• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع  الدكتور أحمد الخانيد. أحمد الخاني شعار موقع  الدكتور أحمد الخاني
شبكة الألوكة / موقع د. أحمد الخاني / في مصايف المملكة


علامة باركود

رحلة إلى أبها .. غابة عدوان

رحلة إلى أبها .. غابة عدوان
د. أحمد الخاني


تاريخ الإضافة: 18/2/2013 ميلادي - 7/4/1434 هجري

الزيارات: 12134

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رحلة إلى أبها

(غابة عدوان)


في أثناء صياغة ملحمتي بدر، اخترت أبها مصطافًا، ولما كنت بسيارتي نازلًا من أبها إلى خميس مشيط، أردت أن أتسوق من المواد الغذائية، و(السوبر ماركت) على شمال الطريق، توجهت إليه، فرأيت البائع شابًّا في مقتبل العمر بشوشًا، أحسست أن ابتسامته فطرية ريا، وليست كالابتسامة التجارية الجافة الدبلوماسية المصطنعة، لا تخالط النفس، ولا تندي الوجدان.

 

سلمت عليه، وسألته عن اسمه فقال: اسمي مشافي العسيري، وقال: مصطفى الشقفة أستاذي في اللغة العربية. قلت: هذا ابن خالتي، كان مديرًا لثانوية ابن رشد كبرى ثانويات مدينتي حماة، وكنت مدرسًا فيها، وأحب أن أراه، وسألته: ألا يوجد حولكم متنزهات؟ قال:بلى، وأشار إلى الطريق خلفه، وقال: فيها جدول ماء.

 

شكرته وأردت أن أستأذن، فقال: لا، أنت اليوم ضيفنا، وسأدعو أستاذي مصطفى، فقلت: لعلنا نلتقي قريبًا - إن شاء الله.

 

كنت وحدي، وتركت سيارتي، وسرت على أقدامي في طريق صاعدة في هضبة خفيفة الارتفاع، والطريق بصرة؛ أي: إن حجارته كلسية رخوة، وأنا في فج تحيط به الأشجار، ورأيت جدول الماء ينساب نازلًا وأنا صاعد، ومن باب التداعي تذكرت هذه الطرفة التي رواها الشاعر أحمد رامي شاعر أغنية أم كلثوم، يقول: كنا في الفيلا، أنا في الدور الأول وأم كلثوم في الدور الأرضي وهي تهم بالصعود، ولما ناداني أصحابي: هيا يا أحمد، انزِل، لقد أخَّرتنا، فقلت: كيف أنزل وروحي - أم كلثوم - طالعة؟

 

الغابة مخيفة، ومخيفة أكثر، إذا كنت وحدك، وهي رائعة، ورائعة أكثر، إذا كنت وحدك؛ لأنها تلقي إليك بكنوزها، دون أن ينازعك فيها أحد بأن يشغلك عن تجليات الجلال والجمال فيها. الانفراد في الغابة يُذيبك فيها، فتنسى نفسك، ويذيبها فيك، وتشعر أن الأشجار حرس الشرف، وقف بهيبته وجماله لاستقبالك.

 

سكون الغابة وحي ناطق لا يستجيب له إلا الزي يعزف ألحانه على قيثارته، فيأبى البلبل إلا أن يشاركه الغناء، وتأتي القماري والبلابل والعصافير، والطيور والزرازير؛ ليقيموا مهرجان عرس الغابة، لا يشاركهم في هذا المهرجان إلا الشاعر، وانفردنا أنا والغابة وحيدين:

الأيك في الغابات كالعذراء خجلى ما لها؟

إن كنت طالب ظلها أدنت إليك ظلالها

أوكنت فنانًا إذًا وهبت هوى تمثالها

 

سمعت من خلال الصمت المطبق في الغابة، أن كل شيء يسبح الله تعالى:

هذي البلابل ساءلت فننًا فرد سؤالها

هذي المياه وحسنها تهدي لنا سلسالها

منذا الذي وهب الحياة صفاءها وجمالها؟

الله أبدع خلقه وهب الحياة جلالها

 

وبعد مدة سايرت الجدول نازلاً معه، عائدًا فرحب الجدول بي وسار معي.

 

رأيت صخرة تشبهها الصخرة التي وقف عليها خليل مطران الشاعر اللبناني التي أخبرنا عنها في ديوانه:

ثاوٍ على صخر أصم وليت لي
قلبًا كهذي الصخرة الصماء

 

وأين منها صخرة لامارتين الشاعر الفرنسي! على البحيرة وقد ترجم هذه القصيدة إلى العربية أحمد حسن الزيات وصغتها شعرًا منها هذه الرباعية:

انظريني مُزِّقت أحشائيا

منذ عام فوق صخر ثاويا

صخرة كانت عليها (جوليا)

يا حبيتي، عد، أتبقى نائيا؟

 

جلست على الصخرة في الجدول، وأحطتها بالأحجار، فتشكَّلت بحيرة صناعية، وأنا أصوغ أشعاري متذكرًا وطني، فاحترقت مهجتي، فأحس بي الجدول، فارتفع ماؤه ليطفئني بلل ثيابي، نفضت رأسي، إذا بالماء يهم أن يغرقني.

 

ولما صرت إلى أصدقائي، وحدثتهم بحديثي، قال قائلهم: نحن هنا منذ عشر سنين، ولا نعرف هذه المنطقة، وأنت هنا منذ عشرة أيام، وأسمعتهم قصيدتي التي صغتها وأنا جالس على تلك الصخرة أختار منها:

الله، ما أحلى رؤى عَدوان تجري المياه بروضها الفينان

عدوان في رؤياي طرف ناعس فيكحله خلابة الألوان

لكأن طيفك فيه بعض ملامح من موطن الأحباب والخلان

 

أنسيتني نفسي، فطرت محلقًا نحو الشآم وروضه الجذلان؛ طربًا بلقيا طيف شاعره الذي أضحى جوى الإعصار والبركان

وغدوت نحو النهر أطفئ لوعتي كغدو حالي الآن في عدوان

يا شاعري، أواه، جرح قاتل لقد ابتليت بذبح الوجدان

وأفقت من حلمي إذا أنا غارق في لجة في الماء في عَدوان

أهلاً أهلاً بالزوار قلبي غنى غنى وسار

رفرف قلبي بالأنوار غابتنا فيها أسرار

فيها الظل والأنوار روحي رفرف سار وطار

• • • •
والنحلات تغنينا: نحن يا بلبل جينا

نحن يا شجره اشتقنا والأزهار تهنينا

شلال بيعزف ألحان وجدول بارد يروينا

 

المصدر: كتاب "أجمل مصايف المملكة العربية السعودية ومعالمها الدينية والتاريخية"





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • أناشيد وقصص للأطفال
  • القصة الشعرية
  • قصائد
  • ديوان لحن الجراح
  • كتب
  • ملاحم سورية
  • في مصايف المملكة
  • الأقليات المسلمة في ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة