الإسلاموفوبيا رهاب زائف..صنعه الإعلام الغربي

على إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 شنَّ الغَرْب بشكل عامٍّ، وأمريكا بشكل خاص - حملةً إعلاميَّة مسعورة، على ما سَمَّوه الإرهاب، دون أن يتمَّ تحديدُ مفهوم محدَّد له، ومع أن الجميع يتَّفِق على أن الإرهاب لا دين ولا قوميَّة ولا هوية له، إلاَّ أن الحملة المَسْعورة استهدفَتِ العرب والمسلمين بشكل خاص؛ في مُحاولة لشيطنَتِهم، بقصد تأليب الرَّأي العامِّ واستعدائه عليهم؛ تمهيدًا للتدخُّل في شؤونِهم الدَّاخلية، ولإثارة الفتن الطائفيَّة والعِرْقيَّة، والتهيُّؤ للاحتلال في مرحلة لاحقة، وهذا ما حصل فعلاً، عندما تَمَّ احتلال أفغانستان والعراق فيما بعد، بذريعة مُكافحة الإرهاب، وخطَرِ أسلحة التدمير الشَّامل، التي ثبت فيما بعْدُ زيفُها وبطلانها.

ومع أنَّ الملابسات التي أحاطَتْ بأحداث الحادي عشر من سبتمبر لا تزال غامضة، ومع أنَّه لَم يتمَّ تحديد مفهوم محدَّد واضح الْمَعالم للإرهاب، ومع أنَّ الجميع متَّفِق على أن الإرهاب لا دين له، ولا قومية له، ولا هوية له، إلا أنَّ الماكينة الإعلاميَّة الغربية - بفِعْل إمكاناتِها الخياليَّة - قد سوَّغَت للمتلقِّين، أن الإسلام دين يحضُّ على التطرُّف والإرهاب، وأنَّ الأصولية الإسلامية والعُروبيَّة، هي أدواتٌ للإرهاب والتطرُّف، حتَّى بات السِّياسيُّون الغَرْبيُّون، والمفكِّرون، وقادة الرأي ومراكز الأبحاث، وغيْرُهم من أدوات تشكيل الرأي العامِّ - يَصِفون الإسلام بالخطر الأخضر، القادم من الشَّرق، ويَصِفون العالَم العرَبِيَّ والإسلامي بالعملاق النَّائم؛ لتبْشيعهم للغير بطريقة مقزِّزة، اصطَنَعت ظاهرةَ ما بات يُعرف اليوم بالإسلاموفوبيا.

ولا يَخْفَى أنَّ الغَرْب في هذه الإستراتيجية الاستباقيَّة، إنَّما يستهدف استباق الوقت؛ لِوَأْد عملاق النَّهضة، والانبعاث العربي الإسلاميِّ النائم، الذي أوشكَتْ صحوته أن تستكمل مشوار اليقظة، وتعويق السَّيْر نحو مقوِّمات التوحُّد والتكامل، ومَنْع التوسُّل بعوامل الاقتدار، بتطلُّعٍ متفائل، وإيمانٍ ثابت بقدرات الأُمَّة على معاودة دورها الرِّسالي، من خلال رسالة الإسلام المتجدِّدة، الثرَّة الْمِعطاءة، التي اختارهم الله لِحَمْلِها إلى العالَمين؛ ليكونوا بعونه وتوفيقه خيْرَ أُمَّة أخرجت للناس.

وإذا كان الإرهابُ لا دين له ولا قوميَّة ولا هُوِيّة، كما اتَّفَق الجميع على ذلك، فلا شكَّ أن الإساءة إلى أعلى الرُّموز الإسلامية قدسيَّة، وهو النبِيُّ الكريم محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - من قِبَل بعض الأوساط الغربيَّة، وحَرْق المصحف الشريف عند احتلال العراق وأفغانستان، بل وتصريح بوش بأنَّ الحرب صليبيَّة - تعطي مؤشِّرًا واضِحًا على أنَّ الإرهاب بأنواعه ومظاهره المختلفة، يُمكن أن يكون أمريكيًّا وأوربيًّا، وليس بالضَّرورة عربيًّا وإسلاميًّا فقط، ولا شكَّ أن الدَّمار الشامل الذي لحق بالعراق وأفغانستان، وتداعيات الفِتَن "الخلاَّقة" في اليمن والصُّومال والسودان والمغرب ولبنان بذرائع زائفة، والَّتي هي صناعة غربيَّة بامتياز؛ لتمزيق الصفِّ العربي والإسلامي - هي إرهاب دولي، يعرف الجميعُ مَن يقف وراءه.

إن الندية التي ينبغي على العرب والمسلمين أن يتسلَّحوا بها، في ضوء مؤشِّرات الصَّحوة القادمة، وضرورة اعتماد نَهْج تفجير المضموم من إمكانات الأُمَّة العربية والإسلامية، بجوانبها الاقتصادية، والموارد الطبيعيَّة، والكثافة الديموغرافية، والميراث الرسالي الخالد، هي الوسيلة الكفيلة بأن تُخْرِج العالَم العربي والإسلامي، من مأزق التبعيَّة والمسايرة الذليلة للغطرسة الغربيَّة، والعنجهية الأمريكيَّة، بحيث يتمكَّنون عندئذٍ من تَجاوُز إشكاليَّة قَصْر إلصاق تُهْمة الإرهاب والتطرُّف بالعرب والمسلمين، وتَبْرِئة الغرب منها بَداهة.