• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور وليد إبراهيم قصّابد. وليد قصاب شعار موقع الدكتور وليد إبراهيم قصّاب
شبكة الألوكة / موقع الدكتور وليد قصاب / مقالات


علامة باركود

الحداثة وتسليع القيم الروحية

الحداثة وتسليع القيم الروحية
د. وليد قصاب


تاريخ الإضافة: 23/4/2014 ميلادي - 22/6/1435 هجري

الزيارات: 14130

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحداثة وتسليع[1] القيم الروحية


قُدمت الحداثةُ في الغرب على أنها مشروعٌ فكري فلسفي، يهدف إلى التغيير الجذري الشامل في فكر القرون الوسطى، التغيير في البناء الاجتماعي، والسياسي، والديني، والاقتصادي، والثقافي، وغير ذلك من أنشطة الحياة المختلفة.

 

قامت على أنها تجاوز لجميع الثوابت، بما في ذلك الثوابت الدينية والعقدية والروحية، وراح المجتمع الغربي الحديث يتشكَّل - منذ القرن الخامس عشر الميلادي - على أسس فلسفية وفكرية، كان من أبرزها ما عُرِف بـ"الإنساناوية" Humanism"، والعقلانية، والوضعية، والمادية، والعلمانية، وغير ذلك[2].

 

وقد تولَّد ذلك عن التطور العلمي والتكنولوجي الذي تحقَّق في الغرب؛ إذ اغترَّ الإنسان من يومذاك بإنجازاته العلمية الهائلة، فبدأ يبتعد عن الله، وعن القيم الروحية والخُلقية، ومضى هذا الغرور الإنساني في المجتمع الغربي الحديث يأخذ مساراتٍ مختلفة، تمثَّلت في:

1- إنكار وجود الله بسبب الفلسفة المادية التي لا تُؤمِن إلا بما يُرى، وراح "نيتشه" الألماني- أحد كبار فلاسفة الحداثة - يُعلِن - والعياذ بالله - فلسفته عن موت الإله.

 

2- إبعاد الله والأديان عن مجالات الحياة المختلفة، وحصر دورِهما في دُور العبادة، فلا عَلاقة للدين بأي نشاطٍ من أنشطة الحياة، لا الأدب، ولا الفن، ولا الاجتماع، ولا الاقتصاد، ولا غير ذلك من أنشطة الحياة المختلفة.

 

3- تحول الإنسان من مُستقبِلٍ لتشريع الله وأحكامه، ومُطبِّقٍ لها، إلى واضعٍ لهذه التشريعات؛ أي: حلَّت التشريعات الوضعية محل التشريعات الدينية؛ أي تحوَّل الإنسان إلى مُشرِّعٍ، وانتقل عندهم مركز الكون من الله إلى الإنسان.

 

إن العلمانية - التي هي مُكوِّن أساس من مكونات الحداثة الغربية - ترى أن المجتمع كلما تطور قلَّ احتياجه إلى الدين، وإلى اللاهوتية، بل أصبحا عند طائفةٍ ضارَّين بالعلم وبالعقل اللَّذينِ ينبغي أن يتحرَّرا من الغيببيات، وألا يعتمدا إلا على المُعاين المحسوس وحدَه.

 

ولأن هذا العلم أبعد الإنسان - الذي اغترَّ بما أنجزه - عن قيمِه الدينية والروحية والخلقية، فقد انقلب هذا العلم عليه، صار آلة فتكٍ ودمارٍ، وتخريبٍ واستبداد، وصارت الحياة غابةً مثل غابات الحيوانات، يأكل القوي فيها الضعيف، ويستعبد الكبير الصغير.

 

أوضح الروائي الإنكليزي س.ب. سنو في روايته التي نشرت سنة "1954م"، وعنوانها: "الرجال الجدد: The new men”"، "بصراحة لا تعرف الرحمة، كيف أن بدايات الثورة التكنولوجية عقب الحرب العالمية الثانية كشفت للمثقفين الغربيين الحقيقة التي لا يرقى إليها شكٌّ، وهي أن إنجازات الفكر والإبداع الإنساني تحوَّلت حتمًا ضد الإنسان ذاته في المجتمع الرأسمالي، وارتبطت أولُ مرحلةٍ للثورة التكنولوجية بظهورِ القنبلة الذرية، وتطبيق الاكتشافات العلمية الجديدة لخدمة الاحتياجات العسكرية.

 

وتناول "سنو" في الرواية المذكورة عنفَ محنة الضمير على بعض العلماء الإنكليز، الذين شاركوا في تطوير القنبلة الذرية التي خبروها عندما عُرِفت نتائج إسقاط القنابل على هيروشيما"[3].

 

ولم تعد العَلاقات البشرية - في ظل مفاهيم الحداثة هذه - قائمةً إلا على المصلحة المادية المحضة، صار كل شيءٍ ذرائعيًّا، خاضعًا لمقياس (مكيافيللي) الشهير: (الغاية تُبرِّر الوسيلة).

 

تسلَّعت القيم، وخضعت لروح السوق والاستهلاك.

 

يقول الفَرَنسي "مارشال بيرمان" عمَّا سماه "الحداثة وتحولات القيم":

"حين يقول ماركس: إن سائر القيم تحوَّلت إلى مجرد قيمة تبادلية، إنما يعني أن المجتمع البرجوازي لا يمحو بِنًى قيميَّة قديمة من الوجود، بل يُصنِّفها، إن الأنماط القديمة من الشرف والكرامة لا تموت، بل يجري إدماجها بالسوق، وتحمل لصاقاتٍ عليها أسعارها، كما تكتسب حياة جديدة بوصفها سلعًا، وهكذا فإن أي نمطٍ يمكن تخيُّله من السلوك الإنساني يغدو مسموحًا به أخلاقيًّا لحظة صيرورته ممكنًا اقتصاديًّا، لحظة صيرورته ثمينًا، فكل ما هو مربح مجاز، ذلك هو المحور الذي تدور حوله النزعة العدمية الحديثة"[4].

 

إن علمًا بلا دينٍ أو قيمٍ روحيةٍ وخلقية، هو الخراب عينه، خراب للنفس والإنسانية، بل خرابٌ للبشرية كلها، ونحن نرى اليوم ما يفعله التقدم العلمي - في المجتمع الغربي الحديث الذي يُغيِّب هذه القيم - من تدميرٍ وإحراقٍ، ومن فتكٍ وظلم، ومن نشرٍ للأوبئة، وتلويثٍ للبيئة، وتدمير للحياة الإنسانية.

 

لقد وقف العلم - في مجتمع الحداثة الغربية - عند الظاهر المحسوس فقط، عندما تبرهن عليه التجربة المخبرية، عند عالِم الشهادة، عند ظواهر الأشياء، عند قشرتِها الخارجية، ولم ينفذ إلى الأعماق، إلى عالم الغيب، إلى ما وراء المحسوس الظاهر.

 

إنه غرور إنسان الحداثة وما بعدها، الذي حَسِب أنه أصبح سيِّد كلِّ شيء، ويعرِفُ كل شيء، ونسِي قوله تعالى في خطاب العلماء: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]، ونسي أن علمَه - إلى علم الله - لا يعدل قطرةً تؤخذ من بحرٍ، على نحو ما قال الخَضِر لموسى عليه السلام عندما هبط طائرٌ فرشف قطرةً من البحر: (إن علمي وعلمك - إلى علم الله - كهذه القطرة التي أخذها هذا الطائر من البحر).



[1] أي: جعل القيم سلعة.

[2] انظر كتاب: "الأسس البنيوية لفكر الحداثة الغربية".

[3] الثورة التكنولوجية والأدب، لفالنتينا إيفاشيفا، ترجمة عبدالحميد سليم: ص11.

[4] انظر: "حداثة التخلف" لمارشال بيرمان، ترجمة فاضل حتكر: ص101.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- رائع
محمد كمال خليقة - الجزائر 14-02-2017 10:33 PM

بارك الله فيك دكتور وليد ونفع بكم

1- شكرا
مصطفى - الجزائر 03-06-2014 07:26 PM

شكرا إنها حقا خلاصة واضحة عما صار إليه الإنسان حاليا........ بارك الله فيك يا دكتور وليد

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • قصص قصيرة
  • قصائد
  • كتابات نقدية
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة