• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسريد. محمود بن أحمد الدوسري شعار موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسري
شبكة الألوكة / موقع د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب


علامة باركود

ضيافة الصديق سعة بعد ضيق (خطبة)

ضيافة الصديق سعة بعد ضيق (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 7/10/2025 ميلادي - 15/4/1447 هجري

الزيارات: 121

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ضيافة الصِّدِّيق.. سَعة بعد ضِيق


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَرَّةً: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ، أَوْ سَادِسٍ». وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ، وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بِثَلَاثَةٍ[1]، قَالَ: فَهُوَ أَنَا، وَأَبِي، وَأُمِّي.

 

وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى تَعَشَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ بَعْدَمَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَوْ ضَيْفِكَ؟ قَالَ: أَوَعَشَّيْتِهِمْ؟[2] قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ[3] فَغَلَبُوهُمْ[4]، فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ[5]، فَقَالَ: "يَا غُنْثَرُ"[6]، فَجَدَّعَ[7]، وَسَبَّ، وَقَالَ: كُلُوا، وَحَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ.

 

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَتَاهُمْ بِمَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: اطْعَمُوا، فَقَالُوا: أَيْنَ رَبُّ مَنْزِلِنَا؟ قَالَ: اطْعَمُوا، قَالُوا: مَا نَحْنُ بِآكِلِينَ حَتَّى يَجِيءَ رَبُّ مَنْزِلِنَا، قَالَ: اقْبَلُوا عَنَّا قِرَاكُمْ؛ فَإِنَّهُ إِنْ جَاءَ وَلَمْ تَطْعَمُوا لَنَلْقَيَنَّ مِنْهُ، فَأَبَوْا.

 

وَلِمُسْلِمٍ: فَلَمَّا أَمْسَيْتُ جِئْنَا بِقِرَاهُمْ، قَالَ: فَأَبَوْا، فَقَالُوا: حَتَّى يَجِيءَ أَبُو مَنْزِلِنَا فَيَطْعَمَ مَعَنَا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّهُ رَجُلٌ حَدِيدٌ[8]، وَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا خِفْتُ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ أَذًى، قَالَ: فَأَبَوْا.

 

قَالَ: وَايْمُ اللَّهِ[9]، مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنَ اللُّقْمَةِ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا[10] أَكْثَرُ مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلُ، فَنَظَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ[11]، قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ[12]، قَالَتْ: لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي[13]، لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِمَّا قَبْلُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ – يَعْنِي: يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً[14]، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ[15]، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الْأَجَلُ[16]، فَتَفَرَّقْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ[17]، اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ[18]، قَالَ: أَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَالْحَاصِلُ: ‌أَنَّ ‌جَمِيعَ ‌الْجَيْشِ أَكَلُوا مِنْ تِلْكَ الْجَفْنَةِ الَّتِي أَرْسَلَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ تَمَامَ الْبَرَكَةِ فِي الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ كَانَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ ظُهُورُ أَوَائِلِ الْبَرَكَةِ فِيهَا، وَأَمَّا انْتِهَاؤُهَا إِلَى أَنْ تَكْفِيَ الْجَيْشَ كُلَّهُمْ فَمَا كَانَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ صَارَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ)[19].

 

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْآدَابِ فِي قِصَّةِ ضُيُوفِ الصِّدِّيقِ:

1- الْتِجَاءُ الْفُقَرَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الْمَخْمَصَةِ وَالْجُوعِ الشَّدِيدِ، وَاسْتِحْبَابُ مُوَاسَاتِهِمْ؛ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إِلْحَاحٌ، وَلَا إِلْحَافٌ، وَلَا تَشْوِيشٌ عَلَى الْمُصَلِّينَ.

 

2- فَضِيلَةُ الْإِيثَارِ وَالْمُوَاسَاةِ، وَأَنَّهُ عِنْدَ كَثْرَةِ الْأَضْيَافِ يُوَزِّعُهُمُ الْإِمَامُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَيُعْطِي لِكُلٍّ مِنْهُمْ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ. وَمِنْ هَذَا أَخَذَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِعْلَهُ فِي عَامِ الرَّمَادَةِ؛ إِذْ كَانَ يُدْخِلُ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ مِثْلَهُمْ مِنَ الْفُقَرَاءِ، وَيَقُولُ: «لَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ ‌عَنْ ‌نِصْفِ ‌قُوتِهِ»[20]، وَكَانَتِ الضَّرُورَةُ ذَلِكَ الْعَامَ أَشَدَّ[21].

 

3- إِذَا رَأَى السُّلْطَانُ بِقَوْمٍ مَسْغَبَةً؛ فَلَهُ أَنْ يُفَرِّقَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْجُودِ وَالْكَرَمِ[22]، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴾ [الْبَلَدِ: 14].

 

4- اسْتِحْبَابُ إِيثَارِ الْفُقَرَاءِ بِالشِّبَعِ مِنَ الطَّعَامِ، وَمُوَاسَاتِهِمْ فِيهِ؛ فَلِهَذَا أُمِرَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ أَنْ يَذْهَبَ بِثَالِثٍ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ أَنْ يَذْهَبَ بِخَامِسٍ، أَوْ بِسَادِسٍ.

 

5- حُبُّ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِيثَارُهُ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ عَلَى الْأَهْلِ وَالْأَضْيَافِ.

 

6- اخْتِصَاصُ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَشَائِهِ عِنْدَهُ.

 

7- أَكْلُ الصِّدِّيقِ عِنْدَ صَدِيقِهِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ ضَيْفٌ؛ إِذَا كَانَ فِي دَارِهِ مَنْ يَقُومُ بِخِدْمَتِهِمْ وَمُؤْنَتِهِمْ.

 

8- جَوَازُ الْغِيَابِ عَنِ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَالضَّيْفِ؛ إِذَا أُعِدَّتْ لَهُمُ الْكِفَايَةُ.

 

9- الْوَلَدُ وَالْأَهْلُ يَلْزَمُهُمْ مِنْ خِدْمَةِ الضَّيْفِ مَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ.

 

10- يَنْبَغِي لِلْأَضْيَافِ أَنْ يَتَأَدَّبُوا وَيَنْتَظِرُوا صَاحِبَ الدَّارِ، وَلَا يَتَهَافَتُوا عَلَى الطَّعَامِ دُونَهُ.

 

11- تَحَمُّلُ الْمَشَقَّةِ مِنْ أَجْلِ إِكْرَامِ الضُّيُوفِ، وَالِاجْتِهَادُ فِي رَفْعِ الْوَحْشَةِ، وَتَطْيِيبِ قُلُوبِهِمْ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْآدَابِ فِي قِصَّةِ ضُيُوفِ الصِّدِّيقِ:

12- إِبَاحَةُ السَّمَرِ مَعَ الْأَضْيَافِ، وَهُوَ مِنْ كَرَمِ الضِّيَافَةِ، وَفِيهِ أَجْرٌ لِلْمُضِيفِ.

 

13- الْحَاضِرُ يَرَى مَا لَا يَرَاهُ الْغَائِبُ؛ فَإِنَّ امْرَأَةَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، لَمَّا رَأَتْ أَنَّ الضِّيفَانَ تَأَخَّرُوا عَنِ الْأَكْلِ تَأَلَّمَتْ لِذَلِكَ، فَبَادَرَتْ – حِينَ قَدِمَ – تَسْأَلُهُ عَنْ سَبَبِ تَأَخُّرِهِ.

 

14- مِنْ إِكْرَامِ الضَّيْفِ: تَعْجِيلُ الطَّعَامِ، وَعَدَمُ تَأْخِيرِهِ.

 

15- إِبَاحَةُ الْأَكْلِ لِلضَّيْفِ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ، وَأَلَّا يَمْتَنِعُوا - إِذَا كَانَ قَدْ أَذِنَ فِي ذَلِكَ؛ لِإِنْكَارِ الصِّدِّيقِ فِي ذَلِكَ[23].

 

16- جَوَازُ الِاخْتِفَاءِ عَنِ الْوَالِدِ - إِذَا خَافَ مِنْهُ الْوَلَدُ؛ بِسَبَبِ تَقْصِيرِهِ.

 

17- لِلرَّجُلِ أَنْ يُحَاسِبَ وَيُعَاتِبَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ عَلَى تَقْصِيرِهِمْ بِبِرِّ أَضْيَافِهِ، وَيَغْضَبَ لِذَلِكَ.

 

18- الْعَمَلُ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ظَنَّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَرَّطَ فِي أَمْرِ الْأَضْيَافِ، فَبَادَرَ إِلَى سَبِّهِ، وَقَوَّى الْقَرِينَةَ عِنْدَهُ اخْتِبَاؤُهُ مِنْهُ.

 

19- انْعِقَادُ يَمِينِ الْغَضْبَانِ[24].

 

20- جَوَازُ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْمُبَاحِ.

 

21- مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَإِنَّهُ يَأْتِي الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلَا تُحَرِّمُ عَلَيْهِ يَمِينُهُ فِعْلَ مَا حَلَفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ[25].

 

22- جَوَازُ التَّشْدِيدِ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِلتَّأْدِيبِ وَالتَّدْرِيبِ عَلَى أَعْمَالِ الْخَيْرِ.

 

23- يَنْبَغِي لِلْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ عَوْنًا لِأَبِيهِ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَأَعْمَالِ الْبِرِّ، وَالْقِيَامِ بِحَقِّ الضُّيُوفِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

 

24- الْأَوْلَى بِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَالْمُضِيفِ حَمْلُ نَفْسِهِ وَالصَّبْرُ، وَتَحْنِيثُ نَفْسِهِ، وَتَطْيِيبُ قُلُوبِ أَضْيَافِهِ بِأَكْلِهِ مَعَهُمْ، وَإِزَالَةُ الْحَرَجِ عَنْهُمْ؛ كَمَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهَذَا مِنْ كَرَمِهِ، فَلَوْ لَمْ يُحَنِّثْ نَفْسَهُ، لَا هُوَ وَلَا هُمْ؛ لَخَرَجُوا عَنْهُ دُونَ قِرًى[26].

 

25- آيَاتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَظْهَرُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ؛ لِبَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

26- كَرَامَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

 

27- الْبَرَكَةُ تَتَضَاعَفُ مَعَ الْكَثْرَةِ، وَالِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ.

 

28- فَضِيلَةُ الْاعْتِرَافِ بِالْخَطَأِ، وَأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ أَوْ تَسَرُّعُهُ فِي الْقَرَارِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاجِعَ نَفْسَهُ، وَيَعْتَرِفَ بِخَطَئِهِ، وَلَا يُصِرَّ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كَأَنَّ هَذِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ» فَدَعَا بِالطَّعَامِ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا.

 

29- إِثْبَاتُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ، وَخَرْقِ الْعَوَائِدِ لَهُمْ؛ لِأَنَّ مَا يُكْرِمُ اللَّهُ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَرَكَةِ اتِّبَاعِهِمْ لِلْأَنْبِيَاءِ، وَحُسْنِ اقْتِدَائِهِمْ بِهِمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 90].

 

30- لُطْفُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَوْلِيَائِهِ؛ فَبَعْدَ أَنْ تَكَدَّرَ خَاطِرُ أَبِي بَكْرٍ وَتَشَوَّشَ، وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ وَأَهْلُهُ وَضَيْفُهُ؛ بِسَبَبِ امْتِنَاعِهِمْ مِنَ الْأَكْلِ، تَدَارَكَ اللَّهُ ذَلِكَ، وَرَفَعَهُ عَنْهُمْ بِالْكَرَامَةِ الَّتِي رَأَوْهَا، فَانْقَلَبَ الْكَدَرُ صَفَاءً، وَالنَّكَدُ سُرُورًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ[27].

 

31- جَوَازُ مُنَادَاةِ الزَّوْجَةِ وَمُخَاطَبَتِهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا؛ لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ لِامْرَأَتِهِ: «يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ».

 

32- جَوَازُ ادِّخَارِ الطَّعَامِ لِلْغَدِ.

 

33- جَوَازُ إِهْدَاءِ الطَّعَامِ بِاللَّيْلِ لِلْأَحِبَّةِ وَالْأَصْدِقَاءِ وَالْأَقْرِبَاءِ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ قَدْ تَعَشَّوْا وَاكْتَفَوْا، وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَبِيتَ الطَّعَامُ عِنْدَهُمْ.



[1] وَأَبُو بَكْرٍ وَثَلاَثَةً: أي: أخَذَ ثلاثةً. انظر: فتح الباري، (6/ 595).

[2] أَوَعَشَّيْتِهِمْ: أي: ‌أَقَصَّرْتِي ‌فِي ‌خِدْمَتِهِمْ، وَمَا أَطْعَمْتِيهِمْ عَشَاءَهُمْ؟ انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، (9/ 3837).

[3] قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ: الفاعل محذوف، أي: الخدمُ أو الأهلُ، أو نحوُ ذلك. انظر: فتح الباري، (6597).

[4] فَغَلَبُوهُمْ: أَيْ: إنَّ آلَ أَبِي بَكْرٍ ‌عَرَضُوا ‌عَلَى ‌الْأَضْيَافِ الْعَشَاءَ فَأَبَوْا، فَعَالَجُوهُمْ فَامْتَنَعُوا، حَتَّى غَلَبُوهُمْ. انظر: فتح الباري، (6597).

[5] فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ: القائل: هو عبدُ الرحمنِ بنُ أبي بكر؛ اختبأَ ‌خَوْفًا ‌مِنْ ‌خِصَامِ ‌أَبِيه لَهُ، وَتَغَيُّظِهِ عَلَيْهِ. انظر: فتح الباري، (6/ 597).

[6] غُنْثَرُ: هو الثَّقِيل الوَخِم. انظر: لسان العرب، (5/ 7).

[7] فَجَدَّعَ: أي: خاصَمَ وذَمَّ. والمُجادعة: المُخاصمة. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (1/ 246).

[8] رَجُلٌ حَدِيدٌ: أَيْ: ‌فِيهِ ‌قُوَّةٌ ‌وَصَلَابَةٌ، وَيَغْضَبُ لِانْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ، وَالتَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ضَيْفِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. انظر: شرح النووي على مسلم، (14/ 21).

[9] وَايْمُ اللَّهِ: ‌اسمٌ ‌وُضِعَ ‌للقَسَمِ، والتقدير: أيْمُنُ اللهِ قَسَمِي. انظر: القاموس المحيط، (ص1241).

[10] إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا: أي: زادَ مِنَ المَوضِعِ الذي أُخِذْتْ منه. انظر: فتح الباري، (6/ 598).

[11] فَإِذَا شَيْءٌ أَوْ أَكْثَرُ: أَي: فَإِذا هُوَ ‌شَيْءٌ ‌كَمَا ‌كَانَ، أَو أَكثرُ. انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، (16/ 126).

[12] يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ: نَسَبُ أُمِّ رومانَ، وفِراسٌ هو ابنُ غَنْمِ ‌بْنِ ‌مَالِكِ ‌بْنِ ‌كِنَانَةَ. ‌ولا ‌خِلافَ ‌في ‌نَسَبِ ‌أُمِّ ‌رومانَ إلى غَنْمِ ‌بْنِ ‌مَالِكٍ. انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم، (6/ 553).

[13] لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِي: قال ابن حجر رحمه الله: (قُرَّةُ الْعَيْنِ ‌يُعَبَّرُ ‌بِهَا ‌عَنِ ‌الْمَسَرَّةِ، وَرُؤْيَةِ مَا يُحِبُّهُ الْإِنْسَانُ، وَيُوَافِقُهُ. يُقَالُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ قَرَّتْ، أَيْ: سَكَنَتْ حَرَكَتُهَا مِنَ التَّلَفُّتِ لِحُصُولِ غَرَضِهَا، فَلَا تَسْتَشْرِفُ لِشَيْءٍ آخَرَ، فَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقَرَارِ). انظر: فتح الباري، (6/ 599). وذهب ابنُ رجَبٍ رحمه الله إلى أنَّ حَلِفَ أُمِّ رومانَ هو مِنَ الحَلِفِ باللهِ وصفاتِه، وليس من الحَلِفِ بغيرِ الله، فقال: (وفي الحديث: ‌جواز ‌الحَلِفُ ‌بِقُرَّةِ ‌العينِ؛ فإنَّ امرأة أبي بكرٍ حَلَفت بذلك، ولم يُنكِره عليها، وقُرَّةُ عَينِ المُؤمِن: هو ربُّه وكلامُه). انظر: فتح الباري، لابن رجب (5/ 173).

[14] فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ – يَعْنِي: يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً: قال ابن حجر رحمه الله: ("إِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ – يَعْنِي: يَمِينَهُ" كَذَا هُنَا، وَفِيهِ حَذْفٌ ‌تَقَدَّمَهَا ‌تَقْدِيرُهُ: "وَإِنَّمَا كَانَ الشَّيْطَانُ الْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ"، يَعْنِي: الْحَامِلَ عَلَى يَمِينِهِ الَّتِي حَلَفَهَا فِي قَوْلِهِ: "وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ". وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ: "وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ – يَعْنِي: يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً"، وَهُوَ أَوْجَهُ) انظر: فتح الباري، (6/ 599). وللبخاري أيضًا: " فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ‌كَأَنَّ ‌هَذِهِ ‌مِنَ ‌الشَيطَانِ. فَدَعَا بِالطَّعَامِ، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا ". وقال العَينيُّ رحمه الله: (كَانَ ذَلِك من الشَّيْطَان، ‌فأخزاه ‌بِالْحِنْثِ الَّذِي هُوَ خَيرٌ). انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، (5/ 100).

[15] ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ: أي: أَصْبَحَتِ الْجَفْنَةُ عنده عَلَى حَالِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْكُلُوا مِنْهَا فِي اللَّيْلِ؛ لِكَوْنِ ذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ مَضَى مِنَ ‌اللَّيْلِ ‌مُدَّةٌ ‌طَوِيلَةٌ. انظر: فتح الباري، (6/ 600).

[16] وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأَجَلُ: أي: وكان بيننا وبين قوم عَهدُ مُهادَنَةٍ، فمَضَتْ مُدَّةُ العَهد.

[17] اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ: يَعْنِي: أَنَّهُ تَحَقَّقَ أَنَّهُ جَعَلَ عَلَيْهِمِ اثْنَا عَشَرَ عَرِّيفًا، لَكِنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ كَانَ تَحْتَ يَدِ ‌كُلِّ ‌عَرِّيفٍ ‌مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ، غَيْرَ أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ – أَيْ: مَعَ كُلِّ نَاسٍ – عَرِّيفًا. انظر: فتح الباري، (6/ 600).

[18] غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ: أَي: غير أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ‌بعث ‌مَعَهم ‌نصيبَ أَصْحَابِهم إِلَيْهِم. انظر: عمدة القاري، (16/ 126).

[19] انظر: فتح الباري، (6/ 600).

[20] الاستذكار، لابن عبد البر (6/ 210)؛ التمهيد، (11/ 625).

[21] انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح، لابن الملقن (6/ 297).

[22] انظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (2/ 226).

[23] انظر: عمدة القاري، (5/ 101).

[24] انظر: فتح الباري، لابن رجب (5/ 166).

[25] انظر: المصدر نفسه، (5/ 169).

[26] انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم، (6/ 551).

[27] انظر: فتح الباري، (6/ 600).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • خطب
  • مقالات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة