• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور طالب بن عمر بن حيدرة الكثيريد. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري شعار موقع الدكتور طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
شبكة الألوكة / موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري / خطب منبرية


علامة باركود

يوسف عليه الصلاة والسلام من حسد إخوته إلى ملك مصر (4)

يوسف عليه الصلاة والسلام من حسد إخوته إلى ملك مصر (4)
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري


تاريخ الإضافة: 20/10/2016 ميلادي - 18/1/1438 هجري

الزيارات: 10881

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يوسف عليه الصلاة والسلام من حسد إخوته إلى ملك مصر (4)

 

الخطبة الأولى

يوسف وكيد النسوة[1]

أيها الأحبة، في خطبتنا الماضية وقفنا عند قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ ﴾: قطعت قميصه من ورائه لأن يوسف كان هو الهارب و كانت هي الطالبة، وسقط القميص في الأرض، ﴿ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ فلما رأته، بادرت بالكذب واتهمت يوسف عليه السلام، قالت: ﴿ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا ﴾؟ إنه روادني عن نفسي فدفعته عن نفسي فشققت قميصه، قال يوسف: بل ﴿ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ﴾ وفررت منها فأدركتني فشقت قميصي، فقال الشاهد، قيل: صبيًا في المهد، وقيل: رجل حكيم من أهلها: تبيان هذه الدعاوى في القميص؛ فإن كان القميص قد قدّ من الأمام فصدقت وهو من الكاذبين، وإن كان قميصه قد من الخلف فكذبت وهو من الصادقين، فأتي بالقميص فوجده قد من دبر، فعرف كذب زوجته، قال: ﴿ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾: لعظم فتنتهن واحتيالهن في التخلص من ورطتهن، والكيد - أيها الكرام - هو المكر والحيلة، لأن مكرهن لا يطاق، ويقع بخفاء مع البكاء والادعاء.

 

ثم جاء حكمه وعلاجه لهذه القضية، ما العلاج: ﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴾، أي حل هذا وقد ترك النار بجوار الحطب، إنما يدل ذلك على قلة غيرته أو انعدامها حيث لم يعاقب زوجته، ولم يفرق بينها وبين يوسف عليه السلام حتى استمرت في مراودته، وهكذا يفعل بعض الرجال اليوم للأسف، لا يغار من أبطال التلفاز، لا يغار من حديثها مع البائع، لا يغار من تسكعها في الشوارع، لكن الله يغار، والمؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه.

 

و تحدث النساء بأمر يوسف وأمر امرأة العزيز في مدينة مصر، وشاع من أمرهما: ﴿ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ ﴾ عبدها ﴿ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ﴾ يقلن: قد وصل حبها يوسف إلى شغاف قلبها أي سويداء قلبها، فدخل تحته حتى غلب على قلبها، وهذا أشد ما يكون من الحب، ﴿ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً ﴾: فيه الفرش والوسائد، وقدمت لهن طعام يقطع بالسكين، ﴿ وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا ﴾ وأمرت بتزيين يوسف عليه السلام، وكان أجمل الناس، أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن جمال يوسف فقال: " أعطي يوسف شطر الحسن"؛ أي نصف الجمال الذي خلقه الله في الخلائق كان ليوسف، ﴿ وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ ﴾: عظمنه ودهشن من منظره، وأجرين السكاكين عليهن وذهبت عقولهن، ولم يشعن بألم القطع من شدة الدهشة بجماله، ﴿ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾: فقلن: نحن نلومك على حب هذا الرجل ونحن قد قطعنا أيدينا وسالت الدماء، قالت: هذا الذي سلب لبي واذهل قلبي مثلما فعل بكن، فلا لوم علي بعد اليوم: ﴿ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ﴾، ولما رأتنه جماله الظاهر وحسنه الأخاذ، بينت لهن أيضًا جماله الباطن ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ﴾، أي استعف وامتنع مما أريده طالبا لعصمة نفسه عن ذلك، ثم توعدته إن لم يفعل ما تريده كاشفة لجلباب الحياء هاتكة لستر العفاف فقالت: ﴿ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾، فماذا يفعل يوسف عليه السلام، وقد اجتمعت نساء علية القوم عليه، وأصبحن يغرينه ويهددنه، ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33]: الحل الأول: يا رب لئن اختار السجن وعذاب الدنيا أهون عندي من لذة حاضرة تنقضي وتوجب غضبك علي وعذاب الآخرة، والثانية: يا رب إليك ألجأ وبك أعتصم فاعصمني يا الله من حبائل النساء ومكرهن، والثالثة: نظر إلى عواقب المعصية، يا رب إن صبوت لما يردن مني، أكن من الذين جهلوا حقك وخالفوا أمرك، لأن آثرت الفاني على الباقي، وارضيت الشيطان وأغضبتك يا الله، هكذا كان يوسف دائمًا – يا شباب الإسلام - كان دائمًا متصلاً بالله، في أشد المراودة، يقول: ﴿ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾، وفي أشد المكر مكر النساء، يقول: ﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾، وفي لذة الفرح بنصر الله وإحسانه، يقول: ﴿ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ﴾، ومع العز بعد الذل والظفر بعد الصبر، والتمكين في الأرض: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾.

 

فما الذي كان ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يوسف: 34]، واشتهر الخبر وصار الناس فيه بين لائم وعاذر وقادح، ﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ ﴾: آيات براءة يوسف وعفته، ﴿ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ﴾: لينقطع بذلك الخبر ويتناساه الناس، فإن الشيء إذا شاع لم يزل يذكر كلما وجدت أسبابه، فإذا عدمت أسبابه تناساه الناس.

 

سجن يوسف عليه السلام بلا مناقشة ولا محاكمة ولم يستطع أن يدلي بأقواله ولا أن يدافع عن نفسه ولا جعلوا له محاميا، ولابد من سجن يوسف حتى يتوهم المجتمع أن امرأة العزيز بريئة وأن يوسف هو المذنب، ويمكث في السجن سنين طويلة، قال سعيد بن جبير: إلى سبع سنين، فما أعظم صبر الأنبياء!

 

فكيف قضى يوسف هذه المدة مسجونًا؟ وماذا كان يصنع في السجن؟ نواصل حديثنا خطبتنا الثانية، قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم..

 

الخطبة الثانية

يوسف في السجن

أيها الإخوة الأفاضل: لم يستسلم يوسف في السجن للشكوك والوساوس، ولم يجلس ليبكي على أقدار الله، بل قام خير قيام بهمته التي لن يتوقف عنها حتى في غياهب السجون، قام يدعو السجناء إلى الله، ويعلمهم شرع الله، كان يعود مريضهم ويعزي حزينهم وإذا احتاج منهم إنسان جمع له من المال، كان يعبد الله كثيرًا؛ حتى تأثر من حوله، ﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾: وهنا كانت الفرصة مواتية لما بدت حاجتهما إليه وإقبالهما عليه، صارت الفرصة مناسبة لكي يدعوهما إلى الإيمان، وجاءت دعوته لهما على خطوات: الأولى: ﴿ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ﴾: اطمئنا فأول ما يجيء إليكما غداؤكما أو عشاؤكما نبأتكما بتأويل هذه الرؤيا، فعلق قلوبهم سيأتي الجواب، ستعلمون بعد قليل ما معنى هذه الرؤى، لمن عندي الآن لكن عندي الآن لكما أمرًا مهمًا، وهذا هو معلم الناس الخير، يرغبهم في سماعه ويشوقهم له، ثم يبدأ معهم بالأهم فالأهم، فهدايتهم للإيمان أهم من تعبير الرؤيا لهم.

 

وثاني الخطوات: دعوتهما بلسان الحال: ﴿ ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ﴾: هذا الخير والإحسان الذي رأيتموه مني سببه: ﴿ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾، ﴿ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾: وصف نفسه حتى يعرف فيأخذ منه، هكذا حالي وحال كل من سلك طريق الهدى واتبع طريق المرسلين وأعرض عن طريق الضالين؛ فإن الله يهدي قلبه ويعلمه ما لم يكن يعلم ويجعله إماما يقتدى به في الخير وداعيا إلى سبيل الرشاد، ﴿ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا ﴾ أن جعلنا أنبياء ﴿ وَعَلَى النَّاسِ ﴾: أن بعثنا إليهم رسلا، ثم انتقل يدعوهما بلسان المقال، ويبين فساد الشرك ويبرهن عليه، وبين حقيقة التوحيد ويبرهن عليه: ﴿ يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾، هل الأرباب المتفرقون في ذواتهم المختلفون في صفاتهم المتنافون في عددهم خير لكما يا صاحبي السجن أم الله المعبود بحق المتفرد في ذاته وصفاته الذي لا ضد له ولا ند ولا شريك، القهار الذي لا يغالبه مغالب ولا يعانده معاند؟ أورد يوسف عليه السلام على صاحبي السجن هذه الحجة القاهرة على طريق الاستفهام لأنهما كانا ممن يعبد الأصنام؟ ثم انتقل بعد ثنائه على ربه؛ ليبين لهما زيف ما يعبدون: ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ﴾: آلهة سميتموها بأسماء الآلهة، وهي لا شيء، ولا فيها من صفات الألوهية شيء، صماء بكماء ما أنزل الله على صحة عبادتها من دليل، ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ فالحكم لله العدل يقضي بالعدل ويفصل بالحق، أمر أن تعبدوه فتوحدوه، وأن تطيعوه فتخضعوا له، ﴿ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾، هذا الدين هو الدين القويم الذي لا اعوجاج فيه والحق الذي لا شك فيه.

 

بين لهم أولا رجحان التوحيد على اتخاذ الآلهة، ثم برهن على أن ما يعبدونه لا يستحق الالهية، ثم نص على ما هو الحق القويم والدين المستقيم الذي لا يقتضي العقل غيره ولا يرتضي العلم دونه، وهكذا فلتكن دعوتنا للآخرين، لنحمل هذا النور لملايين البشر الغارقين في ظلمة الإلحاد والشرك، لندعو في مقار أعمالنا، وفي تجمعاتنا السياحية، وعلى صفحات الانترنت؛ لندع حيثما كنا، حتى لو كنا في بطون السجن؛ فهذه هي طريقة الأنبياء.

 

وإليكم الآن تأويل الرؤيا: ﴿ يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ﴾: أما الأول فيفرج عنه من السجن ويصبح ساقيًا للخمر عند الملك، ﴿ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ﴾: وأما الآخر فيحكم عليه بالإعدام، والخبر الذي تأكل منه الطير هو لحم رأسه وشحمه، سيقتل ولن يقبر بل سيصلب حتى تتمكن الطير من أكله، ﴿ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴾: فبدأ حياتك بالتوحيد، وأنت اختم حياتك بالتوحيد.

 

وهنا قال كلمة: ﴿ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ يقول: اذكرني عند سيدك وأخبره بمظلمتي وأني محبوس بغير جرم، ﴿ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ﴾: وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن غفلة عرضت ليوسف من قبل الشيطان نسي لها ذكر ربه الذي لو به استغاث لأسرع سبحانه بما هو فيه خلاصه، ولكنه نسي فطال من أجلها في السجن حبسه، عن أنس رضي الله عنه: أوحي إلى يوسف: من استنقذك من القتل حين هم إخوتك أن يقتلوك؟ قال: أنت يا رب، قال: فمن استنقذك من الجب إذ ألقوك فيه؟ قال: أنت يا رب، قال: فمن استنقذك من المرأة إذ همت بك؟ قال: أنت يا رب، قال: فما لك نسيتني وذكرت آدميًا؟ قال: جزعًا، وكلمة تكلم بها لساني، قال: فوعزتي لأخلدنك في السجن بضع سنين؛ فلبث فيه سبع سنين، وفي الحديث الصحيح عن ابن عباس يقول نبينا صلى الله عليه وسلم:" ولولا الكلمة لما لبث في السجن حيث يبتغي الفرج من عند غير الله عز وجل"، روه الطبراني وغيره، يا الله لطفك من أجل كلمة، قال يعقوب كلمة: ﴿ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ﴾، فعاتبه الله وفرق بينه وبين يوسف أربعين سنة، وقال يوسف كلمة للسجين: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾، فعاتبه الله في السجن بضع سنين، كان الحسن البصري رحمه الله، إذ قرأ هذا الموقف يبكي ويقول: ونحن إذا نزل بنا أمر فزعنا إلى الناس!! فاتق الله وصل أمرك بربك وخالقك سبحانه، والاستعانة بمن يقدر جائزة، والتسليم الأمر كله لله مقام الأنبياء عليهم السلام.

 

فكيف خرج يوسف بعد هذه السنوات من السجن؟ وما هي رؤيا الملك، وكيف عبرها يوسف؟ وماذا قالت امرأة العزيز في مجلس المحاكمة؟ ما أجمل طعم الخروج من السجن، لكن يوسف عليه السلام لم يرض أن يخرج من السجن إلا بشرط! فماذا عساه أن يكون؟ نواصل معكم هذه السلسلة العطرة في جمعة قادمة إن شاء الله.



[1]. بتاريخ 25 ربيع أول 1428هـ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • خطب منبرية
  • كتب
  • الأبحاث والدراسات
  • الشروحات العلمية
  • ردود وتعقيبات
  • محاضرات مفرغة
  • منظومات
  • فقه منتجات العمل ...
  • التفسير التربوي ...
  • أبحاث في فقه ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة