• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
موقع الشيخ عبد الله القصيرالشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر شعار موقع الشيخ عبد الله القصير
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر / خطب منبرية


علامة باركود

فضل الرفق وحسن الخلق مع الخلق

فضل الرفق وحسن الخلق مع الخلق
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر


تاريخ الإضافة: 15/5/2013 ميلادي - 5/7/1434 هجري

الزيارات: 39635

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضل الرفق وحسن الخُلُق مع الخَلْق


الخطبة الأولى

أما بعد:

فيا أيها الناس: اتقوا الله فإن التقوى خير زينة ولباس في الدنيا، وخير زاد وأوثق سترة من النار في الأخرى. قال تعالى ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾[1]، وقال سبحانه ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾[2] وقال جل ذكره حين أنذر من النار ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ﴾[3] فلن تتزينوا لربكم، ولن تتزودوا... ولن تستمدوا يوم بعثكم ونشوركم بمثل التقوى.


عباد الله:

إن من خير خصال التقوى، ومن كريم أخلاق أولي النهى، التيسير والرفق واللطف في التعامل مع الخلق عامة، وأهل الإيمان وأولي القربى والجيران و الشركاء خاصة، تحقيقاً للتقوى، وتكميلاً للإيمان، وطلباً لكريم المثوبة والرضوان من الرحمن، الذي يجزي الإحسان بالإحسان، ودفعاً لنـزع الشيطان وحذراً من الظلم والبغي على الأقارب والإخوان فإن إثمها كبير، وشؤمها خطير، والحياة معها نكدة، والعيش بهما منغص، ومن يحرم الرفق يحرم الخير كله، ويكتال من الشقوة بالمكيال الأوفى.


عباد الله:

لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فإن الله تعالى قد بعثه للناس بل للعالمين رحمة وهدى فكان - صلى الله عليه وسلم - هيناً ليناً سمحاً كريماً رفيقاً رحيماً، ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، وقد وسع خلقه الناس سهولة ورفقا ونضحت يداه الكريمتان بالعطايا كرماً وجودا، وكان - صلى الله عليه وسلم - أبر الناس قلباً، وأطيبهم نفسا وأعظمهم كرما، وأقربهم رحما، وأوسعهم معروفاً وفضلا، وقد لازمته - صلى الله عليه وسلم - تلك الأخلاق العالية والفضائل الذاكية حتى في أشد الأوقات وأحلك الظروف ومع الأعداء، فكان - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد وقد شج وجهه وكسرت رباعيته، يمسح الدم عن وجهه ويقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون"، ويوم فتح الله عليه مكة ومكنه من أعدائه الذين أخرجوه من بلده، وآذوه في نفسه وأهله وولده، وآذوه في أتباعه ولم يراعوا فيه رحماً ولا فضلاً، فلم يعاملوهم بالمثل بل قال لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".


أيها المسلمون:

إن الرجل العظيم كلما عظم إيمانه بالكبير المتعال، وتعلق رجاؤه بذي الفضل والكرم والجلال، وخشي من شؤم الشح والبخل، واللؤم والظلم في الدنيا والآخرة، ورجى حسن عواقب الكرم والفضل والسماحة والرفق والعفو والصفح في العاجلة والآجلة، اتسع صدره، وعظم حلمه، وبادر بعفوه، وتوالى كرمه وتطلب للناس الأعذار، والتمس لهم المسوغات لأخطائهم وغلطهم عليه، وأخذهم الأرفق من حالهم فعفى عن الزلل وستر القبيح، غلب جانب حسن الظن وأخذ بالعفو والصفح عملاً بقوله تعالى ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[4].


عباد الله:

إن الله تعالى قد أعد جنات عرضها السموات والأرض للمتقين المحسنين، الذين يقهرون هوى أنفسهم ويعفون عن الجاهلين مصلحين ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾[5].


أمة الإسلام:

إن حقا على المسلمين أن يستصحبوا الرفق واللين والعفو والصفح والدفع بالتي هي أحسن في الأمر كله والتعامل فيما بينهم من غير مداهنة ولا مجاملة ومن غير غمط ولا ظلم لأن القلوب الكبيرة التي عمرها الإيمان وامتلأت من خشية الملك الديان فلم تستجيشها دوافع القسوة وسوء الظن عن التعقل والحلم فهي إلى العفو والصفح أقرب منها إلى البطش والانتقام وفي التنـزيل يقول الحق تبارك ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾[6] ويقول سبحانه ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ ﴾[7]، وفي الصحيح مما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من بيان القرآن يقول - صلى الله عليه وسلم -: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما كان العنف في شيء إلا شانه"، "وإن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، ويعطي على الرفق ما لا يعطي العنف وما لا يعطي على ما سواه".


أمة الرحمة والهدى:

إن العقل والحكمة والمعرفة بطبائع الأمور والفقه في القرآن وما أنـزل الله تعالى على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - له من بيان كل هذه المصادر العظيمة وأسس الأخلاق القويمة، وتقتضي ممن يهتدي بها أن يتقبل الميسور من أخلاق الناس والرضا بالظاهر من أحوالهم، وعدم التفتيش عن سرائرهم أو تقصي دخائلهم، كما تقتضي قبول أعذارهم والغظ عن هفواتهم، وحملهم على السلامة وحسن النية، إذا سبقت هفوة، أو حصلت زلة، فليس من الدين ولا من الخير والدب وحسن الخلق المبادرة إلى هتكها أو التعجل في كشفها، فضلاُ عن التحدث بها وإفشائها أو بناء التعامل عليها والجزاء بها وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة"، وفي الحديث الآخر قال - صلى الله عليه وسلم -: "ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة".


أيها المؤمنون:

إن المؤمن الناصح رحيم بأهله وقرابته وذويه، شفوق حنون على جيرانه ومن يليه يحب لهم الخير كما يحبه لنفسه، ويجتهد لهم في النصح كما يجتهد لنفسه، ويكره لهم الشر والأذى كما يكرهه لنفسه، ويعلم أنه مجزي بالخير خيرا، وبالشر مثله إن عاجلاً أو آجلا، فالخير قرض وإسلاف، والشر شؤم وإتلاف، والرحيم الرقيق لكل ذي قربى ومسلم أحد أضاف أهل الجنة، واللفظ الغليظ الجافي القاسي المؤذي أحد أضاف أهل النار، فعلى كل أبٍ شفيق، وأم رؤم، وعلى كل زوج رحيم أو زوجة حنون، وعلى كل راع وصاحب مسئولية، وعلى كل جارٍ، وشريك في عمل، يؤمن بالقرآن، ويحب النبي - صلى الله عيه وسلم - ويرجو الله واليوم الآخر، ويعلم أنه كما يدين يدان، أن يوفقوا بذويهم ومن تحت أيديهم، وشركائهم ومواليهم فيتعاملوا بالفضل، ويدفعوا بالحسنى، ويأمروا بما يستطاع، ويقبلوا الميسور من أخلاق الناس، فإنه على قدر الإحسان، والتجاوز عن الهفوات وإقالة العثرات، تعظم منـزلة المرء عند الخلق وترتفع درجته عند الخالق وتعظم محبته ومثوبته عند الله، ويحبه الناس وتدوم مودته في صدورهم وفي الحديث إنكم لن تسعوا الناس بأرزاقكم ولكن سعوهم بأخلاقكم.


ألا فاتقوا الله عباد الله رحمكم الله فأجلوا آبائكم ومن في منـزلتهم ويروهم واحتموا أقرانكم وإخوانكم ووقرهم وارحموا مساكينكم وضعفائكم، فأحسنوا إليهم ولا تؤذوهم ولا تشيعوا السوء ولا تشتموا بذوي البلاء واعرفوا لذي الفضل فضله واستروا على العاثر المستور عثرته فإن القلوب.



[1] (الأعراف: من الآية 26).

[2] (البقرة: من الآية 197).

[3] (الليل: 17).

[4] (النور: من الآية 22).

[5] (آل عمران: 134).

[6] (الأعراف: 199).

[7] (آل عمران: من الآية 159).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • خطب منبرية
  • مرئيات
  • كتب
  • صوتيات
  • مواد مترجمة
  • جدول الدروس
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة