• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع الأستاذ الدكتور علي أبو البصلأ. د. علي أبو البصل شعار موقع الأستاذ الدكتور علي أبو البصل  الأستاذ الدكتور علي أبو البصل
شبكة الألوكة / موقع أ. د. علي أبو البصل / مقالات


علامة باركود

المرأة والقضاء

المرأة والقضاء
أ. د. علي أبو البصل


تاريخ الإضافة: 10/1/2016 ميلادي - 29/3/1437 هجري

الزيارات: 23264

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المرأة والقضاء

 

أولاً: تصوير المسألة:

القاضي يتولى الفصل في الخصومات والمنازعات التي ترفع إليه، للنظر فيها والحكم بمَضمونها، تحقيقًا للعدالة، وحفاظًا على مبدأ استقرار المعاملات؛ ولأن القضاء عنوان العدالة؛ فلا يَجوز أن يتولى القضاء إلا من لديه الكفاية والأمانة، وبناء على ذلك، هل يجوز تولية المرأة القضاء في أي نوع من أنواع القضايا، سواء أكانت في قضايا الأموال، أم في قضايا القصاص والحدود؛ لأنها أهل لذلك، أم لا يجوز لعدم أهلية المرأة لتولي منصب القضاء، وإذا لم تكن أهلاً للقضاء، هل يكون من ولاها آثمًا، وحكمها صحيحًا، أم يكون حكمها باطلاً ولا قيمة له حتى ولو كان موافقًا للحق؛ لأنها ليست أهلاً لذلك[1]؟


ثانيًا: منشأ الخلاف في هذه المسألة:

يرجع الخلاف في هذه المسألة بين العلماء إلى الأمور التالية:

1- الأدلة الواردة في مسألة تولي المرأة القضاء أدلة ظنية، يتطرق إليها الاحتمال، تتسع للرأي، والرأي الآخر.


2- الاختلاف في النظر والتكييف؛ بمعنى: هل أهلية القضاء متحققة لدى المرأة، كما هي متوفرة لدى الرجل، وهو ما يسمى عند الأصوليين بتحقيق المناط.


3- الاختلاف في القياس؛ بمعنى هل يقاس القضاء على رئاسة الدولة، أم يقاس على الشهادة، فمن قاس على رئاسة الدولة، قال: بعدم الجواز، ومن قاس على الشهادة، قال: بالجواز؛ لأنه باتفاق العلماء لا يجوز أن تكون المرأة رئيسة للدولة، ويجوز أن تكون شاهدة في المنازعات والخصومات.


ثالثًا: آراء العلماء:

اختلف العلماء في هذه المسألة إلى فريقين:

الأول: ذهب جماهير العلماء، ومنهم المالكية، والشافعية، والحنابلة، وزفر من الحنفية، إلى أن المرأة لا يجوز أن تتولى القضاء، ويأثم الحاكم إذا ولاها هذا المنصب، وتأثَم لقبولها بذلك، ولا ينفذ قضاؤها؛ لأن الذكورة شرط للجواز والصحة[2].


واستدلوا على ذلك، بما يلي:

1- قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34][3].


وجه الاستدلال بالآية الكريمة:

أفادت الآية الكريمة حصر القوامة في الرجال؛ لأنه من المقرر في قواعد اللغة، أن المبتدأ المعرف بلام الجنس ينحصر في خبره، والحصر هنا حصر إضافي، بمعنى أن القوامة للرجال على النساء ولا يجوز العكس، وهذا يستلزم عدم صحة تولي المرأة القضاء.


2- عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه قال: لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارسًا ملَّكوا ابنة كسرى، قال: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة))[4].


وجه الاستدلال بالحديث:

أخبر عليه السلام بعدم فلاح من ولوا عليهم امرأة، وهذا ضرر محضٌ يجب اجتنابه واجتناب ما يؤدي إليه؛ وهو تولية المرأة القضاء؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.


3- القياس: أجمعَت الأمة على عدم جواز أن تتولى المرأة رياسة الدولة، ومستند هذا الإجماع، قوله عليه السلام: ((لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة))، وعلَّة المَنع الطبيعة الخاصة للمرأة؛ لأن المرأة عاطفية وسريعة التأثُّر، ويعتريها الحيض والحمل والولادة والنفاس، والقضاء ولاية عامة، يحتاج إلى قوة وحزم؛ ولهذا تمنع المرأة من القضاء، كما مُنعت من رياسة الدولة؛ لهذا المعنى المشترَك بينهما.

 

4- المعقول: المصلحة تقتضي إبعاد المرأة عن منصب القضاء، حفاظًا على أنوثة المرأة وعاطفتها، التي يجب أن تصان عن كل تشويش، وكذلك دورها الأساسي في الحياة كأم ومربية للأجيال، والقضاء يستلزم خروجها المستمر، ومخالطتها للخصوم من الرجال، مما ينعكس على نفسيتها، ويُلحق الأذى بها، وبدَورها في التربية، كما أنه لا حاجة لوجود المرأة في منصب القضاء؛ لوجود الكفاية من الرجال، ولا مصلحة للمرأة في ذلك، بل قد توجد المفسَدة في ذلك، والمفسدة تُدفَع بقدر الإمكان.


والفريق الثاني: يرى جواز تولية المرأة القضاء في الأمور التي تصحُّ شهادة المرأة فيها، وينسب هذا الرأي إلى ابن جرير الطبري، وابن حزم الظاهري، وبعض الحنفية، وابن القاسم من المالكية[5]، وهم مختلفون في الأمور التي تصح شهادة المرأة فيها؛ فابن جرير وابن حزم يريان أن للمرأة أن تشهد في كل شيء، فتقضي في كل شيء، وبعض الحنفية، يرى أن للمرأة أن تشهد في الحقوق المدنية دون الجزائية، فتقضي في الحقوق المدنية دون الجزائية.


واستدلوا على رأيهم بما يلي:

1- قال تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ﴾ [البقرة: 282].


وجه الاستدلال بالآية الكريمة:

تُفيد الآية بوضوح قبول شهادة المرأة، والشهادة أمر أساسي في القضاء والحكم، والقضاء يَثبُت للمرأة قياسًا على ذلك؛ أي: قياس ولاية القضاء على ولاية الشهادة؛ لوجود الولاية في كل منهما.


2- قياس القضاء على الإفتاء، بجامع أن كلاًّ منهما مظهر للحكم الشرعي، وقد ثبَت بالإجماع جواز أن تكون المرأة مُفتية[6]؛ وكذلك القضاء لوجود هذا المعنى المشترك بينهما، والاشتراك في المعنى، يقتضي الاشتراك في الحكم بالبداهة.


3- الأصل العام أن كل من لديه الكفاية والقدرة على القضاء يجوز أن يتولى القضاء، ولم يرد دليل يستثني المرأة من ذلك، وإنما ورد الدليل في عدم جواز تولية المرأة رئاسة الدولة، ويَبقى ما عداه على حكم الأصل؛ ولهذا يصح أن تتولى المرأة القضاء، والأنوثة ليست مانعًا لذلك؛ لأنها لا تؤثر على كفاية المرأة، وقُدرتها على الفصل في الخصومات[7].


4- ذكر ابن حزم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولَّى امرأة كانت تُدعى أمَّ الشِّفاء ولاية الحسبة على السوق، وهذا دليل على جواز تولية المرأة القضاء[8]؛ لأنه ليس أدل على الجواز من الوقوع.

 

رابعًا: المناقشة والتَّرجيح:

1- مناقشة أدلة المانعين:

أ- الآية الكريمة "الرجال قوامون..." خارج محل النزاع؛ فلا يصح الاستدلال بها في هذه المسألة؛ لأنها تشير إلى الولاية الأسرية، وهي ولاية خاصة تفيد الإشراف والتأديب، والقضاء ولاية عامة.


ب- الاستدلال بحديث: ((لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة)) استدلال في غير محله؛ لأن الحديث وارد في رياسة الدولة، وهو أمر ليس في محل النزاع، والنهي الوارد في الحديث قاصر على الولاية العظمى، فلا يشمل ولاية القضاء، يؤكد هذا سبب ورود الحديث؛ لأنه قيل بمناسبة تولية بنت كسرى منصب رئاسة الدولة في بلاد فارس.

 

2- مناقشة أدلة المجيزين:

أ- قياس القضاء على الشهادة قياس مع الفارق؛ لأن الولاية في القضاء ولاية عامة، والولاية في الشهادة ولاية خاصة.


ب- قياس القضاء على الإفتاء قياس مع الفارق؛ لأن الحكم القضائي، حكم ملزم، والفُتيا لا إلزام فيها؛ ولهذا للمُستفتي أن يأخذ الفتوى، وأن يدعها، بخلاف القضاء، فإنه حكم ملزم.


ج- أن القول بأن المرأة لديها القدرة والكفاية لتولي القضاء ليس صحيحًا؛ لأن المرأة تؤثر فيها العاطفة، وتتعرض لأمور طبيعية خاصة، من حيض وحمل وولادة، وهذا يؤثر على قدرتها في فهم حجج المتخاصمين، وتكوين الحكم الصحيح في القضية، وادعاء الكفاية، منقوض بمنعها من رياسة الدولة؛ لعدم القدرة على ذلك[9].


د- لم يصح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قدَّم امرأةً على حِسبة السوق، والخبر من دسائس المبتدعة؛ ولهذا ذكره ابن حزم من غير سند في كتابه المحلى[10].

 

التَّرجيح:

يتبين لنا وبعد استعراض الأدلة الواردة في المسألة، أنَّ رأي الجمهور أولى بالقبول والاتباع، حفاظًا على أنوثة المرأة، ودورها الأساسي في الحياة، كأمٍّ ومربية للأجيال، ومنصب القضاء من المناصب الهامة والحساسة في الدولة، ولا يصلح له إلا النخبة من الرجال، والعاقل يُبعد نفسه ما أمكن عن ذلك؛ لأنه لا مغنم فيه، وقد تكون فيه الهلكة؛ لأنه ميزان العدالة[11].



[1] محمد عليش: مواهب الجليل (4/ 138)، وابن جزي: القوانين الفقهية (ص: 195)، وابن قدامة: المغني (9/ 39)، والشاشي القفال: حلية العلماء (8/ 114)، والشربيني: مغني المحتاج (4/ 375)، وابن رشد: بداية المجتهد (2/ 460)، والموصلي: الاختيار (2/ 84).

[2] الكاساني: البدائع (7/ 3)، وابن فرحون: تبصرة الحكام (1/ 23) وما بعدها، وابن رشد: بداية المجتهد (2/ 460)، ومحمد عليش: منح الجليل شرح مختصر سيدي خليل (4/ 138).

[3] ابن العربي: أحكام القرآن (1/ 415).

[4] ابن حجر العسقلاني: فتح الباري شرح صحيح البخاري (16/ 367).

[5] ابن حزم المحلى (9/ 429، 430)، والكاساني: البدائع (7/ 3)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/ 188)، والمغني: لابن قدامة (9/ 39)، والكمال بن الهمام: فتح القدير (7/ 253)، وابن عابدين: رد المحتار (5/ 440)، وابن رشد: بداية المجتهد (2/ 460).

[6] ابن قدامة: المغني (9/ 39).

[7] ابن رشد: بداية المجتهد (2/ 460).

[8] ابن حزم: المحلى (9/ 429، 430).

[9] د. محمد رأفت عثمان: النظام القضائي في الفقه الإسلامي (ص: 103).

[10] ابن حزم: المحلى (9/ 429)، 430).

[11] د. محمد أبو فارس: القضاء في الإسلام (ص: 35).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة