• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيليأ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي شعار موقع الأستاذ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي / مقالات


علامة باركود

رحلة الصين وشيخ الصين: الشيخ بهاء الدين بن سليمان الصيني رحمه الله، وذكريات لقائي به في مدينته (لينشيا)

رحلة الصين وشيخ الصين: الشيخ بهاء الدين بن سليمان الصيني رحمه الله، وذكريات لقائي به في مدينته (لينش
أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي


تاريخ الإضافة: 23/11/2025 ميلادي - 3/6/1447 هجري

الزيارات: 89

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رحلة الصين وشيخ الصين:

الشيخ العالِم العامل المعلم الداعية:

بهاء الدين بن سليمان الصيني، رحمه الله، وذكريات لقائي به في مدينته (لينشيا)

الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وأصحابه.


وبعدُ: فالناس ليسوا في حياتهم ونتائج سيرتهم سواءً؛ فمنهم المحلِّق في سماء العلا وسَنَائها، ومنهم مَن يختار لنفسه مقامًا عكس ذلك تمامًا، ومنهم من يَروم المقام الأوّل، لكنه يُقَصِّر أو يَقْصر؛ ومع هذا فما أسعدَ هذا القِسم من الناس؛ على الرغم مِن خسارته المقام الأوّل!


كان صاحبي الذي أكتب عنه -بعد علمي بوفاته وأن وفاته كانت قبل سنوات، وذلك بعد قراءتي لمقال رائع عنه كتبه مشكورًا أ.د. عيسى الدريبي، جزاه الله خيرًا - (في هذا الرابط: https://justpaste.it/w7ar). وهو مقالٌ أُحبّ مِن صميم قلبي أن يقرأه كل راغب في الخير وسعادةِ الدارين. أمّا صاحبي فهو الشيخ: بهاء الدين بن سليمان الصيني، الذي لَقِيتُه في رحلتي إلى الصين قبل سنوات ليست بالقليلة.


وبعد لقائي بالشيخ بهاء الدين بن سليمان، ظللتُ سنواتٍ أسألُ عن حاله، دون تواصلٍ مباشر معه، وبعد مدةٍ أصبحَ يُراودني هاجس التساؤل عن حياة الشيخ، ويأتيني خوفي أنه مات، لكن لم أتخذ خطوةَ التفكير في سؤال أحدٍ عنه؛ بالرغم من شعوري بالتقصير تجاهه، وما علمتُ أنّ ما خشيتُه قد وقع فعلًا!


ولَمّا علمتُ بخبر وفاته هذه الليلة وأنا في هذا الهزيعِ مِن الليل؛ قمتُ فصلّيتُ الوتر ودعوت بدعواتٍ خَصصته بنصيبٍ منها؛ ولا تسأل عن حرارةِ النفس! أسأل ربي أن يتقبل هذه الدعوات.


والعجب العجاب أنْ يَحْصُل هذا؛ مع أنه في الصين وأنا في مدينة خاتم الأنبياء والمرسلين؛ بل هو في قبره-رحمه الله- ولا يَعْلَم عني ولا عمّا أنا عليه تُجاهه!


ليس بيني بينه أسباب دنيوية أو علاقات تجارية؛ لكن، علاقةٌ أخويةٌ أخرويّةٌ؛ رَجوْنا بها وجْهَ الله تعالى؛ فأثمرتْ هذا الحب، وهذه الهِشّة في النفس حين علمتُ أن أخي قد سبقني للدار الآخرة!


وكم سَبقَنا إلى الدار الآخرة مِن سابقٍ؛ ونحن في غفلةٍ غافلون، إنَّا لله وإنا إليه راجعون!


وعذرًا أيها القارئ الكريم من هذه المقدمة الاستطرادية، قبل الدخول في صُلب ما أردتُ كتابته؛ ولعلك تشاركني أجوائي النفسية تُجاه هذا الرجل الرجل، والرجال قليل!


الفضل في هذه العلاقة الأخوية الإيمانية لله تعالى ثم للشيخ بهاء الدين الصيني؛ إذ كانت بسببٍ منه -رحمه الله-: بإيمانه ووعيه وسعةِ أُفقه واهتماماته الدعوية والعلمية في سبيل فقه الإسلام والدعوة إليه؛ وكان السببُ الذي ربط بيني وبين الرجل هو كتابي: "دعوةٌ إلى السنّة في تطبيق السنّة منهجًا وأسلوبًا"، وسأوضّح ذلك في الأسطر التالية:

كان لقائي ببهاء الدين الصيني قبل سنوات طويلةٍ -كما قلت- ربما كان في عام 1418 هـ، حين زرته في مدينته في معهده المبارك، وإليكم القصّة:

بداية القصة:

في صيفٍ مِن الصيوف ذهبتُ مع مجموعةٍ من الفضلاء في رحلةٍ إلى الصين؛ لإقامة دورةٍ في العلوم الشرعية والدعوة هناك؛ لوجه الله تعالى، وما أحلاها!


ونِعْم الرفقة كانت! ذهبوا إلى الصين ليس لأن أحدًا دفع لهم الفلوس؛ وإنما لأنهم زَكتْ منهم النفوس!


وذهبوا للصين ليس بِأَمْر أحدٍ سِوى الله؛ إنما لأن نفوسهم دعتهم للاستجابة لنداء الله ونداء رسوله صلى الله عليه وسلم! ذهبوا للصين ليس للاستمتاع بالإجازة الصيفية في الذهاب والإياب، والتمتع برؤية المناظِر الخلّابة؛ إنما ذهبوا ليتمتّعوا بإجازتهم الصيفية؛ بأنْ يَعملوا عملًا لله باقيًا بإذنه تعالى!


أَلقيتُ محاضرتي الأولى في طلاب الدورة عن (منهج الدعوة في الكتاب والسنّة)؛ وقد عُرِّف بي وباسمي في بدايتها، وبعد انتهاء المحاضرة جاءني ثلاثةٌ مِن الطلاب؛ مسلِّمين عليّ، وسألوني: هل أنت مؤلف كتاب: "دعوةٌ إلى السنّة في تطبيق السنّة منهجًا وأُسلوبًا "؟


فابتسمت، وقلت لهم: نعم، وما الذي أوصل هذا الكتاب إليكم!


فقالوا: عندنا نسخةٌ منه، وترجمناه للصينية، وعندنا استشكالٌ في فهم بعض الكلمات، ونريد أن تزورنا في مدينتنا "لينشيا" لنسألك عنها.


قلت لهم: لكن الكتاب الآن أصبح كتابًا آخر في طبعته الثانية، ومعي نسخة منه أُعطيكم إياها.


ثم قَدّر الله أن نزورهم في مدينتهم، وهناك لقينا شيخَهم وأستاذَهم المفضال، صَاحِب معهدهم ومديره "بهاء الدين"؛ فسلّمتُ عليه؛ فضمّني؛ قائلًا بالحرف: "لقد استفدنا مِن كتابك مِن قبل أن نراك".


وما كنت أَعْلَمُ علاقته بالكتاب، لكني تعجّبت وسُررت.


ولا سيما أنّ هذا الكتاب أَثِيرٌ لنفسي، وقد كتبتُه رجاءَ أن يَنفع الله به عباده ويَدفع الله به مسالك مخطئة في فهم دِينه، ورجوت أن يكون عنوان هذا الكتاب شعارًا للمسلمين في هذا العصر "دعوةٌ إلى السنّة في تطبيق السنّة منهجًا وأسلوبًا". والحمد لله قد نَفع الله به كثيرًا؛ فكم أَصلح الله به مَن حادت به الطريق في فهمه للإسلام نحو الشدة والإغراق في الظاهرية، وعدم العناية بكريمِ الأخلاق في تطبيقه للإسلام ودعوته إليه، والحمد لله على ذلك.


وجرى بيننا وبين الشيخ بهاء الدين ومَن كان حاضرًا مِن طلابه حديثٌ سريع.


وسألتُهم: كيف وصلكم هذا الكتاب؟


فقال المترجم: هذا الكتاب أنا أتيت به من الباكستان عندما كنت أدْرس هناك في الجامعة الإسلامية العالمية.


وعَلِمت أن الكتاب يُدرِّسه بهاء الدين لطلابه، ويحثهم على فهم الإسلام في ضوئه؛ فرجوت أنْ تكون النسخة التي وصلتْهم من الكتاب، أن تكون من عندي؛ فَلَمَّا قال المترجم ما قال عرفتُ أنّ النسخة فعلًا مِن عندي؛ لأَنِّي كنت أرسلت كرتونًا منه للجامعة الإسلامية العالمية؛ أملًا في نشْر منهجية الكتاب، كما أرسلته لعدد من البلدان؛ فالحمد لله رب العالمين.


ثم ذهبنا إلى الفندق بصحبة شابٍّ أرسله الشيخ بهاء الدين لإيصالنا، وعندما وصلنا للفندق قلت للشاب: ما أعطيتك أجرة التاكسي. فقال: لا، أنا استفدت من كتابك: دعوة إلى السنّة، درَستُه عند الشيخ بعد صلاة الصبح!


فقلت له: ما شاء الله! وأنت ماذا تعمل؟


قال: أنا تاجر، وأذهب الآن للدكان؛ فاغتبطّتُ وغَبَطتُ؛ وعلِمتُ أنّ الفضل فضل الله أكرم الأكرمين.


وللحديث عن كتاب "دعوةٌ إلى السنّة في تطبيق السنّة..." بقية، ستأتي لاحقًا.

ذكرياتٌ أخرى مع الأستاذ الجليل:

احتفى بِنَا الشيخ بهاء الدين هو ومَن معه، جزاهم الله خير الجزاء، وأخرجونا في رحلةٍ ممتعة حَضَر فيها الشيخ وطلابه، وعددٌ منهم كانوا قد أصبحوا مدرسين.


وفي هذه الرحلة تكلم بهاء الدين بكلامٍ جميل، ضمّنه الترحيب بِنَا وذَكَر بعض ذكرياته.


وأنشد لنا بهاء الدين أنشودةً، هي قصيدة الشاعر محمد إقبال، رحمه الله، التي تَرجَمَتُها: "الهند لنا والصين لنا..." إلى آخره.


وسأذكر بعض الفوائد التي ذكرَها.


وتكلمتُ أنا بكلماتٍ كانت مِن القلب للقلب؛ وتجاوَب حينئذٍ الإيمان والإخاء، والحمد لله تعالى.

لطيفة:

عندما كنت أتكلم في هذه الرحلة، كان المترجِم الذي يترجم كلمتي خافضًا صوته؛ فصاح الحاضرون عليه: ارفع صوتك.


فقلت له: لماذا لا ترفع صوتك؟


قال: أنا أحترمهم.


قلت له: أنت بهذا لا تحترمهم، لكنك تَحْرِمهم!

فوائد ثمينة ذكرها بهاء الدين في كلمته:

ذَكَر لنا بهاء الدين شيئًا عن حياته ومكابدته للصعاب في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، فمِن ذلك ما يأتي:

1- ذَكَر بهاء الدين أنه زار مكة، وصلى يومًا في مسجدٍ في الحيّ، وتحدّث مع بعض الشباب وأنشد لهم "الهند لنا والصين لنا..."؛ فأعجبتْهم، ففي اليوم التالي جاءوا له في المسجد ومعهم حلوى وآلة تسجيل، وطلبوا منه أن يُسجّل لهم الأنشودة؛ فسجّلها. وفي هذا دلالةٌ على حُسْن مَعْشره، وسماحته، ولُطْف تعامله مع الناس؛ فهكذا حتى الصغار ارتاحوا له وانصرفوا إليه للاستماع لحديثه! وفي هذا درسٌ أو دروس.


2- ذَكَر بهاء الدين أنه هو وأخوه كانوا أيام شبابهم، إبّان تشديد حكومتهم وتضييقها على الأديان، كانا يشتغلان في النهار بنقل مخلفات المجاري بصفائح التنك على ظهورهما؛ ليقبضوا الأجرة، ويدفعوها في تكاليف الدعوة إلى الله تعالى! وكانوا يساعدون داعية كبيرًا كان مضطهَدًا أو مسجونًا لدى حكومتهم في زمنٍ سابقٍ؛ لأنه يدعو إلى الإسلام، وكان كاتبًا كبيرًا، وكتبَ تفسيرًا مهمًّا للقرآن الكريم، نسيتُ اسمه الآن، فكانا يساعدانه من أجرة هذا العمل؛ وكانت الحياة المعيشية صعبة جدًا! فأيُّ تضحيةٍ هذه التي ارتضوها مختارِين؛ حرصًا على نشر الإسلام وهدايةِ الناس؛ اللهم ارحمه واجزه وأخاه بدار كرامتك، اللهم أعزّهم وأَعلِ مقامهم عندك في جنات النعيم! سبحان الله! يُذِلُّون أنفسهم؛ في سبيل مرضاة الله، ويُذِلُّون أنفسهم لِيَعُزَّ دينُهم!


3- ذَكَر لنا بهاء الدين أيضًا قصةً عجيبةً عن حالِ امرأةٍ كبيرةٍ كانت مُقْعدةً لا تستطيع المشي؛ لكن لحرصها على الدعوة إلى الله وهداية الناس؛ كانت تَدُور على البيوت، فتكون كل مرةٍ في بيتٍ، يَحْملها غيرُها على ظهره إلى مكان الاجتماع؛ فتُلْقِي الدرس بحضور المدعوّات مِن النساء، وهكذا حتى نفع الله بها النساء كثيرًا!


إنه الصدق والتضحية في سبيل توصيل الخير للناس! امرأة مُقْعدة؛ لا تستطيع المشي؛ فلم تتخذ حالَها عذرًا للقعود، والتخلي عن العمل لله؛ فاعتبِروا يا أولي الألباب؛ واعتبروا أيها المكْتَمِلوا الخِلقة الأَصِحَّاء!


4- ذَكَر بهاء الدين عن نفسه أنه كانت عندهم قرية، ليست قريبةً منهم تمامًا، فيها قبْرُ رجل يَعبده أتباعه ويسجدون لقبره؛ يعتقدون فيه اعتقادات، ويَرون أنه رجلٌ صالح، وكان هذا الرجل قد حج ورجع للبلد؛ وقد استفاد مِن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله، فكان الرجل يدعو الناس للتوحيد.


يقول بهاء الدين: ذهبتُ للمسؤولين عن قبره؛ وتدرّجت معهم بالسؤال عن تاريخ حياته ووصيّته لهم؛ حتى أقرّوا بأنه كان يدعو للتوحيد، وأوصى الناسَ به؛ فقلت لهم: فلماذا تخالفونه! فاعترَفوا بخطئهم؛ فحمّلتهم المسؤولية تجاه هذا الرجل ودعْوتِهِ ووصيّتِهِ، وأن الواجب عليهم تُجاه ذلك هو التصحيح، وأنه يتعين عليهم توضيح الحقيقة للناس! ووعدوا بأنْ يَفعلوا.


يقول: قد تواصلت مع القائمين على القبر بالحكمة؛ حيث قلت لهم: أنتم مسلمون وفيكم الخير، وتبحثون عن الصواب، وأنا أعرف أنكم طيبون لا ترضون بالخطأ، وأُحب لكم الخير؛ لهذا أحببت أنْ أنبهكم لهذه الحقيقة!


ولأن بهاء الدين لا يتبنّى في منهجه الإصلاحي إثارةَ المشكلات، وإنما علاج المشكلات؛ كانت النتيجة أنه يُصلِح ولا يُفْسِد، ولا يُثير على الدعوة مشكلات؛ فوثِق به الناس وارتضوا دعوته.


5- يَلْفِتُ نظري، بإعجابٍ: تضحيات الشيخ بهاء الدين وتفانيه في سبيل إصلاح الناس وإسعادهم؛ مهما كلّفه مِن الوقت والجهد؛ وهذا مِن أسباب حُبّ مَن حوله له؛ وهو الأمر الذي رأيته في وجوه طلابه وأحبابه وتعامُلِهم معه، رحمه الله!

فاْقتَدُوا بالفضلاء؛ تَهْتَدوا أيها الفضلاء.

مواقفُ لطيفةٍ أخرى في الرحلة:

1- زرنا في رحلتنا مسجدًا للسلفيين، كما يسمّونه، وهنا قابلنا إمام المسجد، وكان كبير السن، وجلسنا معه في مكتبه، فرحّب بِنَا؛ وقال لنا -مشيرًا إلى كتاب: الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني-: هذا الكتاب كتاب عظيم، ويشتمل على مليون حديث!


فقلت له: صحيح هذا كتاب عظيم، لكن ليس فيه مليون حديث؛ بل كان الأئمة في زمنهم يُقدِّرون أحاديثه تقديرًا بأربعين ألف حديث، أو ثلاثين ألف حديث؛ لكن بعد طباعة الكتاب وترقيم أحاديثه تسلسليًا تبيّن أنها أقل من ثمانية وعشرين ألف حديث ببضع مئات الأحاديث.


فقال لي: "لا، الشوكاني قال فيه مليون حديث، وذَكرتُ هذا عند دكتورٍ جاءنا من الجامعة الإسلامية بالمدينة؛ فلم يَقلْ شيئًا؛ وأنت واهمٌ، ما فهمتَ".


فقلت له: على كلٍّ نحن متفقون أنه كتابٌ عظيم، وأمّا عدد الأحاديث فبإمكان الإنسان أن يقف عليه بنفسه؛ بأن ينظر في رقم آخر حديثٍ في الطبعة المرقمة أحاديثها بالتسلسل. وأنهيت بهذا مشكلة المليون، والحمد لله.


وكان هذا الشيخ جادًّا لا يبتسم، فما زلتُ به ممازحًا ومضاحكًا حتى بدأ يتبسم. وأخذَنا في جولة في المسجد، ثم خرجنا للسيارة ومشى الشيخ معنا يُشيّعنا، جزاه الله خيرًا.


فقلت له: أنا ما شَرُفت بمعرفة اسمك؟


فقال: أنا اسمي: ذو النُّون.


فقلت له: يا ذَا النُّون أنا بمعرفتك ممنون. وقلت في نفسي: لكنّي لا أُصدّقك في المليون!


2- كنّا في بعض سفرنا نسير بالحافلة جميعُنا، وكان فينا دكتور فاضل، ولـمّا بدأ بعضُ الإخوة يُصوّرون بالكاميرا، أنكر عليهم، وقال: التصوير حرام.


فناقشتُه، وقلت له: ليس هناك دليل على تحريم التصوير الفوتوغرافي لِذَاتِه، أو التصوير التلفزيوني.


وجرى نقاش بيني وبينه، وفي لحظةِ احتداد النقاش قلتُ نكتةً؛ فضحِك؛ فقال أحد الإخوة -وكانوا يتابِعون حوارنا-: ما شاء الله عليك! انتزعتَ منه الابتسامة.


قلت: لأَنِّي لا أُحبّ التكشير، ولا التكسير، ولا أُحرِّم التصوير!


3- موقفٌ آخر: مرّةً كنت أتحدث مع هذا الأخ الفاضل، وختمتُ الكلام بقولي: جزاكم الله خيرًا.


فقال لي: أخطأتَ. قُلْ: جزاك الله خيرًا.


قلت له: وما الفرق؟


قال لي: لم يَرِد الحديث هكذا. زدْتَ فيها ميما!


قلت له: لقد كنتُ أَعدُّك فَهِيما!


4- موقفٌ آخر: عند عودتنا من رحلتنا، ذهبنا لدكانٍ لشراء الشاي الأخضر الصيني، وكان ثمنه عنده غاليًا؛ فأخذ أخٌ كان معي يُماكِسه؛ لكن كان الرجل صَلْب المراس، ولم يُخفّض السعر؛ فأضعنا وقتًا في هذا كنتُ لا أراه يستحقه.


فلما انتهينا قال صاحبي: الحمد لله، هذا إنجاز.


قلتُ له: هذا إِنْ جاز!


5- كنت مرةً أتحدث مع أولئك المسلمين الأفاضل الصينيين، الذين بالغوا في إكرامنا، وكنت أشكرهم.


وقلت لهم: قد غَمَرْتمونا بمعروفكم؛ حتى أصبحتُ أَسير، وأنا أَشعرُ أني أَسير!


6- شاهدتُ في طريقنا بالحافلة بعض المناظِر التي لَفتت نظري جدًّا، فمِن ذلك:

• كم رأيتُ رجلًا أو امرأةً أو صغيرًا يَجرُّ عرَبةً محمّلةً؛ بدلًا مِن أن يَجرّها حمارٌ! فأدركتُ كم يَدفع هؤلاء الناس ثَمن الحياة غاليًا! في حين أنّ كثيرًا مِن الناس في الشعوب الأخرى قد أغناهم الله عن أنْ يَجرّ أحدهم عَربةَ الحمار نيابةً عنه؛ ومع ذلك تَجِدهم ساخطين على ما آتاهم الله مِن نِعمِه!


• مررْنا في الطريق بمنظرٍ غريبٍ، وهو أنّ بعض أصحاب المزارع يَضعون حَبَّ القمح وهو في سنبله على طريق السيارات المزفّت؛ لِتدْهسه السيارات الرائحة والغادية؛ ليَخرج مِن سنبله، سبحانه الله!


7- حَضرَ الدورة شابٌّ صغير يَدْرس في الثانوية مِن عائلةٍ بوذيةٍ؛ فسألْنا عنه فقيل: هذا شاهَدَ زملاءه في المدرسة مِن أبناء المسلمين؛ فتأثّر بهم؛ فأسلم؛ فطرده أبوه مِن البيت؛ فأصرّ الشابّ على إسلامه! فقلت: هذا أبوه بوذي موذي!


8- حضَرَتْ الدورةَ فتاةٌ مسلمة جاءت مسافرة وحدها مِن تركستان الشرقية؛ إصرارًا منها على تَعلّم دينها بمجرد سماعها عن الدورة، وتَحمّلت في سبيل ذلك مصاعب جمّة مع قلّة ذات اليد!


وكانت الفتاة حريصةً على العلم؛ وتسأل كثيرًا!


هكذا فتاةٌ مسكينة لا حَوْلَ لها ولا طَوْل؛ تَحرِص هذا الحرص، وتُضحّي هذه التضحية لتتعرّف على دينها!


فماذا يقول الشباب، بل الكبار، وماذا يقول الرجال، المتاحُ لهم أسباب التعلم والتفقه في دينهم وهم مُعْرضون؛ فيقْضون السنين وهم في سِنَتِهم وغفلتهم سادرون!


9- لاحظْنا أنّ الصينيين يأكلون كلَّ شيء يمشي على الأرض، أو يطير في الهواء، أو يسبح في الماء؛ حتى إنهم يأكلون الكلاب والذباب...إلى آخره. لكن، مَن يُسْلِم منهم يَمتنع عن المحرمات في الأكل أو في اللحوم، وليس هذا فحسْبُ، بل يَمتنعون عن الأكل في مطاعِم القوم، الذين يأكلون كلَّ شيء؛ فإذا سُئلوا: لماذا لا تأكلون في مطاعم القوم ولا تأكلون إلا حلالًا؟ فجوابهم: وما يُدريك أنّ السكين التي قطّع بها اللحم قد قطّع بها الخنزير؟


وفي هذا كله دروس لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد!


وكم مِن درسٍ أو موقفٍ طريفٍ كان في رحلتنا الدعوية الصينية الممتعة هذه!


وكان مما أمتعني في هذه الرحلة: صُحْبة أصحابٍ فضلاء صادقين. جزاهم الله خير الجزاء.

عودةٌ إلى الحديث عن كتابي: "دعوةٌ إلى السنّة في تطبيق السنّة منهجًا وأسلوبًا":

• لاحظتُ اهتمامَ بهاء الدين بكتابي هذا؛ حيث يُدرِّسه في معهده، وتَخرّج طلابٌ من المعهد وقد قرأوا الكتاب؛ فصاروا مدرسين، ويسيرون على منهجية الكتاب؛ فينقلون فكرة الكتاب لطلابهم وللناس، نظريًا وتطبيقيًا.


• وترجموا الكتاب إلى اللغة الصينية! هذا كله مع أنّ الذي وصلهم نسخةٌ واحدة منه!


• وكم لفت نظري كلام ذلك الشاب مِن خريجي معهد الشيخ، الذي يعمل في التجارة، وأنه درَس الكتاب عند الشيخ بعد صلاة الصبح! إنه حُسْن الاختيار للكتاب والمنهج، الذي يتحقق به حُسْن فقه الإسلام، وحُسْن التعامل به مع الناس؛ دون العناية بإثارة الفتن والمشكلات؛ فظهرتْ بركةُ ذلك: بركةً في جهوده، وبركةً في طلابه، وبركةً في حُسن العلاقة مع مجتمعه، وطِيبًا في تعاملهم مع بعضهم.


• وهنا أَلْفت النظرَ مرةً أخرى: ألا ترون أيها الفضلاء هذه الحال العجيبة لهؤلاء الصينيين المسلمين الأفاضل؛ إذْ جَعلوا مِن نسخةٍ واحدةٍ مِن الكتاب وصَلتْهم مشروعًا في فقه الدين!


• في نهاية الرحلة قلتُ لأحد الفضلاء مِن الأساتذة المرافقين لنا طوال الرحلة ممن سُرِرتُ بأخلاقه، وبعلاماتِ إخلاصه، وصِدْق أُخوّته، قلتُ له: مِن فَضْل الله عليّ في هذه الرحلة أني تعرّفتُ عليك وعلى أمثالك.


فقال: ونحن مِن فَضْل الله علينا أنْ تعرّفنا عليك، وتمنينا أن نراك مِن عام 1995م.


فقلت له: ولماذا هذا التحديد؟


قال: العام الذي وصَلَنا فيه كتاب: "دعوةٌ إلى السنّة..."!


فقلت له: أُبشِّرك أنّ الانطباعات الطيبة كثيرًا ما تأتيني عن هذا الكتاب مِن داخل المملكة ومِن خارجها، ويقولون: لو فهمنا الإسلام على منهج هذا الكتاب؛ لسلمْنا من المشكلات.


قال: وشيخنا دائمًا يقول لنا: لو فهمنا الإسلام على منهج هذا الكتاب لسلمْنا من التفرق.


قلت له: هذا، والله، مِن نعم الله على شيخٍ صيني يقول مثلَ هذا الكلام.


فقال لي: أُبشّرك أنّا مجموعةٌ من المدرسين نَسير على منهج هذا الكتاب. فقلت في نفسي: وكلُّ هذا بفضل الله ثم جهود بهاء الدين، جزاه الله خيرًا؛ فكل هذا في ميزان حسناته بإذن الله تعالى.

استطرادٌ ذو صِلةٍ بالموضوع:

وبمناسبة الحديث عن كتاب "دعوةٌ إلى السنّة في تطبيق السنّة منهجًا وأسلوبًا"، أُضيفُ هنا أننا في العام التالي لوقت هذه الرحلة عُدْنا في رحلةٍ مماثلة إلى الصين مع هؤلاء الإخوة الفضلاء؛ لإقامة دورةٍ في العلوم الشرعية أيضًا، لكن في مكان آخر في غرب الصين، وكانت دورةً موفّقةً بفضل الله، وفي هذه الدورة قابلَنا أخٌ فاضل، فعرّفه بي مَن كان معي من الإخوة؛ فعندئذٍ قال الرجل: ما شاء الله! "إذا ساءك تَصرُّف مَن يدعوك للسنّة؛ فلا تقفْ منه موقف العدوّ ولا مِن السنّة، بل اشكرْ له دعوته، واعذره في خطئه..."، إلى آخر الكلام. يُسمّع بهذا بعضَ كلامي في كتاب "دعوةٌ إلى السنّة في تطبيق السنّة منهجًا وأسلوبًا"، يقولهنَصًّا بالحرف.


فقلتُ له: ما الذي عرّفك بهذا الكتاب!


فقال: هذا الكتاب عندي، وأنا مُقرِّرُه على طلابي في المدرسة!


وفي هذه الدورة الثانية فاجأني أخٌ فاضل بزيارته مِن منطقة الدورة السابقة، يَحمل مجموعةً مِن مؤلفاتي مطبوعةً عندهم، وكان قد استأذنني في الدورة السابقة في طباعتها طباعةً خيرية لا تجارية؛ فقلت: افعل، ولا حرج؛ لأني كتبتُها للنشر لا للحشر! اللهم اجزه خير الجزاء.


وكانت لي في هذه الدورة العلمية الثانية ذكرياتٌ طيّبة، لكن، يَضيق الوقت عن ذكْرها الآن. والحمد لله رب العالمين.

وختامًا: ما عساي أن أقول عن بهاءِ الشيخ بهاء الدين! وعن طلابه، وأحبابه الطيبين! وعن هذا الدين العظيم العجيب! الذي صَنع هذه العلاقةَ بيننا على غير مصالحَ دنيوية، فأَنتج هذا العمل وهذه الجهود!


اللهم ارحم أخي عبدك بهاء الدين، واغفر له، واجزه عني وعن طلابه وأحبابه وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، اللهم اخلفْه في أهله وطلابه خيرًا، واجمعنا به في دار كرامتك يا أرحم الراحمين.


اللهم وفقني لقضاء حقوق أخي بهاء الدين عليّ، التي فاتني أداؤها له في حياته.


وارحم الله والديّ وسائر أمواتنا وأموات المسلمين، واغفر لهم.


ملحق لـلحديث عن هذه الرحلة:

حصل لي مشهد عجيب في رحلتي الثانية للصين، قبل سنوات طويلة؛ كان له ما بعده، ولا أبلغ أن أشكر الله عليه حق شكره سبحانه.

 

ذِكره يطول، وخلاصته، أننا حين أقمنا الدورة العلمية لهم في قريةٍ هناك، عدد سكانها خمسة آلاف شخص.

 

وفي بداية الدورة فوجئنا بإمام مسجد في مدينة مجاورة هو ونائبه (وهما مدعوّان للمشاركة في الدورة متلقّين) قد جاءا، وبدلًا من الدخول في الفصول الدراسية إذ بهما يَعقدان عدة اجتماعات مع إدارة مسجد القرية، وإدارة مدرستها؛ فتبيّن أنهما كانا معتنقين مذهب التشيع زعموا، فيقنعون الإدارتين بالمذهب الشيعي، ويحذّرونهم منّا ومِن دورتنا؛ وقال لهم إمام المسجد هذا: أنا ذهبت لإيران، ودرست فيه سنوات؛ ووجدتهم على مثل ما نحن عليه وما وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا؛ وجدتُهم يحترمون الأولياء ويعظّمون القبور...إلخ، وقال لهم: احذروا من بعض الأفكار الواردة من بعض الأقطار؛ فقالوا له: آه، يبدو أننا تورّطنا في هذه الدورة!

 

فبدأوا يقتنعون بكلامه؛ فكلمونا وقالوا: ربما نستغني عن هذه الدورة؛ وذكروا بعض الأعذار الواهية؛ وطلبوا منّا أن نتوقف عن الدورة؛ لأنه سيأتي تفتيش حكومي هذه الأيام!

 

وبسؤالهم عن السبب أخبرنا بالحاصل!

 

فتكدّرتْ خواطرنا.

 

وبناءً على ذلك؛ وفّقني الله أن أُقدّم موضعًا من المنهج الذي كان مسندًا إليّ. وكان الموضوع الأساس عندي هو: (تعريف بالتشيّع مِن خلال مصادره)، وكنت بدأت بعض محاضراته بمقدمات عن (مفهوم الحق، ومعايير معرفته)، وكنت أعطيتهم معايير منهجية بمثابة الميزان المساعد لمعرفة الحق وتمييزه عن الباطل.

 

فلما رأيتُ هذا الحدَث الذي حصل مع الإدارتين ذَيْنِك، ولا سيما أنّ القرية جملةً واحدة ستأخذ بما يقولانه للقرية؛ اخترتُ أن أقفز عددًا مِن المقدمات في منهج المقرر الذي أُدرِّسُه، وأبدأ بالموضوع الأساس: هو: (تعريفٌ بالتشيّع مِن خلال مصادره)، واتفقنا على أن ندعو الإدارتين لحضور محاضرات هذا الموضوع، لكن حضر بعضهم، ولم يحضر بعضٌ آخر منهم.

 

وبدأت الموضوع، وكانت القاعة كبيرة وممتلئة من الذكور والإناث.

 

ووفّق الله تعالى أنْ أُلقي الموضوع بطريقةٍ منهجيةٍ منطقيةٍ؛ وذلك أنني قلت في البداية: لماذا: هو: (تعريف بالتشيّع مِن خلال مصادره)؟ وأجبت عن هذا بأنّ هذا هو منهج العدل والإنصاف؛ إذْ القاعدة المنهجية في معرفة المذاهب والأديان، هي أنْ نتعرف على المذهب مِن خلال مصادره المعتمدة عند أهله، لا عن المخالِفين له، أو الخصوم، وهذا هو المنهج الذي أسير عليه في حياتي.

 

وبدأتُ بالتعريف بموقف التشيع مِن القضايا الأساسية في الإسلام: القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، وأمهات المؤمنين…إلخ

 

وأكّدتُ لهم أننا ننقل مذهب الشيعة في هذه الموضوعات مِن مصادرهم المعتمدة عندهم.

 

وبدأتُ أقول، مثلًا، القرآن الكريم: يقول المذهب الشيعي بحسب مصادرهم في القرآن كذا وكذا، ويقول الله فيه كذا وكذا، ويقول الرسول فيه كذا وكذا، ويقول الصحابة فيه كذا وكذا.

 

فنأخذ بقول مذهب التشيع؟ أو نأخذ بقول الله؟ فيقولون جميعًا بصوتٍ واحد: نأخذ بقول الله.

 

وأقول: هل نأخذ في هذا بقول المذهب الشيعي أو بقول الرسول صلى الله عليه وسلم وآله؟

 

فيجيبون بصوتٍ واحدٍ: نأخذ بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم!

 

وهكذا مضت المحاضرة وطالت، حتى أكملتُ بقية الموضوعات، وتحمّسنا جميعًا، وتحمّستُ، وتحمّس المترجم، وتحمّس الحضور!

 

وجاءت التعليقات والتفاعلات العجيبة!

 

ووقفتْ امرأة كبيرة السن في آخر القاعة، وقالتْ: جزاكم الله خير الجزاء؛ جئتم من وراء البحار، وتركتم أهلكم؛ لتعلِّمونا الإسلام كما هو!

 

وتقول: نحن عرفْنا الإسلام عن طريق الكتب، بينما أنتم جئتم تُعلِّمونا الإسلام كما تلقّيتموه عن الرسول صلى الله عليه وسلم وآله وأصحابه؛ فجزاكم الله خير الجزاء!

 

وكانت ليلةً مشهودة؛ فكان لها ما بعدها؛ حيث ثبَتوا معَنا، واستمرت الدورة بفضل الله وحده؛ وسلّم الله القرية الخمسةَ آلاف شخص مِن اعتناق مذهب التشيع؛ بفضل الله وحده، له الحمد والشكر والثناء الحسن، سبحانه وبحمده!

 

والحديث يطول، لكن هذا موجزه.

 

اللهم تقبل يا كريم!

 

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه أجمعين!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • مرئيات
  • كتب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة