• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    جذور طرائق التدريس الحديثة في الهدي النبوي ...
    هبة أحمد مصطفى
  •  
    رسالة تفاؤل
    أسامة طبش
  •  
    حاجة الشباب إلى اللعب والترفيه
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    أسلوب عرض درس في اللغة الأجنبية
    أسامة طبش
  •  
    حاجة الناس إلى الحب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    دور الأوامر والحوار في علاج مشكلات الأطفال؟
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    سنة أولى زواج
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الثقة بالنفس
    أسامة طبش
  •  
    الزوج البخيل والزوجة البخيلة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    تفاعل القيم بين التصور والتصديق: درس اللغة ...
    محمد المختار البوزيدي
  •  
    الإشراف التربوي المعرفي
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    ملامح تربوية من وهج التربية الإسلامية للارتقاء ...
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    حاجة الشباب إلى الإيمان
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    ضغوط الحياة الزوجية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حاجة الشباب إلى الأمن
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    مهارات الاستذكار الأمثل
    د. يحيى بن علي بن فلاح
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية
علامة باركود

صفات المربي: الأسرة - المعلم

صفات المربي: الأسرة - المعلم
د. محمد حسانين إمام حسانين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2020 ميلادي - 22/7/1441 هجري

الزيارات: 9596

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صفات المربي

(الأسرة - المعلم)

 

صفات المربي:

كثير من الشباب عندما يقبلون على الزواج يتصورون أن الأمر يسير جدًّا، ولا يضعون في حسبانهم أهليتهم للتربية وأعبائها الثقيلة في تحمل المسؤولية تجاه زوجة وأولاد، فإذا ما تزوج، ظهرت له بعض العيوب الخُلُقية التي لم يكن يعرفها قبلًا، أو أن بعض أولاده يتسم بفرط الحركة شيئًا ما، أو التقصير في بعض واجباته المدرسية أو الأسرية، فتجده يتعامل معهم بحدة، ويسب ويشتم ويضرب، دون أن يضع في حسبانه أنه مربٍّ لا بد من اتصافه بعدة صفات؛ ليكون ناجحًا في تربيته.

 

1- الإخلاص مع الاحتساب:

أول ما ينبغي على العبد تجاه خالقه - بعد توحيده - أن يخلص له أعماله كلها؛ ظاهرها وباطنها، سرها وعلانيتها، وقد أمرنا الله عز وجل بهذا؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾ [البينة: 5]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110]، وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الأعمال بالنيات))[1] ، فينبغي للمربي أن يراجع نفسه في نيته؛ ليحقق الغاية من خلقه وزواجه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56][2] ، والواقع أنك حينما تسأل عن سبب زواجهم تجد إجابات متعددة: حتى يكون الولد سندًا لي في الحياة، يحمل اسمي، ليرث مصنعي أو أرضي أو مالي من بعدي، ولا نقلل من هذه العلل، لكن ينبغي أن يكون الهدف الأساسي من إنجابنا أن يصبح أولادنا عبادًا ربانيين، لنسعد بهم في الدنيا، ويكونوا طريقنا إلى الجنة[3].

 

2- الصدق مع الأبناء والطلاب:

خيرُ قدوةٍ لنا في هذه الصفة الخلقية رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذي لقبه كفار قريش بالصادق الأمين، فاستودعوه أماناتهم، رغم تعنتهم معه وصدهم عن دعوته، ومع هذا لم ينكروا صفاته الخلقية، فهلا ربينا أبناءنا على سيرته.

 

كثيرًا ما تجد الآباء يعِدُون ولا يوفون؛ ما يكون وسيلة تقليد مذمومة تجاه الأطفال، فتجد الطفل يكذب بعد السابعة إلى أن يصير شيخًا، إذا نشأ في بيت يتعامل بالكذب قولًا أو فعلًا أو وصفًا، "طفل يقول عندما نكون في البيت أمي تكذب علينا، فتعدنا ولا تفي بوعدها، والمعلمة كذلك تكذب؛ حيث تنهاها المشرفة عن استخدام الهاتف أثناء اليوم الدراسي فتطمئن المشرفة، وما إن تمشي المشرفة من فصلنا إلا وتتهاتف المعلمة مرات ومرات، فكيف نكون صادقين؟ عندها لم ينبس المشرف ببنت شَفَة للأطفال"[4].

 

3- التقوى والصلاح:

تمثل هذه الصفة جانبًا كبيرًا في نجاح المربي، كي يصلح الله له من يوجههم، وتؤتي نصائحه ثمارًا يانعة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وهذا واجب على كل أب تجاه نفسه وأسرته؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]؛ قال قتادة: "يقيهم بأن يأمرهم بطاعة الله، وينهاهم عن معصيته، وأن يقوم عليه بأمر الله يأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت معصية ردعتهم عنها، وزجرتهم عنها"[5]؛ ولهذا تجد السلف الصالح رضوان الله عليهم أولَوا هذه الصفة اهتمامًا بالغًا، فأصلحوا أنفسهم؛ إذ الجزاء من جنس العمل؛ حتى قال أبو بشر بن الديلمي: "من خشي على ذريته من بعده، وأحب أن يكف الله عنهم الأذى بعد موته، ﴿ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9][6] ".

 

ولا أدل على حفظ الله عز وجل للأبناء بصلاح آبائهم من قصة الجدار في سورة الكهف؛ في قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 82]، فوالد اليتيمين كان صالحًا، اتقى الله في حياته، فحفظ الله له كنزًا كان قد تركه لأولاده من بعده، وما فعل هذا إلا لفهمه الثاقب لقوله تعالى: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9]، فقد حفظ الله ذريته بصلاحه بعد موته؛ ولهذا قال عمر بن عبدالعزيز: "ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه"[7]، هؤلاء ساداتنا في تربية أنفسهم، عرفوا ما عليهم فأدوه، أما نحن الآن فكثير من الآباء لا يبالي في تربية أولاده بصلاحه أو صلاحهم، وأصبح شغلنا الشاغل إطعامهم أو كسوتهم دونما أية وقفة مع التربية الإيمانية أو التعبدية، وانظر إلى سعيد بن المسيب رضي الله عنه حينما أراد أن يكون ابنه مشروع صدقة جارية له بعد مماته، قال لابنه: "لأزيدن في صلاتي من أجلك؛ رجاء أن أُحفَظ فيك، ثم تلا قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 82]"[8] ، وهذا يؤكد انشغال الصالحين بصلاح أولادهم من بعدهم.

 

4- الصبر والتحمل:

لقد حثنا ديننا على الصبر في التعامل مع الأولاد والزوجة، لا سيما وقد انتشرت قصص مؤلمة في تعذيب الأطفال إذا بدر منهم خطأ، فيسرع الوالد بحبسه أو كيِّه أو لسعه، ولو أنه صبر، وبحث عن أسباب الخطأ فعالجه، لاستراح من تكرار ابنه للخطأ نفسه، ولقد حث الله على الصبر، لا في المباحات، بل في الواجبات؛ قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132]، وليكن في ذهننا أن المرأة خُلقت من ضلع أعوج، فأصل خِلقتها عوجها في بعض الأمور، ولكن للأسف رغم أن الجميع يعرف أنها تتسم بعاطفة أو غيرة، فإن صبرهم عليهن قليل، فلننتبه إلى هذا جيدًا؛ فقد نبهنا النبي صلى الله عليه وسلم على الصبر عليهن فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المرأة خُلقت من ضلع أعوج، وإنك إن أقمتها، كسرتها، وإن تركتها، تعش بها وفيها عوج))[9] ، ورغم علم الجميع بهذا الإرشاد النبوي في الصبر على الزوجة ومعاملتها مراعين ذلك، فإنك تجد بعض الأزواج يحاسبون أزواجهن على كل شيء، ولا يتغافلون، ناهيك عن أنهم لا يسمعون منهن، فيعاقبون دون تفهم للأمر، خاصة إن كان في بيت عائلة وحدثت خلافات بين زوجات الإخوة، دون إنصاف في الاستماع لجميع أطراف المشكلة، أضف إلى أن الرجل قد تضيق عليه المعيشة، فتجد الزوجة تضجر وتترك بيتها غاضبة إلى بيت أبيها، مع علمها أنه لم يقصر في الجد والكسب والأخذ بأسباب الرزق.

 

ورغم علم الجميع بهذا الإرشاد النبوي في الصبر على الزوجة ومعاملتها مراعين نقصان عقلها، فإنك تجد بعض الأزواج يحاسبون أزواجهن على كل شيء، ولا يتغافلون، ناهيك عن الاضطراب الأسري، كما ينبغي أن يصبر الوالدان والمعلم على بنيهم، وأن يفهموا طبيعة خصائصهم العمرية ومتطلباتهم نفسيًّا واجتماعيًّا وماديًّا، لا سيما إن كان من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقبولهم على أية حال، صابرين محتسبين تربيتهم، فكثير من الآباء والمعلمين لا يمنحون الطفل فرصة بالتفاهم حول ارتكاب خطئه، فينكبون عليه بالضرب المبرح، فلنكن صابرين معهم.

 

4- الشعور بالمسؤولية:

كثير من الشباب اليوم يقبل على الزواج ولا همَّ له إلا قضاء الوطر، ولا يخطر بباله أنه مسؤولية كبيرة، فسيكونان زوجين فوالدين عما قريب؛ ولهذا ينبغي استشعار رعاية الزوجة والأولاد ومتابعتهم وتشجيعهم إيمانيًّا وخلقيًّا واجتماعيًّا، فهذا حق وواجب عليه تجاههم؛ وذلك لما رواه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته))[10].

 

وليست تعني المطعم والملبس والمركب فحسب، وإنما هي مسؤولية اجتماعية ونفسية وخلقية ودينية، قائمة على تعلم أصول التربية السليمة وفنونها، وتبدأ هذه المسؤولية قبل ميلاده باختيار أمه، ثم حقوقه عقب الولادة - كما سأبين لاحقًا بالتفصيل إن شاء الله - وبعدها، إضافة إلى مسؤوليتك أمام مجتمعك الذي تعيش فيه، فهم ينتظرون منك ولدًا يدلي بدور فعال في إصلاح مجتمعه، خاليًا من الانحرافات السلوكية[11]، فلتكن مسؤوليتنا شاملة ومراقبتنا هادئة بتوجيهات سديدة.

 

5- القدوة الحسنة:

لقد كان سيد المربين رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة البشرية جمعاء؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، فلا بد للمربي أن يكون قدوة لأبنائه، لحظًا ولفظًا، سمتًا وعدلًا، وواقعًا عمليًّا، لا مجرد كلام فحسب، حتى إن أعلام الأمة قديمًا لم يأخذوا العلم إلا عن قدوة؛ فالإمام الذهبي ارتكز على هذا في وصف سير كثير من الأعلام، فقد وردت عنده فيما يزيد عن عشر مرات في تراجمه[12]؛ ولهذا حرص المربون قديمًا على هذا أشد الحرص حينما كانوا يعلمون الطلاب؛ "فعن نهشل بن كثير عن أبيه قال سراج - خادم عند هارون الرشيد - للشافعي: يا أبا عبدالله، هؤلاء أولاد أمير المؤمنين (هارون الرشيد)، وهذا مؤدبهم عبدالصمد، فلو أوصيته بهم، فأقبل عليه، فقال: ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاحك نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما تستحسنه، والقبيح عندهم ما تكرهه"[13]؛ ولهذا صاروا أئمة في العلم والخلق والأدب، أما نحن الآن فقلَّ من ينتبه من المعلمين إلى مراقبة نفسه أمام طلابه أو أولاده، فلا يدخن أمامهم أو يسب؛ فلننتبه.

 

وليراجع الوالد نفسه في أقواله وأفعاله أمام ابنه، فعليه ألا يسب أو يلعن، أو يصخب؛ حتى لا يربي جيلًا سيئًا ضارًّا لنفسه وللمجتمع، منبوذًا عند أولاده وعند خالقه عز وجل؛ فعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((... إن الله ليبغض الفاحش البذيء))[14] ، وإلا فكثير من الأطفال اليوم إلا من رحم ربي صاروا يسبون ويشتمون، لا أقول يسبون زملاءهم، بل يسبون آباءهم وأمهاتهم، والجزاء من جنس العمل، ناهيك عن تعديهم وجرأتهم في سب الدين؛ لما يرونه من أناس يسبونه، فيقلدونهم ولا يعرفون ماذا يقولون، فيشبون عليها، ولا يعلمون عظمها عند الله، أضف إلى صراخ بعض الأمهات أو الآباء الذين يثورون في وجوه أبنائهم، فينشأ الولد عنيدًا مثلما عاملوه، أو لاحظهم وهم يفعلونه بلا حرج، ثم فعله هو ولم يجد مرشدًا له، ومن واقعنا الأليم أن شابًّا سرق شيئًا، فحينما أراد القاضي أن يقيم عليه الحد، قال الشاب: حاسبوا أمي أولًا؛ لأنني حينما سرقت بيضة وأنا صغير، ضحكت وتهلل وجهها فرحًا[15]، وهذا كثير جدًّا في حاضرنا وواقعٌ، وليعلم الوالدان أن "جلَّ التواصل بين البشر في السلوكيات والأفعال والإيماءات والإشارات ولغة الجسد يمثل 93% من تواصل الناس مع بعضهم"[16]، فلنكن قدوة لأبنائنا وزوجاتنا، ونراقب الله عز وجل في خاصة أنفسنا.

 

6- الرفق واللين:

إن من الصفات التي يحبها الله عز وجل ويثيب عليها صفتا اللين والرحمة؛ فقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]؛ ولهذا كان من المواقف التي تثبت لين النبي صلى الله عليه وسلم ورفقه أن أطال السجود عندما اعتلى الحسن والحسين ظهره وهو يصلي، فلم يفزعهما رفقًا وشفقة بهما، وينبغي على الآباء أولًا أن يتأكدوا من وقوع الخطأ من عدمه.

 

وكثير منا افتقد اللين والرفق حينما هجرنا الحوار وإشعار أولادنا بالطمأنينة عند ارتكابهم الخطأ، فترى الطفل يكذب لئلا يُضرب، ما بال الآباء يضربون أبناءهم بعنف ولا رحمة بهم، رغم أنهم لم يبلغوا الحُلُم، ويحملونهم فوق طاقتهم، ولا تجد من يدافع؟ ناهيك عن أن بعض الأزواج يظن أنه تزوجها على أنها لا تخطئ، أو أنها خادمة له ذليلة لا تخالف له أمرًا أيًّا كان، متجاهلًا حقها في الحوار والتفاهم، وقد ذمَّ الإسلام الراعي الذي يكون جافًّا في معاملته؛ كما في الحديث: ((إن شر الرعاء الحطمة))[17].

 

فأجمِلْ بالرفق من صفة خلقية! حثنا عليها النبي صلى الله عليه وسلم وبيَّن بركتها؛ فعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أُعطيَ حظه من الرفق؛ فقط أُعطي حظه من الخير، ومن حُرم حظه من الرفق، فقد حُرم حظه من الخير، أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن الخلق، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء))[18].

 

7- ناجح في عقابه تربويًّا[19]:

لا شك أن تتبع أخطاء أبنائنا وتصيدها دون التغافل عنها، أو التصحيح لها، أو تفهم سبب ارتكابها - يُشعِر الطفل بيتمٍ تربوي نفسي؛ إذ لا يجد أبًا أو أمًّا تعامله بحكمة وحنكة عند ارتكاب الأخطاء، أضف إلى ذلك غياب معاني التعزيز والتحفيز وغرس الثقة والهمة وما إلى ذلك من مواقف عملية في التربية، فإذا ما أراد الوالدان أن يعاقبوا، تجدهم قد أحدثوا شروخًا تربوية نفسية فادحة للأطفال، ذاكم هو قسوة العقاب، ناهيك عن انحصاره عند بعض الآباء فيما يؤذي جسميًّا أو نفسيًّا، فجلُّ الأطفال الذين يكرهون آباءهم اليوم؛ لأنهم يعاملون معاملة العبيد في البيت؛ إما حسية: كالضرب بالسوط، والجلد واللسع، والحرق والكي والحبس، أو معنوية: كالتأنيب المستمر ليل نهار، أو العقاب أمام جمع من الناس، لا سيما أمام إخوته أو زملائه، أو السخرية من مستواه الدراسي كلما قابله في أي مكان، وهذا مما عمَّت به البلوى في العقاب العنيف، لا سيما في المناطق الريفية التي يقل فيها المثقفون تربويًّا، رغم أن هناك بدائل كثيرة جدًّا عن مثل هذه النماذج القاسية، "كالتربية بالنظرة، أو الهجر، أو التأنيب، أو نبرة الصوت، أو الحرمان، أو التكليف الزائد، أو التجاهل..."[20] ، فلينتبه الآباء، وليعلموا أن الوالد الناجح هو الذي يعرف مداخل ابنه التربوية، ويتفهم طبيعته النفسية قبل أن يعاقب، وتتبع أسبابها بهدوء، فإذا ما قرر العقاب قطعًا، فلينوع أنماط العقاب حسيًّا ومعنويًّا.



[1] صحيح البخاري: الكتاب: الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه (صحيح البخاري)، تأليف: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، حققه: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى، 1422 ه، كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ رقم (1)، ج: (1/ 6).

[2] وقد وردت أحاديث كثيرة في نيات الزواج: تحقيق توحيد الله؛ ﴿ مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ﴾ [الجن: 3]، تأكيد النقص للعبد وإثبات الكمال لله، الزواج من هدي الأنبياء والمرسلين، كبت الشهوة، العفة، الإنجاب ليباهيَ النبي صلى الله عليه وسلم بنا الأمم يوم القيامة، ولد صالح يدعو لنا بعد مماتنا ...

[3] فن تربية الأبناء "كيف نربي أبناءنا تربية نفسية سليمة؟"، د/ صالح عبدالكريم، الراية للنشر والتوزيع، المهندسين، جيزة، ط: أولى، 2011 م، ص: 34.

[4] من واقع رياض الأطفال: محاضرة في تربية الأطفال لأحد المتخصصين في المجال ذاته.

[5] جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير أبو جعفر الطبري (ت: 310 ه)، حققه: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420هـ - 2000م، ج: (23/ 492).

[6] النكت والعيون (سير الماوردي): تأليف: أبي الحسن علي بن محمد الماوردي (ت: 450 ه)، حققه: السيد بن عبدالمقصود بن عبدالرحيم، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ج: (1/ 457).

[7] سورة الكهف: 82، وكذلك: جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم، تأليف: زين الدين عبدالرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي (ت: 795 ه)، حققه: شعيب الأرنؤوط، إبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة السابعة، 1422ه - 2001م، ج: (1/ 466)، روائع التفسير الجامع لتفسير الإمام زين الدين عبدالرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي (ت: 795 ه)، جمع وترتيب: أبي معاذ طارق بن عوض الله بن محمد، دار العاصمة، السعودية، الطبعة الأولى، 1422ه - 2001م، ج: (2/ 311، 314).

[8] جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم، ج: (1/ 466)، وكذلك: الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي، ج: (2/ 311، 314).

[9] إسناده صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، المستدرك على الصحيحين: تأليف: أبي عبدالله الحاكم محمد بن عبدالله النيسابوري المعروف (405 ه)، تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا، كتاب البر والصلة، رقم (7334)، ج: (4/ 192).

[10] صحيح البخاري، باب: الجمعة في القرى والمدن، رقم: 893، ج: (2/ 5).

[11] فن تربية الأبناء "كيف نربي أبناءنا تربية نفسية سليمة؟"، ص: 37، 38.

[12] سير أعلام النبلاء: شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت: 748 ه)، دار الحديث، القاهرة، 1427ه - 2006م، راجع: (7/ 589، 9/ 459، 12/ 68، 13/ 115، 14/ 153، 16/ 421).

[13] صفة الصفوة، جمال الدين أبو الفرج عبدالرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت: 597 ه)، حققه: أحمد بن علي، دار الحديث، القاهرة، مصر، طبعة: 1421هـ - 2000م، ج: (1/ 437).

[14] 361/ 464 (حديث صحيح)، صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري، حقق أحاديثه وعلق عليه: محمد ناصر الدين الألباني، دار الصديق للنشر والتوزيع، 177.

[15] كيف نربي أبناءنا تربية نفسية سليمة؟ د/ صالح عبدالكريم، ص: 38.

[16] كيف نربي أبناءنا تربية نفسية سليمة؟ د/ صالح عبدالكريم، ص: 28.

[17] صحيح مسلم، أبواب الإمارة، باب: إن شر الرعاء الحطمة، ج: (6/ 9)، (4761).

[18] 361/ 464 (حديث صحيح)، صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري، حقق أحاديثه وعلق عليه: محمد ناصر الدين الألباني، دار الصديق للنشر والتوزيع، 177.

[19] اقتصر الباحث على هذه الصفات السبع للمربي؛ فهناك صفات أخرى لم يتوسع في ذكرها لضيق المقام؛ منها: الحكمة، السكينة، فهم شخصية الطفل وخصائصه العمرية، الوقار، التواضع، يقبل النصيحة، يعتذر عن أخطائه، لين الجانب، أمين على أخطائهم ...

[20] العقاب التربوي، إعداد: وليد الشرقاوي، مكتبة الفتح، عرب الرمل، قويسنا مصر، ط: أولى، 2017 م، ص: 82 - 144.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • المربي الناجح
  • أخطاء وأمراض المربين
  • المعلمة المربية
  • ورحل المربي
  • الملل عند المربين
  • لوازم المربي القدوة
  • موعظة المربي القدوة
  • المعلم المربي
  • المربي الناجح
  • رفقا أيها المربي
  • المعلم واستشعار المسؤولية
  • المعلم واستحضار فضل العلم والتعليم
  • عناية المعلم بالنصيحة وأساليبها
  • المعلم وملازمة ذكر الله
  • المعلم والإخلاص
  • يوم المعلم

مختارات من الشبكة

  • خاطرات في صفات المربي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التوازن في حياة المربي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوازن والتكامل في التربية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إفراد أحاديث أسماء الله وصفاته - غير صفات الأفعال - في الكتب والسنة (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • العظمة صفة من صفات الله(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • مراعاة سنن الفطرة لدى المربي والقدوة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أقسام صفات الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور النقد بين المربي والناشئ: سيدا للمال لا عبدا(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
2- أجمل درووس التربية والتعامل
إسلام سيد محمد سيد - مصر 20-09-2021 12:51 AM

جميل جدا جدا. نفعك الله بهذا العلم وجعلك ذخرا للإسلام والمسلمين

1- المربي الناجح
عيد أحمد أبو عكاشه - مصر 17-03-2020 11:42 PM

فتح الله عليك يا دكتور وزادك علما ونفع بك

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية
  • بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/9/1444هـ - الساعة: 6:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب