• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  موقع الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثرد. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر شعار موقع الدكتور عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر / مقالات في الطب النبوي


علامة باركود

تفريغ الشهوة عند ثورانها في السنة النبوية

تفريغ الشهوة عند ثورانها في السنة النبوية
د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر


تاريخ الإضافة: 21/10/2025 ميلادي - 29/4/1447 هجري

الزيارات: 43

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفريغ الشهوة عند ثورانها في السنة النبوية


الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسوله ومصطفاه، أما بعد:

فقد كنت في نقاش عن الحلول الشرعية الواردة في السنة النبوية لتخفيف آثار انتشار الأمراض المتعلقة بالبروستاتة بسبب كثرة المثيرات، واختلاط الفتيان بالفتيات، وما يعرض في وسائل التواصل عبر الجوالات، حيث إن في السنة النبوية ما يحفظ الصحة عامة من حيث الوقاية ومن جهة العلاج، ومن ذلك الصحة الجنسية، فكتبت ما ذكرت في ذلك اللقاء في هذا البحث، وهو ضمن الموسوعة الطبية في السنة النبوية التي أنشر بعض ما فيها على فترات، ومن الله أستمد العون.

 

المبحث الأول: سرعة تفريغ الشهوة عند ثورانها:

يشرع للرجل إذا رأى المثيرات أن يأتي أهله، فقد ثبت عن جَابِر- رضي الله عنه-: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ، فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ)). وفي رواية: في صحيح مسلم (رقم 1403): ((إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ)).

 

وروى أبو كبشة الأنماري- رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في أصحابه فدخل ثم خرج وقد اغتسل، فقلنا: يا رسول الله، قد كان شيء؟ قال: أجل، مرت بي فلانة فوقع في قلبي شهوة النساء، فأتيت بعض أزواجي فأصبتها، فكذلك فافعلوا، فإنه من أماثل أعمالكم إتيان الحلال"؛ رواه الإمام أحمد في "المسند" (29/ 557)، والطبراني في "الأوسط" (4/ 159) وقال: "لا يروى هذا الحديث عن أبي كبشة إلَّا بهذا الإسناد، تفرَّد به معاوية بن صالح". وقال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات؛ اهـ. وقد صحَّحه الألباني والأرناؤوط.

 

وقال القرطبي- رحمه الله- في المفهم: أي: في صفته من الوسوسة والتحريك للشهوة بما يبدو منها من المحاسن المثيرة للشهوة النفسية والميل الطبيعي، وبذلك تدعو إلى الفتنة التي هي أعظم من فتنة الشيطان؛ ولذلك قال- صلى الله عليه وسلم-: ما تركت في أُمَّتي فتنة أضر على الرجال من النساء؛ اهـ.

 

وعن عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ- رضي الله عنه- قَالَ: ((من رأى منكم امرأة فأعجبته فليواطئ أهله، فإن معهن مثل الذي معهن))؛ رواه موقوفًا في "المصنف" لابن أبي شيبة (4/ 321).

 

قال الإمام النووي- رحمه الله-: قال العلماء: معناه: الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها لما جعل الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها ألا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها، والإعراض عنها مطلقًا.

 

وقال الإمام الحافظ المناوي- رحمه الله- في شرح هذا الحديث في فيض القدير: فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته- أي استحسنها- لأن غاية رؤية المتعجب منه استحسانه، فليأت أهله؛ أي: فليجامع حليلته، فإن ذلك- أي جماعها- يرد ما في نفسه؛ أي: يعكسه ويغلبه ويقهره.... وأرشدهم إلى أن أحدهم إذا تحركت شهوته واقع حليلته تسكينًا لها وجمعًا لقلبه ودفعًا لوسوسة العين. وهذا من الطب النبوي، وهذا قاله لما رأى امرأة فأعجبته فدخل على زينب- رضي الله عنها- فقضى حاجته منها وخرج فذكره؛ اهـ.

 

قال النووي- رحمه الله- شارحًا لهذا الحديث: إنه يستحب لمن رأى امرأة فتحركت شهوته أن يأتي امرأته أو جاريته إن كانت له فليواقعها- يعني يجامعها- ليدفع شهوته وتسكن نفسه، ويجمع قلبه على ما هو بصدده.

 

المبحث الثاني: إعفاف الزوجة لزوجها:

المطلب الأول: تحريم امتناع الزوجة عن إمتاع زوجها:

يجب على المرأة أن تستجيب لطلب الزوج عند طلبه الفراش، فقد ثبت عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ))[1].

 

وقوله: "إلى فراشه" المقصود بالفراش الجماع، كناية عن الجماع، وهذا الحديث يفيد اللعن، من الليل إلى الصباح، طيلة الليل الملائكة تلعنها إذا تباعدت عن فراش زوجها بغير سبب شرعي.

 

وفي رواية: ((فأبت أن تجيء))[2].

 

وفي رواية: فبات غضبان عليها[3].

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية النميري- رحمه الله-: " يجب عليها أن تطيعه إذا طلبها إلى الفراش، وذلك فرض واجب عليها.... فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة...، كما قال تعالى: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 34][4].

 

لكن لا يجوز للزوج أن يحمِّل امرأته ما لا طاقة لها به من الجماع، فإذا كانت معذورة لمرض، أو عدم تحمل لم تأثم من رفضها للجماع.

 

قال ابن حزم- رحمه الله-: "وفرض على الأَمَة والحرة ألَّا يمنعا السيد والزوج الجماع متى دعاهما ما لم تكن المدعوة حائضًا، أو مريضة تتأذى بالجماع، أو صائمة فرض، فإن امتنعت لغير عذر فهي ملعونة"[5].

 

وقال البهوتي- رحمه الله-: "وللزوج الاستمتاع بزوجته كل وقت... ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، فليس له الاستمتاع بها إذن؛ لأن ذلك ليس من المعاشرة بالمعروف، وحيث لم يشغلها عن ذلك، ولم يضرها، فله الاستمتاع"[6].

 

وقال النووي- رحمه الله- في "روضة الطالبين وعمدة المفتين"(9 / 59): "وَلَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً، أَوْ كَانَ بِهَا قَرْحٌ يَضُرُّهَا الْوَطْءُ، فَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِي الِامْتِنَاعِ عَنِ الْوَطْءِ".

 

المطلب الثاني: وجوب إجابة الزوجة إذا دعاها زوجها للفراش:

يجب على المرأة إجابة زوجها ولو كانت مشغولة، ففي الحديث عن عبدالله بن أبي أوفى- رضي الله عنه- قال: «لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: ما هذا يا معاذ؟ قال: أتيت الشام فوافيتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فرددت في نفسي أن أفعل ذلك لك. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((فلا تفعلوا، وإني لو كنت آمر رجلًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على ‌قتب لم تمنعه))[7].

 

وعن زيد بن أرقم- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((المرأة لا تؤدي حق الله عليها حتى تؤدي حق زوجها، حتى لو سألها وهي على ظهر قتب لم تمنعه نفسها))؛ أخرجه الطبراني (5084) وهو في صحيح الترغيب للألباني 1943 والسلسلة الصحيحة، جزء 7 – 1098.

 

وعن طلق بن علي- رضي الله عنه-: أَنَّ رسولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم- قال: ((إِذا دعا الرجل زوجته لحاجته فَلْتَأْتِهِ، وإن كانت على التَّنُّور))؛ أخرجه الترمذي (رقم (1160) في الرضاع، باب ما جاء في حق الزوج على المرأة، وإسناده حسن). وفي رواية عن قيس بن طلق، عن أبيه- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أراد أحدكم من امرأته حاجة فليأتها ولو كانت على تنور))؛ أخرجه أحمد (16288)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (8/ 330) (8235) وحسَّنه السيوطي في الجامع، وهو في صحيح الجامع للألباني. وفيه محمد اليمامي فيه ضعف.

وعن قيس بن طلق، عن أبيه- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((لا تمنع امرأة زوجها، ولو كان على ظهر قتب))؛ رواه أحمد (39/ 458).

 

قال مرعي الكرمي الحنبلي- رحمه الله- في دليل الطالب: وللزوج أن يستمتع بزوجته كل وقت، على أي صفة كانت، ما لم يضرها، أو يشغلها عن الفرائض؛ انتهى.

 

وذلك لأن الرجل إذا اشتدَّت حاجته للجماع، فتأخَّرت عليه الزوجة أو تمنعت، فإن الشهوة تفتر، ويحصل الضرر في البروستاتة، وخصوصًا في حال تقدم العمر، ولذا من حكمة التشريع أمر الزوجة بسرعة الاستعداد للزوج ولو تركت خبزها في التَّنُّور، ولو كانت على قتب وهو الرحل الصغير الذي يوضع على الإبل، وذلك لعظم حق الزوج، وحصول الضرر بالتأخر عن تلبية حاجته.

 

المطلب الثالث: تحريم صوم المرأة النفل دون إذن الزوج:

ولذا فإنه يحرم على المرأة الصوم بدون إذن الزوج، لحاجته لتفريغ شهوته عند ثورانها، ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه))؛ أخرجه البخاري (5195) بلفظه، ورواه البخاري 5192، ومسلم (1026) بمعناه.

 

وعن أبي سعيد الخُدْري- رضي الله عنه -: قال: «جاءتِ امرأة إِلى رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم-، ونحن عندَه، فقالت: زوجي صَفَوانُ بنُ المعطِّل [السُّلَمي] يضربُني إِذا صليتُ، ويُفَطِّرُني إِذا صُمْتُ، ولا يصلِّي [صلاةَ] الفجر حتى تطلعَ الشمسُ، قال: وصفوان عنده، قال: فسأله عما قالت؟ فقال: يا رسولَ الله، أَما قولها: يضربني إِذا صلَّيتُ، فإنها تقرأ بسورتين، وقد نهيتُها، قال: فقال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم-: ((لو كانت سورة واحدة لكفَتِ الناس))، قال: وأما قولها: يُفطِّرني إِذا صمتُ، فإِنها تنطلق فتصوم، وأنا رجل شاب، فلا أصبر، فقال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم-[يومئذ]: ((لا تصومُ امرأَة إِلا بإِذن زوجها))، وأَما قولها: إِني لا أُصلِّي حتى تطلع الشمس، فإِنَّا أهلُ بيت قد عُرِف لنا ذاك، لا نكاد نستيقظ حتى تطلعَ الشمسُ، قال: ((فإذا استيقظتَ يا صفوانُ فَصَلِّ))؛ أَخرجه أَبو داود برقم (2459) في الصوم، باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها، وإسناده حسن.

 

المبحث الثالث: أهمية تفريغ الشهوة للصحة الجنسية والنفسية

المطلب الأول: أهمية الجماع لبقاء الصحة الجنسية والنفسية:

قال ابن القيم في زاد المعاد 4/ 249: الجماع وضع في الأصل لثلاثة أمور هي مقاصده الأصلية:

‎أحدها: حفظ النسل، ودوام النوع إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم.

 

‎الثاني: إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن.

 

‎الثالث: قضاء الوطر، ونيل اللذة، والتمتع بالنعمة، وهذه وحدها هي الفائدة التي في الجنة؛ إذ لا تناسل هناك، ولا احتقان يستفرغه الإنزال.

 

وقال ابن القيم- رحمه الله- في زاد المعاد 4/ 229:

. وإذا ثبت فضل المني، فاعلم أنه لا ينبغي إخراجه إلا في طلب النسل، أو إخراج المحتقن منه، فإنه إذا دام احتقانه أحدث أمراضًا رديئة، منها: الوسواس، والجنون، والصرع، وغير ذلك، وقد يبرئ استعماله من هذه الأمراض كثيرًا، فإنه إذا طال احتباسه فسد واستحال إلى كيفية سمية توجب أمراضًا رديئة كما ذكرنا؛ ولذلك تدفعه الطبيعة بالاحتلام إذا كثر عندها من غير جماع.

 

‎وقال بعض السلف: ينبغي للرجل أن يتعاهد من نفسه ثلاثًا: ألَّا يدع المشي، فإن احتاج إليه يومًا قدر عليه، وينبغي ألَّا يدع الأكل، فإن أمعاءه تضيق، وينبغي ألَّا يدع الجماع، فإن البئر إذا لم تنزح ذهب ماؤها. وقال محمد بن زكريا: من ترك الجماع مدة طويلة ضعفت قوى أعصابه، وانسدت مجاريها، وتقلص ذكره. قال: ورأيت جماعة تركوه لنوع من التقشف، فبردت أبدانهم، وعسرت حركاتهم، ووقعت عليهم كآبة بلا سبب، وقلت شهواتهم وهضمهم.

 

وقال في الزاد 4/ 254:

ينبغي أن يجامع إذا اشتدت الشهوة، وحصل الانتشار التام الذي ليس عن تكلف ولا فكر في صورة، ولا نظر متتابع، ولا ينبغي أن يستدعي شهوة الجماع ويتكلفها، ويحمل نفسه عليها، وليبادر إليه إذا هاجت به كثرة المني، واشتد شبقه.

 

وقال ابن القيم- رحمه الله- في زاد المعاد 4/ 7:

والأشياء التي يؤذي انحباسها ومدافعتها عشرة:

• الدم إذا هاج، والمني إذا تبيَّغ، والبول، والغائط، والريح، والقيء، والعطاس.

 

• والنوم، والجوع، والعطش.

 

وكل واحد من هذه العشرة يوجب حبسه داء من الأدواء بحسبه.

 

واحتساب تفريغ الشهوة من محاسن هذا الدين، فقد صح عن أبي ذر أن ناسًا من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- قالوا للنبي- صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، ‌ذهب ‌أهل ‌الدثور ‌بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدَّقون بفضول أموالهم، قال: ((أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟))، ثم قال: ((وفي بضع أحدكم صدقة)). قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ))؛ رواه مسلم برقم 1006.

 

ومن ناحية صحية فإن الإثارة الجنسية المتكررة دون تفريغ (قذف) قد تؤدي إلى:

• احتقان في البروستاتة (Prostatic congestion) وهذا يسبب أحيانًا ثقلًا أو ألمًا أسفل الحوض أو حول الخصيتين.

 

• زيادة فرص التهاب البروستاتة المزمن عند بعض الأشخاص.

 

• صعوبة في التبوُّل أو شعور بعدم إفراغ المثانة بشكل كامل.

 

 

المبحث الرابع: أهمية تفريغ الشهوة قبل التعرض للمثيرات

المطلب الأول: الجماع قبل الاجتماع لصلاة الجمعة:

من المشتهر بين العوام فضيلة إتيان النساء يوم الجمعة، وبعض طلبة العلم يجزم بعدم وجود أصل لذلك، ولذا فقد بحثت عن أصل هذا الأمر الشائع بين الناس بمختلف البلدان.

 

الدليل الأول: فضيلة من اغتسل غسل الجنابة قبل الجمعة

روى البخاري 841 عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضةً، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر)).

 

قال ابن حجر- رحمه الله- في الفتح: وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة.

 

والحكمة فيه:

1- أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة.

 

2- ولا تمتد عينه إلى شيء يراه.

 

3- وفيه حمل المرأة أيضًا على الاغتسال ذلك اليوم، وعليه حمل قائل ذلك حديث: من غسل واغتسل. المخرج في السنن على رواية من روى غسَّل بالتشديد.

 

وقد حكاه ابن قدامة عن الإمام أحمد وثبت أيضًا عن جماعة من التابعين.

 

وقال القرطبي: إنه أنسب الأقوال فلا وجه لادعاء بطلانه.

 

الدليل الثاني: فضيلة من تسبب في غسل زوجته من الجنابة:

عن أوس بن أوس الثقفي قال: "رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها))؛ رواه أحمد في مسنده برقم 16172 و16961 وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 93- ومن طريقه ابن ماجه (1087)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1573)، والطبراني في "الكبير" (585) - وأبو داود (345) - ومن طريقه البيهقي في "السنن" 3/ 229، وفي "فضائل الأوقات" (270)، والبغوي في "شرح السنة" (1065) - وابن حبان (2781)، والحاكم 1/ 282 من طرق عن عبدالله بن المبارك، بهذا الإسناد.


وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (974) من طريق محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، به.. وصحَّحه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وحسنه الترمذي، والبغوي، والنووي (المجموع للنووي 4-542)، والعراقي (نيل الأوطار 1-277،)، والزبيدي (إتحاف السادة المتقين 3-241). وقال الشيخ الألباني: صحيح، وقال شعيب الأرناؤوط في تعليقه على مسند الإمام أحمد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال الصحيح.

 

وقال العقيلي في كلامه على متن هذا الحديث: "وقد روي هذا الكلام عن النبي- صلى الله عليه وسلم- من غير هذا الوجه، رواه أوس بن أوس الثقفي، وغيره بإسناد صالح"؛ (الضعفاء الكبير للعقيلي 2-211. قال السخاوي: "لا أعلم حديثًا كثير الثواب مع قلة العمل أصح من حديث من بكَّر وابتكر، وغسل واغتسل، ودنا وأنصت، كان له بكل خطوة يمشيها كفَّارة سنة.. الحديث، سمع ذلك شيخنا- ابن حجر- من شيخه المصنف -العراقي- وحدثنا به كذلك غير مرة (فتح المغيث للسخاوي 3 – 189).

 

الدليل الثالث: ثبوت استحباب مواقعة النساء قبل الجمعة عن عدد من الصحابة والتابعين:

قال ابن رجب الحنبلي في فتح الباري لابن رجب جزء 8 صفحة 90: وهو المنصوص عن أحمد، وحكاه عن غير واحد من التابعين، منهم: هلال بن يساف وعبدالرحمن بن الأسود، وغيرهما، روي عن عبدالرحمن بن الأسود قال: "كان يعجبهم أن يواقعوا النساء يوم الجمعة؛ لأنهم قد أمروا أن يغتسلوا وأن يغسلوا، وهو قول طائفة من الشافعية، وحملوا عليه- أيضًا- حديث أوس بن أوس، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، قال: من غسل يوم الجمعة واغتسل... الحديث، وقالوا: المراد: من اغتسل بنفسه وغسل من يطؤه من زوجة أو أمة. فعلى هذا: يستدل بالحديث على أن من عليه غسل الجنابة، فاغتسل للجنابة يوم الجمعة، فإنه يجزئه عن غسل الجمعة، وسواء نوى به الجمعة، أو لم ينو. أما إن نواهما بالغسل، فإنه يحصل له رفع حدث الجنابة وسنة غسل الجمعة بغير خلاف بين العلماء، روي ذلك عن ابن عمر، وتبعه جمهور العلماء".

 

وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف برقم 5055، وعبدالرزاق في المصنف برقم 5468 عن ابن عمر: «أنه كان يغتسل للجنابة والجمعة غسلًا واحدًا».

 

قال السيوطي- رحمه الله- في تنوير الحوالك: ويؤيده -أي يؤيد القول بالاستحباب- حديث: ((أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة، فإن له أجرين اثنين: أجر غسله، وأجر غسل امرأته))؛ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة.

 

وهو يشير إلى ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، جزء 3، صفحة 1133 من طريق أبي عتبة ثنا بقية ثنا يزيد بن سنان عن بكير بن فيروز عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة، فإن له أجرين اثنين: أجر غسله، وأجر غسل امرأته"، وضعفه الألباني في الضعيفة 6194.

 

ثم قال البيهقي- رحمه الله-: "ففي روايات بقية نظر، فإن صحَّ ففيه المعنى المنقول في الخبر، وأيضًا فإنه إذا فعل ذلك كان أغض للبصر حال الرواح إلى الجمعة، ففي القديم كن النساء يحضرن الجمعة. والله أعلم"؛ (شعب الإيمان 6-250، وفي سنده أبو عتبة هو: أحمد بن الفرج الحجازي ضعَّفه محمد بن عوف الطائي، قال ابن عدي: لا يحتج به، هو وسط، وقال ابن أبي حاتم: محله الصدق؛ ميزان الاعتدال (1-272).

 

وقال السيوطي- رحمه الله- في كتاب: نور اللمعة في خصائص الجمعة: "الخصوصية الرابعة والعشرون: أن للجماع فيه أجرين" 51- أخرج البيهقي في الشعب بسند ضعيف، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ((أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة، فإن له أجرين اثنين: أجر غسله، وأجر غسل امرأته)). 52- وأخرج سعيد بن منصور في سننه، عن مكحول أنه سئل عن الرجل يغتسل من الجنابة يوم الجمعة قال: من فعل ذلك كان له أجران.

 

وقال في تحفة الأحوذي: قال الجزري- رحمه الله- في النهاية: ذهب كثير من الناس أن غسل أراد به المجامعة قبل الخروج إلى الصلاة؛ لأن ذلك يجمع غض الطرف في الطريق.

 

المطلب الثاني: الجماع قبل الإحرام:

ذكر فقهاء الحنفية والشافعية استحباب جماع الزوجة قبل الإحرام، ففي فتح القدير 2/  429: وينبغي أن يجامع زوجته إن كان مسافرًا بها أو كان يحرم من داره؛ لأنه يحصل به ارتفاق له أو لها فيما بعد ذلك.

 

وفي الإفصاح عن مسائل الإيضاح ص 126: ويسن الجماع قبل الإحرام، ويتأكد لمن يشق عليه تركه.

 

وقد ثبت في البخاري ومسلم عن عائشة- رضي الله عنها- أنه- صلى الله عليه وسلم- طاف في نسائه ثم أصبح محرمًا.

 

وفي ذلك تفريغ للشهوة المؤذية قبل الإحرام، وإعفاف للزوجة، وفيه إعانة على تفريغ القلب للتعبد، وهو أغض البصر عن النساء في المناسك.

 

والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] رواه البخاري (3237)، ومسلم (1436).

[2] رواه البخاري: 5193.

[3] رواه البخاري: 3237، ومسلم: 1436.

[4] "الفتاوى الكبرى" (3 / 145 ،146).

[5] "المحلى" (10/ 40).

[6] "كشاف القناع" (5/ 189).

[7] رواه أحمد (4/ 381)، ابن حبان (9/ 479) (4171)، ابن ماجه (1/ 595) (1853)، البيهقي (7/ 292).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • الدراسات والأبحاث
  • مسائل علمية
  • مقالات
  • مقولات في تربية ...
  • قضايا المصرفية ...
  • نوزل الألبسة
  • مقالات في الطب ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة