• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  موقع الشيخ عبد الله آل جار اللهالشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله شعار موقع الشيخ عبد الله آل جار الله
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله / مقالات


علامة باركود

من مشاهد القيامة

من مشاهد القيامة
الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله


تاريخ الإضافة: 21/9/2025 ميلادي - 29/3/1447 هجري

الزيارات: 144

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من مشاهد القيامة


بسم الله الرحمن الرحيم.

قال تعالى: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 1]، ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مريم: 39]، ﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ﴾ [النبأ: 40]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2]،﴿ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ﴾ [القمر: 46]،﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أَوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ﴾ [عبس: 34- 42].


حقًّا، إنَّ أمر السَّاعة عظيم، وشأنها جسيم، وموعدها قريب، فإنَّ مَن مات قامت قيامته وانتقلت روحه إلى الجنَّة أو إلى النَّار، ونال جسمه في قبْره نعيمٌ أو عذابٌ، فالقبر إمَّا روضة من رياض الجنَّة أو حفرة من حُفَر النَّار، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق الَّذي لا ينطق عن الهوى[1].


فنعيم القبر وعذابه حقٌّ ثابت للبَدَن والرّوح بالكتاب والسُّنَّة وإجماع الأمَّة، وهو مِن الإيمان بالغيب الَّذي لا ينكره إلا مُلحد معانِد، وقد استعاذ النَّبي صلى الله عليه وسلم من عذاب القبر[2]، وأمرنا بالاستعاذة منه في كلّ صلاة بعد التشهُّد[3]، فإذا تَمَّت المدَّة المقدرة لهذا العالم نفخ في الصور فصعق مَن في السموات ومَن في الأرض، وماتوا إلا مَنْ شاء الله، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هُم قيام ينظرون، ويقومون من قبورِهم لربِّ العالمين حفاةً عراةً فرادى، كما خلقوا أوَّل مرَّة، ليس معهم شيءٌ سوى أعمالهم، من حسنات وسيّئات، وتدْنو الشَّمس من رُؤوس الخلائق، ويشتدّ الحرّ، ويعظم الهول، وتبدَّل الأرض غير الأرْض والسَّموات، وبرزوا لله الواحِد القهَّار، وتذهل كلُّ مرضعةٍ عمَّا أرضعتْ، وتضع كلُّ ذات حَمْل حملَها، ويَشيب الولدان من هوْل ذلك اليوم وطوله، حيثُ يقدَّر بخمسين ألفَ سنة، ويبلغ النَّاس الكرب والغمّ ما لا يطيقون ولا يَحتمِلون، فيطْلُبون مَن يشفع لهم إلى ربِّهم، ليُحاسبهم ويُريحهم من كرب الموقف، فيذهبون إلى آدم أبي البشَر، ثمَّ إلى نوح، ثمَّ إلى إبراهيم الخليل، ثمَّ إلى موسى، ثمَّ إلى عيسى، فيعتذِرون ويقول كل واحدٍ منهم: إنَّ ربِّي قد غضب اليوم غضبًا لَم يغضبْ قبله مثله، ولن يغضبَ بعده مثله، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، فيذهبون إلى محمَّد صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها، فيذهب فيسجد تحت العرْش فيفتح الله عليه مِنْ مَحامِدِه ثُم يقال: يا محمَّد ارفع رأسك، وقلْ تُسمع، وسلْ تعطَ، واشفع تشفَّع[4]، فيشفع في أعلى الموقف أن يحاسبوا فيحمَده على ذلك الأوَّلون والآخرون، وهذه هي الشَّفاعة العظمى والمقام المحمود لنبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم.


فيَجِيء الربُّ - سبحانه وتعالى - للحكم والقضاء بين عباده بالحقّ، وجزاء كلّ عامل بعمله، ويُجاء بِجهنم تقاد بسبعين ألفَ زمام،مع كلّ زمام سبعون ألف مَلَك يجرُّونها، لها تغيّظ وزفير؛ قال تعالى: ﴿ كَلا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 21-24]، ﴿ وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾ [الزمر: 69، 70]، فيحاسب الله الخلائق، ويجزي كل عامل بعمله؛ ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ﴾[آل عمران: 30]،﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]،﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾[الزلزلة: 7، 8]، وتنشر دواوين الأعمال التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة، فيأخذ كلّ كتابه بيمينه أو بشماله، وتُنْصَب الموازين فتُوزن بها أعمال العباد من حسنات وسيئات؛ ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴾[المؤمنون: 102-104].


أمَّا المؤمنون، فتبيضّ وجوهُهم في ذلك اليوم العظيم، وتثقل موازين حسناتِهم، ويعطون كتب أعمالهم بأيمانهم، ويرِدُون حوض نبيّهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أشدّ بياضًا من اللبن وأحلى من العسل، وألْيَن من الزبد وأطيب رائحة من المسك، فيشْربون منه شربة هنيئة لا يظمؤون بعدها أبدًا، وينصب الصِّراط على متن جهنَّم فيمرّ النَّاس عليه على حسب أعمالهم في السرعة وعدمها،﴿ وَسِيقَ الَّذينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ﴾[الزمر: 73]، كلّ طائفةٍ مع نُظَرائها حتَّى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها بشفاعة محمَّد صلى الله عليه وسلم فتلقاهم خزنتها يسلِّمون عليهم ويهنِّئونَهم بسلامة الوصول إلى دار النَّعيم، والسَّلامة من عذاب الجحيم والخلود الأبدي فيما تشتهيه الأنفُس، وتلذّ الأعين من نعيم القلوب والأرواح والأبدان، مما يشاؤون في جنَّات النعيم، وتمام ذلك أن يحلَّ الكريم عليهم رضْوانه فلا يسخط عليهم بعده أبدًا.


﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 72].


وأنَّه يقال لهم: إنَّ لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدًا، وإنَّ لكم أن تصحّوا فلا تمرضوا أبدًا، وإنَّ لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا، وإنَّ لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا[5]، ولهم نعيم أعلى من ذلك وهو التمتُّع بالنَّظر إلى وجه الله الكريم، وسماع خطابه، والابتهاج برضاه وقربِه، والسرور بمحبَّته وذكره، فتبارك الله ربّ العالمين؛ ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [الزمر: 74].


لِمِثْل هذه الدَّار فليعمل العاملون، وفي أعمالها الموصّلة إليها فليتنافس المتنافسون، طريقها يسير على من يسَّره الله عليه، وهو الإيمان الصَّادق والعمل الصَّالح، وامتثال الأوامر واجتِناب النَّواهي، والتوبة النَّصُوح في جميع الأَوْقات، من جميع الذنوب والسيّئات، والإنابة إلى الله في كلّ وقت وحين، وكثْرة ذكره ودعائه واستِغْفاره.


وأمَّا الكافرون والمجرمون والمُشركون والعصاة والملحدون، فيخرجون من قبورهم قلِقين، فزِعين مرعوبين خائفين، يقولون: ﴿ يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا ﴾ [يس: 52]، ﴿ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ [الأنعام: 31]، ويُحاسبهم الله على ما أسلفوا من الجرائم، ويُخزيهم بين الخلائق، فتسودّ وجوههم، وتخفّ موازين حسناتِهم، ويُعْطَون كتب أعمالهم بشمائلهم، ويُساقون إلى جهنَّم جياعًا عطاشًا﴿ زُمَرًا ﴾، كلّ طائفةٍ مع شكْلِها من أهل الشَّرّ، حتى إذا جاؤوها فتحتْ أبوابها في وجوههم، ففاجأهم حرُّها الشَّديد المزعج، وحلَّ بهم الفزع الأكبر الَّذي لا يشبهه فزع، فتلقَّتهم خزنة جهنَّم يوبِّخونهم على ما قدَّموا لأنفسهم:﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الزمر: 71]،﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10، 11]، وينادون مالكًا خازن جهنم قائلين:﴿ يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾؛ أي: ليُميتَنا فنستريح، فيقول: ﴿ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾ [الزخرف: 77]، ثُم يُنادون ربَّهم قائلين: ﴿ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَؤوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 107، 108]، فحينئذ يأخذون في الزَّفير والشَّهيق، وييئَسون من كلّ خير ومن كلّ فرج وراحة، ويتيقَّنون أنَّه الخلود الدَّائم، والعذاب الأبدي المستمرّ،﴿ وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ ﴾ [غافر: 49، 50].


ما أشدَّ شقاءَهم! وما أعظم عناءَهم! ينوِّع عليهم العذاب، تارة يعذَّبون بالسعير المحرق لظواهرهم وبواطنهم، كلَّما نضجتْ جلودهم بدِّلوا جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب، وتارةً بالزَّمهرير الذي قد بلغ مِن بردِه أن يهري اللحوم، ويكسر العظام، وتارة يعذبون بالجوع الشَّديد والعطش المفزع، وإذا استغاثوا من ذلك أُغيثوا بعذاب آخَر ولون من الشقاء ينسي ما سبقه، يُغاثون بطعام ذي غصَّة من شجر الزَّقوم والضَّريع الذي لا يُسمن ولا يغني من جوع، قد بلغ نهاية الحرارة، وشدَّة المرارة وقبح الرَّائحة، إذا وصل إلى بطونِهم غلَى كغلْي الحميم الذي يوقد عليه في النَّار، وإذا استغاثوا للشراب أُغيثوا بماء كالمُهْل وهو الرصاص المذاب، إذا قرب من وجوههم شواها، فإذا شربوه من شدَّة العطش قطَّع أمعاءهم، لا يفتَّر عنه العذاب ساعة ولا يرجون فرجًا ولا مخرجًا، قد نسيهم الله في العذاب كما نسوه، وانتقم منهم لما آسفوه[6].


إنَّه لا يدخل النَّار إلا الأشْقى الذي كذَّب وتولَّى، وجمع فأوعى، ونسِي المبتدأ والمنتهى، وتجبَّر على الخلق وآثر الحياة الدنيا، والجزاء من جنس العمل، وما ربك بظلام للعبيد.


فإذا دخل أهل الجنَّة الجنَّة، وأهل النَّار النَّار جيء بالموت في صورة كبش، فيُذبح بين الجنَّة والنَّار، فيُقال: يا أهل الجنَّة خلود ولا موت، فيزدادون فرحًا إلى فرحِهم، ويا أهل النَّار خلود ولا موت، فيزدادون حسرةً إلى حسرتهم، وأكثر النَّاس لَم يدخل الإيمان بالآخرة صميمَ قُلُوبهم، ولم يبلغ سويداء أفئدتهم، ويدلّ على ذلك شدَّة استعدادهم لحرّ الصَّيف وبرد الشتاء وعدم استعدادهم لحرِّ جهنَّم وزمهريرها.


وقد أقام الله الحجَّة على خلْقه في هذه الدار، وقطع المعذرة، وأرسل الرُّسُل مبشِّرين ومنذرين؛ لئلاَّ يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل، وأنزل الكتب بالبراهين السَّاطعة والأدلَّة الجليَّة الواضحة، وأسبغ على عباده نِعَمَه ظاهرة وباطنة، ورزقَهم ممَّا يحتاجون إليه، وأكثر من ذلك، وأعطاهم وسائل العلْم والإدراك والمعرفة من الأسماع والأبصار والعقول ليعقلوا بها عن الله أمره ونهيه، وخلق لهم ما في الأرض جميعًا ليشكروه عليها باستِعْمالها فيما يرضيه والاستعانة بها على طاعتِه، وأمر العباد بما ينفعهم ويصلحهم وحذَّرهم ممَّا يضرُّهم، ووعد مَن أطاعه بعظيم الأجر وحسن الجزاء وجزيل الثواب، وتوعَّد مَن عصاه بأليم العذاب، وأخبرنا بقصَص الماضين من المؤمنين والكافرين لأخْذ العبرة منها، ومِن لُطْفِه تعالى وكرمه أنَّه يجزي بالحسنة عشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة، وبالسيِّئة مثلها أو يعفو الله عنها إذا تِيب منها، فلِلَّه الحمد والشكر والثناء على ذلك، ولن يهلك على الله إلا هالك.


اللهُمَّ إنَّا نسألك الجنَّة وما قرَّب إليها من قول وعمل واعتِقاد، ونعوذ بك من النَّار وما قرَّب إليها من عملٍ وقول واعتِقاد، ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النَّار.


ربَّنا آتِنا من لدنك رحمةً وهيِّئ لنا من أمرنا رشدًا.


ربَّنا اغفر لنا ذنوبنا وكفِّر عنَّا سيِّئاتنا وتوفَّنا مع الأبرار.


ربَّنا لا تزغ قلوبَنا بعد إذ هديْتَنا، وهَب لنا من لدنك رحمةً إنَّك أنت الوهَّاب.


ربَّنا تقبَّل منَّا إنَّك أنت السَّميع العليم، وتُب عليْنا إنَّك أنت التوَّاب الرَّحيم، آمين يا رب العالمين، يا حيّ يا قيّوم يا ذا الجلال والإكرام.


وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه أجمعين.



[1] في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن أبي سعيد.

[2] في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن عائشة - رضي الله عنها.

[3] متَّفق عليه.

[4] متفق عليه.

[5] حديث شريف رواه مسلم في صحيحه.

[6] انظر تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن، ص (26 - 28)؛ للشيخ عبدالرحمن السعدي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • صوتيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة