• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامةد. حسني حمدان الدسوقي حمامة شعار موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة / مقالات


علامة باركود

فتق الرتق

فتق الرتق
د. حسني حمدان الدسوقي حمامة

تاريخ الإضافة: 18/3/2017 ميلادي - 19/6/1438 هجري

الزيارات: 27240

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فتق الرتق

حقيقة مولد الزمان والمكان

من آيات الله في السماء والأرض


فَتْق الرتق، ودخان السماء، وحبك السماء، والنجوم الخنس الجواري الكنس، آيات كونية كبرى، فالحدث الأول منه ولد الزمان والمكان والكون أو الأكوان، حدث فريد لم يشهده الناس، ترك الله آثارًا في كوننا اليوم، يمكن من دراستها معرفة أحداث اللحظات الأولى في عمر الكون، فاتساع الكون، واكتشاف الذرات الأول اللائي شهِدن مولد الكون، وإشعاع خلفية الكون، ومحاكات الانفجار الأعظم، شواهد على فتق الرتق، ودراسة الغبار بين النجوم، ودوراته ومكوناته، شاهد على الأصل الدخاني للسماوات، والتموجات الخفية التي تتسلل في الكون (CMB)، والناتجة عن موجات الجاذبية العاتية التي سادت في بداية عمر الكون، تكشف أسرار الكون ووحداته البنيوية الكبرى، والثقوب السوداء وما تكنسه من مادة وطاقة السماء حولها، وكونها مناطق سوداء قد خلت منها الطاقة، وإحاطتها بنطاق ضوئي تختفي من ورائه الدلائل على عظمة القسم القرآني ﴿ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ﴾ [التكوير: 15، 16].

 

وفي الأرض آيات للموقنين، في تقطيعها إلى قطع، وفي مدها وإنقاصها من أطرافها، وفي تلازم المد وإلقاء الرواسي، وفي جبال الأرض التي تمر ويحسبها الناظر إليها جامدة - شواهد قرآنية على صحة أحسن وأقوى نظريات علم الأرض المسماة بنظرية ألواح الغلاف الصخري.

ويعد ملتقى البحار، وما بينها من برزخ وحِجر وحاجز - سرًّا عظيمًا من أسرار العلم في القرآن، تكشف عنه ظاهرة المط السطحي، ومستوى القاعدة العام الذي يحدد الاتزان بين الأجسام المائية المتلاقية، وأيضًا تجدد مادة قاع البحر باستمرار من عند منتصف قيعانها؛ حيث تسجر عندها بالحمم، وتكوين أكبر منظومة صدوع عبر حيد وسط المحيط الذي يحزم الأرض من عند منتصفات قيعانها، كلها آيات كونية كشف القرآن السر عنها، وفي الأنهار البديعة وتلازمها مع رواسي الأرض ألغاز علمية حلَّها القرآن قبل علماء اليوم، غيض من فيض سُقته هنا حول بعض آيات الله القائل عز وجل: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾ [الذاريات: 20].

 

• فتق الرتق: حقيقة مولد الزمان والمكان:

خلق السماوات والأرض غيب، لم يشهده الناس، ولا يماري أحد في ذلك؛ يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السماوات وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ [الكهف: 51]، ومسألة أصل الكون لا تشغل المؤمنين كثيرًا؛ لأنهم يعلمون علم اليقين أن الله فطر السماوات والأرض بقدرته التي لا يحدها حد، ولكن القضية تشغل تفكير الذين لا يؤمنون بالله شغلاً كبيرًا؛ لأنهم مرتابون في الله، ووجود الله أكبر من أن يُنكر؛ لأنها فطرة لا يقدرون على طمسها مهما حاولوا، ويحدو هؤلاء رجاء أن يكون الكون أزليًّا بلا بداية ولا نهاية، عساهم يركنون إلى هواهم!

 

وفي مسألة مولد الكون نجد القرآن الكريم جاء بالفصل في قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السماوات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30]، وفي الآية استفهامان: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾؟ و﴿ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾؟ وخبران: ﴿ أَنَّ السماوات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾، و﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾، وسبحان مَن هذا كلامه! في آية واحدة بيَّن الحق تعالى أن أساس السماوات والأرض رتقٌ قد فُتِق، وأن أساس الحياة الماء، والرتق عكس الفتق، والرتق هو الضم والجمع، والفتق هو الفصل والانتشار والتباعد، ولقد فسرت الآية على وجوه عدة أهمها ثلاثة وجوه:

1- السماوات والأرض كانتا شيئًا واحدًا، ملتزمتين، ففصل الله بينهما، وجعل السماوات سبعًا والأرضين سبعًا.

2- كانت السماوات مُؤلفة من طبقة واحدة، ففتقهما الله وجعلها سبع سماوات، وكذلك الأرضين كانت مُرتتقة طبقة واحدة، ففتقها الله وجعلها سبعًا.

3- السماوات كانت رتقًا لا تمطر، والأرض كانت رتقًا لا تنبت، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات.

 

والمدهش أن التفسيرين الأول والثاني هما ما يتحاجُّ به فريقان من علماء الكون اليوم على النحو الذي سيتضح فيما بعد، فحقيقة النص القرآني عن نشأة الكون أو إن شئت الأكوان هي: "فَتْق الرتق"، وفحوى النص العلمي هي الانفجار الأعظم (البج بانج) Big Bang، والتي يكاد يعرفها العلماء والعامة من الناس اليوم، والمفهوم العلمي السائد أن الكون انبثق من مُفْردة (Singularity) صفرية الأبعاد، لا نهائية الكثافة، لا نهائية التكور، وانفجرت النقطة انفجارًا غير عادي، أدَّى إلى تكوين الكون عبر مليارات السنين، إلى أن وصل إلى شكله الحالي (شكل 1).

شكل (1): تطور الكون منذ الانفجار العظيم


من الذي فتق الرتق؟ قلت من قبل أن الجواب عند المؤمنين هو الله جل جلاله، والعلم أيضًا يشهد بذلك، وتلك شهادة أبرز علماء اليوم الأستاذ الدكتور ستيفن هوكنج - الأستاذ بقسم الرياضيات التطبيقية - جامعة كامبردج ببريطانيا، وقد توجهت برسالتين له عبر مقالاتي المنشورة بجريدة الجمهورية المصرية؛ يقول هوكنج بعد أن أكد أن لديه الصورة الصحيحة عن مولد الزمان: "وإذًا فإننا واثقون تمامًا من أن لدينا الصورة الصحيحة على الأقل بما يرجع وراء إلى ما يقرب من الثانية بعد الانفجار الكبير، ثم يضيف: "ويعني هذا أن الحالة الابتدائية للكون يلزم أن يكون فيها بالضبط الحرارة نفسها في كل مكان، حتى يمكن تفسير حقيقة أن الخلفية الميكرويفية لها الحرارة نفسها في كل اتجاه ننظر إليه، كما أن السرعة الابتدائية للتمدد يجب أن يتم اختيارها اختيارًا مضبوطًا جدًّا، حتى تظل سرعة التمدد قريبة جدًّا من المعدل الحرج اللازم؛ لتجنب التقلص ثانية، ويعني هذا أن الحالة الابتدائية للكون يجب أن تكون قد تم اختيارها بحرص بالغ، حقًّا لو كان نموذج الانفجار الساخن صحيحًا رجوعًا إلى بدء الزمان مباشرة، وسيكون من الصعوبة البالغة تفسير السبب في أنه ينبغي أن يبدأ الكون بهذه الطريقة بالضبط إلا بقصد".

 

نعم هناك قصد، وليس هنا تفسير يحترمه العقل لكلمة قصد إلا الأمر الإلهي: "كن فيكون"، وحقيقة القصد تتضح من حديث النبي الذي أخرجه البخاري في صحيحه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض)، على أن أهم ما توصل إليه العالم ستيفن هوكنج وهو يشير إلى فكرة التضخم الكوني (أحد ملامح الفتق) في مراحله الأولى - أن طاقة الكون الكلية هي بالضبط صفر، فمن أن أين جاءت جسيمات المادة التي تبلغ 8010 - (عشرة مضروبة في نفسها 80 مرة) - جسيمًا، وذلك في الكون المرصود؟ من أين أتت مادة الكون إذا كانت طاقته صفرًا والصفر لا يعطي إلا صفرًا؟ اللهم إلا إذا كانت هناك قوة عُليا تقول للصفر: كن فيكون كونًا، والسؤال يَحْسُن أن يصاغ هكذا: من الذي فطر السماوات والأرض؟ حتى يأتي الجواب الذي لا جواب غيره، من كتاب الله العزيز؛ حيث يقول تعالى: ﴿ قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ ﴾ [الأنبياء: 56].

﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السماوات وَالْأَرْضِ ﴾ [الأنعام: 14].

﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السماوات وَالْأَرْضِ ﴾ [إبراهيم: 10].

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السماوات وَالْأَرْضِ ﴾ [فاطر: 1].

﴿ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السماوات وَالْأَرْضِ ﴾ [الزمر: 46].

﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾ [الشورى: 11].

 

فما معنى فاطر؟ الفطر: الابتداع والاختراع، قال ابن عباس: كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض، حتى آتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها؛ أي: ابتدأتها، والفاطر هو المبدع والخالق، وفاطر السماوات والأرض سبحانه، فاطر الموجودات؛ أي: خالقها ومبدعها على الإطلاق من غير شيء ولا مثال سابق، وقيل: خالقها ومخترعها ومنشؤها وموجدها بعد العدم، وتأتي الآية التالية لتزيد الأمر وضوحًا: ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117]، وكل من أنشأ ما لم يُسْبَق إليه يقال له: مبدع.

 

فجواب سؤال هوكنج السابق: من أين أتت مادة الكون؟ هو مِن فاطر السماوات والأرض، وبديع السماوات والأرض، القائل للشيء: كن فيكون، من الخلاق العليم، وآية فتق الرتق ومائية الخلق، توضح أن من الأصل الواحد وهو الرتق نشأت السماوات والأرض عن طريق الفتق. فالأصل هو الرتق وهو متجانس؛ إما في جمعه بين متجانسين كوَّنا معًا شيئًا واحدًا، فكان التجانس تجانسًا حقيقيًّا، وأن كليهما اجتمعا على ما في كل منهما من خصوصية في رتق ذي حدود فاصلة، والمنشأ واحد يعطي سماوات سبعًا وأرضين سبعًا، تختلف في بنائها وبُنيانها، والجميع في استواء لا عوج فيه، وصدق الله حيث يقول: ﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سماوات طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ [الملك: 3، 4].

 

والعلماء فريقان أمام حال الكون في لحظة الانفجار الأعظم، فريق يرى أن الكون كان متجانسًا تجانسًا تامًّا آنذاك، وفريق يرى أن عدم التجانس كان موجودًا في بقاع من الكون الأولى، وهذا هو عين ما توصل إليه مفسرو الآية كما سبق أن أشرت من قبل، ويعتقد أعظم علماء الفلك والفيزياء والرياضيات ستيفن هوكنج - أن مكونات الانفجار العظيم (الرتق) تمددت (تفتقت) بطريقة غير متجانسة إلى الخارج، فكبست كبسًا شديدًا في مناطق، وتفرغت في مناطق أخرى، وثالثة تركزت فيها المادة بين هذا وذاك، وتكونت الثقوب السوداء الأولية كما يرى هوكنج، وتفاوتت في أحجامها تفاوتًا كبيرًا، فمنها ما هو في حجم الذرة، ومنها العملاق الذي يبلغ حجم ملايين المرات حجم الشمس، ويفسر ذلك تآلف الكون من تجمعات نجمية هي المجرات في تجمعات، وإحاطتها بفراغ أو فضاء.

 

وهنا أيضًا وقفة تأمُّل في قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30]، وربما يقفز سؤال: كيف يرون فتق الرتق والحدث قديم قدم عمر الكون، ولم يكن الذين كفروا ولا غيرهم شاهدين مولد الكون؟! والجواب أن الآية توبيخ للذين كفروا لإنكارهم حقيقة خلق السماوات والأرض، وأرى وجهًا آخر في ذلك تدعمه فاصلة الآية: ﴿ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾؛ أي: إنه أَمَا آن لهم أن يؤمنوا حينما يتضح لهم حدث "فتق الرتق" وكأنهم عايَنوه؟! وهنا أناقش السؤال التالي: هل رأوْا " فتق الرتق"؟ أقول هنا: إن الرؤية إما أن تكون بالعين فتتعدى إلى مفعول واحد، وإما أن تكون الرؤية بمعنى العلم، فتتعدى إلى مفعولين (مختار الصحاح)، ويقال: رأى في الفكر رأيًا، والرؤية في الآية لا يمكن أن تكون بالعين؛ لأن الحدث المراد رؤيته مر عليه ما يزيد عن عشرة مليارات من السنين، ولم يكن هناك بشر على الإطلاق، وهنا يتجلى وجه من أروع وجوع الإعجاز، وهو إخبار الله بفتق الرتق، ثم يأتي العلماء يحققون تلك الرؤية بالعلم، عن طريق مشاهدة ظواهر الكون، وعن طريق الاستنتاج.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • عروض تقديمية
  • في الإعجاز
  • الإعجاز العلمي ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة