل في منزلة بينهما، خرج من الإيمان ولم يدخل الكفر. ويسمونه اصطلاحًا عندهم بالفاسق الملِّي، والفاسق الملي هو مَن كان في منزلة بين منزلتين، وهذا اسمه في الدنيا، فلا يسمونه مؤمنًا، ولا ناقصَ الإيمان، ولا يسمونه كافرًا، وفي الآخرة اتفقت الوعيدية كلُّهم - من الخوارج والإباضية والمعتزلة - على أن صاحب الذنب في الآخرة خالد مخلد في النار.

 

ومن هذا الباب أطلقَ العلماء على المعتزلة لفظًا - وليُنْتَبه له؛ لأن أهل الزمان يطلقون هذا اللفظ على معنى سيِّئ، وأهل العلم يطلقونه على معنى عِلمي - وهو المخنَّث، فالمخنث هو المتشبِّه بالنساء أو الذي يُؤتى فيُفعل فيه الفاحشة، والمخنث عند الفقهاء هو الذي ما تُميِّز هل هو ذكَر أو أنثى، له عضوان: عضو الذكورة، وعضو الأنوثة. فإن كان عنده عضوان ويبول منهما جميعًا يُسمى بالخنثى المشكل، وهذا عند الفقهاء الخنثى المشكل الذي ما تبينَت فيه ذكوريته ولا أنوثته.

 

والعلماء قالوا: إن المعتزلة مَخانيثُ الخوارج؛ وذلك أنهم في اسمهم في الدنيا خالَفوا الخوارج في الاسم، فالخوارج جعلوه في الدنيا كافرًا، وهم جعَلوه في الدنيا في منزلة بين منزلتين، واتفقوا معهم في حُكمه الأخروي على أنه خالد مخلَّد في النار، ولهذا اختلفوا في الاسم في الدنيا، واتفقوا في النتيجة والحكم في الآخرة، ولهذا سُمُّوا مخانيث الخوارج، وسبب ذلك هو جُبن هذا المذهب (مذهب المعتزلة والإباضية)؛ لأنهم لم يُكَفِّرُوا صاحب الذنب كفر ملة، فيلزمهم أن يُجْروا عليه هذه الأحكام، أحكام الكفر؛ كفر المعيَّن، المشتهرة عند التكفيرين قديمًا وحديثًا.

 

ولهذا يقول الشيخ:

وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ:

أي: أهل السنة؛ لَمَّا جعلوا الإيمان قولاً باللسان، واعتقادًا بالجنان، وعملاً بالأركان، يزيد بطاعة الرحمن، وينقص بطاعة الشيطان.

 

لا يُكَفِّرُونَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ بِمُطْلَقِ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْخَوَارِجُ:

وهم مع ذلك لا يُكَفِّرُون أهل القبلة، فلا يَحكمون على مسلمٍ مُصلٍّ، يَستقبل القبلةَ - بالكفر بمُطلَق المعاصي والكبائر، فإنَّ أهل القبلة - وهو وصفٌ للمصلين المسلمين، الذين استقبَلوا القبلة للصلاة، وهذا فيه أصلُ اتفاق السلف على أن الصلاة فيصلٌ بين المسلمين والكافرين - المصلُّون، ومن ليس مصليًا فليس من أهل القبلة؛ لأنه لم يصل، ولم يجعل الفيصل الفارق بينه وبين أهل الكفر وأهل الشرك.

 

أهل السنة لا يُكفِّرون المسلمين بمطلق المعاصي والكبائر، فإذا أتى الإنسانُ معصيةً أو كبيرة لا يُكَفِّرُونه كما يفعله الخوارج، ولم يقل الشيخ: كما يفعله الوعيدية؛ لأن الوعيدية يختلفون في اسمه في الدنيا؛ فالخوارج جمهورهم يكفِّره، والإباضية يكفِّرون كفر نعمة، والمعتزلة لا يحكمون بكفره ولا يحكمون بإيمانه، وأهل السنة يُسمون صاحب المعاصي عاصيًا، وصاحب الكبيرة فاسقًا.

 

الأصل أن المعصية هي الكبيرة، والكبيرة هي المعصية، لكن إذا اجتمَعتا جميعًا فيراد بالمعاصي الصغائر، وبالكبائر الكبائر، أهل السنة لا يكفِّرُون مسلمًا بمجرد المعصية، أو بمجرد الكبيرة.

 

وأما الحد بين الكبيرة والصغيرة فقد ذكر العلماء فيه أقوالاً كثيرة؛ فمِنهم من أبلغها إلى عشرين أو ثلاثين قولاً، أصحها وأضبطها ما حققه شيخ الإسلام ومحققو العلماء أن الكبيرة ما جمعت وصفًا من الأوصاف السبعة:

الأول: كل ذنب رُتِّب عليه حد في الدنيا؛ كالسرقة، والقذف، والقتل.

 

الثاني: أو رُتِّب عليه وعيد في الآخرة بالنار؛ ((مَا أَسْفَلَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ))[1].

 

الثالث: أو وعيد في الآخرة باللعنة؛ ((لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ))[2] ؛ فالرِّشوة كبيرة؛ لأنه تُوُعِّد عليها باللعنة.

 

الرابع: أو تُوُعِّد عليه في الآخرة بالغضب؛ كقول الله - في المرأة الملاعَن منها - ﴿ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 9].

 

الخامس: أو تُوُعِّد بنفي الإيمان عنه؛ ((وَاللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ، وَخَابَ وَخَسِرَ))، قَالُوا: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ((الَّذِي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ)). وسيأتي حديث: ((لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ))[3] ؛ فدل على أن هذه الأفعال كبائر؛ لأنه نفى الإيمان عن صاحبه.

 

السادس: أو تُبُرِّئَ منه؛ ((مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا))[4] ، وفي لفظ: ((مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا))[5] ، وكِلا اللَّفظَين في الصحيحين، فقوله: ((مَن غش)) يشمل المؤمنَ وغير المؤمن، وقوله: ((من غشنا)) يَخصُّ المسلمين، ومن الأمثلة كذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا))[6] ، ((وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ خَطَبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، وَلا زَوْجًا عَلَى زَوْجَتِهِ)).

 

السابع: لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار. فالكبيرة ما جمعَت أحدَ هذه الأوصاف السبعة، وما دونها صغيرة.

 

والسلف يؤكِّدون في هذا الباب على قاعدة مهمة؛ أنه قد يحتفُّ بالكبيرة - من الندمِ وعظيمِ المراقبة، والقلقِ في النفس مِن مؤاخَذة الله عليها - ما يُصَيِّرُ هذه الكبيرةَ عند الله في حقِّ هذا العبد صغيرةً؛ لِمَا احتفَّ بها من هذه الأحوال، وعكسها أنه قد يحتف بالصغيرة من الاستهتار، وعدم المبالاة، وقلة الخشية ما يُصيِّر هذه الصغيرة عند الله في حق العبد كبيرةً، وهذا كثير؛ ومِن الناس مَن إذا مر عند هذه المسألة لا يشيد بها، أو لا يشير إليها، والسلف كانوا يُعنَون به جدًّا.

 

صاحب الصغيرة يسمى عاصيًا، وصاحب الكبيرة يُسمى فاسقًا، وقد يُطلق هذا على هذا عند الافتراق وعدم الاجتماع، وهذا مذهب أهل السنة.

 

وفي مُقابلِ الوعيدية طائفة وهم المرجئة، والمرجِئَةُ عدَّهم العلماء - كأبي الحسن الأشعري صاحب (المقالات في مقالات المسلمين) - اثنتي عشرة فرقة، لكن نحن نكتفي منها بأربع طوائفَ شهيرة، وهي:

الطائفة الأولى - وهي أولها ظهورًا -: الوعيديَّة، أول ما ظهر بظهور الخوارج، فقابلَتهم المرجئة في أواخر المائة الأولى، وكان أول أمر الإرجاء إرجاءَ أمر المتقاتِلين من الصحابة رضي الله عنهم في موقعتَي الجمل وصفِّين، ثم من لحقهم بأنهم يُرجون إلى الآخرة، فالله أعلم بهم، فتطور الإرجاء إلى إرجاء أصحاب الذنوب.

 

والمرجئة أربع طوائف كبار، وأشدُّهم إرجاء وغُلوًّا في الإرجاء - ويُسمون بالمرجئة الخالصة - هم الجهمية، وهذه هي المسألة الثانية التي افترق فيها الجهمية عن المعتزلة، والأصل الثاني الذي تبايَنَ فيه قولُ المعتزلة مع الجهمية: الإيمان، فالجهمية المرجئة المحضة الإيمان عندهم معرفة الله، فمن عرف الله فهو مؤمن، والكفر عندهم الجهل، فقالوا: مَن جهل بالله فهو كافر.

 

فيلزم على مذهبهم - وهذا مِن أقبح اللوازم - أن يكون فِرعونُ مؤمنًا؛ لأن فرعون يَعرف الله، قال الله في موسى أنه قال في حقه في آخر سورة الإسراء: ﴿ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ﴾ [الإسراء: 102]، وقال في آية النمل: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ [النمل: 14]، بل أقبح من هذا أنه يلزم على ذلك أن يكون إبليس على مذهب الجهمية مؤمنًا؛ لأن إبليس يعرف ربه؛ ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ﴾ [الحجر: 39]، وقال: ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ص: 82]؛ فالكافر عند الجهمية مَن جهل ربَّه، قال شيخ الإسلام: "ولا أحد أجهل بالله مِن جهم؛ فإنه نفى عن الله الأسماء والصفات، والوجود، فلم يجعل لله وجودًا إلا وجودًا مطلقًا، بشرط الإطلاق، وليس له وجود إلا في الذهن". فبالتالي يكون الجهم على مذهبه كافرًا؛ لأنه جهل ربَّه تعالى، وهذا يُسمى بقَلْب الحجة، وقَلب الدليل، وقلب الدَّعوى على المدعي.

 

الطَّائفة الثانية: الأشاعرة، والإيمان عند الأشاعرة هو التصديق فقط، وربما استدلوا بقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾ [يوسف: 17]، وليس معنى الإيمان في اللُّغة تصديقًا فقط، بل تصديقًا مع إقرار؛ ولهذا فإن معنى الآية: ما أنت - يا يعقوبُ - بمُقِرٍّ لنا على دَعوانا؛ لما جاؤوا على قميص يوسف بالدم، وزعموا أنه دمُ يوسف وأنَّه أكلَه الذئب، وهو دمُ شاة؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾، ولكن قلبك ما اطمأنَّ، وما أقرَّ لنا بهذا القول، وهذا الواقع مِن يعقوب عليه السَّلام أنه ما أقرَّ لهم؛ ﴿ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18].

 

فالإيمان عندهم هو التصديق، أما الكفر فهو التَّكذيب، وكلُّ مَن حصَر الكفر في التَّكذيب فهو قائلٌ بقول الأشاعرة؛ دَرى أو لم يَدرِ، عَلم أو لم يعلَم؛ ولهذا مَن حصَر الكفر وقال: الكفر لا يكون إلا بالتكذيب، وما هو أبلغُ مِن التكذيب كالجحود؛ فإن الجحود تكذيبٌ وزيادة، فمن حصر الكفر في التكذيب أو بالجحود فهو قائلٌ بقول الأشاعرة؛ شعَر أو لم يَشعُر، درى أو لم يدرِ.

 

وهذا وقَع فيه بعض المنتسبين للسُّنة؛ جهلاً منهم، ثم كابَروا، وعاندوا، وهم لا يدرون أنهم وقَعوا في قول الأشاعرة، ثم لما نُبِّهوا أبَوْا أن يعترفوا، فحافوا حيفة حمُر الوحش، وأتوا بالتأويلات، واللَّف والدوران، ولو أنهم أقرُّوا بخطئهم لما احتاجوا لمثل هذا كله، وهذا مستقِرٌّ عند أهل العلم، وعند طلبة العلم؛ أن هذا قول الأشاعرة الذي ردَّ عليهم فيه أهلُ السُّنة.

 

الطائفة الثالثة: الكرَّامية؛ أتباع محمد بن كرَّام السِّجستاني، ومحمد بن كرَّام توفي عام (255ﻫ)، وهو مشبِّهٌ في باب الصفات، وهو مرجئٌ في باب الإيمان، قالت الكرَّامية: إن الإيمان هو النُّطق باللسان، فمَن قال: لا إله إلا الله، فهو مؤمن وإن لم يُصلِّ، وإن لم يؤدِّ أركان الإسلام، فما دام أنه نطَق فهو مؤمن! ولهذا فأقبَح ما يَلزم على مذهبِهم من فَسادِ اللوازم أن يكون المنافقون مؤمنين، والله تعالى حكَم على المنافقين بأنهم في الدرك الأسفل من النار.

 

الطائفة الرابعة: مرجئة الفقهاء: ودخل فيهم الماتوريدية أتباع أبي منصور الماتوريدي، الذين قالوا: إنَّ الإيمان نطقٌ باللسان، واعتقادٌ بالجَنان. واختلفوا في النطق؛ هل هو ركنٌ أصلي، أو ركن زائد؟ فعِند أهل العراق أتباعِ أبي حنيفة هو ركن أصلي، وعند أبي منصور الماتوريدي وأتباعه هو ركن زائد، والفرق بينهما فرقٌ يسير، لا نُطيل الكلام عليه، فأخرَجوا العمل عن الإيمان.

 

هذه أشهَر طوائف المرجئة، وهم موجودن في زماننا وجودًا كثيرًا؛ عامة الصوفية وعامة الأشاعرة على الصنف الثاني من أصناف الإرجاء؛ ولهذا نلاحظ الإرجاءَ عندهم في أعمالهم، فإذا أُمِرُوا بالمعروف، أو نُهُوا عن المنكر قالوا: يا هؤلاء! دعونا؛ الإيمان في القلب! وهذا مِن أثر الإرجاء؛ لأن الإيمان عندهم التصديق فقط، بلا قول ولا عمل.

 

بِل الأُخُوَّةُ الإِيمَانِيَّةُ ثَابِتَةٌ مَعَ الْمَعَاصِي:

المعاصي تشمل الصَّغائر والكبائر، فمَن فعل معصية أو كبيرة وهو مؤمن، تَبقى له الأخوَّة الإيمانية، والدليل:

كَمَا قَالَ - سُبْحَانَهُ - فِي آيَةِ الْقِصَاصِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 178].

 

أَخُوه هم أولياء الدَّم، فجعل أولياء الدَّم إخوانًا للقاتل، مع أن القاتل أتى بأعظمِ الذنوب بعد الشِّرك بالله، ولنتأمَّل في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ﴾؛ أي: ماكثًا فيها مكثًا طويلاً، ولهذا لم يَقُل: أبدًا، ﴿ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]؛ خمسةُ أنواع من الوعيد، واحدةٌ منها تَكفي أن يكون ذلك كبيرة؛ ولهذا عُدَّ قتلُ المؤمن ظلمًا وعدوانًا أقبحَ ذنبٍ بعد الشرك بالله.

 

فأقبحُ ذنب بعد الشرك بالله قتل النفس المؤمنة المعصومة، وأقبح أنواع الذنوب من قتل النفس المعصومة قتل المؤمن، وأقبح أنواع قتل المؤمن أن يَقتل ذا رَحِم، وأقبح أنواع قتل ذي الرَّحم أن يقتل أبوَيه، وأعظم ذنب من قتل الأبوين قتل الأم، وهذا تدرُّج بأعظم الذنوب بعد الشرك بالله تعالى.

 

قال: "فالأخوة الإيمانية ثابتة لمن أتى هذا الذنب"؛ لأن الله تعالى قال: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 178] فعدَّ القاتل أخًا لأولياء المقتول، وقال تعالى:

وَقَالَ: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ﴾:

فعد الطائفتين من المؤمنين.

 

﴿ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ﴾:

تعدت، وظلمت، وبغت.

 

﴿ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾:

حتى ترجع فتترك عنها هذه الكبيرة.

 

﴿ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]:

أي: احكموا بالعدل. فالقاسطون هم العادلون.

 

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ [الحجرات: 10]:

جعَل الطائفةَ المقاتلة للأخرى إخوةً لها، فأبقى بينهما الأخوَّة الإيمانيَّة.

 

وَلا يَسْلِبُونَ الْفَاسِقَ الْمِلِّيَّ اسْمَ الإِيمَان بِالْكُلِّيَّةِ:

ذكَر أهل السُّنة أنهم لا يَسلبون الفاسق المليَّ اسمَ الإيمان، والفاسق المليُّ عند أهل السنة هو المؤمن الذي على الملة لكنَّه أتى ذنبًا، فسَق به فصار عاصيًا، أو فاسقًا، ولا يسلبون الفاسق المليَّ اسم الإيمان بالكلية، فصاحب الذنب عند أهل السنَّة لا يَكفُر، ولا يقال: إنه غير مؤمن. وإنما يُقال: مؤمنٌ بإيمانه، فاسقٌ بكبيرته، أو عاصٍ بمعصيته. أو قالوا: مؤمنٌ ناقص الإيمان. والنقص جاء مِن هذه الكبيرة التي أتاها، والإيمان من التوحيد الذي عنده.

 

وَلا يُخَلِّدُونَهُ فِي النَّارِ كَمَا تَقُولُ الْمُعْتَزِلَة:

أي: إنهم في الدنيا لا يسلبونه اسم الإيمان، فلا يقولون: هو غير مؤمن. إنما يقولون: مؤمن ضعيفُ الإيمان، ناقص الإيمان. مؤمن بإيمانه، فاسق بذنبه وكبيرته.

 

وفي الآخرة لا يُخلِّدونه في النار كما تقوله المعتزلة والخوارج، فالمعتزلة في الدُّنيا يَسلبونه اسمَ الإيمان، فيسمونه بالفاسق الملي على اصطلاح المعتزلة، وهو مَن كان في منزلة بين المنزلتين، والمنزلة بين المنزلتين هي أولُ بِدعِ المعتزلة، فأوَّلُ بدعة ابتدعتها المعتزلة القول: بين المنزلتين؛ وذلك أنه دخل رجل البصرة، فإذا بجامعها - وكان مخاضُ الناس وقيلُهم وقالُهم في ذلك الزمان عن أصحاب الذنوب، أما مخاضهم الآن في زماننا عن: فلانٌ حزبيٌّ أو غيرُ حزبي، مبتدعٌ أو غيرُ مبتدع، إخواني أو غير إخواني، تبليغي، أو سلَفي... هذا هو مخاض أكثرِ الناس في زماننا، مخاضهم في زمن الحسَن البصري، في أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم وأول التابعين - فلان مؤمن أو غير مؤمن، مِن جَرَّاء ما دخل من الفتن - الحسن البصري، فدخَل رجلٌ مع طلابه، فقال: صاحبُ الذَّنب يا إمام! أمؤمنٌ أم كافر؟ فتَطفَّل واصل بن عطاء، فقال: أنا أقول: إنه ليس بمؤمن، ولا بكافر - والمسؤول هو الحسن البصري، وهذا أجاب جوابًا تطفليًّا - فتطاول على شيخه، وعلى هذا السَّائل، فقال: أنا أقول لا مؤمن ولا كافر. ثم اعتزل هو وعمرُو بن عُبيد حلقةَ الحسن في جامع البصرة، فصاروا في ناحية، فسمَّاهم الناس معتزلة؛ أي: إنهم اعتزلوا حلقة إمام أهل السُّنة - إمام المسلمين في زمانه - بهذه البدعة، أنهم سمَّوه لا مؤمن ولا كافر؛ في منزلة بين المنزلتين، وهذه أول بدعهم.

 

وأيضًا الخوارج - في اسمه في الدنيا - يَسلبونه اسمَ الإيمان، فيسمون الفاسق المليَّ في منزلةٍ بين المنزلتين، أما الخوارج فسموه في الدنيا كافرًا.

 

بَلِ الْفَاسِقُ يَدْخُلُ فِي اسْمِ الإِيمَانِ الْمُطْلَقِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ﴾ [النساء: 92]:

لو أنَّ هذا صاحب الرقبة مؤمن لكنَّه يَسرق، أو يزني، أو يشرب الخمر، أو يأكل الرِّبى؛ فإنه يصح إعتاقه حتى عند هؤلاء المعتزلة، ومما يُناسب ذِكرُه أن المعتزلة أكثرهم في القرن الثالث على مذهب الإمام أبي حنيفة؛ يُمضون أن هذا مؤمن فيُعتق، خلافًا لمذهبهم في الأصول، يخالفونه في مذهبه في الفقهيات والعملية.

 

وَقَدْ لا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الإِيمَانِ الْمُطْلَقِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ [الأنفال: 2].


عندنا إيمانٌ مطلَق، وعندنا مطلقُ الإيمان، ومطلق الإيمان هو الإيمانُ العامُّ الذي يَشمل كاملَ الإيمان، وضعيفَ الإيمان، والمؤمنَ الفاسق، والمؤمنَ العاصيَ، أمَّا الإيمان المطلقُ فهو الإيمان الكامل، وقد لا يدخل صاحبُ الكبيرة عند أهل السُّنة في اسم الإيمان المطلق (الكامل)، كما في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ [الأنفال: 2]؛ فإن المؤمنين في هذه الآية هم المؤمنون إيمانًا كاملاً، أصحاب الإيمان المطلق الكامل، ولا يُدخِل أهلُ السنة صاحبَ الذنب في الإيمان الكامل؛ فقد نقَص إيمانُه بكبيرته وذنبه، ولا يُدخِلونه في الإيمان الكامل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ((لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يُسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَنْتَهِبُ نَهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ))[7]:

أي: إنَّه في هذه الكبائر يُنْفَى عنه الإيمانُ المطلق، الإيمانُ الكامل، ولا يُنفى عنه أصلُ الإيمان عند أهل السُّنة، أما عند الوعيدية فإنَّهم يَنفون عنه أصل الإيمان، أما المرجئة فيعدون هذا كامل الإيمان وإيمانه مطلق؛ لأن الإيمان عندهم لا يؤثِّر فيه الذنوب، ولا يؤثر فيه تَركُ العمل.

 

وَيَقُولُونَ: هُوَ مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الإِيمَانِ، أَوْ مُؤْمِنٌ بِإِيمَانِهِ فَاسِقٌ بِكَبِيرَتِهِ؛ فَلا يُعْطَى الاسْمَ الْمُطْلَقَ، وَلا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الاسْمِ بِكَبِيرَتِهِ:

هذا قولُ أهل السُّنة والجماعة في أنه لا يُسلب الإيمانَ الكامل، ولا يُسلب مطلقَ الإيمان؛ أي: مجرَّدَ اسم الإيمان.

 

أما أدلة أهل السنة والجماعة على أن الإيمان يَزيد وينقص فكثيرة جدًّا في القرآن والسنة، وفي الآثار السلفيَّة، وأدلة أهل السنة على إدخال العمل في الإيمان كثيرة جدًّا؛ منها قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [البقرة: 277]؛ فإنَّ عطف العمل على الإيمان مِن باب عطف البعض على الكل؛ عطف الخاصِّ على العام، وهذا يَعني مُطلَقَ الجمع، خلافًا لمن أخرج العمل عن الإيمان بأن جعل الواو للمغايرة، فالواو هنا لمطلق الجمع؛ كما قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]؛ لا شكَّ - بإجماع المسلمين - أنَّ الأمر بالمعروف والنهيَ عن المنكر مِن الإيمان بالله.

 

وقال تعالى لما حوَّل القِبلة في آخر الآيات: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 143]، والمراد بإيمانكم بالاتفاق الصلاة، فيمن صلَّوا ستةَ عشَر شهرًا إلى بيت المقدس، ثم تحولت القبلة وماتوا قبل تحوليها؛ فإن الله لا يُضيع صلاتَه؛ حيث قال - متفضلاً ممتنًّا -: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 143]، فسمى الصلاةَ إيمانًا مع أن الصلاة عمل، إلا أنه وللأسف خيض فيها في الأزمان المتأخرة، ووقف لها علماؤنا - كالشيخ ابن باز، والشيوخ أعضاء اللجنة الدائمة - موقفًا ثابتًا، فما تزحزَحوا، وأبانوا فيها غلط الغالطين، وأصدروا فيهم البيانات؛ لعلهم أن يرجعوا، فمن رجع منهم فقد أصاب، ومن كابر فإنما فضح نفسه، ودل على مخالفته مذهب أهل السنة في هذا الأصل.

 

ولكنه لما أُخِذ العلم عن غير أهله، وتُلُقِّي عن غير أصحابه أصبح مخاضُ الناس المتعالمين: هل العمل شرطُ كمال، أو شرط صحَّة؟ وهل العمل مِن الإيمان أو ليس من الإيمان؟ فلو أن هؤلاء حَفِظوا هذه العقيدة، وتلقَّوها كما تلقاها العلماء عن أشياخهم لَما طرَأ هذا الطارئُ على قلوبهم، لكن هؤلاء علومهم من الكتب ومن الصحف لا مِن ثَنيِ الرُّكَب عندَ أهل العلم، ومن كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه؛ يَفهم الشيء على غير معناه، ويظنه حقًّا وهو على غير معناه!



[1] رواه البخاري (5787)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[2] رواه أحمد (2/ 164، 190)، وأبو داود (3580)، والترمذي (1337)، من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.

[3] رواه البخاري (6016)، من حديث أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه.

[4] رواه البخاري (2475)، ومسلم (57).

[5] رواه مسلم (102)، من حديث أبي هريرة.

[6] رواه البخاري (7070، 7071)، ومسلم (98، 100)، من حديث عبدالله بن عمر، وأبي موسى.

[7] تقدم تخريجه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • مطويات
  • صوتيات
  • خطب
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة