• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  موقع الدكتور صغير بن محمد الصغيرد. صغير بن محمد الصغير الدكتور صغير بن محمد الصغير عليه وسلم
شبكة الألوكة / موقع د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة
لمراسلة الدكتور صغير الصغير


Tweets by d_sogher
علامة باركود

وحدة الصف (خطبة)

وحدة الصف (خطبة)
د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 29/9/2025 ميلادي - 7/4/1447 هجري

الزيارات: 474

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وحدة الصف

 

الحمد لله الذي ألف بين قلوب المؤمنين فصاروا بنعمته إخوانا، وجعل في اجتماع كلمتهم قوة ومنعة، وفي تفرقهم ضعفا وشتاتا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة التوحيد التي عليها نجتمع، وحبل الله المتين الذي به نعتصم. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي وحد الصفوف بعد فرقة، وجمع القلوب بعد شتات، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كانوا على الحق جماعة وللخير أئمة، أما بعد:

فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾[النساء: 131].

 

أيها المسلمون: إن نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، وإن من أجلّ هذه النعم وأعظمها نعمتين عظيمتين: نعمة الأوطان التي نأوي إليها، ونعمة الأمن والاستقرار الذي نستظل به، وهما نعمتان لا يعرف قدرهما إلا من فقدهما، ولا تستقيم حياة الناس إلا بهما.

 

وقف النبي صلى الله عليه وسلم على مشارف مكة يوم الهجرة، وقد غلبه الشوق والحنين، وقال: "والله إنكِ لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت".[1]


كلمات قصيرة لكنها تحمل معاني عظيمة؛ إذ تُظهر أن حب الوطن فطرة في النفوس، وأن الخروج منه لا يكون إلا اضطرارًا، وأن نعمة الأمن والاستقرار لا يقدرها إلا من فقدها.

 

ومن تمام هذه النعمة أن تجتمع الأمة على كلمة سواء، فإن وحدة الصف مقصد عظيم من مقاصد الشريعة، به تحفظ الحقوق وتقام الشعائر وتعلو مكانة المسلمين. قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92]، وقال جل شأنه: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103].

 

وحذّر سبحانه من الفرقة فقال: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46].

 

وجاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يرضى لكم ثلاثًا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم"[2] فالدين يأمر بالاجتماع على الطاعة، وينهى عن التنازع المفضي إلى الفشل والخذلان.

 

ومن لوازم وحدة الصف حفظ الأوطان وصيانة الأمن؛ فقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ﴾[النساء: 59]، فطاعة ولاة الأمور في المعروف، والالتزام بالأنظمة التي تحفظ الحقوق وتصون الدماء والأموال، سبيل إلى استقرار المجتمع ودوام نعمته. وقد امتن الله على قريش قبل الإسلام بقوله: ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴾[قريش: 4]، فدلّ على أن الأمن نعمة لا تستقيم الحياة إلا بها.

 

وفي المقابل، فإن وحدة الصف تجعل الأمة أقوى على نصرة قضاياها العادلة، وفي مقدمتها قضية فلسطين. وما يتعرض له أهل غزة اليوم من عدوان سافر إنما يكشف عن صدق القرآن المعجز الذي أخبر عن طبيعة بني إسرائيل عبر التاريخ: ظلمٌ وعدوانٌ ونقضٌ للعهود. قال تعالى: ﴿ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾[البقرة: 61]، وقال سبحانه: ﴿ وَتَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ ﴾[البقرة: 85]، فما نشهده اليوم من جرائم الاحتلال ليس جديدًا، وإنما هو امتداد لصفات ذكرها القرآن قبل قرون طويلة، شاهدًا على صدقه وإعجازه.

 

والواجب الشرعي على الأمة أن تنصر المظلومين بما تستطيع من وسائل مشروعة: دعاءً، ومالًا، ومساندة إعلامية وسياسية، ودعمًا للإغاثة، مع لزوم الجماعة، والحذر من الفوضى أو التفرق الذي يضعف الموقف ويخدم العدو. قال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"[3]، وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".[4]


وهكذا يتبين أن حب الوطن نعمة، وأن الاجتماع على كلمة سواء فريضة، وأن الطاعة والانضباط أساس الاستقرار، وأن نصرة قضايا الأمة لا تكون إلا بالوحدة والقوة. فالاجتماع عزّ، والتفرق ضعف، والنصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وما النصر إلا من عند الله.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فإن تأكيد أهمية نعمة الأوطان ولزوم الجماعة ووحدة الصف، والتحذير من التفرق والاختلاف، هو من أعظم ما يجب على المسلم فقهه والعمل به، فما قامت للأمة قائمة إلا بالاجتماع، وما ضعفت وذهبت ريحها إلا بالنزاع.

 

إن الأمة التي تربطها رابطة الدين وتستظل بظل الطاعة إذا التزمت بالوحدة واجتنبت أسباب الشقاق، كانت أصلب عودًا وأقوى شوكة في مواجهة أعدائها. ومن هنا جاء التحذير القرآني البليغ: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾[الأنفال: 46]؛ أي لا تختلفوا فينهار سلطانكم وتزول قوتكم. قال ابن كثير رحمه الله: " ولا يتنازعوا فيما بينهم، فيختلفوا، فيكون سببا لتخاذلهم وفشلهم، ﴿ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ أي: قوتكم وحدتكم، وما كنتم فيه من الإقبال"[5].

 

وقد أدرك السلف هذه الحقيقة العظيمة، فكانوا ينهون أشد النهي عن الفرقة والنزاع. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "الخلاف شر"[6]. وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: "اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكفّ عمّا كفّوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم".[7]


وما ذاك إلا لأن الفتنة إذا أُشعلت أكلت الأخضر واليابس، وإذا تفرّق الناس ذهبت قوتهم مهما كثرت أعدادهم. قال الحسن البصري رحمه الله: "قد كان في الذين من قبلكم التفرق والاختلاف، فقرأ آية "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ" إلى آخرها، ثم قال: هلك القوم والله وهم مسلمون، أما إنهم لم يتفرقوا في دمائهم، ولكن تفرقوا في أمر دينهم واختلفوا، فبذلك هلكوا".[8]


لذلك فإن الحكمة والديانة تقتضي أن يُعرض المسلم عمّا يثير الفتن، وأن يحرص على ما يجمع الكلمة ويوحّد الصف، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، كما جاء في الحديث: "فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ".[9]


فالمقصود أن بقاء الصف متماسكًا، وطاعة ولاة الأمور في المعروف، والاعتصام بالكتاب والسنة، هو صمام الأمان لهذه الأمة، وبه تحفظ مكانتها وتستطيع مواجهة عدوها، وإلا فالفرقة ضعف، والتنازع خذلان، والاختلاف مدخل لكل شر.

 

وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم



[1] أخرجه الترمذي (3925)، والنسائي (4254)، وأحمد في مسنده (18731)، وابن ماجه (3108)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" (7089).

[2] أخرجه مسلم (1715).

[3] أخرجه البخاري (481)، ومسلم (2585).

[4] أخرجه مسلم (2586)، وأخرجه البخاري (6011)، بلفظ: "تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى".

[5] انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (4/49).

[6] أخرجه أحمد (3637)، وأبو داود (1960)، وابن أبي شيبة (8193).

[7] انظر: "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" للالكائي (1/154)، و"الشريعة" للآجري (1/137).

[8] انظر: تفسير الطبري (7/85).

[9] أخرجه أبو داود (547)، والنسائي (847)، وأحمد في مسنده (21709)، وابن حبان (2101)، والحاكم في المستدرك (892) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • مقالات
  • خطب مكتوبة
  • صوتيات
  • الاستشارات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة