• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  محمد الدبلد. محمد بن سعد الدبل شعار موقع  محمد الدبل
شبكة الألوكة / موقع د. محمد الدبل / مقالات


علامة باركود

نسق الفواصل في سورة الرعد (1)

د. محمد بن سعد الدبل


تاريخ الإضافة: 18/12/2013 ميلادي - 14/2/1435 هجري

الزيارات: 14815

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نسق الفواصل في سورة الرعد (1)


قبل أن نستوضح نسق الفواصل في هذه السورة، ونتبين أكثر الحروف التي بنيت عليها هذه الفواصل، وخصائص هذه الحروف - يحسُن أن نشير إلى مفهوم الفاصلة القرآنية، وقيمتها اللفظية والتركيبية والمعنوية.

•    •    •


ليس هناك عالم من علماء الأدب، أو ناقد من نقاده إلا وقف عند أجراس الحروف التي تنتهي به الجمل والتراكيب، فإن هذه الأجراس والأصوات إذا اتفقت طربت لها الآذان، ووجدت طريقها إلى القلوب.

 

وسموا هذه الظاهرة "بالسجع"، وشاعت هذه التسمية عند جمهور العلماء من قديم الزمان إلى اليوم، ولعل من أقدم علماء الأدب الذين قيدوا هذه الظاهرة في الكلام المنثور - أبا عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255هـ)، الذي أطال في سرد كثير من النصوص المسجوعة مما أُثِر عن أمراء البيان، ونقل كثيرًا من الخطب والمواعظ الزاجرة التي تزخر بالسجع الرائق الجميل غير المتكلف، وليس يسمح المجال لذكرها خشية الإطالة والاستطراد، ويمكن لأي باحث الرجوع إلى ذلك في كتب الجاحظ، ولا مانع أن نسوق شاهدًا واحدًا لندل على ما ذكرنا، فقد ذكر الجاحظ كلمات كان يخطب بها "سليمان بن عبدالملك"، ومنها قوله: "اتَّخِذوا كتاب الله إمامًا، وارضَوْا به حكمًا، واجعلوه قائدًا؛ فإنه ناسخ لما قبله، ولم ينسخه كتاب بعده"، إلى غير ذلك من الأمثلة التي بلغت الذروة في البيان، كنقل الجاحظ خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع[1]".

 

ومن أمثلة الجاحظ على السجع كثيرًا ما يختلط السجع بالازدواج، وهو توافق الفاصلتين في الوزن.

 

وتتابع بعد الجاحظ كثيرٌ من العلماء الذين حاولوا تحديد مفهوم كلمة السجع، وضربوا لها أمثلة كثيرة من القرآن الكريم، وغيره من الكلام البليغ؛ فقد تحدث عنها: أبو الحسن علي بن عيسى الرماني (ت386هـ) في رسالته: "النكت في إعجاز القرآن" تحت عنوان: "باب الفواصل"، وذكر: أن الفواصل "حروف متشاكلة في المقاطع، توجب حسن إفهام المعاني، والفواصل بلاغة، والأسجاع عجيب؛ وذلك أن الفواصل تابعة للمعاني، وأما الأسجاع فالمعاني تابعة لها، وفواصل القرآن كلها بلاغة وحكمة؛ لأنها طريق إلى إفهام المعاني التي يحتاج إليها في أحسن صورة يدل بها عليها، وإنما أخذ السجع في الكلام من سجع الحمامة، وذلك أنه ليس فيه إلا الأصوات المتشاكلة، كما ليس في سجع الحمامة إلا الأصوات المتشاكلة؛ إذ كان المعنى لَمَّا تُكُلِّف من غير وجه الحاجة إليه والفائدة فيه لم يُعتَدَّ به، فصار بمنزلة ما ليس فيه إلا الأصوات المتشاكلة.. والفائدة في الفواصل دلالتها على المقاطع، وتحسينها الكلام بالمتشاكل، وإبداؤها في الآي بالنظائر[2]".

 

وتحدَّث عن السجع والفاصلة القرآنية: بدر الدين الزركشي (ت 794هـ) في كتابه: "البرهان في علوم القرآن"، وفصَّل القول في الفواصل، ورؤوس الآي، ونقل ما فرَّق به الإمام "أبو عمرو الداني" بين الفواصل ورؤوس الآي: من أن الفاصلة هي الكلام المنفصل مما بعده، والكلام المنفصل قد يكون رأس آية فاصلة، وغير رأس، وكذلك الفواصل يكُنَّ رؤوس آي وغيرها، وكل رأس آية فاصلة، وليس كل فاصلة رأس آية، فالفاصلة تعم النوعين، وتجمع الضربين.

 

ويشير الزركشي إلى أن الفاصلة القرآنية تقع عند الاستراحة في الخطاب لتحسين الكلام بها، وهي الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام، وتسمى فواصل؛ لأنه ينفصل عندها الكلامان؛ وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها، ولم يسموها أسجاعًا، فأما مناسبة فواصل، فلقوله - تعالى -: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ﴾ [فصلت: 3]، وأما تجنب الأسجاع، فلأن أصله مِن: سَجَعَ الطير، فشرِّف القرآن الكريم أن يستعار لشيء فيه لفظ هو أصل في صوت طائر[3]".

 

وكلمة السجع عند العلماء: مأخوذة من سجع الحمامة: إذا رددت صوتها، وعن سجع الحمام نقلوا هذه اللفظة إلى الكلام المنثور المقفَّى، إذا والى المتكلم الكلام على روي؛ أي: إن السجع في الكلام المنثور مثل الروي، وعرفه بعضهم بأنه: "تواطؤ الفاصلتين من النثر على حرف واحد في الآخر، أو هو نفس الفاصلة الموافقة الأخرى، والسجع في أصله هو هدير الحمام، ثم نقل لهذا المعنى، فلا يصرح بوجوده في القرآن، لا لعدم وجوده في نفس الأمر، بل لرعاية الأدب ولتعظيم القرآن، وتنزيهه عن التصريح بما أصله في الحمام، ولكونه من نغمات الكهنة في كثرة أصل إطلاقه، ولا يقال في قرائن القرآن الكريم: أسجاع، بل فواصل[4]"، ويصرح الباقلاني (ت403هـ) بنفي السجع من القرآن الكريم، ويسميه فواصل؛ إذ يقول: "كيف والسجع مما كان يألفه الكهان من العرب، ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجةً في نفي الشعر؛ لأن الكهانة تنافي النبوات، وليس كذلك الشعر، وقد علمنا أن بعض ما يَدْعونه سجعًا متقارب الفواصل، متداني المقاطع، وبعضها مما يمتد حتى يتضاعف طوله عليه، وترد الفاصلة على ذلك الوزن الأول بعد كلام كثير، في السجع غير مرضي ولا محمود[5]"، من خلال ما مر ذكره نرى أن بعض العلماء: أراد أن يفرق بين القرآن وغيره، فاحتفظ بكلمة السجع لغير القرآن، وخص ما يكون منه في القرآن باسم الفواصل.

 

والحقيقة أنه لا يروقنا هذا التفريق في المصطلح إذا اتحد المفهوم؛ فإن حجة الذين فرقوا في التسمية، فخصوا ما في القرآن باسم الفواصل، وما في غيره باسم السجع - حجةٌ واهية، وهي قولهم: "إن السجع موصوف بالتكلف؛ لأنه من صنع البشر".

 

وحاشا أن يكون شيء من هذا التكلف في كتاب الله عز وجل، ولا نرى رأيهم؛ لأن المفهوم إذا اتحد وجب أن يتحد المصطلح، أما قولهم: إن السجع فيه تكلف، فإن كثيرًا من السجع لا نرى فيه أثرًا لهذا العيب، وفي حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرٌ من الكلام المسجوع الجميل الرائق، وحاشا أن يكون رسول - صلى الله عليه وسلم - من المتكلفين؛ ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴾ [ص: 86]، وكذلك ورد في المأثور من كلام كثير من أهل اللسن والبيان من السجع ما هو رائق مطبوع، لا يلحظ فيه شيء من التكلف الذي يشير إليه هؤلاء العلماء، وقد سبقت الإشارة إلى شيء من ذلك أثناء الحديث عما ذكره الجاحظ عن "السجع"، وليس معنى هذا أننا ننكر أن في السجع ما هو متكلَّف مصنوع، ولكن ذلك يختلف من أديب إلى أديب، ومن خطيب إلى خطيب، ومن كاتب إلى كاتب، بحسب تمكن كل واحد من هؤلاء من فنه الأدبي، والذي كان ينبغي أن يقال - حتى لا يكون هذا التفريق المصطنع -: أن يلجأ أولئك الذين فصلوا بينهما إلى الموازنة بين سجع القرآن وسجع غيره من ضروب الكلام، ومن حقهم بعد ذلك أن يفاضلوا بين الضربين، وأن يحكموا بعد الدراسة الواعية والتذوق السليم بجودة سجع القرآن وتفوُّقه على سجع البشر.

 

على أن من العلماء مَن ساوى بين الأسجاع والفواصل في المفهوم، فأطلقوا لفظ الفاصلة على كل موضع فيه سجعة، وأطلقوا لفظ السجع على ما قد يقال: إنه فاصلة، وفهم صاحب القاموس الذي يقول: "إن السجع هو الكلام المقفى، أو موالاة الكلام على رَوي، والجمع سجاع، كالأُسجوعة بالضم، وجمعها: أساجيع، وكمَنَع: نطق بكلام له فواصل[6].



[1] انظر البيان والتبين، للجاحظ ص 201، وما بعدها، ط دار الفكر.

[2] النكت في إعجاز القرآن الرماني ص 89، 90، 91، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن الرماني والخطابي وعبدالقاهر، تحقيق محمد خلف الله، والدكتور محمد زغلول سلام، الطبعة الأولى، مطبعة دار المعارف بمصر.

[3] انظر البرهان للزركشي، الجزء الأول ص 53، 54، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.

[4] شرح التلخيص لسعد الدين التفتازاني، الجزء الرابع ص 445، وما بعدها، مطبعة الحلبي.

[5] إعجاز القرآن للباقلاني ص 58، 59، الطبعة الثالثة 1972م، مطبعة دار المعارف، تحقيق أحمد صقر.

[6] انظر القاموس المحيط 3803، للفيروزآبادي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • خطب منبرية
  • قصائد
  • أناشيد
  • كتب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة