• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور وليد إبراهيم قصّابد. وليد قصاب شعار موقع الدكتور وليد إبراهيم قصّاب
شبكة الألوكة / موقع الدكتور وليد قصاب / مقالات


علامة باركود

سلطة النص وموت المؤلف

سلطة النص وموت المؤلف
د. وليد قصاب


تاريخ الإضافة: 9/1/2016 ميلادي - 28/3/1437 هجري

الزيارات: 18955

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلطة النص وموت المؤلف


أدَّى إفراط بعض المناهج النقديَّة الحديثة في الاعتماد على السِّياق الخارجي - من مؤلِّف وتاريخٍ ومجتمع وغير ذلك - إلى ثورة مضادَّة على هذه الأشياء.

 

يقول ديتش: "أدَّت الثورة ضد المجمل الأدبيِّ - مع استعماله للتاريخ والسيرة استعمالًا غير محدَّد - إلى ثورةٍ من نَحو ما على التاريخ والسيرة، أو قل: أدَّت إلى القول بأنَّ هذين أَدَاتان لا حاجة للنَّاقِد بهما؛ فالمهمَّة الأولى للنَّاقد هي أن يصِف الآثار الأدبيَّة بدقَّة مستقصية، وأن يجد قِيمتها على أساس من ذلك الوصف، فتركز الاهتمام على تحليل الأثَر الأدبيِّ معزولًا عن أيَّة قرينة، بدلًا من الإجمال التاريخيِّ لعصرٍ من العصور"[1].

 

ومن ثَمَّ اتَّجه تأويل النصِّ على أيدي الاتِّجاهات الشكليَّة عامة، والبنيويَّةِ خاصة، إلى الانتقاص من أهميَّة المؤلِّف والتاريخ، والسِّيرة والمجتمع، وكلِّ شيء خارج النصِّ ولغته، وأدَّى ذلك إلى قَطع صِلَة المؤلِّف - بشكلٍ تدريجيٍّ - مع نصِّه الذي أَبدعه، ثمَّ آلَ الأمرُ في تطرُّف البنيويِّين وغيرهم إلى المناداةِ بـما سمَّوه: "موت المؤلف"، وموت الإنسان.

 

وصار يتُحدَّث عن "أدبيَّةٍ بلا مؤلِّف، وشعرٍ بلا شعراء"، واقترحَت الشكلانيَّةُ الروسية - مجموعة الأبوياز -: "أنه لا وجود لشعراء أو شخصيَّات أدبيَّة؛ هناك شعر وأدَب"[2].

 

وربما نُظِر إليه في أحسن الأحوال لا كـ "صاحب رؤًى أو عبقريٍّ، بل كعاملٍ ماهر يرتِّب، أو بالأحرى يعيد تَرتيب المادَّة التي تَصادف وجودها في متناوله"[3].

 

لم تَعد سِيرة المؤلِّف إذًا، ولا بيئتُه، ولا عصره، ولا ثقافته - ممَّا يعني شيئًا بالنِّسبة لمفسِّر النَّص؛ إنَّه معزولٌ عن ذلك كله، نظر إلى النصِّ على أنَّه:

أ‌- نصٌّ مُغلق؛ أي: منطوٍ على ذاته، غيرُ مُنفتح على شيءٍ خارجه؛ تاريخًا، أو اجتماعًا، أو سياسة، أو غير ذلك من ملابسات.

فذلك كله لا يقدِّم شيئًا للنصِّ، ولا يُعين على فهمه أو تأويلِه؛ إذ هو غير مُنفتح على شيء منها، ولا متفاعِل معها؛ إنَّه مكتفٍ بذاته، كلُّ الصيد في جوف الفرا؛ "كلُّ الصيد في جوف النصِّ".

 

ب‌- النصُّ قائمٌ على نظامٍ من الانضباط والانسِجام والاكتفاء، يمثل ذلك بنيته التي لا بدَّ من وجودها فيه، وهي بِنية تتميَّز بأنَّها كلِّية، تعمل بشكلٍ ذاتي، قابِلة لأن يُستبدل بها عناصر مشابهة.

 

ت‌- إنَّ النصَّ - وبسبب هذه المواصَفات التي يتمتَّع بها - مستقلٌّ، ذو قِيمة ذاتيَّة تَنبع من داخِله، وتَبدو قيمته في هذه الاستقلاليَّة، في هذا التحرُّر من التبعيَّة لأي عنصرٍ خارجي.

 

ولذلك يُستبعد في توجيه النصِّ السياق الخارجي، المتمثل في: المؤلِّف، والمتلقِّي، والمناسبة، وغير ذلك ممَّا هو من خارج النصِّ، ويُعتمد فقط على السِّياق الداخلي؛ أي: على التشكيل اللُّغوي للنص؛ صوتًا، ولفظًا، وجملة، وتركيبًا، وإيقاعًا، وغير ذلك.

 

ومن الواضح أنَّ مثل هذا المنهج لا يهتمُّ بما يقوله النصُّ، ولا بالقِيَم التي يعبِّر عنها، ولا يأْرَب أن تكون له أيُّ وظيفة اجتماعيَّة، أو سياسية، أو خلقية، أو غيرها، فذلك كله لا أهميَّة له، بل الأهمية كلُّها في الشَّكل؛ اللُّغة وحدها هي التي تتحدَّث.

 

في هذا النَّقد الشكلي انفكَّ الأدَب عن أن يكون خِبرة أو صورةً للواقع، وبذلك يَنطوي الأدب على نفسه، ويصبح مجرَّد إنجاز لغويٍّ، تَكمن قيمتُه - عند المبدِع والمؤلف معًا - في لغته فحَسب، فُصِل الأدب عن العالم، وارتمى في حضن اللُّغة، أو قل: حُبِس في سجنها، وسادَت عبارة مالَرْميه: "ليس بالأفكار نصنع أبياتًا، بل بالكلمات".

 

وألحَّ ناقد كفراي على أنَّ "الأدب بِنية لغويَّة مستقلَّة ذاتيًّا، مُنقطعة تمامًا عن أيَّة مرجعيَّة تتعدَّاه، وميدانًا كتيمًا ومنطويًا على نفسه، يَحتوي الحياة والواقع في نِظام من العلاقات اللغوية"[4].

 

وراح يجري التأكيد على رَفض ما كان شائعًا من أنَّ "اللُّغة تابعة لفِكرة أو مقصد أو مَدلولٍ ما قائم خارجها؛ اللُّغة هي الأصل"[5].

 

ومن الواضح أنَّنا في هذه المناهج الحداثية الجديدة ذات التوجُّه الشكلاني أمام تطرُّفٍ آخر، وأمام أحاديَّة أخرى في التعامل مع النَّصِّ الأدبيِّ، فإذا كانت مناهج السِّياق الخارجيِّ قد تعصَّبَت لسلطة معيَّنة في المقاربة النَّقديَّة للنصوص - فها نحن أُولاء أمام أحاديَّة أخرى تتمثَّل في إهمال كل ما كان يتحدَّث عنه أصحابُ المناهج السابقة.

 

نحن هنا أمام النَّصِّ وحده، مقطوعًا عن كلِّ خارج، وكأنَّه قد نبتَ من الفراغ، أو وُجد من غير مؤلِّف، ولا تاريخ، ولا ثَقافة، ولا مرجعيَّة من أيِّ نوع سوى اللُّغة وحدها؛ فهي كلُّ شيء، هي التي تتحدَّث، ولا يَنبغي أن يُصغَى إلى شيء غيرها.

 

إنَّ البنيويَّة - أبرز تيارات هذا الاتجاه - فِكرٌ مادِّيٌّ محض، تعاملَت مع الأدب تعاملًا ماديًّا صرفًا؛ فعدَّته واقعةً حسيَّة كتيمة، لا يعكس شيئًا خارجه؛ ولذلك عدَّها تيري إيغلتون ظاهرة "لا إنسانيَّة"، فهي عدوٌّ للتاريخ، وعلمِ النَّفس، وعلمِ الاجتماع، وغيرها من العلوم الإنسانيَّة..[6].

 

البنيوية رفْضٌ للذَّات، وهروب منها، والكتَّاب لا يَكتبون للتعبير عن ذواتهم، أو قضايا مجتمعهم، وإنَّما الكاتب مركَّب لكتابات موجودة بالفعل، ومن قبلُ.



[1] مناهج النقد الأدبيّ، ديفيد ديتش، ترجمة محمد يوسف نجم: ص500

[2] النظرية الأدبية الحديثة، آن جفرسون وديفيد روبي، ترجمة سمير مسعود: ص47

[3] السابق : ص48

[4] نظرية الأدب، تيري إيغلتون:، ترجمة ثائر ديب: ص162

[5] النظرية الأدبية الحديثة: ص195

[6] السابق: ص193- 195





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- تعليق
د. محمود - الجزائر 10-01-2016 10:43 AM

مقال واضح متميّز. يقدّم الرؤية الفكرية المتوازنة عن هذا القضية النقدية. شكرا لكاتبه الدكتور القصاب ذي القلم المعروف.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • قصص قصيرة
  • قصائد
  • كتابات نقدية
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة